Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كارثة اقتصادية تهدد الجزائر... مع استمرار الحراك الشعبي والانسداد السياسي

خبراء يحذرون من ارتفاع الأسعار وتجميد صفقات مع المستثمرين الاجانب وخسائر بـ300 مليون دولار يومياً

تعيش القطاعات الاقتصادية في الجزائر تعطلاً شبه تام (رويترز)

تتعقد الاوضاع الاقتصادية في الجزائر مع استمرار الحراك الشعبي وعدم وجود حكومة وتراكم المشكلات، وارتفاع الاسعار، وهذا ما أثر سلباً في القدرة الشرائية للمواطنين، وازدادت الأمور سوءاً على المستوى الخارجي بعد رفض مؤسسات توقيع اتفاقات تعاون وتوقف المفاوضات مع أخرى.

تعيش القطاعات الاقتصادية في الجزائر تعطلاً شبه تام مع استمرار عدم وجود حكومة تسيّر شؤون البلاد بسبب عجز الوزير الأول عن تشكيلها وفق متطلبات الوضع الداعي إلى ضرورة اشراك وجوه من خارج النظام، شابة وجديرة. وهذا ما ادى إلى خسائر كبيرة وفق ما ذكر المحلل الاقتصادي كمال رزيق، الذي أبرز أن الجزائر تتكبد خسارة بنحو 300 مليون دولار يومياً، بسبب الحراك الشعبي الذي تشهده منذ 22 فبراير (شباط) الماضي، محذراً من أن استمرار الحراك سيعرض السلطة والشعب لكارثة اقتصادية.

رواتب مهددة

يعتبر زريق أن الخطورة من استمرار غياب حكومة، تتمثل في وزارة المالية، على اعتبار أن مارس (أذار) معروف بشهر تحويل الاقتطاعات المالية التي جاءت في الموازنة العامة إلى الوزارات، بعد مصادقة رئيس البلاد عليها وصدورها في الجريدة الرسمية. يضيف أن تأخير العملية يعني أن العديد من المشاريع تبقى عالقة، ورواتب العمال للأشهر المقبلة مهددة بعدم صرفها.

ويكشف الخبير الاقتصادي عبد الحميد سالمي لـ"اندبندنت عربية" عن أن الجزائر وجدت نفسها في حرج كبير مع شركائها الدوليين بسبب استمرار الحراك الشعبي، إذ كان من المقرر عرض ملف إنشاء مصنع لتجميع السيارات من علامة "بيجو" الفرنسية، على مجلس يترأسه رئيس الحكومة، ووزراء المالية والصناعة والتجارة، في 15 مارس الحالي، للمصادقة عليه، لكن لم يحصل ذلك بسبب عدم وجود حكومة. ويشير سالمي إلى أن قطاع التجارة يعاني بسبب الوضع الذي تشهده البلاد، خاصة مع ملف الاستيراد، الذي ينتظر توقيع وزير التجارة توقيع على الرخص، وأهمها تلك التي تتعلق لمجال الأدوية،

وتأخر التوقيع يفضي إلى حدوث أزمة في التموين. وهو ما أبرزه رئيس نقابة الصيادلة مسعود بلعمري بالقول إن تأخر التوقيع على برامج استيراد الأدوية يحدث تأخراً في تموين الأسواق، وتالياً يؤدي إلى ندرة بعض الأدوية. ويحذر من أن استمرار الوضع يدفع إلى التوجه لمخزون الأمان.

ارتفاع الأسعار وتراجع صادرات الغاز

توقفت المفاوضات بين مجمع "سوناطراك" البترولي الجزائري و"إكسون موبيل" العملاق الأميركي في مجال النفط، لتطوير حقل غاز طبيعي بجنوب الجزائر، بسبب التظاهرات للمطالبة بتغيير النظام، وفق ما ذكرت المصادر الاقتصادية، التي اوضحت أن مسؤولين من الجانبين أجروا أخيراً، مفاوضات بولاية تكساس الأميركية، لبلورة التفاصيل، لكن "إكسون" طلبت توقيف المفاوضات موقّتاً بسبب التظاهرات.

وأقرت إحصاءات دولية صدرت أخيراً بأن صادرات الغاز الجزائري تراجعت بنحو 40 في المئة. وهو ما يكشف عن تقلص الاحتياطات النفطية والغازية في الجزائر، لا سيما في ظل ارتفاع الاستهلاك الداخلي.
من جهة أخرى، أفاد الديون الجزائرية للإحصاء أن منتجات غذائية عرفت ارتفاعاً  في الاسعار خلال الأسابيع الماضية، كالخضر الطازجة، والسمك الطازج، وارتفعت أسعار المواد الغذائية المصنعة، كما مس الارتفاع مجموعة مواد الصحة والنظافة الجسدية.

تركة اقتصادية ثقيلة

في ظل هذا الوضع، يحذر خبراء الاقتصاد من خطورة التركة الاقتصادية الثقيلة التي ستتسلمها السلطة الجديدة في الجزائر، إذ دعا الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس ناشطي الحراك الشعبي إلى أخذ الرهانات الاقتصادية على محل الاعتبار، في حملة الضغط على السلطة، وأكد أن البلاد تنتظرها تحديات اقتصادية كبيرة ومعقدة، في ظل الاختلالات المتفاقمة في الاقتصاد المحلي، مبرزاً أنه مهما كان شكل الحكومة المقبلة، فإنها ستتسلم قنبلة موقوتة متيجة تقلص مخزون النقد الأجنبي إلى ما دون 80 مليار دولار وارتفاع مؤشرات التضخم.

وقال الخبير إن المتعامل الأجنبي لا يمكن أن يجازف باستثماراته إلا في مناخ مستقر سياسياً واجتماعياً. وهو ما يحتم ضرورة عدم تضييع وقت طويل في الوصول إلى شرعية سياسية شعبية، تسمح للحكومة المقبلة بوضع آليات الإقلاع الاقتصادي، لأن الوقت يضغط في اتجاه إغراق البلاد في متاهات اقتصادية خطيرة.

المزيد من العالم العربي