Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عدد المتفوقين في الثانوية العامة يثير حيرة الأردنيين

وزارة التربية سعت لهذا الأمر منذ البداية في محاولة منها لإنجاح التعليم عن بُعد

طلاب ثانوية عامة أمام إحدى المدارس في الأردن (صلاح ملكاوي)

انقسم الأردنيون خلال الأيام الماضية حيال نتائج الثانوية العامة، وذلك بعد حصول نحو 90 طالباً وطالبة على مجموع مئة على مئة، للمرة الأولى في تاريخ الأردن، بينما حصل عشرات الآلاف من الطلبة على مجموع يفوق الـ90 على مئة.

وما بين مشكك ومرحّب، شكّلت هذه النتائج صدمة لكثيرين، وسط مطالبات بإعادة هيبة امتحان الثانوية العامة إلى مستواها الحقيقي، بينما برر آخرون ما حدث بالظروف الاستثنائية التي مرّ بها الأردن هذا العام، وكان أبرزها جائحة كورونا.

وبموازاة آراء ترى في نتائج "التوجيهي" كارثة، ستنعكس سلباً على مخرجات التعليم العالي، ثمة من يدعو لإنهاء الرعب الذي يتملّك الطلاب وذويهم سنويّاً على حد سواء، عبر التخفيف من وطأة هذا القلق الموسمي.

"التوجيهي" بخير

ويدافع وزير التربية والتعليم تيسير النعيمي عن إدارته امتحان الثانوية العامة، قائلاً "نسبة النجاح في الامتحان هذا العام أقل من العام الماضي"، مؤكداً أن "التعليم والتوجيهي في الأردن بخير، وهذه النتائج ليست دليلاً على تراجع التعليم".

ويصرّ في تصريحات صحافية على أن نتائج التوجيهي هذا العام "حقيقية"، رافضاً الاتهامات لوزارته بالتهاون ومراعاة الطلبة بسبب الفيروس.

ويضيف الوزير الأردني، "التشكيك بنتائج امتحان الثانوية العامة غير علمي، ومبنيّ على آراء وقناعات شخصية"، مبرراً ارتفاع العلامات باعتماد الوزارة على الأسئلة الموضوعية هذا العام، واستبعاد المقالية.

لكن وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق وجيه عويس، قال في تصريحات صحافية، إن نتائج الثانوية العامة "غير مسبوقة"، وسيكون هناك تداعيات على القبول ومخرجات الجامعات، متوقعاً قبول ما يقارب 45 ألف طالب وطالبة في العام الدراسي الجامعي الجديد.

قلق على التعليم العالي

ويتساءل وزير الإعلام السابق محمد المومني من جهته، عن جودة الامتحان ومنطقية العلامات، وإلى أي مدى ستؤثر في أسس القبول الجامعي، مبدياً قلقه من أن يصبح المجتمع من حملة الشهادات الأكاديمية الباحثة عن وظيفة.

ويرى أن هذه النتائج ضربت مصداقية الامتحان الوطني الأهم في البلاد، وقللت من جودته، محذراً انعكاس ذلك على مخرجات التعليم الجامعي وجودته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير المومني إلى جدل عميق في الدولة الأردنية بين فكرة عدم التشدد بالامتحانات والقبول بالجامعات والتيسير لكل من يريد الحصول على توجيهي وشهادة جامعية، وأن يترك للسوق فرز الصالح من عدمه.

بينما يرى وزير الثقافة السابق صبري ربيحات أن الثانوية العامة في الأردن كانت إلى عهد قريب حدثاً مصيرياً، تتوقف عنده المؤسسات والأسر والأفراد، ويستقبله المجتمع بما يشبه المهرجان الاحتفالي العفوي، فضلاً عن الدخول في حالة طوارئ تمتد إلى آخر يوم في الامتحان، وتتجدد مع قرب موعد ظهور النتائج.

ويعتقد ربيحات أن نتائج هذا العام لا تشبه إطلاقاً نتائج الثانوية العامة قبل أربعة أعوام، خصوصاً مع اجتياز أكثر من 1000 طالب عتبة الـ99.9 في المئة، وإغلاق كثير من الخيارات التعليمية في وجه الطلبة.

في حين يشير المتخصص التربوي ذوقان عبيدات إلى حالة من النقد المرير والساخر على وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لفهم ما جرى.

ويستذكر عبيدات عام 1962، وهو العام الذي اعتُمد فيه امتحان الثانوية العامة "التوجيهي" مقياساً للقبول في الجامعات، مؤكداً أن هذا المقياس تعرَّض لكثير من النقد، بسبب زيادة عدد غير الناجحين، وعدم العدالة، وانحيازه إلى طلبة مدارس العاصمة عمّان على حساب المناطق المهمشة.

ويعتقد خلافاً لكثيرين، أن النتائج كانت معقولة بسبب سهولة الامتحان، مشيراً إلى بعض الامتحانات الدولية التي يحقق فيها بعض الطلبة نتائج تزيد على العلامة الكاملة.

عقدة دراسة الطب

وبمجرد إعلان النتائج، وجد مجلس التعليم العالي نفسه أمام معضلة حقيقية، تتمثل بأعداد كبيرة وضاغطة من الراغبين في دراسة تخصصات الطب على أنواعها هذا العام، على الرغم من الطاقة الاستيعابية المحدودة لكليات الطب البشري في الجامعات الأردنية، إذ شكّلت النتائج المرتفعة وغير المسبوقة تحدياً أمام الحاصلين على معدل 98 في المئة للقبول في تخصصات الطب البشري.

ووفقاً لإحصاءات رسمية، لا تزيد الطاقة الاستيعابية لكليات الطب الست في جامعات (الأردنية والعلوم والتكنولوجيا ومؤتة والهاشمية والبلقاء التطبيقية واليرموك) على 1000 طالب، بينما بلغ عدد الطلبة الحاصلين على معدلات 98 في المئة وما فوق لهذا العام 2509 طلاب.

وأظهرت نتائج الثانوية العامة هذا العام ازدحاماً شديداً في منصة الأوائل، إذ تقاسم 78 طالباً وطالبة هذه المرتبة، في حين حاز آلاف آخرون معدلات تؤهلهم لدخول كلية الطب التي تعد طموحاً لكثيرين، وحلماً لا يغادر ذهن الآباء والأمهات.

الأمر الذي دفع وزير التعليم العالي والبحث العلمي محيي الدين توق إلى دعوة الطلبة للالتفات إلى أهمية التعليم المهني والتقني، والتفكير خارج الصندوق، والابتعاد عن التأثيرات المجتمعية التي تؤثر عادة في اختيار الطالب للتخصص، مثل تأثير الأهل وثقافة "العيب".

ويدل الوزير على مخاوفه بالإشارة إلى أن عدد الطلبة الحاصلين على معدل 97 في المئة وما فوق في التوجيهي العلمي لهذا العام بلغ 4400 طالب وطالبة، بينما لم يزد عدد الطلبة الحاصلين على معدل 97 في المئة وما فوق في عام 2016 على الـ36 طالباً وطالبة.

بدوره دعا رئيس ديوان الخدمة المدنية سامح الناصر، خريجي الثانوية العامة إلى الابتعاد عن اختيار التخصصات الراكدة في سوق العمل قبل تعبئة طلبات القبول للجامعات.

ودعاهم إلى التوجّه صوب المهن والأعمال التي توفّرها سوق العمل، وتغيير الثقافة المجتمعية نحو الوظيفة الحكومية وفتح مشروعات إنتاجية صغيرة ومتناهية الصغر.

حلم بعيد المنال

وحسب الكاتب الصحافي علي سعادة، فإن الحصول على مقعد جامعي لطلبة الثانوية هذا العام أصبح حلماً بعيد المنال، إذ إنّ أقل من 30 في المئة من المقاعد في الجامعات الرسمية وفي كليات محددة مثل الطب، ستكون من نصيب التنافس الحر بين الطلبة، والباقي سيخصص للاستثناءات.

ويعتقد أن الحل قد يكون برفع الجامعات الأردنية طاقتها الاستيعابية، وزيادة عدد الطلبة المقبولين على برنامج التعليم الموازي، كخطوة لزيادة نسبة "الخصخصة" في التعليم الجامعي الرسمي.

بدوره، يشكك منسق حملة حقوق الطلبة الجامعيين فاخر دعّاس، في إمكانية البناء على هذه النتائج، فالقفز من 205 طلاب حصلوا على معدل 95 في المئة وما فوق عام 2016، إلى الآلاف في أقل من خمس سنوات، لا يمكن أن يحدث في أي دولة بالعالم، على حد تعبيره.

ويقول إنّ ظروفاً استثنائية عاشها طلبة الثانوية العامة هذا العام، لكن النتائج كانت متوقعة بعد اعتماد نظام الأسئلة والإجابات "الاختيار من متعدد". وحسب دعّاس فإن الوزارة كانت تدفع باتجاه حصول الطلبة على العلامات المرتفعة منذ البداية، في محاولة منها لإنجاح التعليم عن بُعد، الذي اعتُمد خلال جائحة كورونا.

ويصر دعّاس على أن الامتحان لم يقس مستوى الطلبة والفروقات الذهنية بينهم، مشيراً إلى أن عدد الطلبة الذين تقدّموا هذا العام لامتحان الثانوية العامة كبير قياساً على السنوات الماضية، إذ تقدّم 170 ألف طالب وطالبة، كما توقع أن يلجأ كثيرون إلى الدراسة في الجامعات الخاصة، بسبب محدودية الفرص المُتاحة أمامهم، ما يرتب أعباءً مالية على الأسر الأردنية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير