Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عصيان مدني في طرابلس ومطالبة باستقالة السراج  

انتقادات داخلية واستياء من بيان الحكومة وطريقة قمع المتظاهرين

أعلن حراك 23 أغسطس (آب) الذي يقود التظاهرات الشعبية احتجاجاً على الفساد السياسي والاقتصادي وتردي الأوضاع المعيشية، العصيان المدني في العاصمة الليبية طرابلس، في اليوم الثالث لاندلاع الاحتجاجات، التي ووجهت بعنف من قبل قوات أمنية تابعة لحكومة الوفاق، في يومها الأول، بينما مضت بسلام في يومها الثاني.

ورفع المتظاهرون في اليوم الأول، شعارات تطالب بالإصلاح في كافة مؤسسات الدولة، السياسية والاقتصادية، قبل أن يرفعوا سقف مطالبهم في اليوم الثاني، منادين برحيل حكومة فايز السراج، رداً على إطلاق النار عليهم من قبل أجهزته الأمنية في ميدان الشهداء.

في المقابل، خرجت تظاهرة مضادة مؤيدة للسراج في ميدان الشهداء، لمنع أعضاء الحراك الشبابي من التظاهر فيه، مما دفعهم للاتجاه إلى ميدان مجاور، وتشير بعض المعلومات  إلى توجه المحتجين إلى مقر حكومة السراج في طريق السكة.

وذكرت قناة "العربية" بأن المتظاهرين حاصروا منزل السراج في منطقة النوفليين في العاصمة الليبية. ونشر ناشطون تسجيلات مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي لتظاهرات تحاصر منزل السراج حيث تعالت الهتافات المطالبة برحيله.

السراج يخاطب المتظاهرين

بعد يومين من تجاهل الحركة الاحتجاجية في طرابلس، التي دعت حكومته إلى القيام بإصلاحات واسعة وتحسين مستوى الخدمات التي تقدم للمواطن، ألقى السراج كلمة في ساعة متقدمة من مساء الاثنين (24-8-2020)، تحدث فيها عن الحركة الاحتجاجية، منتقداً إياها في بعض التفاصيل ومتعهداً بالاستجابة لبعض المطالب، التي رفعت في التظاهرات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وانتقد السراج "خروج المتظاهرين في العاصمة طرابلس، من دون استكمال إجراءات التظاهر"، قائلاً إن "ذلك كان سبباً لتعرضهم لإطلاق النار من قبل من وصفهم بـالمندسين الذين يهدفون إلى إثارة الفتن".

وحذّر من أن "الحكومة لن تتهاون مع من يحاولون تخريب الممتلكات الخاصة والعامة"، مطالباً الأجهزة الأمنية بـ"حماية المتظاهرين من المندسين في حال استكملوا إجراءات التظاهر، التي اعتبرها حقاً مشروعاً للجميع المطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية".

وأكد رئيس المجلس الرئاسي أن حكومته لن ترحل، مهما بلغت الضغوط "لن نسمح بإسقاط الشرعية في الشارع، ولا حدوث فراغ، يدخل ليبيا في نفق أشد ظلاماً مما هي فيه"، مشدّداً على استعداده لـ"تنفيذ أي اتفاق أو حل سياسي، يتم التوصل إليه سواء عبر إجراء الانتخابات أو من دونها، أو سواء كان باختيار مجلس رئاسي أو تعديله أو تقليصه، أو أي خيار آخر يتم التوصل إليه".

واعترف السراج بتحمل حكومته نصيباً من المسؤولية عن مآلات الأوضاع في ليبيا، باعتبارها السلطة الشرعية المعترف بها دولياً، لكنه تحدث في الوقت ذاته، عن "عقبات تقف دون بسط السيطرة الكاملة على التراب الليبي، إضافة إلى وجود اختراقات تصل إلى درجة التخريب، بدعم المال الفاسد المحلي والخارجي".

وشدّد على أن الحل السياسي للأزمة في ليبيا، هو "الخيار الوحيد والسليم، الذي يسمح بإعادة إنتاج السلطات عبر الانتخابات المباشرة".

 

كلمة مخيبة

خيّبت كلمة السراج، آمال قطاع واسع من الشعب الليبي،  فوصفت في الشارع بأنها "كلمة لتسكين الغضب الشعبي"، ولم تطرح حلولاً حقيقية للمشكلات التي يعانيها الأداء الحكومي، وقوبلت بموجة انتقاد شديدة حتى من بعض المقربين لحكومته والموالين لها.

من جهتهم، عبّر نشطاء في حراك الشارع الطرابلسي عن غضبهم من كلمة السراج والاتهامات التي وجهها إليهم، إذ أكد حراك 23 أغسطس أنه سعى منذ فترة إلى الحصول على إذن للتظاهر، ورُفض طلبه من قبل وزارة الداخلية في حكومة الوفاق، وليس كما قال رئيس الحكومة في كلمته.

وأكدوا أن إطلاق النار عليهم في تظاهرات الأحد الماضي، تم من قبل أجهزة أمنية تابعة لحكومة الوفاق، وليس من قبل مندسين كما قال السراج، مستندين في ذلك إلى الشعارات الموجودة على السيارات التي هاجمت المتظاهرين، علماً أنهم حطموا بعضها التي تعود إلى وزارتي الداخلية والدفاع في حكومة الوفاق.

ونتيجة لخيبة الأمل التي خلفتها الكلمة، أكد الحراك استمرار التظاهرات وإعلان العصيان المدني الكامل في العاصمة الليبية.

نقد من البيت الداخلي

خيبة الأمل من كلمة السراج، امتدت إلى بيته الداخلي في طرابلس، حيث عبّر بعض المقربين منه، عن استيائهم مما جاء فيها وطالب بعضهم باستقالته، على رأسهم عضو مجلس الدولة عبد الرحمن الشاطر، الذي غرّد على صفحته في تويتر "كلمة السراج الأخيرة محبطة، ومجرد مسكّنات لتهدئة الشارع وعليه أن يستقيل".

بينما اعترف المستشار السابق لمجلس الدولة وحكومة الوفاق أشرف الشح، أن "الكلمة متضاربة، سواءً في شقها السياسي، أو في ما يتعلق بإدارة الدولة". 

وقال إن "تحميل المسؤولية للمال الفاسد فقط، غير مقنع، أما محاولة تأسيس الإجراءات على إعلان طوارئ كورونا، تأسيس فاسد لا يمر، ناهيك عن تأكيد القطيعة مع حفتر ومحاولة استرضاء السيسي وقبول دعوة ماكرون، أمر لا يمكن هضمه".

مكتسبات لا تقبل التفريط

في المقابل، اعتبر بعض المقربين من حكومة الوفاق، أن استجابة رئيسها للمتظاهرين وتجاوبه معهم في حد ذاته خطوة إيجابية، إذ رأى محمد بويصير، المحلل السياسي والمستشار السابق لحكومة الوفاق، أن "النقاط الواردة في البيان إيجابية"، متابعاً أن "استجابة السراج لاحتجاجات الشارع، لم يتعود عليها الليبيون خلال 50 سنة مضت، وهي بذاتها من نتائج فبراير". ودعا الليبيين "إلى عدم التفريط في مكتسباتها"، مضيفاً "أتمنى أن يتعاون الجميع في إنفاذ النقاط الواردة في البيان".

بيان مجلس النواب

في الشرق الليبي، أصدر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بياناً أكد فيه "حق المواطنين في التظاهر السلمي والتعبير عن رأيهم، لأنه حق من حقوق الإنسان كفلته الشريعة الإسلامية والمواثيق والأعراف والقوانين الدولية، شرط عدم الإضرار بالغير أو بالممتلكات العامة والخاصة".
وطالب "الأجهزة الأمنية والرسمية كافة في مدينة طرابلس، بحماية المتظاهرين السلميين، المُطالبين بحقوقهم"، كما دعا النائب العام إلى "تحمل مسؤولياته حيال الاعتداء غير المبرر وإساءة استعمال السلطة بحق المتظاهرين السلميين" .

في المقابل، لم يعد أمام الشارع الليبي سوى التعبير سلمياً عن استيائه من ضياع بلاده وثرواتها ومواردها، على أيدي الفاسدين والمجرمين، ومجابهة تردي أوضاعهم المعيشية إلى حد لا يطاق بالتظاهر، بحسب رئيس مجموعة العمل الوطني الليبية خالد الترجمان، في حديث لـ"اندبندنت عربية".

وانتقد الترجمان خطاب السراج الموجه للمتظاهرين بقوله "عندما وصل السراج إلى السلطة، وعد في البدء بإصلاحات بعد مضي 3 أشهر من ولايته، وبعد مرور خمس سنوات على توليه السلطة، يعلّق فشل حكومته على تركة القذافي وجهات مجهولة وأيادي مفسدة لا يحددها، في خطاب ضبابي، الغرض منه التهرب من المسؤولية وليس تحديدها ومعالجة الأخطاء".

 ويشير إلى أن "السراج بدلاً من تقديم خطة تهدئ روع الشارع وتطمئنه، وتؤكد على حقه في الاحتجاج على تردي الأوضاع، قضى نصف الوقت المخصص لكلمته، في انتقاد المتظاهرين في عدم الحصول على إذن مسبق للتظاهر" .

واعتبر الترجمان "المطالبة بأبسط الحقوق، أمر مشروع ولا يحتاج إذناً مسبقاً من أحد"، متوقعاً أن يؤدي هذا الخطاب "إلى صب البنزين على النار وإشعال غضب المتظاهرين أكثر وتأجيج الاحتجاجات الشعبية، بدلاً من لجمها وتهدئتها".

تركيا تعلن مقتل أحد جنودها في طرابلس

من جانب آخر، أعلنت وزارة الدفاع التركية، مساء الثلاثاء، مقتل أحد جنودها في العاصمة الليبية.

وبحسب بيان الوزارة الذي نشرته على صفحتها الرسمية على تويتر فإن الجندي يدعى بلال يلماز، وهو رقيب يعمل في قوات الدفاع الجوي من مدينة كوزان، "قتل أثناء أداء مهمته في طرابلس"، وأشارت إلى أن كل المحاولات إنقاذه باءت للفشل.

المزيد من العالم العربي