بطقس ممطر يميل للبرودة غالبا، تستعد مدينة الورود وعاصمة المصائف العربية في السعودية لاستقبال أكثر من مليون ونصف سائح من شتى أنحاء العالم في مهرجانها الأشهر "مهرجان الورد الطائفي"، الذي يقام مرة في كل عام بمدينة الطائف غرب العاصمة السعودية الرياض من الفترة 14 – 4 أبريل (نيسان) وسط المدينة التي تعانق شتلات زهورها الضباب.
وبارتفاع يزيد عن سطح البحر بـ2500 يقام مهرجان الورد وسط المدينة التي تشتهر بالورد والضباب والغيوم في عامه الـ 15 في منتزه الردف الشهير بداخل حدائق مسورة بأشجار الصبار، وتعانق سماءها أشجار النخيل على أرض مزهوة بأزهار قرمزية وأخرى ملونة، كانت قد صُممت على طرازات مختلفة تحاكي حدائق الحضارات القديمة كالأندلسية والفرنسية والإنجليزية.
مليون ونصف وردة
أول ما يستقبل الزائر في الحديقة العملاقة نافورة تفاعلية مع موسيقى كلاسيكية، وأمامها سجادة من الورد يتجاوز طولها أكثر من 900 متر مربع تضم أكثر من مليون ونصف شتلة من 10 أنواع مختلفة من الزهور ذات الألوان والأسماء المتعددة كالبتونيا والبفتة والسلوزيا وغيرها .
كل نوع من أنواع الورد قد يثير رغبة وفضول الزائر عن اسمه ووظيفته وطريقة صنعه، ولكل سؤال هناك جواب عبر أكثر من 50 عارضاً ومزارعا من المهتمين بالورد الطائفي، الذين يعرضون أنواعا متعددة من منتجاتهم للفرجة وللبيع ولالتقاط صور الذكريات ولإشباع رغبة السائلين الباحثين عن الإجابات.
ليس الورد فحسب ما سيشاهده ويبتاعه الزائر للمهرجان بل ثمة صناعات عطرية أخرى متنوعة مستخلصة من الورد الطائفي كدهن الورد العطري، ومساحيق للعناية بالجسم ومنتجات أخرى يفضلها الطهاة في المطاعم، كماء الورد الذي يقدم مع أقداح الشاي، ومع أطباق التوابل الشرقية.
الوردة الدمشقية
يحتاج المزارع الطائفي غالبا إلى 45 يوماً لحصاد الورد قبل أن يحين موعد المهرجان حيث يتجاوز إنتاج الموسم الواحد من الورد 500 مليون وردة تنتجها2000 مزرعة لتعبر بعد ذلك إلى 36 معملا للعمل على إنتاجها بطرق مختلفة .
"الوردة الدمشقية أشهر وردة على الإطلاق، تعرض في المهرجان ". هذا ما أكده راشد القرشي الحائز على براءة اختراع من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لجهاز صنعه يعمل على تقطير الورد وإنتاج قدر أكبر منه يفوق الطريقة التقليدية بـ 300 ألف وردة في وقت واحد.
القرشي البالغ من العمر 56 عاما قضى نصفها في هوايته، هواية الأجداد كما يقول وهي الزراعة والعناية بالورد الطائفي خصوصا الوردة الدمشقية التي قال عنها إنها أتت من بلاد الشام لتجد أرضاً مغايرة وطقساً مختلفاً، لتكون نادرة في المدينة التي لا تفارقها الغيوم.
فهو يشارك في المهرجان الكبير منذ انطلاقته قبل 15 عاماً، ويعرض منتجات مختلفة كصابون الورد، ولوشن الورد ودهن الورد الطائفي . كما يمتلك مصنعا عملاقا يعد مزارا سياحيا أيضا ويعمل على تدريب المئات من المزارعين المهتمين في زراعة الورد.
أسعار الورد ومنتجاته
وتتفاوت أسعار الورد ومنتجاته بحسب المزارع البائع فالورد الدمشقي يباع بـ1000 ريال ( 266 دولار ) للـ100 وردة، بينما تختلف أسعار أنواع الورد الأخرى بحسب العدد. أما بالنسبة لمنتجات الورد الأخرى فيباع اللوشن المستخلص من الورد الطائفي بـ 15ريالا ( 4 دولارات ) بينما يبلغ سعر بخور الورد الطائفي 40 ريالا ( 10 دولارات ).
وسائل جذب أخرى
وبما أن المهرجان يُعد رافدا سياحيا واقتصاديا للمنطقة عملت الأمانة على إيجاد معامل خاصة لإنتاج الورد والاستفادة من مائه وعطره، لتسويقه محليا ودوليا كما عملت على تطوير فعالياته هذا العام ليكون الخيار الأول بالنسبة للسائح، لا سيما وأنه لا يبعد عن الحرم المكي المقدس بأكثر من 90 كلم.
"نستعد لاستقبال أكثر من مليون ونصف زائر وأنشأنا لأول مرة حديقة للفراولة". هذا ما يقوله فايز الثبيتي مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام بأمانة المنطقة ويؤكد بأن الأمانة وهي الجهة القائمة على المهرجان تعمل على وسائل جذب أخرى للسياح كالفعاليات المصاحبة للمهرجان مثل: مسرح الطفل، والفرق الشعبية، والركن الخاص بالحرفيين المهتمين بتراث المدينة، وركن آخر للأسر المنتجة التي تعمل على صناعة الأطعمة التي تشتهر بها المنطقة.
من أقدم المدن في العالم
يتجاوز عدد سكان مدينة الطائف (حسب إحصاءات صادرة في العام 2017) 884 ألف نسمة وتعرف المدينة بأنها من أقدم المدن على مستوى العالم، فهي كما يقول المؤرخون يعود تاريخها إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى بن مريم، كما أنها تحتضن بجانب مهرجانها الشهير القصور التاريخية والقلاع ويتميز طقسها بالاعتدال، وتكثر فيه الأمطار في فصلي الربيع والشتاء، كما أنها منحت في أواخر العام 2013 لقب عاصمة السياحة العربية من قبل المنظمة العربية للسياحة.