Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وزير دفاع جزائري فار "يغازل" الرئيس من أجل العودة

تصريحات متناقضة لخالد نزار تثير شكوك المتابعين وأنصار "الحراك الشعبي"

ارتبط اسم خالد نزار بالأزمة الامنية التي عرفتها الجزائر في التسعينات وعاد بقوة منذ بداية الحراك الشعبي (الاذاعة الرسمية)

فاجأ وزير الدفاع الجزائري السابق الجنرال خالد نزار، الفارّ إلى إسبانيا، الرأي العام ببيان نال نصيباً وافراً من التأويلات والتخمينات، بالرغم من وضوح نواياه في "مغازلة" الرئيس عبدالمجيد تبون والمؤسسة العسكرية، إذ حذّر الجزائريين من تيار سياسي تمثله حركة "رشاد" التي يقيم غالب قياداتها في الخارج.


تصريحات مثيرة وتحذيرات

ودعا الجنرال نزار الرئيس تبون إلى اتخاذ قرار "صائب" لوقف ملاحقته من قبل القضاء العسكري، ولإصلاح "قرار سياسي ظالم" استهدفه منتصف عام 2019، بعدما أصدرت النيابة العسكرية مذكرة توقيف دولية لاعتقاله بتهمة التآمر على السلطة والجيش. وتمّت إدانته غيابياً رفقة نجله لطفي، بـ 20 سنة سجناً، معبراً عن انزعاجه من تقارير صحافية تحدثت عن وجود اتصالات بينه وبين السُلطة، من أجل العودة إلى البلاد لتسوية مشكلته مع القضاء. وقال في بيان "تلقيت مثلي مثل كل الشعب الجزائري هذه الأخبار المغرضة التي أرى أن الهدف من ورائها هو التشويش على إصلاحات الرئيس، ومحاولة التأثير في قراره السياسي الذي نرى وننتظر أن يكون قراراً صائباً ومنصفاً، يصحح الخطأ الذي تم ارتكابه في وقت سابق بناء على قرار سياسي ظالم جائر وغير مبرر".
وأعلن نزار دعمه للقيادة الجديدة للجيش بعد رحيل رئيس الأركان السابق أحمد قايد صالح، وذكر أن المؤسسة العسكرية والأمنية باتت اليوم في أيد آمنة وطنية، همها الأول والأخير مواكبة الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي ينشدها كل الشعب الجزائري، مضيفاً أن "هذه الإصلاحات تزعج أطرافاً خارجية وأخرى داخلية، دأبت على العيش وتقتات من فضلات الوضع السياسي المتعفن الذي ساد سنوات طويلة". ولفت إلى أن الشعار المركزي للحراك الشعبي "دولة مدنية وليس عسكرية" موجّه ضد المؤسسة العسكرية، وينطوي على مؤامرة هدامة. وعليه، وأمام المؤامرات الخارجية الهدامة، ومن باب المسؤولية كمجاهد وقائد عسكري سابق، أجد أنه من واجبي بل من حقي التحذير والتنبيه ودق ناقوس الخطر، والقول إن الشعار الذي ينادي به بعض الشباب عن حسن نية ومن دون قصد بكل تأكيد، مقصود ومدبر ومخطط له بشكل رهيب وخبيث من قبل الخونة عرّابي الإرهاب".
وحذر وزير الدفاع السابق الجزائريين من تيار سياسي تمثله حركة "رشاد" التي تتلقى الدعم من الدوحة، ووصف أعضاء هذا التيار بـ"الظلاميين والإرهابيين الذين سعوا بكل الطرق والوسائل إلى إسقاط الدولة في بداية التسعينيات وفشلوا". وأضاف "ها هم يعودون بأوجه جديدة وأساليب جديدة"، محذراً شباب الحراك من "الانسياق خلف الطروحات الراديكالية لهذا التيار".


تناقضات تفضح النيات

وتعليقاً على بيان نزار، رأى الحقوقي سليمان شرقي في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أن التناقض يكتنف تصريحات وزير الدفاع السابق، "فبينما نفى مساعي الرئاسة للتواصل معه ومع غيره للعودة إلى البلاد، طلب من الرئيس تبون تصحيح الخطأ الصادر في يوليو (تموز) 2019، والذي نتج منه بقاؤه في منفاه الاختياري رفقة عائلته". واعتبر شرقي أن "نزار استغل الوضع لرمي مزيد من الورد في اتجاه الرئاسة والإشادة بحكمتها وقيادة الجيش الحالية، واللعب على وتر شجب حاملي شعار "دولة مدنية وليست عسكرية" الحساس، وربطهم بالإرهاب بهدف كسب التعاطف وتصفية الحسابات مع التيار المعارض له، ولدوره في الانقلاب على المسار الانتخابي عام 1992، وما نجم عنه من عنف مسلح تطور إلى حرب أهلية دموية".

وتابع شرقي "قد يكون بيان نزار صدر بإيعاز من جهات في السلطة لرفع الحرج عنها تمهيداً لعودته، في ظل إعادة الاعتبار لجنرالات سابقين اختلفوا مع قيادة الجيش، ولعل أبرزهم الجنرال حسين بن حديد، الذي تولى قائد الأركان سعيد شنقريحة شخصياً مسألة تكريمه وعلاجه، ثم تلته قيادات أخرى"، مستبعداً أن تكون الخطوة بمثابة توجه عام نحو مصالحة بين النظام السابق والجديد، بل "قد تكون إعلان سيطرة الجماعة الجديدة على مقاليد الأمور، ودعوتها مناوئيها إلى الرضوخ والقبول بالأمر الواقع". وختم أن "زيارة المجاملة التي قام بها الرئيس السابق الجنرال ليامين زروال للرئيس تبون الشهر الماضي، هي إعلان نهاية المعركة والتسليم بالأمر الواقع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


جزء من السلطة

في المقابل، رأى القيادي في "الحركة من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية" أنور هدام، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن ما صرّح به نزار يدخل ضمن التجاذبات الجارية بين مختلف أعمدة السلطة الفعلية في البلاد للتراجع عن بعض مكتسبات "حراك 22 فبراير". وقال "نأمل استئناف الحراك الشعبي في أقرب وقت وبكل قوة وسلمية وحضارية، لترجيح ميزان القوى لمصلحة تلبية مطالب الشعب واسترجاع سلطته وسيادته على دولته بكل مؤسساتها، بما فيها العسكرية والقضائية"، موضحاً أن لوزير الدفاع السابق أجندته الخاصة، و"لا أستغرب أن يعود قريباً إلى الجزائر، لأنه جزء من مجموعات السلطة. وبحسب معلوماتنا فهناك مفاوضات كثيفة بين تلك المجموعات". وختم هدام بالقول إن "على الإصلاحيين منهم أن يحتموا بالحراك الشعبي، ولا يحاولوا عرقلة استئنافه إن كانوا جادين في التخلص من عصابة توفيق (لقب رئيس الاستخبارات السابق الجنرال محمد مدين الموجود في السجن) ونزار".
وكشف نزار تفاصيل مكالمات جرت بينه وبين السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، بعد تنحي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، تتعلق بكيفية مواجهة الحراك الشعبي وتحركات الجيش، إذ جاء في بيان مطول أنه تحدث مع السعيد مرتين خلال فترة الحراك بطلب من الأخير لاستشارته في شأن طريقة التعامل مع الأزمة، وأنه فهم من حديثه أنه كان الحاكم الفعلي للبلاد. وقال إن "الرئيس كان مغيباً، وحتى الدقيقة الأخيرة كان السعيد يتمسك بالسلطة ويناور من أجل الإبقاء عليها".

حديث يحتمل قراءتين

من جانبه، عبّر الإعلامي الجزائري محمد لهوازي عن اعتقاده بأن "تصريحات الجنرال المتقاعد خالد نزار تحتمل قراءتين، الأولى تدخل في خانة جس نبض، وتتعلق بجدية النظام السياسي الحالي في متابعة رموز الفساد قضائياً، خصوصاً بعد صدور أحكام ثقيلة بحق مسؤولين سابقين ورجال أعمال، والثانية تتعلق بكون خالد نزار تلقى تطمينات من أعلى المستويات في شأن إمكان إلغاء التهم الموجهة إليه، أو على الأقل تهمة التآمر على سلطة الجيش، التي يقبع بموجبها الفريق محمد مدين والجنرال بشير طرطاق، والسعيد بوتفليقة في السجن إلى غاية اليوم، وذلك في إطار ترتيبات معينة تتم داخل السلطة". وأضاف لهوازي أن "عودة خالد نزار ترتبط مباشرة بإزالة أسباب إصدار مذكرة التوقيف الدولية بحقه، وتضع القضاء الجزائري بشقيه المدني والعسكري أمام امتحان كبير، عنوانه الاستقلالية عن السلطة التنفيذية".

المزيد من العالم العربي