Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سياسة الحجر الصحي البريطانية "خاملة ولاعقلانية وفوضوية"

رئيس مجموعة مطارات مانشستر تشارلي كورنيش يرى أن أعداد المسافرين إلى خارج بريطانيا خلال العطل الرسمية ستنخفض بمعدل يفوق الثلثين

صارت الكمامة الواقية من بنات الحياة اليومية (سايمون كالدر)

وجّه أحد أبرز مسؤولي المطارات في المملكة المتحدة انتقاداً حاداً إلى استراتيجية الحجر الصحي التي تعتمدها الحكومة البريطانية ووصفها بـ"الخاملة واللاعقلانية والفوضوية". وشنّ تشارلي كورنيش، المدير التنفيذي لمجموعة مطارات مانشستر (MAG)، التي تضم أيضاً مطاري ستانستد وإيست ميدلاندز، هجوماً عنيفاً على الحكومة بسبب فشلها في التوصل إلى سياسة صائبة قبيل قرارات فرض الحجر الذاتي على الواصلين إلى المملكة المتحدة.

في هذا السياق، يفرض راهناً على المسافرين الواصلين إلى بريطانيا من معظم الدول، التوجّه فوراً إلى مكان إقامتهم وتطبيق حجر صحي ذاتي لمدة أسبوعين.

وأمام قرار الحجر الصحي المفروض على الواصلين من إسبانيا وفرنسا وكرواتيا وبلدان شمال أفريقيا، يتوقّع أن تنخفض أعداد المسافرين إلى بريطانيا بعد العطلة الرسمية في شهر أغسطس (آب) ، بمعدّل 70 في المئة مقارنة بالسنة الفائتة.

وتطالب شركات الطيران وإدارات المطارات من جهتها، بمنح استثناءات لبعض مناطق البلدان التي يقصدها البريطانيون بكثافة في الإجازات، فلا يطبقّ الحجر الصحي على الآتين منها إن كانت معدلات الإصابة بفيروس كورونا فيها منخفضة بما فيه الكفاية. وفي هذا الصدد، قال السيد كورنيش إن "آثار كوفيد-19 وتدابير الحجر الصحي على قطاع السفر واضحة ويمكن للجميع ملاحظتها. وهي تتجسّد بعشرات آلاف الوظائف التي فقدت وأعلن في وقت سابق الاستغناء عنها، كما تتجسّد بملايين الإجازات التي ألغيت".

في هذا الإطار، أعلنت إدارة مطار غاتويك يوم الأربعاء المنصرم أن 600 موظف في المطار سيفقدون عملهم نتيجة هبوط الطلب على الرحلات الجوية. ويحتل مطارا مانشستر وستانستد، في الأحوال العادية ببريطانيا، المرتبتين الثالثة والرابعة تباعاً من حيث النشاط، بعد مطاري هيثرو وغاتويك. وقال كورنيش إنه "إذا صدقت التقارير، كان يفترض أن تقوم الحكومة يوم الاثنين (الماضي)، عبر الهيئة الخاصة بكوفيد، بمناقشة تطبيق خيارات أفضل للمسافرين من ناحية قرارات الحجر، بيد أن هذا الاجتماع لم يعقد، ونسمع الآن أنه قد يعقد اليوم. إنها ليست المرة الأولى التي تجري فيها هنا المماطلة أمام قرار بهذه الأهمية من دون تفسير مقنع لسبب التأجيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف السيد كورنيش "لا دليل طبعاً طوال الجائحة على انتباه الحكومة إلى ضرورة حماية قطاع السفر وتمكينه من تجاوز ما يعدّ أكبر أزمة واجهها في تاريخه من دون شك. ونحن لا نرى أي مؤشر إلى رغبة الحكومة في تلافي فقدان المزيد من الوظائف، ولا شيء يشير إلى تقديرها للدور المهم الذي ستضطلع به المطارات في عمليات الإنعاش الاقتصادي بمختلف مناطق البلاد حين نباشر خروجنا الحذر من هذه الجائحة المدمّرة". وتابع "إلّا أن تأثير هذا القرار (قرار الحجر الصحي) شهد تضخّمات متتالية جراء مقاربة الحكومة الخاملة واللاعقلانية والفوضوية لتدابير السفر، وهو القطاع الذي حظي في بلدان أخرى بتدابير أسرع وأكثر دقة، فيما بقيت حكومتنا سجينة تلكّؤها الذاتي عن اتخاذ القرارات. وقال "بعد أن بدأت الحكومة بفرض قواعد حجر عامة على جميع الوجهات، عادت وأبرمت اتفاقيات ممرات السفر travel corridors مع البلدان التي تمثل أهم أسواقنا السياحية، وذلك إثر فترة مماطلة متعنّتة شكلت أيضاً مثالاً آخر على عجزها عن الترفع فوق الانقسامات، والنظر إلى واقع الأمور والتوصّل إلى أجوبة سليمة لما نواجهه. لكن ما حصل بعد أسابيع قليلة من إنشاء ممر السفر إلى إسبانيا، كان إقفالاً فعلياً لذاك الممر، نظراً إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالفيروس في المناطق الشمالية من كاتالونيا وأراغون ونافاري". وتابع السيد كورنيش، "بالنسبة إلى الذين خطّطوا لرحلات إلى إسبانيا آنذاك، كان ثمة بريق من الأمل في أن تبقى جزر البليار والكناري معفية من التدابير، بيد أن ذاك الاحتمال ما لبث أن اختفى، كما تختفي منشفة استحمام جديدة عند حوض السباحة إذا غابت كثيراً عن النظر". وأشار كورنيش إلى أن "كاتالونيا أكثر قرباً من تشلمسفورد ممّا هي من غران كاناريا، ما يجعل مقاربة الحجر العام تلك ليست فقط غير ضرورية وغير منطقية، بل أيضاً شديدة الضرر بحق قطاع يتداعى سلفاً (قطاع السفر)". كما ذكر السيد كورنيش أن وزير النقل البريطاني غرانت شابس، يوافق على فكرة اعتماد مقاربة مناطقية للتدابير، أي تدابير تعتمد على أحوال كل منطقة على حدة. وتابع "شاهدنا في الأثناء أمثلة معتمدة في دول رئيسة، كألمانيا، حيث سارعوا إلى تيسير السفر وتسهيله إلى منتجعات ومناطق إجازات شهيرة، كحال المنتجعات والمناطق الإسبانية، وذلك ترافقاً مع اعتماد مقاربة محلية وهادفة لفكرة الحجر الصحي، وهي المقاربة التي تبقى بريطانيا حتى الآن رافضة للتفكير بها". وفي هذا الإطار، قال كورنيش "إذ لم يبق من أيام صيفنا إلّا القليل، فإن عدداً كبيراً من منتجعات الإجازات التي لم يقصدها أحد، اضطر إلى الإقفال، وغدا الكثير من الوظائف عرضة للفقدان، كما تراجعت الثقة في أن يكون رئيس وزرائنا على علم بهذه الحال الطارئة. ومن هنا يمكن للمرء أن يفهم سبب شعور قطاعنا (قطاع السفر) بالخذلان".

من جهة أخرى، صرح متحدث باسم وزارة النقل البريطانية DfT أن "الحكومة في بريطانيا تدرك حجم تأثيرات فيروس كورونا في الاقتصاد والعمال، وهي مقابل هذا، طرحت مجموعة واسعة من تدابير الدعم المالي لمساعدة قطاع السفر الجوي"، بيد أنّ المتحدث الحكومي تابع أن "الصحة العامة تبقى في صدارة أولويات بريطانيا، ونحن ملتزمون بمواجهة هذا الفيروس تزامناً مع دعمنا لعودة السفر الدولي بطريقة مستدامة ومسؤولة". ومن المتوقع في هذا الإطار أن تقوم وزارة النقل البريطانية مساء الخميس المقبل بتعديل وتحديث لائحة استثناءات الحجر الصحي.

وكان وزير النقل البريطاني إثر المراجعة الأخيرة لتلك اللائحة (لائحة استثناءات الحجر الصحي) قال إن عوامل عدة جرى أخذها في الاعتبار في سياق النظر إلى مسألة الاستثناءات. ومن هذه العوامل، مقدار انتشار كوفيد-19 في كل بلد من البلدان المعنية ومستوى ومعدل التغير في حالات الإصابة المؤكدة ومقدار الفحوص المنجزة في البلد ونظام الفحص المعتمد ومقدار الفحوص الإيجابية ومقدار الحالات التي يمكن أن تمثّل واقع تفشٍّ تحت السيطرة مقابل واقع عدوى أكثر انتشاراً في المجتمع والتدابير التي تتخذها الحكومات وغيرها من المسائل والمعلومات المتعلقة بعلم الأوبئة".

كما حذر وزير النقل غرانت شابس، المواطنين من التفكير بالسفر لقضاء الإجازات في بلدان عبر البحار (بعيدة). وقال في هذا الصدد: "سافروا فقط إن كنتم قادرين على تطبيق حجر مفاجئ لمدة 14 يوماً إن تطلّب منكم ذلك". ووفق المراجعة التي أجريت اليوم للائحة استثناءات الحجر، فإنه من المرجّح أن تفقد سويسرا وضعية الاستثناء التي سبق وتمتّعت بها، فيما ستضاف بلغاريا إلى خانة الدول "المنخفضة الخطورة". ويبدو أن مصادر حكومية سرّبت لصحيفة "ذا تيليغراف" في هذا الإطار، احتمال استئناف بعض التنقلات الحرة بين بريطانيا وأجزاء من الولايات المتحدة الأميركية. وفي الوقت الحالي، يفرض على الأميركيين الذين يسافرون إلى بريطانيا حجراً صحياً ذاتياً لمدة أسبوعين، فيما يحظّر على مواطني إنجلترا والاتحاد الأوروبي السفر إلى الولايات المتحدة، وذلك وفق قرار رئاسي يستثنى منه بعض الشخصيات، مثل زعيم "حزب البريكست" نايجل فاراج. وقال المصدر لـ"ذا تيليغراف" إن "هناك نقاشات جارية على مستوى رفيع جداً حول إمكانية فتح الطريق إلى لندن ونيويورك". وتابع "ما زال النقاش في مراحله الأولى، بيد أنه من المهم والحيوي جداً إطلاق الأنشطة التجارية والاقتصادية مع شريك تجاري رئيس، خصوصاً ونحن على أعتاب البريكست". لكن مصدر رفيع في قطاع السفر الجوي ببريطانيا قال لـ"اندبندنت" إن هذا الكلام يمثل "مجرد تمنيات صادرة عن طرف في وزارة النقل البريطانية"، إذ مع "اعتبار دونالد ترمب حظر السفر مسألة مهمة بالنسبة إلى قاعدة مناصريه، فإنه لا أحد يتوقع عودة مستويات معقولة من الرحلات الجوية إلى الولايات المتحدة قبل الانتخابات الأميركية".

وبالاستناد إلى معلومات ومعطيات من "مراكز السيطرة على الأمراض" في الولايات المتحدة، يظهر تحليل حسابي أجرته "اندبندنت" أنه مع حالات الإصابة الجديدة التي بلغت 1.643 حالة خلال الأسبوع المنصرم، فإن معدل الإصابة في نيويورك ضمن شريحة الـ 100.000 شخص هو 19.5، أي أقل بقليل من عتبة الـ 20 التي حدّدتها الحكومة البريطانية، والتي تشرف على فرض تدابير الحجر. المعدل المقابل في فلوريدا يبلغ 118 حالة. وكان الخط الجوي بين مطاري هيثرو اللندني و"جي أف كي" النيويوركي يعدّ، حتى عام 2020، أكثر خط جوي مربح في العالم، إذ إنه يكسب "شركة الخطوط الجوية البريطانية" British Airways وحدها إيراداً يقدّر بـ 1 مليار دولار (800 مليون جنيه إسترليني).

وعن مسألة المحادثات المفترضة بين بريطانيا والولايات المتحدة لاستئناف الرحلات الجوية بينهما، قال متحدث باسم وزارة النقل البريطانية إن "النقاشات بيننا وبين الحكومات في بلدان أخرى، والمتعلقة بمضمار واسع من المواضيع، تجري بشكل اعتيادي. وتبقى مسألة الصحة العامة في صدارة أولويات المملكة المتحدة، ونحن ملتزمون مواجهة هذا الفيروس تزامناً مع دعمنا لعودة السفر الدولي بطريقة مستدامة ومسؤولة. كما أننا نبقي المعلومات المتعلقة بمختلف الدول والبلدان خاضعة لمراجعة مستمرة، ولن نقوم بإضافة أي بلد إلى لائحة ممرات السفر التي نعتمدها، إلّا إذا كان وضعه آمناً".                            

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة