Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تطرح وثيقة ثانية من الدستور للنقاش وتعرضها للاستفتاء

تبون يختار رمزية "نوفمبر" لجلب تيار الناخبين "الأوفياء"

الرئيس عبد المجيد تبون يستقبل محمد شرفي رئيس سلطة الانتخابات (رئاسة الجمهورية)

في سياق رحلة بحثها عن "توافق وطني" حول وثيقة الدستور، تتجه السلطات الجزائرية نحو "تصويت بالأغلبية" على كل مادة مرغوب فيها باستفتاء الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ومعنى ذلك عرض مقترحات الأحزاب والمجتمع المدني على الاستفتاء مادة بمادة، بما يُرجّح إمكانية إلغاء التصويت التقليدي بـ"نعم" أو "لا".

وبعدما "فرملت" جائحة كورونا نيات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في تعديل سريع لدستور البلاد، عادت هذه الورشة إلى صدارة النقاش السياسي في البلاد، على أساس وثيقة تصفها رئاسة الدولة بـ"الجديدة"، التي "لا تقصي أي اقتراح"، مع العلم أن اللجنة المكلفة مراجعة الدستور تلقت أكثر من 2500 مقترح من كيانات سياسية وجمعوية مختلفة.

ووصفت رئاسة الجمهورية وثيقة التعديل التي عرضتها قبل ثلاثة أشهر بـ"الفاقدة للتوافق الوطني"، لذلك لجأت إلى فتح باب الاقتراحات مع "إغراء" أصحابها بعرضها على التصويت البرلماني والاستفتاء الشعبي منسوبة إلى أصحابها.

كما أن اللافت أن رئاسة الجمهورية لا يمكنها عرض وثيقة أخرى لاستفتاء ثانٍ إذا جرى التصويت ضد الوثيقة المعروضة، إلا في حال انتخاب برلمان جديد، التزاماً بنص المادة 209 من الدستور الساري المفعول "يصبح القانون الذي يتضمن مشروع التعديل الدستوري لاغياً، إذا رفضه الشعب. ولا يمكن عرضه من جديد على الشعب خلال الفترة التشريعية"، بالتالي مواصلة تبون ولايته الرئاسية بدستور "بوتفليقة" نفسه الذي يمنح رئيس الدولة صلاحيات مطلقة.

مطلب جوهري

وباتت الوثيقة الجديدة جاهزة وقابلة للعرض مجدداً وفقاً لتصريح حديث لوزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة عمار بلحمير "بخصوص تعديل الدستور، فهو مطلب جوهري للمجتمع الجزائري يهدُف إلى تحقيق الإصلاح المنشود وتغيير منظومة الحكم".

وأضاف بلحيمر، لوكالة "سبوتنيك" الروسية، "عملية التشاور مع جميع الأطراف أخذت كل الوقت اللازم من أجل الإلمام بجميع المسائل التي يمكنها أن تُسهم في بناء الجزائر الجديدة"، وتابع "عملية إثراء هذه الوثيقة متواصلة إلى غاية أن يصل المشروع إلى مرحلة النضج القانوني والسياسي والاجتماعي، وتتكامل أركانه قبل عرضه على الشعب من أجل الاستفتاء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منصب نائب الرئيس

في الوثيقة الأولى التي جرى إلغاؤها، اقترحت اللجنة الرئاسية المكلفة الدستور، استحداث منصب نائب للرئيس يعينه رئيس الجمهورية، وهو التعديل الذي أثار أكثر الانتقادات من الطبقة السياسية سواء من حيث إنه مُستجد على الجزائر المستقلة، أو بسبب صيغة التعيين بدل الانتخاب، وتشير معطيات متزامنة عن احتمال إلغاء التعديل الخاص باستحداث منصب نائب رئيس الجمهورية، الوارد في المادة 95 في الفقرة السادسة من مسودة المشروع التمهيدي.

ويقول أستاذ القانون الدستوري بجامعة قسنطينة، مسعود شيهوب، "استحداث هذا المنصب عن طريق التعيين يتعارض والعهدة الرئاسية التي هي انتخابية ممنوحة من قِبل الشعب"، مقدراً بأن "الأصح هو تعديل المادة 102 لمعالجة حالة الشغور في منصب رئيس الجمهورية، وذلك بأن تؤول رئاسة الدولة إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني وليس رئيس مجلس الأمة، إلى غاية إجراء انتخابات رئاسية، كون الأول منتخباً والثاني معيناً".

إلا من أبى

ويرى كمال بن سالم، رئيس حزب "التجديد الجزائري" الموالي تبون وأحد منشّطي حملته الرئاسية نهاية العام الماضي، أن "هذا الدستور وزّع على الجميع إلا من أبى، واللجنة المكلفة المراجعة أخذت كل المقترحات المقدمة إليها، كل باسمه لكي تعرض للاستفتاء على الشعب الجزائري، والمواد تؤخذ بالغالبية"، وذلك في سياق دفاعه عن مفهوم "الإجماع" من عدمه إزاء الوثيقة رقم اثنين من الدستور، بعد فشل الوثيقة رقم واحد.

وعن هذا الأمر، أضاف بن سالم "نحن في محطة سياسية مهمة وعد بها الرئيس في حملته الانتخابية، على الرغم من أن الاقتراحات طالبت بأن يؤجّل تعديل الدستور، وكانت هناك مناورات من أجل ذلك لتعطيل هذا المسار، بل إن البعض كان يطمع في عودة المرحلة الانتقالية"، وقال "بالنسبة إلى هذا التاريخ، كان رسالة للداخل وللخارج خصوصاً. اليوم الأشخاص الذين كانوا يناورون من الخارج بأيدٍ داخلية عميلة صدموا من نجاح الرئاسيات، وهم يُصدمون مجدداً باستمرار ورشة الدستور والتصويت عليها في تاريخ على قدر كبير من الرمزية".

ويرى قطاع واسع من المراقبين أن الرئيس الجزائري اختار تاريخ ذكرى الثورة التحريرية لاعتبارات تتصل بحملته الانتخابية، ضمن ما بات يُعرف بـ"التيار النوفمبري"، وهو تيار ميّال إلى فكرة التصويت، وكان أدلى بصوته في الانتخابات الرئاسية التي فاز بها تبون قبل ثمانية أشهر مقابل تيار رافض المسار الانتخابي ككل.

المسودة الجديدة

لكن، تأخر الرئاسة في عرض الوثيقة المحددة مع تحديد موعد الاستفتاء بعد ثلاثة أشهر بدأ في إثارة مطالب بضرورة منح السياسيين متسعاً من الوقت لإبداء رأي وافٍ، وأضاف إسماعيل وزري، رئيس ديوان حزب "صوت الشعب" الذي شارك في "مبادرة القوى الوطنية للإصلاح" قبل أيام، "نتمنّى أن تتحصّل الطبقة السياسية على المسودة الجديدة في أقرب وقت، من أجل معرفة إن جرى الأخذ برأي الأحزاب والجمعيات، لأنه من غير المنطقي منح ورقة بيضاء لمشروع لم نره بعد".

وقال وزري، "قبل اليوم، كانت هناك وثيقة مبدئية للدستور، في حزب صوت الشعب، مثلاً ثبتنا 91 مادة وحذفنا 25 مادة وعدّلنا أخرى. الآن المقترحات موجودة على مستوى لجنة الخبراء، وننتظر إن كانت اللجنة أخذت بالاعتبار كل هذه الاختيارات".

سيناريو واحد للاستفتاء

ولفت حسين خلدون، القيادي في حزب الغالبية البرلمانية "جبهة التحرير الوطني" والمتحدث السابق باسمه، الانتباه إلى تفصيل آخر يخص الآجال الزمنية المقررة للتعديل الدستوري، وقال، "الدستور أحاط إجراء استفتاء الشعب بجملة من الشروط، أهمها تصويت المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة (البرلمان بغرفتيه) على مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور"، وتابع "وحيث إن عرض الدستور على استفتاء الشعب يكون في غضون 50 يوماً من تاريخ التصويت عليه من قِبل البرلمان، لذلك كان لا بدّ من مراعاة هذا الشرط حتى يتسنى تحديد يوم الاقتراع".

وعاب خلدون على رئيس السلطة الانتخابية المستقلة محمد شرفي، موافقته على تاريخ الفاتح من دون الأخذ في الحسبان احتمال تعديل المسودة، بالتالي فإن السلطة وضعت سيناريو واحداً صوب عينيها، وهو التصويت في البرلمان بنعم على المسودة.

وذكر خلدون في هذا الشأن أن "تجاوز شرط تصويت البرلمان على النص المعدّل قبل عرضه على الاستفتاء، يبدو أنه انطلق من مسلّمة، يعني لم يأخذ في الحسبان احتمال تعديل المشروع في أثناء مناقشته من قِبل البرلمان، وهو تعديل من شأنه أن يمسّ الأهداف المحددة في النص الوارد في مشروع رئيس الجمهورية، طالما أن الصيغة التي يناقش بمقتضاها هي نفسها تلك التي تتبع في أي نص تشريعي عادي، إذ يحتمل أن يتعرّض النص إلى بعض التعديلات".

المزيد من العالم العربي