Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يعد وجود قوات أجنبية بمثابة "تدويل مقنع" للقضية اللبنانية؟

"شكوك بسحب 2400 طن من النيترات من العنبر رقم 12 خلال السنوات السبع الماضية"

طفلة سورية فقدت إحدى عينيها جراء انفجار مرفأ بيروت تشير إلى موقع الحادث الضخم (أ ف ب)

بعد أيام قليلة على تفجير مرفأ بيروت، دخلت بوارج عسكرية فرنسية، وأخرى غربية، إلى المياه الإقليمية للبنان، ورَسَت قبالة شواطئه، ما أثار جدلاً حولها؛ إذ اعتبر البعض أنها تأتي في سياق الإمدادات الإغاثية المُتواصلة لدعم الشعب اللبناني، والهدف منها حماية الفِرَق على الأرض، في حين وضعها آخرون في سياق "تدويل مُقنَّع" للقضية اللبنانية، وذهب البعض بعيداً، مُعتبراً وجودها بمثابة "احتلال".

وتشير المعلومات إلى أن 4 فِرَق تحقيق أجنبية تُجري مسحاً شاملاً لمسرح "جريمة المرفأ"، وهي فرنسية وتركية وروسية وأميركية. وكشفت مصادر دبلوماسية عن أن رئيس الجمهورية، ميشال عون، قد طلب من نائب وزير الخارجية الأميركي، ديفيد هيل، أن يُشارك فريق من الـ"أف بي آي" في التحقيقات.

وتلفت المعلومات إلى أن دور فريق الـ"أف بي آي" لن ينحصر فقط بالجانب التقني المتعلق بكشف السبب المباشر للتفجير، وإنما يتعدَّاه باتجاه التقصي عن مصير 2400 طن من النيترات، تدور شكوك حول سحبها من العنبر رقم 12 خلال السنوات السبع الماضية، نتيجة تأكيد خبراء أن الانفجار ناتج من 300 طن من هذه المادة، ما يُثير مخاوفَ من أن تكون مُخزَّنة في أماكن أخرى في لبنان، أو تم نقلها إلى دول أخرى للقيام بعمليات إرهابية.

واعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أثناء زيارته بيروت أخيراً، أن وجود البوارج الأجنبية قبالة العاصمة اللبنانية "يُمثِّل تهديداً للبنان والمقاومة"، الأمر الذي تؤكده مصادر مقربة من "حزب الله" تعتبر أن "الأمر قد يتعلق برسالة فرنسية ــ غربية ضمنية موجهة إلى حلفاء إيران في لبنان"، مضيفةً أن الولايات المتحدة تتخذ من التفجير فرصةً لإدخال عناصر استخباراتية بصورة شرعية إلى لبنان، وذلك بهدف التجسس على "الحزب".

وكان الـ"أف بي آي" قد أعلن أنه سيُساعد السلطات اللبنانية في التحقيق بانفجار المرفأ، وقال في بيان إن "مكتب التحقيقات الاتحادي سيقدم لشركائنا اللبنانيين المساعدة في تحقيقهم في الانفجارات التي وقعت في مرفأ بيروت يوم الرابع من أغسطس (آب)". وأوضح مسؤول في هيئات إنفاذ القانون أن مكتب التحقيقات الاتحادي لا يُمكنه تقديم تفاصيل عن نوع المساعدة التي يقدمها.
 

وكالة الطاقة الذرية

في السياق، رأى العميد ناجي ملاعب المتخصص في الشؤون الاستراتيجية أن مشاركة الـ"أف بي آي" في التحقيقات ستكون فاعلةً في الجانب التقني منها، وليس الاستنطاقي، وينسحب ذلك على كل المحققين الدوليين الذين أُرسِلوا إلى بيروت. وأشار ملاعب إلى أنه من المنتظر أن تتعاون الدول المعنية في تبادل المعلومات، وذلك وفق الاتفاقيات الدولية أو الثنائية الموقَعة بينها وبين لبنان، كاشفاً عن دور للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي لم يتم إعلامها بالكمية الخطرة من النيترات الموجودة في المرفأ "وهذا سيكون قيد تقرير موسع من الوكالة التابعة للأمم المتحدة".

وتابع ملاعب أن "وجود الـ"أف بي آي" ضروري في جمع المعلومات وتقديمها مستقبلاً إلى المحكمة الجنائية الدولية (في حال موافقة مجلس الأمن الدولي على تكليفها بالتحقيق)، لا سيما في مجال المعلومات عن كيفية وصول المواد إلى الميناء ونقلها إلى العنبر وبقائها هناك، وهذا يُسهِّل عمل المحكمة الدولية مستقبلاً لأن لا ثقة بالتحقيق المحلي"، معتبراً أن "التستر على المعلومات هو سمة التحقيق، وهو ما يُبقي (القوة القاهرة) التي أدارت هذا الملف متحكمة في نتائج التحقيق". وأضاف أن قضية المرفأ باتت "مدولة"، نتيجة ضخامة التفجير وتشابك عناصرها مع دول عدَّة، لا سيما لناحية مسار الناقلة التي قيل أنها أتت من جورجيا ودخلت الميناء في ظروف غامضة، معتبراً أن "مَن يقف حائلاً دون تدويل الأزمة اللبنانية هو الفريق المُهيمن على السلطة، سواء بالتحالف الوازن الذي يُشكِّل أكثرية نيابية ويسيطر على موقع الرئاسة عبر ميشال عون، وذلك ليس حرصاً على السيادة إنما حماية لحزب الله الذي باتت نشاطاته تحت المجهر الدولي". ورأى أن "تغاضي السلطة الحالية عن وجود سلاح خارج الجيش بيد فريق لبناني يُقاتل في الساحات العربية الصديقة للبنان، جرَّد البلد من سيادته"، موضحاً أن "المطالبة الشعبية والسياسية بقيام تحقيق دولي هو تعبير عن فك ارتهان لبنان من الهيمنة الحالية".
 

دور تقني

في المقابل، يعتبر العميد المتقاعد محمد رمال، أن "الجيش اللبناني هو المكلف إجراء التحقيقات، ولم يُتخذ أي قرار دولي بتكليف أي دولة خارجية التحقيق، كما لم تُكلف أي مجموعة دولية هذا التحقيق، وإنما تشارك دول منفردة عدَّة في جمع الأدلَّة ورفع تقارير بنتيجة عمل فريق كل دولة، إلى القضاء اللبناني، ومن خلال استثمار القدرات التقنية والفنية لخبراء هذه الدول، والتي قد لا تكون متوافرة لدى الجيش اللبناني، وبالتالي لا خوف من تدويل الأزمة، بل ما يجري هو تقديم مساعدات في مجال الكشف عن التفجيرات على غرار المساعدات الطبية والإنسانية التي تم تقديمها بعد انفجار المرفأ".

ولفت إلى أن "الخشية التي يمكن تنتج عن اشتراك فرق كثيرة في التحقيق هي الوصول إلى نتائج متضاربة ومتناقضة تُربك القضاء اللبناني وتُعيق الوصول السريع إلى نتائج ملموسة بأقرب وقت"، معتبراً أن "دور فريق الـ"أف بي آي" الذي باشر تحقيقاته في تفجير مرفأ بيروت هو جزء من الدور الذي تلعبه فرق الخبراء الأخرى"، موضحاً أن دورها "يقتصر على جمع الأدلة ووضعها بتصرف القضاء اللبناني؛ أي إنها ليست الجهة الرسمية المكلَفة التحقيق، وإنما تشترك مع الفرق الأخرى في ذلك، وترفع نتائج عملها إلى السلطات اللبنانية طالما لم يتم تكليف أي جهة دولية بذلك، ما دام التحقيق حتى الآن في عهدة القضاء اللبناني".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مسرح للجيوش الأجنبية

على الرغم من أن جريمة انفجار مرفأ بيروت سلكت طريقها إلى القضاء العدلي بعد الاتفاق على تعيين القاضي فادي صوان محققاً عدلياً، يستمر السجال السياسي في البلاد وخارجها حول المطالبة بتحقيق دولي، وأطلق عدد من النواب عريضةً نيابية تطالب زملاءهم بالتوقيع عليها من أجل رفعها إلى مجلس الأمن الدولي والمطالبة بإجراء تحقيق دولي.

ورأى الناشط السياسي مكرم رباح أن إجراء تحقيق دولي - أممي أمر ضروري "لا سيما أن الانفجار طال ضحايا من جنسيات عدَّة، وكلما تعدَّدت أطراف التحقيق تتعقَّد معها محاولات إخفاء الحقائق"، مطالباً بتشكيل "لجنة تحقيق دولية بمشاركة لبنانية تضع يدها على التحقيق، إضافة إلى عزل وإقالة المعنيين من أجهزة أمنية ورقابية متواطِئة في الملف، لأن اللبنانيين لن يرضوا بأي سردية حول الجريمة يقدمها القضاء التابع لدولتهم".

وفي وقت يؤكد فيه رباح أن "حزب الله" كان يستبيح مرفأ بيروت، خالفه الكاتب السياسي فيصل عبد الساتر المقرب من "الحزب"، والذي يعد في مقدمة رافضي التحقيق الدولي، إذ وضع الاتهام في إطار "حملة تضليل سياسي". وقال عبد الساتر إنه "لو كان الحزب يسيطر على المرفأ والبلد كما يتهمه خصومه لما قبل بإسقاط حكومته".

واعتبر عبد الساتر أن على كل لبناني رفض التحقيق الدولي "لأنه يخرق سيادة لبنان ويضع قضاءه تحت سلطة القضاء الدولي، في وقت يجب فيه أن يكون القضاء اللبناني صاحب الكلمة الفصل في القضية"، مشيراً إلى أن "حقد بعض القوى السياسية على حزب الله حول لبنان إلى مسرح للجيوش الأجنبية تحت شعار المساعدات الإنسانية والخبرات في موضوع التحقيق".

المزيد من العالم العربي