Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بايدن - هاريس بين الأمن القومي والتغير المناخي ودول الخليج: العودة للوسط نفطيا؟ 

الخليج قد يتأثر بضرائب الكربون وسياسة المرشح الديمقراطي للانتخابات الأميركية تجاه إيران

جو بادين وكامالا هاريس في مناظرة انتخابية (رويترز)

سيُواجه المرشح الديمقراطي للانتخابات الأميركية جو بايدن ومرشَّحته لمنصب نائب الرئيس كامالا هاريس مشكلة كبيرة، في حال فوزهما في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ستُجبرهما على التحرك نحو الوسط نفطيّاً، حيث عليهما المُوازنة بين احتياجات الأمن القومي والاقتصادي وسياسات التغير المناخي والسياسات الخارجية.

نفطيّاً، بايدن أفضل لدول الخليج من الرئيس دونالد ترمب لكل الأسباب الخاطئة! ولكن ترمب أفضل لدول الخليج في ما عدا ذلك.

ويبدو أن هناك كمّاً هائلاً من الأخبار الكاذبة حول موقف بايدن من النفط بشكل عام، والنفط الصخري بشكل خاص، كما أن هناك خلطاً بين مواقفه ومواقف هاريس، لكن الشيء المعروف والمؤكد أن بايدن تحدَّث عن منع إعطاء رُخَص تكسير مائي جديدة في الأراضي الفيدرالية. إذاً هناك كلمتان مهمتان: الأولى "جديدة" والثانية "فيدرالية"، كما أن هناك تعبير "تكسير مائي"، ما يعني أنه يمكن الحفر إذا لم يكن هناك أي "تكسير مائي". 

هذا الأمر لا يؤثر في غرب تكساس، حيث حوض برميان، لأن الأراضي هناك كلها ملكية خاصة، والأمر نفسه في جنوب تكساس في حوض إيغل فورد. ولن يؤثر في الولايات النفطية/ الغازية الأخرى مثل أوكلاهوما، ولويزيانا، وبنسلفانيا، ولكن سيؤثر ذلك نسبيّاً في جزء من حوض برميان في جنوب شرقي ولاية نيو مكسيكو، وفي حوض دي جي نايوبرارا في ولايتي كولورادو ووايومينغ. إلا أن وجود هذه الأحواض في أماكن نائية غير مسكونة، قد يعني في النهاية إعطاء استثناءات لبعض الشركات العاملة هناك تحت شروط معينة. 

من ناحية أخرى، سياسات هاريس التي أعلنت عنها، والتي تتضمَّن منع التكسير الهيدروليكي تماماً، وفي كل مكان، لا وزن لها؛ لأنها ليست صانعة القرار من جهة، ولأن هذه الأفكار غير عملية من جهة أخرى. ومن يُصرُّ على أخذ كلامها حرفيّاً والتمسك به، عليه أن يتذكَّر أنها انتقدت بايدن انتقادات شديدة جدّاً، واعتبرته غير مُؤهَّل لقيادة الولايات المتحدة، وعندما سألت عن ذلك قالت: هذه مُحاورات، مُحاورات فقط. وبالتالي فقد أسقطت أي قيمة لكلامها الذي قالته وقتها. 

أساسات سياسة الطاقة الأميركية

عندما يأتي أي رئيس أميركي إلى البيت الأبيض، يأتي إلى نظام عريق له أساساته التي لا يستطيع رئيس أميركي أن يُغيِّرها إلى الأبد. ومن هذه الأساسات أمن الطاقة. وإذا نظرنا إلى سياسات الطاقة للرؤساء الأميركيين خلال 50 عاماً مضت نجد أنها هي نفسها، وتتمحور حول النقاط التالية: 

1- تنويع مصادر الطاقة
2- زيادة إنتاج مصادر الطاقة المحلية
3- تنويع مصادر واردات النفط
4- الاستيراد من أماكن آمنة
5- أسعار معقولة مع تخفيض تذبذبها

ولكن هذه الأساسات التي يتَّفقون عليها تنبثق منها الفروق أيضاً بين الإدارات المختلفة. فبالنسبة لبايدن، سيأخذ الأساسين الأول والثاني، وسيتمدد بهما بشكل كبير تحت مظلة التغير المناخي. ولكن حتى هذا التوسع سيكون ضمن حدود بسبب انخفاض أسعار الغاز الطبيعي الذي سيفرض نفسه في السوق، وعدم وجود أموال كافية لتمويل أو دعم كل المشاريع التي يحلمون بها. ولا يمكن لإدارة بايدن تجاهل إنتاج النفط الصخري أو النفط في المياه العميقة لخليج المكسيك، ليس لأنه يشكل رديفاً لاقتصاد الولايات المتحدة، ويؤثر في ميزان المدفوعات وفي قيمة الدولار، إلا أنه يمثل دعماً قويّاً لسياسة الولايات المتحدة الخارجية على عدَّة مستويات، ويُحسِّن من وضع الأمن القومي. إلا أن هناك احتمالاً أن يرفع بايدن الرِّيع على الإنتاج في خليج المكسيك. 

بالنسبة لتنويع مصادر واردات النفط، الأمر حالياً بين المُصدّرين مثل السعودية والعراق ونيجيريا، لأنها جزء من مجموعة "أوبك+" التي تقوم حالياً بتخفيض الإنتاج وتخفيص الصادرات. 

بالنسبة للنقطة الرابعة فإن الولايات المتحدة زادت من اعتمادها بشكل كبير على واردات النفط من كندا والمكسيك وأميركا اللاتينية، وليس هناك أي أمر إضافي يمكن أن يقوم به بايدن. بل على العكس، هناك مشكلة بسبب الاعتماد الكبير على كندا. تاريخيّاً، تم التحول إلى كندا لأسباب سياسية بحتة بحثاً عن أمن الإمدادات، وتم تجاهل العوامل الطبيعية والفنية والاقتصادية التي يمكن أن تخفض الإمدادات من كندا. بعبارة أخرى، نتج عن التركيز على النقطة الرابعة تفريغ النقطة الثالثة من مُحتواها. 

أما بالنسبة للنقطة الخامسة، فقد استغلَّها ترمب بقوة في السنوات الماضية. فمع ارتفاع الأسعار ضغط لزيادة الإنتاج وتخفيض الأسعار. ومع انهيار الأسعار ضغط لتخفيض الإنتاج ورفع الأسعار. ومن الواضح أن بايدن لن يتمكن من القيام بما قام به ترمب. 

ضريبة الكربون واتفاقيات المناخ 

استنتجنا حتى الآن أن سياسات بايدن لن تكون مُعادية لصناعة النفط المحلية والعالمية كما يدَّعي أعداؤه، ولكنَّ هناك مجالين يمكن أن يؤثر فيهما سلباً في صناعة النفط الأميركية وفي دول الخليج أيضاً، منها العودة إلى اتفاقيات المناخ كما كانت في عهد باراك أوباما قبل ترمب، والثانية ضريبة الكربون. تبنِّي السياسة الأولى لن يغير من الأمر كثيراً، خاصة أن توحيد سياسات عدد كبير من الدول تتضمن الصين والهند يضمن أن نتائج هذه الاتفاقيات ستكون عامة وضعيفة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة، الموضوعة في (Related Nodes field)

 

المشكلة في ضريبة الكربون التي قد تنتج عنها تغيُّرات كبيرة في قطاع الطاقة الأميركي وواردات النفط إلى الولايات المتحدة. ضريبة الكربون ستحد من أسواق دول الخليح في الولايات المتحدة، وستدفعها أكثر نحو الصين. وهذا ليس في صالحها؛ لأنها بحاجة إلى تنويع أسواقها.

إيران وفنزويلا

لا شكَّ أن إدارة بايدن ترغب في العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي وقَّعته إدارة أوباما وانسحب منه ترمب. المشكلة أن الإيرانيين لا يرغبون بالعودة إليه من دون تعديل يضمن عدم قُدرة رئيس قادم على الانسحاب منه بسهولة كما فعل ترمب، وبالتالي فإنه سيكون اتفاقاً بين الكونغرس والحكومة الإيرانية، وهذا يستغرق وقتاً. بالإضافة إلى أن موضوع إيران لن يكون من أولويات الإدارة الجديدة التي ستركز على فيروس كورونا من جهة، وإنعاش الاقتصاد الأميركي من جهة أخرى. إلا أنه من المتوقع أن تتجاهل إدارة بايدن تجاوزات إيران والدول الأخرى للعقوبات التي فرضها ترمب، وبالتالي فإنه يُتوقع أن تكون هناك زيادة في صادرات النفط الإيرانية في نهاية العام الحالي وبداية العام المقبل.

أما بالنسبة لفنزويلا فإن الأمر أكثر تعقيداً؛ لأن بايدن لا يرغب في النظام الحالي، وغير مُعجب بالبديل. وبما أن البديل صنيعة ترمب، فإنه من الواضح أن بايدن سيتجاهله، وربما يضغط على النظام والمُعارضة لإيجاد بديل مقبول للجميع. لهذا قد نرى تغيُّراً كبيراً في سياسة الولايات المتحدة تجاه فنزويلا، ولكنها قد تكون سياسة جديدة تماماً. 

خلاصة الأمر أن كل ما سيقوم به بايدن هو وقف إعطاء رُخَص التكسير الهيدروليكي في الأراضي الفيدرالية، وأغلبها يقع في النصف الغربي من الولايات المتحدة وألاسكا، وأغلبها خارج منطقة الصخري. وسيطبق أساسات سياسات الطاقة الخمسة، ولكن سيركز على الأولى والثانية لزيادة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح، كما أنه سيدعم السيارات الكهربائية إلى حد ما.

إن أكبر خطر لبايدن على دول الخليج نفطيّاً يتمثل في ضريبة الكربون وسياسته تجاه إيران. إلا أن كليهما يستغرق وقتاً.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء