Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحركات قطرية تركية تهدد جهود التسوية في الملف الليبي

جهود أميركية مكثفة للعب دور الوسيط القوي القادر على تحريك المسار السياسي وفك التعقيد

يبدو أن تركيا وقطر تخططان لإشعال حرب إقليمية من أجل معركة سرت (غيتي)

مع تواصل الجمود في ملف الأزمة الليبية على المسارين السياسي والعسكري، استمرت الجهود الدولية لإيجاد خريطة طريق تدفع الطرفين نحو طاولة التفاوض والحلول السلمية، وتجنّب التصعيد العسكري وتبعاته المحتملة التي تتجاوز الحدود الوطنية لليبيا.

وبرزت أخيراً الجهود الأميركية المكثفة للعب دور الوسيط القوي، القادر على تحريك المسار السياسي وفك التعقيد المسيطر على المشهد الليبي، في محاولة من واشنطن لتحقيق النجاح في ملف استعصى على أبرز القوى الإقليمية والدولية التي حاولت حلّ النزاع الليبي بالسبل السلمية طوال السنوات الماضية.

في المقابل، أثارت الزيارة التي قام بها وزيرا الدفاع التركي والقطري إلى طرابلس في وقت متزامن عاصفة من الجدل في ليبيا، حول دلالتها وأسبابها وتوقيتها، مهددة بنسف الجهود الدولية لحل الأزمة، بحسب ما قالت مصادر ليبية متطابقة.

منطقة منزوعة السلاح

تعددت خلال الأسابيع الماضية الاقتراحات الدولية الجديدة الخاصة بحل الأزمة الليبية، وبرز منها ما طرحته واشنطن من إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة سرت وسط ليبيا، والتي تشكل حالياً بؤرة التوتر الأبرز في المشهد الليبي.

وعرض السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند هذا المقترح على طرفي النزاع في الأيام الماضية، من دون أن تعبّر هذه الأطراف عن رأيها في الاقتراح الأميركي بشكل رسمي، معززة الاعتقاد برفضها الضمني له، بخاصة أنه يتضمن قيام قوة حفظ سلام دولية بالإشراف على تنفيذ هذا المقترح، الأمر الذي طالما رُفض في الشارع الليبي.

الرد الوحيد على المقترح الأميركي جاء من رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، الذي عرض حلاً قريباً منه بإعلانه مبادرة جديدة تجعل مدينة سرت عاصمة موقتة إلى حين الخروج من نفق الأزمة في البلاد، وهو ما قوبل بالرفض من حكومة الوفاق والأوساط التابعة والمقربة لها في طرابلس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

زيارة مثيرة للجدل

وفي الوقت الذي كانت فيه المبادرات الدولية للحل السلمي تطرح وتناقش داخل ليبيا وخارجها، أتت زيارة مفاجئة لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار ورئيس الأركان يشار غولر في 17 أغسطس (آب) الجاري إلى طرابلس، بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية، لتثير التكهنات حول احتمال تجدد المعارك العسكرية وسط ليبيا خلال الأيام المقبلة.

وتطورت هذه التكهنات بعد عقد الوزيرين اجتماعاً لدى وصولهما مع وكيل وزارة الدفاع بحكومة الوفاق صلاح النمروش، وعدد من قادة وأمراء المناطق العسكرية التابعين لحكومة السراج.

وفي الوقت الذي طرحت فيه أوساط ليبية تساؤلات عدة حول الدلالات التي تحملها زيارة قادة عسكريين من الدوحة وأنقرة إلى ليبيا في هذا التوقيت، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم غالن إن "أنقرة والدوحة تعملان مع حكومة الوفاق (التي وصفها بالشرعية)، من أجل دعم الاستقرار في ليبيا".

وادعى غالن في حديث تلفزيوني إن "زيارة وزيرا الدفاع التركي والقطري للعاصمة طرابلس تأتي في إطار ما نص عليه اتفاق التعاون العسكري مع حكومة "الوفاق" الذي وُقع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إذ إن أحد بنوده ينص على تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين، والتشاور حول آليات تنفيذ باقي بنود الاتفاق".

وأضاف أن "بلاده تنسق مع حكومة الوفاق وقطر من أجل المضي نحو طريق الاستقرار الذي يبدأ بخطوة الحشد الدولي في إطار عملية السلام التي بدأتها الأمم المتحدة، ودعمتها مقترحات مؤتمر برلين".

زيادة تعقد المشهد

وعلّق المستشار الإعلامي لمجلس النواب الليبي فتحي المريمي على الزيارة لـ "اندبندنت عربية"، بأنها "تؤكد ما قلناه منذ فترة حول دعم قطر وتركيا للجماعات الإرهابية في ليبيا، وإغراق بلادنا بالمسلحين الأجانب، وتهدد فرص السلام الليبي لتحقق مصالح البلدين".

وأضاف المريمي أن "مجلس النواب الليبي سبق أن خاطب المنظمات الدولية والإقليمية كافة، محتجاً على الدور الذي تلعبه هاتان الدولتان، في تعقيد المشهد الليبي وتعميق الأزمة ودعم الإرهاب في البلاد، من دون أن نجد تحركاً رادعاً لهما، برغم أن خطر سياساتهما في بلادنا يمس المنطقة بأسرها".

وحذّر من النتائج التي تنتج من ممارسات تركيا بدعم قطري في ليبيا، بقوله "تركيا تواصل حتى اليوم، إرسال المسلحين الاجانب إلى طرابلس ومصراتة بدعم مالي قطري، ما ينعكس على فرص التسوية التي لا يمكن أن تتم في ظل هذه الممارسات الخطرة "، معتبراً أن "للزيارة دلالات حول تحرك عسكري ما بدعم البلدين نحو سرت والجفرة، ما سيفتح أبواب الجحيم على الجميع في ليبيا ومحيطها في حال وقع".

تحركات مشبوهة

من جانبه، وصف مدير إدارة الدعم المعنوي في الجيش الليبي اللواء خالد المحجوب هذه الزيارة بأنها "تندرج في إطار التحركات المشبوهة التي تحدث غرب البلاد، إذ سبق الزيارة وصول طائرات شحن عسكرية تركية جديدة محملة بالسلاح والمقاتلين الأجانب، ما يشي بخطوة عسكرية ما ربما تحدث في الأيام المقبلة في سرت والجفرة".

وقال المحجوب في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، إن "أي تحرك نحو سرت والجفرة معناه أن الجيش أيضاً بات في حِلّ من التعهدات الدولية التي لا يزال ملتزماً بها، وسيكون رده على العدوان المحتمل على الخطوط الحمر التي حددها سابقاً أبعد مما يتصور الجميع".

القاهرة تنتقد الزيارة

زيارة الوزيرين التركي والقطري إلى طرابلس لم تُنتقد في الداخل الليبي فقط، بل أثارت شكوكاً وغضباً رسمياً في العاصمة المصرية، حيث قال عضو مجلس النواب وعضو لجنة الدفاع والأمن القوميّ اللواء تامر الشهاوي، إنّ "مصر حذّرت سابقاً، أن سرت والجفرة خط أحمر حتى لو اجتمع العالم كله، وليس تركيا وقطر والوفاق فقط".

وتابع "برغم كل الدعوات الدولية إلى التهدئة في ليبيا وسحب المسلحين الأجانب، يبدو أن تركيا وقطر تخططان لإشعال حرب إقليمية من أجل معركة سرت، التي وصفتها مصر بالخط الأحمر".

وأكد أن زيارة وزيري الدفاع إلى طرابلس ولقاء عدد من المسؤولين في حكومة الوفاق، "رسالة شديدة الخطورة وتسعير لحرب إقليمية، ومن أجل بحث الملفات العسكرية، وأهمها الموقف العسكري حول سرت والجفرة".

وشدد الشهاوي أن "الأفق ينذر بما لا تحمد عقباه في حال إصرار المحور التركي القطري ومن يدعمه، على إسناد حكومة الوفاق في المضي قدماً نحو الانتحار على أبواب سرت والجفرة".

وأوضح أن "الغموض لا يزال يكتنف تصرفات المجتمع الدولي نحو ليبيا، وبقاؤه جالساً في مقاعد المتفرجين من دون إيقاف هذا العبث بشكل جاد أمر مثار تساؤل لدى الشارع الليبي والمصري والعربي والأفريقي".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات