Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سياسي فرنسي يتهم بريطانيا بالتسبب في وفاة مهاجر

نائب كاليه بيار هنري دومون: كم من المآسي يجب أن تقع كي تستعيد حكومة بريطانيا ذرة من الإنسانية؟

عثر على جثّة الشاب السوداني في وقت لاحق على شاطئ سانغات في فرنسا (غيتي)

رفع نائب فرنسي النبرة ملقياً اللوم على حكومة المملكة المتّحدة مباشرةً في التسبّب بوفاة مراهقٍ لم يسعفه القدر في الوصول إلى الساحل البريطاني لطلب اللجوء، بحيث فارق الحياة غرقاً أثناء محاولته عبور القناة الإنجليزية.

الفتى سوداني الجنسية والبالغ من العمر ستة عشر عاماً، كان على متن زورق مطّاطي صغير عندما انقلب فوقه في الساعات الأولى من صباح الأربعاء واضعاً حدّاً لحياته.

أما صديق الضحية الذي يُعتقد أنه هو الآخر مراهقٌ سوداني، فتمكّن من الوصول إلى الشاطئ، وسارع إلى إبلاغ السلطات بالحادث، لكن لم يُعثر على جثّة الفتى إلا في وقت لاحق على شاطئ سانغات، البلدة الواقعة على الساحل الفرنسي الشمالي والتابعة لمقاطعة "با دو كاليه".

وكتب بيار هنري دومون، ممثل كاليه في "الجمعية الوطنية الفرنسية" (البرلمان)، على "تويتر" معلّقاً "ما كنا نتخوّف منه جميعاً حدث في تلك الليلة". وتساءل "كم من المآسي يجب أن تقع كي تستعيد بريطانيا ذرّةً من الإنسانية؟".

وعزا دومون المشكلة في هذه المآسي إلى "عدم قدرة طالبي اللجوء إلى المملكة المتّحدة التقدّم بطلبهم إلا إذا كانوا حاضرين شخصياً على الأراضي البريطانية".

وأشار النائب الفرنسي إلى أن المهاجرين الذين يعيشون في مخيّمات غير رسمية حول مدينة كاليه، لا يرغبون، على الرغم من سلسلة أعمال الإخلاء القسري في الأعوام الأخيرة، في طلب اللجوء في فرنسا، ويرفضون في المقابل دعم الدولة لهم.

وحذّر من أن عدد الأفراد الذين يعيشون في تلك المخيّمات ويحاولون العبور إلى المملكة المتّحدة هو في تزايدٍ ملحوظ، معتبراً أن "إهمال بريطانيا لا يعفي الحكومة الفرنسية من مسؤوليتها تجاههم".

ومن جهتها، علقت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل على الحادث قائلةً إنها "خسارة مؤلمة ومأساوية لفتى خطفه الموت في ريعان شبابه"، في وقتٍ تتواصل فيه المحادثات مع فرنسا بهدف الحؤول دون مغادرة القوارب الصغيرة سواحلها. وقالت الوزيرة البريطانية إن "هذه الواقعة المروّعة ما هي إلا ضربٌ من الوحشية تعيد إلى الذاكرة محاولات الاستغلال من جانب العصابات الإجرامية البغيضة ومهرّبي البشر لأولئك الأفراد الضعفاء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن تقارير محلية أشارت إلى أن المهرّبين لم يكونوا متورّطين في محاولة عبور الفتى السوداني الذي غرق، في القناة. وأكد ذلك مسؤول في مكتب المدّعي العام في مدينة "بولوني سور مير" الساحلية الشمالية، الذي يحقّق في ظروف الوفاة، عندما كشف لصحيفة "نور ليتورال" Nord Littoral أن الفتى  وصديقه سرقا زورقاً مطّاطياً من أحد الشاليهات في بلدة سانغات، إلى جانب رفوش لاستخدامها كمجاذيف.

وأوضح مسؤولون أن الزورق كان عبارة عن قارب مطاطي صغير (دينغي) يمكن شراؤه من محلات السوبر ماركت، ويُنفخ بالفم. ويعتقد الخبراء أنه كان يمكن لعبّارة أو إحدى السفن التجارية المارّة قرب الزورق أن تتسبّب في انقلابه.

وقام صديق الضحية الذي كان يعاني من انخفاضٍ في حرارة الجسم، بإخطار السلطات بعد مرور الساعة الأولى بقليل من صباح الأربعاء. ونسب بيانٌ صادرٌ عن المحافظة البحرية للقناة إلى الصبي الناجي قوله إن "الاثنين انقلبا في عرض البحر وأن رفيقه لا يزال في الماء". وأشار أيضاً إلى أن صديقه كان عاجزاً عن السباحة.

بعد ذلك أُطلقت عملية بحثٍ بحري باستخدام قوارب وطائرة مروحية تابعة لسلاح الجو البلجيكي، لكن سرعان ما توقفت قرابة الساعة الرابعة والنصف صباحاً عندما لم تتمكّن الفرق من العثور على أي أثر للفتى. لكن في الثامنة صباحاً تبلّغت السلطات اكتشاف جثمان الغريق.

يأتي هذا الحادث بعد أسابيع من إعلان وزارة الداخلية البريطانية عن "خطة عمل مشتركة" جديدة مع فرنسا، وتكليف ضابط سابق في مشاة البحرية الملكية في منصب "قائد مكافحة تهديد التسلّل عبر القناة الإنجليزية".

معلومٌ أن سلاح الجو الملكي البريطاني RAF أرسل طائرات مراقبة لمساعدة القوّات الحدودية، بعد ما قدّمت لندن للسلطات الفرنسية ملايين الجنيهات لتعزيز الأمن على طول سواحلها المقابلة للمملكة المتّحدة. وكان نحو 50 مهاجراً أكثرهم من الأطفال قد وصلوا إلى شاطئ دوفر جنوب بريطانيا، صباح الأربعاء، ليرتفع العدد الإجمالي للمهاجرين الذي وصلوا إلى المملكة المتّحدة هذه السنة إلى أكثر من 4700 شخص.

وفي إطار الردود البريطانية، قالت آن ماكلوغلين الرئيسة المشاركة لـ"المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب المعنية بملف اللاجئين"، إن الفتى "جازف بحياته لأنه لم يكن أمامه أي فرصة أخرى". وقالت لصحيفة "اندبندنت" بتأثّر "لا يمكننا إلا أن نتخيّل مدى معاناة ذلك الفتى في لحظاته الأخيرة". وأضافت "عندما يتعلق الأمر بظروف مروّعة من هذا القبيل، على وزيرة الداخلية أن تصبّ تركيزها بالكامل على إيجاد طرق آمنة للناس لممارسة حقّهم القانوني في التقدّم بطلب اللجوء إلى المملكة المتّحدة".

أما وزير الداخلية في حكومة الظل "العمّالية" نيك توماس سيموندز فانتقد من جهته معالجة الحكومة البريطانية مسألة تزايد عمليات عبور المهاجرين عبر القناة، واصفاً إياها بأنها "تفتقر إلى الرحمة والكفاءة". واعتبر أن "على الوزراء أن يقوموا بشكلٍ ملحّ بتكثيف العمل مع الشركاء الدوليّين للتوصل إلى حلّ إنساني لهذه الأزمة التي باتت تكلّف أرواحاً ليست بالقليلة".

وسارعت منظّمة Detention Action الإنسانية التي تدعم المهاجرين في مراكز التوقيف التابعة لدوائر الهجرة، إلى دعوة وزيرة الداخلية البريطانية إلى الاستقالة.

وتجدر الإشارة إلى أن الفتى السوداني هو فردٌ من كثيرين من المهاجرين الذين لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الوصول إلى السواحل البريطانية في الأعوام الأخيرة.

وتبيّن أرقام منظّمة الأمم المتّحدة أن أكثر من 19.500 مهاجرٍ قضوا نحبهم وهم يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط منذ عام 2014، في وقتٍ لا تُسجل أعداد القتلى في القناة الإنجليزية على المستوى الرسمي.

وكانت "المفوّضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين" UNHCR قد طالبت الحكومتين البريطانية والفرنسية الأسبوع الماضي بالعمل على إنقاذ الأرواح ووضع هذا الهدف "في مقدّم أولوياتهما".

ودعا في المقابل تقرير برلماني صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حكومة بريطانيا إلى تكثيف عمليات البحث والإنقاذ، بعد ما توصّل في خلاصاته إلى أن سياساتها الخاصّة "تدفع بالمهاجرين إلى سلوك طرق عبورٍ أكثر خطورة".

وفي ما يتعلق بموقف وزارة الداخلية البريطانية المعنية الأولى بهذا الملف، قال ناطقٌ باسمها إن "لدى المملكة المتّحدة تاريخاً مشرّفاً طويلاً يمكن الافتخار به لجهة التزاماتها تجاه طالبي اللجوء، واحتضانها الأفراد المحتاجين والمرغمين على الفرار من ديارهم هرباً من الاضطهاد، إضافة إلى جهودها الكبيرة لإعادة توطين لاجئين أكثر من أي بلدٍ آخر في أوروبا".

وختم المتحدّث الرسمي بالقول "هناك طرق آمنة يمكن من خلالها طلب اللجوء إلى المملكة المتّحدة بالنسبة إلى المحتاجين، وقد قمنا منذ عام 2015، بإعادة توطين أكثر من 25 ألف لاجئ، نحو نصف عددهم كان من الأطفال".

عثر على جثّة الفتى في وقت لاحق على شاطئ سانغات في فرنسا (غيتي)

 

© The Independent

المزيد من دوليات