Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تباشر إجراءات استرجاع الأموال المهربة إلى فرنسا

باريس ستستثمر طلب الحكومة لتحقيق مصالحها والتموقع مجدداً ضمن قائمة الدول الصديقة

تقدمت السلطات الجزائرية بطلب إلى القضاء الفرنسي لضبط ممتلكات مسؤولين سابقين (أ ف ب)

انتقلت الجزائر إلى الإجراءات العملية من أجل استرجاع الأموال المنهوبة ومصادرة ممتلكات الفاسدين، بعدما تقدمت بطلب إلى القضاء الفرنسي يتعلق بضبط ممتلكات المسؤولين الجزائريين "المحسوبين على نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة"، المقيمين في فرنسا، في خطوة تكشف عن حسن نوايا الحكومة الجزائرية من جهة، وتضع الطرف الفرنسي في حرج من جهة أخرى.

ضبط ممتلكات "فاسدين"

 جاء في صحيفة "لوبوان" الفرنسية، أن القضاء الجزائري طلب من نظيره الفرنسي في إنابة قضائية، ضبط ممتلكات مئات الجزائريين الذين لديهم أملاك في فرنسا، مضيفة نقلاً عن جهات قضائية، أن الأمر يتعدى الجوانب الضريبية، من دون الكشف عن أسماء المعنيين.

وتصنف الخطوة في إطار مساعي الرئيس عبد المجيد تبون إلى استرجاع الأموال المنهوبة خلال فترة حكم بوتفليقة بشكل خاص، حيث تفشت ظواهر الفساد والنهب والتهريب، بعدما التزم خلال حملته الانتخابية، وبعد انتخابه باستعادة المبالغ الضخمة التي هُربت إلى الخارج.

تعاون بمقابل؟

 في السياق، يرى الباحث في علم الاجتماع السياسي أسامة لبيد، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أنه ليس من السهل تعاون السلطات الفرنسية مع القضاء الجزائري لاسترجاع الأموال المنهوبة، وإحصاء الأملاك والعقارات الكثيرة التي تملكها الشخصيات الفاسدة أو المطلوبة قضائياً من الجزائر، وذلك لعدة اعتبارات أهمها علاقة دوائر فرنسية بالنظام السابق، وكذا القوانين الفرنسية المشددة في مجال تسليم المطلوبين واسترجاع الأموال المنهوبة والممتلكات. ومن أجل تجاوز هذه العقبات، يقول لبيد، سارعت الحكومة عبر وزير العدل بلقاسم زغماتي، إلى تطوير الآليات القانونية الحالية لتحقيق مزيد من الفعالية في محاربة الفساد، بخاصة فيما تعلق باسترداد الأموال المنهوبة.

في المقابل، تعتبر الإعلامية المهتمة بالشأن السياسي نسيمة عجاج، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن خطوة الجزائر دليل على مضي الرئيس تبون في الوفاء بوعده باسترجاع الأموال المنهوبة، لكن لن يكون الأمر مجانياً.

وقالت إن فرنسا لن تتعاون في هذا الشأن من دون مقابل، وأضعف الإيمان أن يكون هذا المقابل الحفاظ على مصالحها التي تراجعت في الجزائر، موضحة أن باريس ستستثمر في الطلب الجزائري لتحقيق مصالحها والتموقع مجدداً بشكل أفضل، ضمن قائمة الدول الصديقة والحليفة في ظل التنافس الخارجي. وختمت أن الحديث عن ابتزاز فرنسي مرتقب، يتعارض نسبياً مع حديث تبون عن النية الحسنة، التي أبدتها فرنسا في فتح صفحة جديدة من التعاون مع الجزائر.

محاصرة الأموال

 يبدو أن إقدام رجل الأعمال علي حداد، المحكوم بالسجن 18 سنة، على تقديم 10 ملايين دولار لمجموعة ضغط أميركية عن طريق ممثلته في فرنسا، من أجل الضغط على الحكومة الجزائرية للإفراج عنه أو تخفيف الحكم، أثار حفيظة السلطات التي سرعت إجراءات محاصرة أموال وممتلكات الفاسدين، بخاصة في الخارج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الرئيس تبون، إن هناك أفراداً من "العصابة" داخل السجن، يحركون أفراداً خارجه ويحركون الملايين من الدولارات خارج البلاد، مضيفاً أن هناك قوى تريد الفوضى في البلاد.

وسبق للقضاء الجزائري، أن أرسل طلبات إلى فرنسا، وإسبانيا، ومالطا، بالإضافة إلى تونس والمغرب، في إطار تحقيقات بشأن أصول يملكها رجال أعمال جزائريون في الخارج، ومسؤولون سابقون.

فضائح وزراء ومسؤولين وعائلاتهم

 فضح الإعلام الفرنسي في صيف 2019، وزراء جزائريين وإطارات في الدولة، بعد نشر مجلة "نوفل أوبسرفاتور" تحقيقاً مطولاً سلط الضوء على ممتلكات مسؤولين جزائريين في فرنسا.

 أشارت المجلة إلى الوزير الأول السابق عبد المالك سلال وابنته، ووزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب، ومدير التشريفات السابق بالرئاسة مختار رقيق وزوجته وابنته، ووزير الخارجية الأسبق محمد بجاوي، ورجل الأعمال مراد عولمي، ووزير السياحة الأسبق شريف رحماني، وغيرهم.

وبحسب المحلل السياسي أمين الصادق، فإن استرجاع الأموال المنهوبة هو أحد أهم التعهدات، التي تقدم بها تبون للشعب الجزائري غداة ترشحه. كما أن برنامجه للإنعاش الاقتصادي يعول عليها كثيراً للتخفيف من العجز المالي في ميزانية الدولة الناتج عن جائحة كورونا، وتدني مداخيل المحروقات. ويقول "لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا وجهت الإنابة إلى فرنسا دون غيرها من البلدان؟ على الرغم من أن عموم الجزائريين يعلمون أن مسروقات العصابة وصلت حتى ديترويت الأميركية والجزر الأندونيسية".

 يعتقد الصادق، أن محاربة الفساد يجب أن تكون شاملة ولا تستثني أحداً، "ما يمنح الرئيس الجزائري ثقة المواطن، الذي يتطلع لرؤية ثمار التغيير تتجلى أمامه، كما يجب تجفيف منابع تمويل الثورة المضادة، التي نشطت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، مستغلة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي