Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 طلاب الدراسات العليا الصينيون باحثون أم جواسيس؟

واشنطن أمرت بإبعادهم بعد جمعهم معلومات استخباراتية تتعلق بأبحاث علمية متطورة من الجامعات

أزمة جمع المعلومات بين الصين وأميركا تصل إلى محطة الطلاب الصينيين واتهامات بالجاسوسية تلاحقهم (رويترز)

عندما أخبر مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ستيلويل، سفير الصين لدى البلاد أن قنصلية هيوستن يجب أن تغلق في غضون 72 ساعة، أوصل له رسالة مفادها: "أزلْ جميع الباحثين العسكريين الصينيين الموجودين الآن في الولايات المتحدة".

كان الأمر الصادر في 21 يوليو (تموز) المتعلق بالباحثين، الذي لم يتم الإبلاغ عنه مسبقاً، تتويجاً لشهور من القلق المتزايد في إدارة ترمب بشأن ما يصوره المسؤولون الأميركيون على أنه عملية جمع معلومات استخباراتية بمساعدة دبلوماسيين صينيين، لأبحاث علمية متطورة من الجامعات الأميركية.

المصادر المزعومة لتلك المعلومات الاستخباراتية بحسب ما أوردته وول ستريت جورنال، وفقاً لمسؤولين أميركيين ووثائق قضائية تم رفعها في قضايا ذات صلة، كانت لباحثين صينيين للدراسات العليا في مجالات مثل الطب الحيوي والذكاء الاصطناعي، أخفوا بدرجات متفاوتة عن سلطات الهجرة، علاقاتهم الفعلية بجيش التحرير الشعبي الصيني.

لا تزال التحقيقات في مراحلها الأولى، والكثير من الأحداث التي أدت إلى إغلاق القنصلية لا تزال سرّية يصعب تقييمها بحسب الصحيفة. لكن المسؤولين الأميركيين أشاروا إلى أن التفاعلات بين الباحثين والدبلوماسيين الصينيين حفّزت التوجه إلى إغلاق القنصلية الصينية في هيوستن.

الشكوك الأميركية

أحد أسباب شكوك الولايات المتحدة هي الطريقة التي تصرف بها الدبلوماسيون الصينيون بعدما قرر البيت الأبيض في مايو (أيار) تقييد التأشيرات المستقبلية لهؤلاء الباحثين، وعندما بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي في استجواب بعضهم، عمل المسؤولون الصينيون لإخراجهم من الولايات المتحدة وقدموا تعليمات يقول المسؤولون الأميركيون إنها غير عادية بالنسبة إلى الدبلوماسيين الذين يتعاملون ببساطة مع الأكاديميين الذين قرروا العودة إلى الوطن.

وطُلب من الباحثين الذين أُحضروا إلى السفارة الصينية في واشنطن حذف أو إعادة ضبط جميع أجهزتهم الإلكترونية لأن ضباط الولايات المتحدة سيقابلونهم في المطار، كما يزعم المدعون في أوراق المحكمة.

في حالة أخرى، ضلّل الدبلوماسيون الصينيون وزارة الخارجية بشأن زيارة إلى إنديانا، إذ نصحوا طالب دكتوراه في الذكاء الاصطناعي بأن الحكومة الأميركية قد تتصل به بسبب خلفيته العسكرية، وهو ما لم يكشف عنه في طلب التأشيرة، وفقاً لشهادة خطية من مكتب التحقيقات الفيدرالي تعتبر الكذب على طلب التأشيرة جريمة فيدرالية.

كانت المناقشات جارية في إدارة ترمب حول احتمال إغلاق قنصلية صينية لمواجهة مجموعة من السلوكيات، بما في ذلك ما تتحسّسه كحملة موجهة من بكين لتحقيق طموحات البلاد العسكرية والتكنولوجية بطرق تعرّض الأمن القومي للولايات المتحدة للخطر.

نفي صيني

وأعلنت وزارة الخارجية الصينية أن دبلوماسييها "لم يشاركوا قط في أنشطة لا تتوافق مع وضعهم"، ونفت الاتهامات الأميركية بسرقة الملكية الفكرية، واصفة ما حدث بالسياسي.

بعد صدور أمر بإغلاق قنصلية هيوستن، أغلقت الصين القنصلية الأميركية في تشنغدو، ما أدى إلى توتر العلاقات المتوترة بالفعل بين الولايات المتحدة والصين إلى مستوى جديد.

وللصين أربع قنصليات متبقية في الولايات المتحدة بالإضافة إلى سفارتها في واشنطن، وللولايات المتحدة أيضاً أربع قنصليات متبقية وسفارة في الصين.

باحثون صينيون وانتماءاتهم العسكرية

واتهمت وزارة العدل في الأسابيع الأخيرة أربعة باحثين صينيين في محكمة اتحادية بتزوير التأشيرات، دافع اثنان عن أنهما غير مذنبين، بينما لم يتقدم آخران بالتماسات.

علماً أنه لم يتم تقديم أدلة الحكومة حتى الآن إلى محامي الدفاع عن المتهمين.

وفي بعض الحالات، لم يفعل الباحثون الكثير لإخفاء انتماءاتهم العسكرية الصينية، باستخدام عناوين البريد الإلكتروني من المؤسسات العسكرية الصينية أو إدراج التوظيف في إحدى الجامعات العسكرية الصينية في السيرة الذاتية - وهي دلالات إلى أنهم ربما رأوا أبحاثهم كجزء من نظام طويل الأمد للتبادل الأكاديمي بين الولايات المتحدة والصين.

في إحدى الحالات، أخبر باحث صيني في الطب الحيوي في سان فرانسيسكو، متهم بالكذب بشأن حصوله على رتبة معادلة لرائد في جيش التحرير الشعبي، المحققين أنه تلقى أوامر من مشرف في الصين لدراسة التخطيط الدقيق للمختبر الذي كان يعمل فيه، لتكرارها في الصين، وفقاً لوثائق المحكمة التي أشارت أيضاً إلى أنه أجرى اتصالات بالقنصلية الصينية في سان فرانسيسكو.

370 ألف صيني يدرسون في أميركا

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن الباحثين الصينيين المنتسبين إلى الجيش يمثلون شريحة صغيرة من حوالي 370 ألف صيني يدرسون في الولايات المتحدة كجزء من التبادلات الأكاديمية الدولية. وقبل الأمر الذي أصدره الرئيس ترمب في مايو (أيار)، كانت وزارة الخارجية تتمتع بسلطة محدودة للغاية لرفض منح التأشيرات إلى العلماء الأجانب ما لم يسعوا إلى العمل في بحث خاضع للرقابة أو سريّ.

وفي وقت مبكر بدأت إدارة ترمب في توسيع تعريف المجالات التي تعتبر ذات أهمية للأمن القومي للولايات المتحدة، وتنامى إجماع الحزبين منذ نهاية إدارة أوباما على نهج واشنطن الأكثر عدوانية تجاه العلاقات مع بكين، التي يتزايد عداءها للولايات المتحدة وحلفائها.

أميركا تحظر التأشيرات الجديدة للباحثين الداعمين للصين

في 29 مايو (أيار)، أعلن الرئيس ترمب حظر تأشيرات جديدة للباحثين على مستوى الدراسات العليا وما فوق الذين عملوا على دعم الحشد العسكري الصيني.

ودفعت الاعترافات التي قدمها أحد الباحثين أثناء محاولته مغادرة الولايات المتحدة السلطات إلى التدقيق في مثل هؤلاء الباحثين الموجودين بالفعل في البلاد، وأجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي منذ يونيو (حزيران) مقابلات مع حوالى 50 باحثاً في 30 مدينة يعتقدون أنهم ينتمون إلى الجيش الصيني.

ويبدو أن أمر ترمب أذهل الصين، إذ قال مسؤول أميركي: "لقد بدأوا في التدافع"، ويتصرف الدبلوماسيون الصينيون في ما اعتبره المسؤولون الأميركيون طرقاً غير عادية، ما سرّع مغادرة الباحثين البلاد.

من جانب آخر أخبر دبلوماسيون صينيون المسؤولين الأميركيين عن رحلة طائرة غادرت مطار جورج بوش الدولي في هيوستن تنقل الطلاب الصينيين إلى منازلهم وسط قيود السفر الناجمة عن فيروس كورونا، لكن الأميركيين أدركوا في ما بعد أن باحثين عسكريين كانوا بين الركاب.

في الأسابيع الأخيرة، سرّع البيت الأبيض الحملة، بما في ذلك عن طريق أمر الحظر المخطط له على بعض التطبيقات الأكثر شيوعاً التي تصنعها شركات التكنولوجيا الصينية وزيادة القيود على شركة "هواوي تكنولوجيز كو"، في ما يتعلق بالحصول على المكونات الأميركية اللازمة لبقائها.

تقليص برامج الحكومة الصينية

وفي الأوساط الأكاديمية، سعت الإدارة  إلى تقليص برامج الحكومة الصينية التي تموّل الأبحاث في الولايات المتحدة من خلال التحقيق في عدم وجود إفصاحات من قبل الأكاديميين الذين يتقدمون أيضاً للحصول على المنح البحثية المموّلة من دافعي الضرائب الأميركيين.

وفي كانون الثاني (يناير)، اتُهم تشارلز ليبر، رائد جامعة هارفارد في مجال تكنولوجيا النانو، بالكذب على محقّقي الحكومة الأميركية عندما سُئل عن أكثر من 1.5 مليون دولار حصل عليها بدعم صيني، معلناً أنه غير مذنب. ومن المتوقع أن تحال القضية على المحاكمة، أما المحامي مارك موكاسي المدافع عن ليبر فقال إنه بريء و"لن نسمح باستخدامه كجزء من الأجندة السياسية لأي شخص".

وفي اليوم نفسه، كشفت وزارة العدل عن لائحة اتهام ضد باحثة صينية في جامعة بوسطن يزعم المدعون أنها فشلت في الكشف عن أنها كانت ملازماً في الجيش الصيني، وقد غادرت البلاد بالفعل. وبعد أسبوع واحد، تم سحب وانغ شين، الباحث الطبي الحيوي الزائر في جامعتي كاليفورنيا، (سان فرانسيسكو)، من قبل الجمارك وحماية الحدود في مطار لوس أنجليس الدولي بينما كان يستعد للحاق برحلة مع زوجته وطفله إلى مدينة الصين، تيانجين.

وكانت الجامعة تعلم أن وانغ عمل في الجامعة الطبية العسكرية الرابعة في الصين، التي كانت ترد في سيرته الذاتية، وفقاً لمتحدث باسم جامعة كاليفورنيا (سان فرانسيسكو)، وقد أبلغ وانغ الجامعة في مايو أنه تم استدعاء 16 من زملائه في الولايات المتحدة، وفقاً لوثائق المحكمة.

وأثناء الاستجواب، أقرّ وانغ بأنه كان يحمل رتبة معادلة لرائد في الجيش الصيني وأنه كذب عندما قال في طلب التأشيرة الخاص به إن خدمته انتهت في عام 2016 لتعزيز فرصه في الحصول على القبول في الولايات المتحدة، وفقاً لملفات المحكمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعلن أن لديه جهة اتصال معينة في قنصلية سان فرانسيسكو، وأن مشرفه في الصين أخبره بنسخ تخطيط مختبره، ما ساعد على عثور العملاء الفيدراليين في وقت لاحق على ملفات أبحاث جامعتي كاليفورنيا وسان فرانسسكو على جهاز الكمبيوتر الخاص به والأجهزة الأخرى التي تزعم السلطات أنه كان ينوي مشاركتها مع زملائه في الصين، وفقاً للمحكمة، وقد اعترف بمسح الدردشة الخاصة به على ويتشات، (خدمة الرسائل الصينية). وأعلنت جامعتا هارفارد وبوسطن إنهما تعاونتا في التحقيقات.

وُجهت إلى وانغ تهمة الاحتيال في التأشيرة لكنه دفع بأنه غير مذنب خلال ظهوره في (زووم) من سجن سانتا ريتا، فيما رفض محاميه التعليق.

وخلال أسابيع قليلة من اعتقال وانغ، استدعت السفارة الصينية باحثاً صينياً في جامعة ديوك، يُعرف باسم "إل تي"، إلى واشنطن، كما يزعم المدعون العامون الأميركيون. هناك، كما تقول الملفات، التقى هو وأربعة آخرون برجل أطلقوا عليه اسم "المعلم" الفخري الصيني، الذي أمرهم بحذف أو إعادة ضبط أجهزتهم الإلكترونية.

ورأى المسؤولون في وزارة العدل وأماكن أخرى في إدارة ترمب نمطاً من السلوك يعتقدون بأنه يعرّض الأمن القومي الأميركي للخطر ويبرّر اتخاذ إجراء ضد الدبلوماسيين الصينيين.

وقال جون ديمرز، مساعد المدعي العام للأمن القومي: "كانت القنصليات توجه مساعدي جيش التحرير الشعبي في شأن كيفية تجنب كشف المواد التي يجب محوها عن هواتفهم"، وقد "استنتجنا من ذلك ما يحصل. حسناً، هذا جزء من جهد أكبر بكثير مما كنا ندركه".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير