Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سياسات "متهورة" تهدر 75 في المئة من أموال المودعين في لبنان

فيوليت غزال: البنوك باتت اليوم أمام امتحان الاستمرارية مع إقفال بعض الفروع التي تفوق الـ 1000

ما حصل في العام الأخير ينذر بتغيير في شكل القطاع المصرفي اللبناني كما في مضمون عمله (اندبندنت عربية)

كشفت المتخصصة في الشأن المصرفي فيوليت غزال البلعة، أن القطاع المصرفي في لبنان لم يتوقع يوماً أنه سيقع تحت أعباء سياسات متهورة لـ "قوى الأمر الواقع" منذ وصولها إلى السلطة بعد الحرب الأهلية.

وأشارت خلال حديثها لـ "اندبندنت عربية"، إلى أن القطاع المصرفي في لبنان قام ببناء هالته على مدى عهود، مستنداً إلى سياسات مصرف لبنان التي جعلته أبرز رواد الصناعة المصرفية في المنطقة، مدفوعاً بجرعات ثقة وتقنيات حديثة وإدارة حكيمة وجهاز بشري، نجح في جذب ودائع اللبنانيين والمغتربين والمستثمرين الى حاضنة اعتبرت آمنة وأكثر، على مدى 30 عاماً.

لكن ما حصل في العام الأخير قلب المشهد من "إيجابي" إلى "سلبي"، وينذر بتغيير في شكل القطاع كما في مضمون عمله، خصوصاً بعد سحب "بطاقة الثقة" منه، على خلفية أزمة السيولة التي حجبت الأموال، وحوّلت الدولارات إلى ليرة متعددة الأسعار، ما يصعّب لاحقاً عودة المدخرات إلى المصارف، مهما تعددت لائحة المغريات.

وأشارت إلى أن موازنات المصارف انخفضت من 210 مليارات دولار في نهاية 2019 إلى 127 ملياراً، بنسبة تراجع تقدر بـ 39.5 في المئة، كما تم سحب نحو ستة مليارات منها مع إقفال المصارف مدة أسبوعين بعد أزمة السيولة، وهي أموال تعتبر مهربة، بالرغم من أن القوانين اللبنانية تتيح حرية التحويل داخل لبنان وخارجه.

أوضحت غزال أن مصرف لبنان المركزي رسم أخيراً خريطة موجودات المصارف كالآتي: 22 مليار دولار أموالاً خاصة للمصارف مودعة في مصرف لبنان وفي المصارف المراسلة، و40 ملياراً من العملة الأجنبية هي موجودات مصرف لبنان، و50 ملياراً تعتبر ديوناً للقطاع الخاص، و15 ملياراً سندات "يوروبوندز".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير هذه الأرقام إلى أنه تم استخدام أكثر من 75 في المئة من أموال المودعين في توظيفات لدى مصرف لبنان على شكل هندسات مالية، إفساحاً في المجال وشراء للوقت، ولأن متغيرات الأداء السياسي كانت توجب اعتماد إصلاحات بنيوية تعيد تحريك آليات الاقتصاد، لخلق الأموال وإعادة الودائع إلى أصحابها.

القطاع المالي يتحمل فجوة تمويل ضخمة

وفق غزال، فمع غياب الإرادة السياسية التي حجبت أي إجراء إصلاحي، لجأت حكومة حسان دياب في خطة التعافي إلى تحميل القطاع المالي أعباء الفجوة التي قدرتها بـ 90 مليار دولار، منها 40 ملياراً حُدّدت كخسائر المصارف وحدها، ما يعني أن الرساميل المصرفية البالغة 20 مليار دولار حالياً، ستُشطب لتصبح في بياناتها 20 ملياراً سالبة.

وأضافت أنه "في أفضل الأحوال لن يتمكن المصرفيون من سد فجوة رأس المال بأكثر من أربعة مليارات دولار، ما سيوجب تقليص حجم القطاع، خصوصاً بعد تعاميم مصرف لبنان الأخيرة".

وذكرت أن حاكم البنك المركزي رياض سلامة، أراد كعادته فتح "ثغرة" في جدار الأزمة، فأسقط عامل "انتظار تأليف الحكومة"، وفرض إجراءات ضخ أموال جديدة في الجهاز المصرفي مستهدفاً استعادة الثقة التي فقدت، بدليل ما تعبر عنه وكالات الائتمان، وآخرها خفض تصنيف سندات "اليوروبوندز" اللبنانية والبالغة 30 مليار دولار إلى درجة (RD) من "فيتش"، ودرجة (D) من "ستاندرد آند بورز"، وهي درجة تعني انعدام القدرة على دفع السندات.

في تعاميم أربعة صدرت دفعة واحدة، أراد مصرف لبنان استعادة الثقة بين المصرف والمُودع عبر درء المخاطر وإعادة الخدمات إلى طبيعتها، وخلق سيولة للمصارف لدى المصارف المراسلة بنسبة ثلاثة في المئة، وإعادة رسملتها بنسبة 20 في المئة ضمن مهلة تنتهي في فبراير (شباط) 2021، وإلا فعليها "الخروج من السوق بإعطاء أسهمها إلى البنك المركزي، مع صيانة الودائع"، أي أنه لن تكون هناك "إفلاسات".

واعتمد "المفعول الرجعي" في تعميم إعادة نسبة الـ 15 إلى 30 في المئة من الأموال المحوّلة، والتي تفوق نصف مليون دولار خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وأشارت إلى أن المصارف رأت في التعاميم "تهديداً" بإخراج "غير الملتزم" منها أو "العاجز" من السوق، والتلويح المبطن بالإحالة إلى الهيئة المصرفية العليا، بينما يدرك البنك المركزي استحالة استرجاع أموال الحسابات المقفلة نهائياً.

مصارف لبنان في أزمة كبيرة

وفيما لم يحدد رياض سلامة السبب الحقيقي للتعاميم، لكن مؤشرات تدل على أنه يحضّر آلية تمويل استيراد المحروقات والأدوية والقمح، بعد تأكيده استحالة التمويل باستخدام الاحتياطي لأكثر من ثلاثة أشهر، وقد تكون الأموال المسترجعة المنوي وضعها في حساب خاص، هي البديل عن استخدام الاحتياطي.

وأوضحت غزال أن مصارف لبنان باتت اليوم أمام امتحان الاستمرارية، وأمام تغييرات تترجم واقعاً مع إقفال بعض الفروع التي تفوق الـ 1000، وكلام عن عمليات تسريح قد تطال نصف الـ 25 ألف موظف يعملون في القطاع، ما سيولد أزمة اجتماعية جديدة عبرت عنها "الاسكوا" اليوم بقولها إنه "قد يتعذر على نصف سكان لبنان الوصول إلى حاجاتهم الغذائية".

 

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل