Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما أبرز رسائل ترمب والجمهوريين في المؤتمر الوطني للحزب؟

مداخلات المتحدثين لم تعكس جهداً ملموساً للوصول إلى الناخبين من خارج قاعدة الرئيس

اهتم الرئيس ترمب بلقاء رهائن تدخل لإطلاق سراحهم من بلدان مختلفة طوال فترة حكمه (رويترز)

تكتّم الجمهوريون، قبل مؤتمرهم، على تفاصيل الليلة الأولى، غير أن الدقائق الأولى كشفت عن عنوان المؤتمر الذي حمل اسم "أرض الوعد"، ليكون حافزاً على التفاؤل إزاء المستقبل الذي يحمله الجمهوريون بقيادة الرئيس دونالد ترمب. لكن المؤتمر قدم إشارات محدودة حول التحسن المنتظر خلال السنوات المقبلة وبخاصة في المجال الاقتصادي، وخلّف بدلاً من ذلك انطباعاً عاماً بأن الديمقراطيين اشتراكيون يريدون الفوضى ويدعمون المخربين، ويسعون إلى زيادة الضرائب وخفض تمويل الشرطة ويتهاونون مع الجريمة، وأن مرشّحهم جو بايدن ليس إلا حصان طروادة الذي سيجعل كل ذلك ممكناً إذا ما تم انتخابه. فما التأثير الذي ولّده المؤتمر في يومه الأول بالنسبة إلى من يقفون في المنطقة الوسطى بين الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة؟ وهل سيحمل المؤتمر جديداً مع نهاية فعالياته الخميس المقبل؟

حضور بارز لترمب

أكد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري سيطرة الرئيس دونالد ترمب بقوة عليه. ما طغى على خطابات وكلمات المتحدثين الذين ركزوا عليه بشكل واضح، بمن في ذلك الشاب تشارلي كيرك، وهو مؤسس منظمة داعمة لترمب، وصف الرئيس بأنه "حارس الحضارة الغربية" الذي يحمي أميركا من الهجمات الانتقامية الماكرة.

وأظهر ترمب ما أكده سابقاً من أنه سيكون في كل مكان في المؤتمر، وسيظهر كل ليلة. وهو ما حدث بالفعل من خلال لقاءاته في البيت الأبيض مع عدد من الأطباء والممرضين والمتعافين من مرض كورونا، فضلاً عن اهتمامه بلقاء الرهائن الذين تدخل شخصياً لإطلاق سراحهم من بلدان مختلفة طوال فترة حكمه. ما يصب في خانة نجاحات سياساته وضغوطه الخارجية.

رئيس متعاطف

وسعى الجمهوريون أيضاً إلى تقديم الرئيس ترمب على أنه زعيم أكثر رقة وتعاطفاً مع الناس من غيره. فقد تناولت كلمات العديد من المتحدثين تعاطفه مع الحالات التي أصيبت بمرض كورونا وحرصه على المساعدات المالية التي وقعها للعائلات الأميركية منذ أن تفشى فيروس كورونا وتسبب في تعطيل الحياة وفقد ملايين الوظائف.

ولفتت انتباه ماغي هيبرمان، في صحيفة نيويورك تايمز، الجهود المبذولة من المتحدثين لإضفاء الطابع الإنساني على ترمب. وكتبت أن مقاطع الفيديو التي عرضت خلال المؤتمر وبعض الكلمات حملت إشارات واضحة إلى "تصحيح سياسي" في محاولة لإعادة السكان البيض في المدن الأميركية والمناطق الحضرية إلى الحظيرة الجمهورية بعدما انزعجوا من سلوك ترمب خلال السنوات الماضية.

تصحيح سياسي

تمثيل المتحدثين لفئات عرقية مختلفة من السود والملونين وذوي الأصول اللاتينية (المتحدرين من دول أميركا اللاتينية)، فضلاً عن تمثيل نسائي واضح، كشفا عن جهد حثيث لإعادة صوغ العناوين العنصرية والمتحيّزة جنسياً التي قالها الرئيس في السابق بحق بعض الأشخاص وكانت سبباً في توجيه انتقادات لاذعة له. الأمر الذي اعتبره مراقبون محاولة "تصحيح سياسي" نجحت مع عدد كافٍ من الناخبين خلال المعركة الرئاسية السابقة عام 2016.

وعلى الرغم من أن الحزب الجمهوري لا يضم كثيراً من المنتسبين إلى أعراق مختلفة، إلا أن اليوم الأول للمؤتمر قدم اثنين من نجومه لمحاولة سرد رواية مختلفة، هما السناتور تيم سكوت من ساوث كارولينا وهو العضو الأسود الوحيد في مجلس الشيوخ، ونكي هايلي الحاكم السابق للولاية ذاتها وهي من أصل هندي عينها ترمب في بداية حكمه ممثلة دائمة للولايات المتحدة في المنظمة الدولية في نيويورك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد كلاهما أن الرئيس وحزبه فعلا كثيراً لمساعدة الأقليات في جميع أنحاء البلاد. وأوضح سكوت أن الأميركيين يعيشون الآن في عالم يريدك أن تؤمن بالأخبار السيئة وذات الاستقطاب العرقي والاقتصادي والثقافي، ولكن الأميركيين لن يستسلموا لثقافة الإلغاء أو للاعتقاد الراديكالي بأن الأمور اليوم أسوأ مما كانت عليه في ستينيات القرن التاسع عشر أو ستينيات القرن العشرين.

ووجّه كل من سكوت وهايلي انتقادات إلى الديمقراطيين لأنهم اعتبروا أن أصوات ناخبي الأقليات مضمونة لدرجة أنهم لم يفعلوا شيئاً لوقف ما وصفوه بالفوضى التي اجتاحت المدن الأميركية بعد مقتل جورج فلويد، الرجل الأسود الذي مات تحت ركبة ضابط شرطة أبيض في مينيابوليس.

ويقول آلان رابيبورت، المحلل السياسي، إن هناك قدراً لا بأس به من التنوع العرقي الذي شهده المؤتمر، ولكنه أقل بكثير من التنوع الموجود في الإدارة الأميركية،  فضلاً عن الانفصال الصارخ لدى المتحدثين حينما تحدثوا بفخر عن اقتصاد أميركا ما قبل الوباء الذي تروج له حملة ترمب والاقتصاد الذي تعيشه البلاد الآن.

هجمات خاطفة

وقبل المؤتمر بساعات كان ترمب قد تلقى ترشيح الحزب الجمهوري مبكراً بشكل رسمي لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة بعدما أدلى ثلاثمئة وستة وثلاثون مندوباً من جميع أنحاء الولايات المتحدة بأصواتهم في اجتماع استضافته مدينة في شارلوت في ولاية نورث كارولاينا، ظهر فيه ترمب فجأة بعدما أدلى أعضاء وفد ولاية فلوريدا بأصواتهم، في إشارة رمزية إلى مقر إقامته الرئيسي وأهمية المعركة التي يخوضها في هذه الولاية الحاسمة.

وبينما أكدت رئيسة اللجنة الوطنية الجمهورية، رونا ماكدانييل، أن مؤتمر الحزب سيصوغ رؤية مستقبلية لولاية ترمب الثانية، استحوذ حديث الرئيس ظهر الاثنين كثيراً من الاهتمام، إذ تخوّف من احتمال تزوير الانتخابات عبر التصويت بالبريد. وقال "إنهم يستغلون الوباء لسرقة الانتخابات والاحتيال على الشعب الأميركي"، في إشارة إلى الديمقراطيين الذين يروجون للتصويت عبر البريد. كما دافع ترمب في كلمته عن طريقة تعامله مع وباء كورونا، وانتقد تصريحات بايدن بأنه سيغلق البلاد مرة أخرى إذا ما أوصى به المتخصّصون، محملاً حكام الولايات مسؤولية الاستجابة البطيئة ضد الوباء.

خطر اليسار الراديكالي

وخلال فعاليات المؤتمر التي نقلتها شبكات التليفزيون الإخبارية على مستوى الولايات المتحدة، بذلت قيادات الحزب الجمهوري جهوداً مزدوجة لتصوير الديمقراطيين على أنهم متطرفون يعتنقون الفوضى ويتّسمون بالتهاون في التعامل مع الجريمة، وأن احتجاجات حركة "حياة السود مهمة" كانت مدفوعة بفصيل متطرف يميل إلى اليسار في الحزب الديمقراطي، في وقت تشير فيه استطلاعات للرأي أن كثيرين من الأميركيين يتفهمون الدوافع التي قادت إلى هذه الاحتجاجات.

وتركزت استراتيجية الجمهوريين على دعم موقف الرئيس ترمب وإصراره على مواجهة الجريمة والخوف من تنامي اليسار المتطرف في الولايات المتحدة، فيما بدت الهجمات على المرشح الديمقراطي بايدن جزءاً من هذه الاستراتيجية من خلال التركيز على علاقاته مع اليسار وتهاونه في مواجهة الجريمة أكثر من التركيز على صحته العقلية.

وباستثناء نكي هايلي وتيم سكوت، وكلاهما مرشحان لأدوار مهمة في انتخابات 2024، ركز الجمهوريون على نغمة الخطر الذي تمثله الاشتراكية على المجتمع الأميركي.

وتشير الباحثة السياسية ليزا ليرر إلى أن المخاوف التي عبر عنها الجمهوريون تتعلق بالاشتراكية والتظاهرات التي يقوم بها التيار اليساري الراديكالي المتطرف من الأناركيين وأنتيفا وغيرهما، وربطها بالحزب الديمقراطي باعتبارها خطراً يهدد الثقافة الأميركية.

كورونا الغائب الحاضر

وعلى الرغم من أن فيروس كورونا سيطر على مناحي الحياة الأميركية على مدى نحو ستة أشهر، وأدى إلى مقتل 175 ألف أميركي وتسبب في تراجع شعبية الرئيس ترمب بين الأميركيين، إلا أن فعاليات المؤتمر لم تذكر الوباء إلا في سياق نجاحات ترمب، إذ حاول العديد من المتحدثين تحميل الصين مسؤولية ظهور الفيروس وتفشّيه، على نقيض اتهامات الديمقراطيين بأن إدارة ترمب تأخرت في اتخاذ إجراءات استباقية كان من شأنها إبطاء انتشار الفيروس في وقت مبكر. كما ظهر ترمب في البيت الأبيض مع مواطنين أميركيين عاديين، من دون أن يوصي بتباعد اجتماعي ومن دون أن يرتدي أحد من الحاضرين قناعاً واقياً من المرض.

وفيما يوجه الديمقراطيون وعدد من وسائل الإعلام انتقادات لكون البيت الأبيض وقاعة تمتلكها الحكومة الفيدرالية في العاصمة واشنطن وموقع تاريخي في بالتيمور كانت من بين المواقع التي تستضيف المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، ما يثير شبهة خرق الأعراف التقليدية وتعارضها مع قانون يحظر على الموظفين الفيدراليين باستثناء الرئيس ونائبه الانخراط في النشاط السياسي أثناء الخدمة، فإن ما يشغل المراقبين في واشنطن هو إلى أي مدى سيتمكن الحزب الجمهوري والرئيس ترمب من مغازلة الناخبين المترددين الذين لم يحسموا رأيهم بعد في شأن الانتخابات المقبلة، خصوصاً أن غالبية مداخلات المتحدثين لم تعكس جهداً ملموساً للوصول إلى الناخبين من خارج قاعدة ترمب الانتخابية، إذ بدا أن التركيز الأكبر انصب على حشد المؤيدين المتحمسين للحزب والرئيس ترمب.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير