أطلقت شركة السوق المالية السعودية "تداول"، الأحد 30 أغسطس (آب) 2020، سوق المشتقات المالية التي تشهد تداول العقود المستقبلية للمؤشرات كأول منتج مشتقات مالية يتم تداوله في السوق المحلية (أكبر أسواق منطقة الشرق الأوسط).
في هذا الشأن، قال محللون متخصصون إن الخطوة تستكمل تحركات الدولة نحو تنويع الأدوات المالية وتحسين مكانة السوق لجذب المستثمرين الأجانب.
وشهدت السوق السعودية تطورات جذرية منذ عام 2015، مع الترقية في مؤشرات التصنيف العالمية مما أسهم في جذب شريحة كبيرة من المستثمرين الأجانب.
لحظة تاريخية
في هذا الصدد، قال المدير التنفيذي في شركة السوق المالية السعودية "تداول" خالد الحصان، إن إطلاق سوق المشتقات المالية أنجز وبدأت أعمال شركة مركز مقاصة الأوراق المالية، مؤكداً أن "هذا الإنجاز يشكّل خطوة مهمة ولحظة تاريخية في السوق المالية السعودية والاقتصاد السعودي ككل كونه أحد أهم مبادرات برنامج تطوير القطاع المالي ضمن رؤية المملكة 2030".
وأضاف الحصان في تغريدة على حسابه الرسمي في "تويتر" أن نجاحات السوق المالية هي نتاج طموحات كبيرة تنتهجها "تداول" في الطريق لأن تكون سوقاً مالية متقدمة ورائدة على المستويين الإقليمي والعالمي. والعقود المستقبلية هي اتفاق بين البائع والمشتري تم إقراره اليوم للتسوية في تاريخ مستقبلي، يستطيع بموجبه البائع أو المشتري إقفال العقد قبل تاريخ الاستحقاق باتخاذ مركز معاكس، فهو غير ملزم بالاحتفاظ بالعقد إلى نهاية تاريخ الاستحقاق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب بيان "تداول"، فإن التداول في سوق المشتقات خلال أيام العمل الرسمية ومن خلال أربع جلسات (الجلسة الأولى: مزاد الافتتاح بالفترة من 9 صباحاً إلى 9:30 صباحاً، أما الجلسة الثانية: السوق مفتوحة من 9:30 صباحاً حتى 15:30 عصراً، والجلسة الثالثة من 15:30 حتى 16:00 عصراً، أما الجلسة الرابعة: النظام مغلق من 16:00 عصراً حتى 9 صباحاً ليوم التداول التالي".
وستّتخذ العقود المستقبلية في السوق السعودية مؤشر إم إس سي آي تداول 30 "إم تي 30" أساساً لها، وحجم العقد الواحد سيكون × 100 سعر العقد، وهو عدد الوحدات الأساسية التي يتم شراؤها أو بيعها عند شراء أو بيع عقد واحد.
وتفتتح سوق المشتقات من خلال مزاد للعقود المستقبلية، ويكون المزاد بناءً على العروض والطلبات المدخلة خلال افتتاح المزاد وهي الطريقة المطبقة ذاتها في السوق الرئيسة.
أهمية السوق
وحول أهمية سوق المشتقات، قال عبدالله بن أحمد آل محسن، الاقتصادي في إدارة الأصول المالية، إن إطلاق السوق جاء كضرورة لتنويع خيارات التداول أمام المستثمرين والمتطلبات الدولية بعد انضمام سوق المال السعودية إلى المؤشرات العالمية، مؤكداً أن ذلك ترافق مع رغبة كبيرة وسعي دائم من شركة السوق المالية السعودية "تداول" لتطوير وتنويع المنتجات التي يطلبها المستثمرون مع ما يفرضه ذلك من ضرورة وجود أدوات تداول متقدمة، تمكّنهم من إدارة التحوط من المخاطر في السوق.
وأضاف آل محسن: "بلا شك وجود مثل هذه الأدوات في السوق يعطي المستثمر المزيد من الخيارات الاستثمارية المرنة والمتطورة التي تساعده على إدارة محفظته بشكل أكثر سهولة مع القدرة على إدارة المخاطر وتنويعها من بين الخيارات التي توفرها السوق، مع ما يمثله هذا الإطلاق من خطوة مهمة ومتقدمة ضمن خطوات تطوير السوق المالية السعودية".
وكان النصف الأول من العام قد شهد هبوط المؤشر بنسبة 14 في المئة بما يعادل 1165 نقطة وذلك بضغط البيع الذي مارسه المتعاملون في السوق على قطاعات رئيسة كالبنوك والمواد الأساسية والطاقة. في الوقت ذاته، اقتنص المستثمرون الأجانب، الفرص في السوق حيث سجلوا مشتريات صافية بنحو 10.4 مليار ريال (2.77 مليار دولار)، متجاهلين تداعيات جائحة كورونا، بما يعكس ثقتهم في الاقتصاد والسوق السعوديين.
تنويع المنتجات
في هذا الشأن، قال عضو جمعية الاقتصاد السعودية والمحلل الاقتصادي سعد آل ثقفان إن دخول المستثمرين الأجانب المؤهلين بشكل مباشر إلى سوق الأسهم السعودية، ثم انضمامه إلى مؤشرات الأسواق الناشئة كان لا بد من توفير منتجات استثمارية لها أهمية لتلك الشريحة العالمية وأيضاً المحلية لما تعطيه من تنوع في الاستثمار ومنح مالكها التحوّط لإدارة المخاطر الاستثمارية.
وأوضح آل ثقفان أن سوق "تداول" قام بتوفيرها بشكل تدريجي بداية بعقود المؤشرات المستقبلية وتطبيقه على مؤشر "إم تي 30" وبعد دراسة الوضع عقب تطبيقه وتلافي السلبيات، سيتم طرح بقية المشتقات المالية.
وأفاد المحلل السعودي بأن هذا سيعطي السوق تدفقات مالية وسيولة أخرى ويجذب مستثمرين يفضلون تلك العقود، وكذلك المستثمرين الذين لديهم خبرة ودراية بها، وأيضاً الذين يرغبون في التحوط لمحافظهم الاستثمارية لأي تغير قد يطرأ عليها في المستقبل.
خلق قنوات استثمارية
من جانبه، قال عبد الله الجبلي، عضو الاتحاد السعودي والدولي للمحللين الفنيين إن إطلاق سوق المشتقات المالية يأتي ضمن جهود هيئة سوق المال السعودية لخلق قنوات استثمارية جديدة ومحاولة نقل البورصة السعودية من سوق ناشئة إلى سوق احترافية.
وأشار إلى أن الجهود بدأت منذ عامين وكان أبرزها إطلاق سوق الموازي وسوق الصكوك والسندات وسوق صناديق "الريت"، مؤكداً أن تلك الجهود ستعزز مكانة السوق في مؤشرات الأسواق الناشئة.
ونوّه إلى أن سوق المشتقات ستأخذ وقتاً حتى يتعود المستثمرون عليها، أي تقريباً بحدود عامين، نظراً إلى أنها فكرة ناشئة، فيما ليست لدى المستثمر العادي معرفة جيدة بسوق المشتقات حالياً وما هي المخاطر وكيفية الاستفادة منها. لا يعلمون كل هذه الأمور". وأضاف الجبلي أنه "مع تعود المستثمرين عليها شيئاً فشيئاً، سنجد ارتفاعاً في حركة سوق المشتقات ومن ثم سيكون هناك ارتفاع في مستويات السيولة".
تنويع الأدوات المالية
من جهتها، قالت أسماء أحمد علي، محللة الأسواق لدى "بيت المال للاستشارات" المرخصة في السوق السعودية، إن أهمية إطلاق سوق المشتقات في المملكة تكمن أولاً في تنويع الأدوات المالية بيد المستثمر وتوفير أدوات التحوّط لإدارة المخاطر بشكل أكثر فعالية، إذ تساعد المشتقات المالية على نقل المخاطر المالية بين الأطراف المتعاقدة عبر الأسواق المالية المنظمة أو الموازية.
وأضافت أنه يمكن للمستثمر شراء عقد مشتق، تتحرك قيمته في الاتجاه المعاكس لقيمة الأصل الذي يمتلكه، بهذه الطريقة قد تعوض الأرباح في عقود المشتقات الخسائر في الأصول الأساسية، وأيضاً تعمل على تسعير الأصل الأساسي، فتعمل العقود الفورية للعقود الآجلة على معرفة وتقريب سعر الأصل الأساسي.
وأكدت أحمد علي أن إحدى المميزات المهمة في تداول المشتقات المالية تتمثل في إمكانية استخدام الرافعة المالية التي تساعد المستثمرين على دخول صفقات أكبر من حجم رأس المال الأساسي لتحقيق عوائد أكبر ولكنها تحتوي على مخاطر عالية، موضحةً أن كل هذه الأمور ترفع كفاءة السوق التي يتم فيها تداول هذه المشتقات، فتزيد من فرص زيادة عائد الأصل.
وأضافت أن هذه الأداة لها أهمية كبيرة في زيادة مستوى الثقة بهذه الأسواق ومعدل الشفافية، إذ تؤشر إلى مدى مصداقية هذه السوق على اعتبار أنه لا يتم تداول المشتقات في أي سوق، إلّا عندما تكون لديها المؤهلات لذلك، منها ارتفاع حجم القيمة السوقية وزيادة معدلات السيولة اليومية للتداول وأن تكون أسهم هذا البلد ثم ترقيتها لمؤشرات الأسواق العالمية مثل "إم إس سي أي" و "فوتسي".
وأشارت إلى أن هذا العامل الأكبر في جذب مزيد من المتعاملين المحليين وأيضاً يمثل مستوى جذب للأجانب الذي يصب في النهاية في زيادة معدل السيولة وحركة التداول في هذه الأسواق.
وأوضحت أنه توجد أنواع مختلفة من هذه المشتقات منها العقود الآجلة وعقود مبادلة أسعار الفائدة وهذه يتم تداولها خارج المنصة (في الأسواق غير المنظمة) وعقود مستقبلية وخيارات.
وعلى صعيد الأداء، أنهت العقود المستقبلية "إم تي 30 - سبتمبر 20" أولى جلساتها في سوق المشتقات السعودية عند سعر 1071 ريالاً (285.6 دولار)، من دون تغير.
وبلغت التداولات اليوم الأحد، نحو 24 عقداً بقيمة 2.57 مليون ريال (685.33 ألف دولار)، تمت من خلال تنفيذ 6 صفقات منها صفقة خاصة بـ 18 عقداً بسعر 1072 ريالاً (285.6 دولار) للعقد الواحد وبقيمة إجمالية بلغت 1.93 مليون ريال (514.6 ألف دولار).
وبحسب "تداول"، فإن الصفقات الخاصة هي الأوامر التي يتم تنفيذها عندما يتّفق مستثمر بائع ومستثمر مشترٍ على تداول أوراق مالية محددة وبسعر معين بحيث تتوافق مع ضوابط السوق المالية السعودية (تداول) والقواعد واللوائح الصادرة عن هيئة السوق المالية ذات العلاقة.
ولا تؤثر الصفقات الخاصة في سعر آخر صفقة أو أعلى أو أدنى سعر للعقد، أو سعر الافتتاح أو سعر الإغلاق، أو مؤشر السوق أو مؤشرات القطاعات.