Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تشكيك في حجم وقيمة الاكتشاف التركي للغاز في البحر الأسود

الأرقام التي أعلنتها أنقرة "دعائية" وهي "لن تستطيع التخلي تماماً عن استيراد الطاقة خصوصاً أنها تعتمد على الخارج بنسبة 95 في المئة من احتياجاتها"

سفينة أبحاث زلزالية تركية ترافقها سفن بحرية تركية في البحر الأبيض المتوسط قبالة أنطاليا (أ ف ب)

بعد إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أكبر اكتشاف للغاز الطبيعي في تاريخ تركيا بالبحر الأسود، توالت الردود، وكان منها المُرحِّب، ومنها المُشكِّك في "الأرقام الدعائية المُبالغ فيها". فقد نشرت صحيفة "زمان" التركية المُعارِضة تقريراً نقلت فيه عن متخصصين آراء شكَّكوا في قيمة الاكتشاف التركي الأخير للغاز الطبيعي بالبحر الأسود، وذكرت أن متخصصين في مجال الطاقة رأوا تهويلاً إعلاميّاً في هذا الخصوص، وأكدوا أن أنقرة "لن تستطيع التخلي تماماً عن استيراد الطاقة من الخارج، خصوصاً أنها تعتمد حالياً على الخارج بنسبة 95 في المئة من احتياجاتها للغاز والنفط".

25 في المئة من احتياجات تركيا

نقلت الصحيفة عن رئيس مجموعة دراسات الطاقة في غرفة مهندسي الماكينات في اسطنبول، أوغوز ترك يلماز، قوله إن "استخراج الغاز الطبيعي من الحقل الجديد المُعلن اكتشافه، سيحتاج إلى ما بين خمس وعشر سنوات على الأقل من أجل مدِّ الأنابيب لنقل الغاز"، لافتاً إلى أن الحقل الجديد يقع على بُعد 170 كيلو متراً من الشاطئ التركي، موضحاً أن أنقرة تحتاج إلى 34 مليار متر مكعب من الغاز سنويّاً، ما يعني أن "الحقل الجديد يكفي احتياجات تركيا من الغاز لمدة سبع أو ثماني سنوات فقط".

وتعليقاً على هذه المسألة، قال يلماز: "لا يمكننا استخراج الغاز مباشرةً. يجب أوّلاً بدء أعمال الحفر، في حالة التمكن من حفر بئر واحدة، فإن مرحلة الإنتاج تستمر ما بين 20 و30 سنة، وهذا يعني أن تركيا ستُنتج 16 مليار متر مكعب من الغاز سنويّاً، أي إنه يُعادل 25 في المئة كحد أقصى من احتياجات تركيا السنوية من الغاز الطبيعي".

متخصص آخر في مجال الطاقة، وهو أوزجور جوربوز، ذكر بما ورد في وكالة "رويترز" قبل أيام عدَّة، أن حجم احتياطي حقل الغاز في البحر الأسود، يتجاوز 800 مليار متر مكعب، وهو حجم ضخم فعلاً، لكنه لفت إلى أن "الرئيس أردوغان أعلن أن احتياطي الحقل 320 مليار متر مكعب" فقط.

لا يمكن لتركيا أن تكون دولة مُصدِّرة للغاز

أعلن جوربوز عن رأيه المُشكِّك في الجدوى المُعلنة للاكتشاف الغازي الجديد، قائلاً إنه "حسب المُعلن فإن استهلاك تركيا من الغاز في عام 2017 كان 53 مليار متر مكعب، وهذا يعني أن الاحتياطي المُعلن رسميّاً يكفي أنقرة لنحو ست سنوات فقط، وبهذا الحجم لا يمكن لتركيا أن تكون دولة مُصدِّرة للغاز بأي شكل من الأشكال".

واعتبر كذلك أن "الغاز المكتشف قد يكون غير مُجدٍ اقتصاديّاً، نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج، مقابل تراجع الأسعار عالميّاً متأثرة بزيادة الإنتاج الأميركي من الغاز".

وفي السياق ذاته، وصف محمد أويوتشو، رئيس شركة الاستشارات الاستراتيجية، إعلان الرئيس أردوغان، استخراج الغاز المُكتشف في مياه البحر الأسود خلال ثلاث سنوات بأنه "غير منطقي"، مشيراً إلى أن استخراج الغاز الطبيعي من الحقل المذكور قد يستغرق بين سبع وثماني سنوات على الأقل، وأن تركيا إذا نجحت في استخراجه عام 2023، كما أعلن أردوغان "سيكون رقماً قياسيّاً عالميّاً"، لكنه رأى في الوقت نفسه أن الحقل المُكتشف الذي يحتوي على 320 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي "مجرد بداية خير لتركيا"، وهي كمية لن تحقق طموحاتها في التصدير للدول الأوروبية، خصوصاً أن استهلاك دول الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي 350 مليار متر مكعب سنويّاً، بينما احتياطي الحقل المُكتشف 320 مليار متر مكعب فقط، ما يعني أنه لن يكفي أوروبا إلا عاماً واحداً فقط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما مكتب "كابيتال إيكونوميكس" فقال في مذكرة إنه على الرغم من أن حقل الغاز الجديد الذي أعلنه أردوغان "متواضع نسبيّاً مقارنة بحقول غاز طبيعي أخرى في العالم، فإنه سيُساعد تركيا في خفض فاتورتها في مجال الطاقة".

أضاف "هذا يعني أن هناك أسباباً للحذر. سيستغرق إنشاء البِنَى التحتية اللازمة لاستخراج الغاز وقتاً".

"أكبر" اكتشاف للغاز الطبيعي في تاريخ تركيا

كان أردوغان قد أعلن أن بلاده "تنوي البدء في إيصال الغاز إلى المستهلكين في عام 2023، وأنها ستُصبح في نهاية المطاف دولة مُصدِّرة للطاقة".

وإذا ثبتت الجدوى الاقتصادية لاستخراج الغاز من الحقل الجديد، فقد يساعد ذلك أنقرة في خفض اعتمادها الحالي على الواردات من دول مثل روسيا وإيران وأذربيجان، والاكتفاء ذاتيّاً إلى حد كبير في حاجاتها لموارد الطاقة.

41 مليار دولار لاستيراد الطاقة

كانت سفينة الاستكشاف والتنقيب "فاتح" قد بدأت مهمتها الشهر الماضي في منطقة "تونا-1" الواقعة على مسافة 100 ميل بحري إلى الشمال من الساحل التركي المُطل على الجزء الغربي من البحر الأسود. وقال الرئيس التركي إن "الاختبارات والأعمال الهندسية كافة قد اكتملت".

وأضاف "هذا الاحتياطي هو في الحقيقة جزء من مصدر أكبر بكثير، وبعون الله ستأتي كميات أكبر بكثير (من الغاز). وكبلد كان يعتمد على الخارج لسنوات عدَّة لإشباع حاجته من الغاز، يمكننا التطلع إلى المستقبل بمزيد من الأمان الآن. لن نتوقف حتى نصبح مُصدِّرين للطاقة".

كانت تركيا قد أنفقت 41 مليار دولار في استيراد الطاقة في العام الماضي، ولذا فإن أي خفض في هذه الفاتورة سيُعطي زخماً لخزينة الحكومة وتُساعد في تخفيف الأزمة التي تُعاني منها الميزانية التي أدَّت إلى انخفاض كبير في قيمة الليرة التركية. كما قال إنه "مصمم على تكثيف عمليات استكشاف مصادر الطاقة في البحر المتوسط قبل نهاية السنة الحالية".

يُذكر أن عمليات الاستكشاف البحري أدَّت إلى تصعيد حدَّة التوتر مع الجارة اليونان.

"فيتش" تخفض تصنيف تركيا الائتماني

كان إردوغان قال، الأربعاء، إنه سيُعلن الجمعة "خبراً عظيماً".

وبَدَت الأسواق مُحبطة، إذ إن بعض التسريبات للصحافة، الخميس، ذكرت كمية غاز أكبر بمرَّتين من الكمية التي أعلنت الجمعة.

وسجَّلت الليرة التركية تراجُعاً طفيفاً مقابل الدولار بعد خطاب أردوغان، فبلغ سعر صرفها 7.34 للدولار الواحد.

ونظراً إلى تراجع الاحتياطي النقدي للبلاد وضعف الثقة في سياسة أنقرة المالية، أعلنت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، خفض آفاق الاقتصاد التركي إلى درجة "سلبية".

وبحسب شبكة "بلومبيرغ"، فإن الوضع في تركيا يُثير قلقاً بشأن الحصول على تمويل من الخارج، ولذلك تم خفض تصنيف البلاد إلى "BB-".

ويقلُّ هذا التصنيف بثلاث درجات عن المعدل المطلوب للاستثمار، وهو المستوى الممنوح لدول تُعاني صعوبات اقتصادية، مثل البرازيل وأرمينيا.

هبوط معدلات العقار

عَزَت "فيتش" هذا التصنيف إلى تدخل الدولة التركية بشكل كبير لأجل إنقاذ الليرة، وهو ما أحدث حالةً من الشك في سياسة البلاد المالية.

وفي السياق نفسه، أشارت وكالة "فيتش" إلى هبوط معدلات العقار، وسط مخاوف من تفاقم الأزمة في البلاد.

ولجأ بنك تركيا المركزي إلى احتياطي النقد الأجنبي من أجل كبح خسائر الليرة التي تشهد هبوطاً مستمرّاً منذ سنوات.

في غضون ذلك، حرص البنك المركزي التركي على بقاء إجراءات تؤدي إلى إغراق السوق بالديون، وذلك من خلال الإبقاء على نسب الفائدة في مستويات منخفضة وأقل من معدل التضخم.

رفع نسب الفائدة

يُعدُّ الرئيس التركي من أكبر مُعارضي رفع نسب الفائدة، لأن هذا الأمر يؤدي إلى عرقلة الإقراض، بحسب تصوُّره، وهو ما يكبح تحقيق النمو الاقتصادي.

وفي وقت سابق، نبَّه متخصصون إلى أن البنك المركزي التركي يُواجه مأزقاً حقيقيّاً، لأنه مضطر لرفع نسب الفائدة حتى يكبح خسائر، لكنه غير قادر على مُخالفة رؤية أردوغان.

ومن المتوقع أن ينكمش اقتصاد تركيا بنسبة أربعة في المئة، خلال العام الحالي، بحسب دراسة لـ"بلومبرغ" أجريت في يوليو (تموز) الماضي.

وتراجَعَ احتياطي النقد الأجنبي في تركيا إلى 45.5 مليار دولار في الـ14 من أغسطس (آب) الحالي، بينما كان عند مستوى 81.2 مليار دولار في نهاية السنة الماضية.

المزيد من الشرق الأوسط