Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اتجاه لإعلان انفجار بيروت "حادثا عرضيا" والخوف من تملص شركات التأمين

إحصاء 6200 مبنى متضرر أي بحدود 60 ألف وحدة سكنية وخمسة مليارات دولار قيمة التعويضات

أثار الدمار الذي لحق بمنطقة مار مخايل نتيجة انفجار مرفأ بيروت (أ ف ب)

بعد أسبوعين على انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة 177 شخصاً حتى الآن، وخلف أكثر من 6 آلاف جريح، فيما بقي 20 شخصاً في عداد المفقودين، لا يزال هول الكارثة يخيّم على شوارع المدينة المدمرة، فالخسائر بالمليارات، ومئات الأبنية والمنازل أصبحت غير صالحة للسكن. وفيما تتدفق المساعدات الغذائية والطبية على لبنان يجد 250 ألف شخص أنفسهم من دون مأوى، على أبواب شتاء سيكون الأقسى على سكان بيروت ولبنان، في ظل أزمة اقتصادية خانقة نتيجة البطالة والفقر، وحجز للأموال وتراجع لقيمة الليرة.

محافظ بيروت جمال عيتاني أعلن أنه بعد المسح الأولي جرى إحصاء 6200 مبنى متضرر، أي بحدود 60 ألف وحدة سكنية تتطلب مليار ونصف المليار دولار لترميمها من الخارج وتمتين بناها التحتية.

تقاعس الشركات عن دفع التعويضات

وبينما لا قدرة مادية لبلدية بيروت التي بيّن رئيسها جمال عيتاني أن إجمالي المبالغ الباقية في صناديقها يبلغ 900 مليار ليرة، أي بسعر الصرف غير الرسمي عند حدود 126 ألف دولار، وهي لا تكفي لإصلاح شارع تضرر من الانفجار، تتوجه الأنظار إلى الهيئة العليا للإغاثة وشركات التأمين.

وفي ظل مخاوف متصاعدة من تقاعس الشركات عن دفع التعويضات، التقى رئيس الجمهورية ميشال عون وفداً من جمعية شركات التأمين، يرافقه وزير الاقتصاد ولجنة الرقابة على شركات التأمين التابعة لوزارة الاقتصاد.

وبمعلومات خاصة لـ "اندبندنت عربية"، فإن الاتجاه الرسمي للتقرير المنتظر حول أسباب الانفجار يتجه لاعتباره "حادثة"، مع استبعاد فرضية الاعتداء أو العمل الإرهابي، ما يحتم على شركات التأمين تعويض كل من يحمل بوليصة تأمين الحوادث، فيما قيمة التعويضات ستتخطى المليار دولار.

وبالفعل أعلن وزير الاقتصاد​ ​المستقيل راوول نعمه أن عدد الطلبات التي قدمت جراء الضرر من انفجار ​بيروت​ إلى شركات التأمين بلغ حوالى 2500  طلب حتى الآن، تشكل قيمتها 425 مليون ​دولار​، والتقديرات الأولية تفيد بأن عدد الطلبات ربما تصل إلى 10 آلاف طلب، ما يدل على الحجم الكبير للأضرار التي وقعت، ويرفع التعويضات التي ستتكبدها الشركات إلى أكثر من مليار و700 ألف دولار.

شركات التأمين تتوقع خسائر بـ 5 مليارات دولار ملزمة بتغطيتها

التقديرات الرسمية لإجمالي خسائر انفجار مرفأ بيروت تحدثت عن قيمة تراوح بين عشرة و15 مليار دولار، فيما تُقدر شركات التأمين أن تكون الكلفة التي ستتكبدها حوالى خمسة مليارات دولار.

ويقول مؤسس ورئيس مجلس إدارة" كاب" للتأمين وعضو جمعية شركات التأمين فادي رومانوس، إن انفجار بيروت الذي صنّف كرابع أكبر حادثة في العالم، ستصل قيمة أضراره المؤّمنة إلى خمسة مليارات دولار.

وهي كلفة تفوق حجم القطاع العامل في لبنان الذي يقدر بـ 1.6 مليار دولار، ولكن وبحسب طبيعة عمل الشركات وارتباطها بشركات عالمية لإعادة التأمين، فلن يكون من الصعب تغطية الخسائر.

ويكشف رومانوس أن في لبنان 52 شركة تأمين مرتبطة بشركات إعادة تأمين معظمها مع أوروبا وبعضها مع دبي والقليل مع الولايات المتحدة، كلها مصنفة من شركات التصنيف العالمية بملاءة مالية عالية.

وشركات التأمين اللبنانية ستكون ملزمة بتغطية جزء من الخسائر، فيما ستتحمل الجزء الأكبر شركات إعادة التأمين العالمية، ومعظمها شركات أوروبية، بعضها في دبي والقليل في الولايات المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن الخسائر يفنّد رومانوس أنها تنقسم بين دمار كامل ودمار جزئي وترميم، ففي المرفأ 5 آلاف مستوعب مؤمن، والسيارات المتضررة يصل عددها إلى 15 ألفاً، والمباني والمحال والمؤسسات المتضررة عددها 6 آلاف، وتشمل المؤّمنين ضمن قروض السكن عبر البنوك والتأمين المباشر عبر شركات التأمين ضد كل الأخطار.

ويشرح عضو جمعية شركات التأمين أن الضغوط الرسمية ستدفع بشركات التأمين لدفع كل التعويضات بحسب العقود لمستحقيها.

فالرئيس ميشال عون أوعز للمجتمعين أن التقرير المحلي سيصدر خلال أيام قليلة، وسيعلن أن الانفجار ناتج من حادثة قضاء وقدر، وبالتالي فعلى شركات التأمين تعويض حاملي العقود.

كما تحركت هيئة الرقابة وألزمت شركات التأمين بإرسال خبرائها لإعداد التقارير الأولية كما النهائية، وصولاً للمباشرة بعملية الدفع.

فشركات التأمين وبحسب العقود ملزمة بدفع 50 في المئة من قيمة الأضرار وفقاً للتقرير الأولي للخبير الذي تعينه، لتعود وتسدد كامل المبلغ عند إصدار التقرير النهائي.

أما عن آلية الدفع بين الليرة والدولار، فيكشف رومانوس أن الشركات ستسدد عبر شيكات تحرّر بالدولار الأميركي.

وبخصوص توزيع بوالص التأمين فستكون بحسب الأنواع والقيمة، ففي لبنان يبلغ مجموع قيمة بوالص التأمين مليار و600 ألف دولار، و 300 مليون دولار بوالص تأمين على الحياة، و700 مليون دولار تأمينات استشفائية، و300 مليون دولار تأمين على السيارات، و300 مليون دولار تأمين على الممتلكات.

وتوقع رومانوس أن تغلق بعض الشركات الصغيرة التي لم تلجأ إلى شراء عقود إعادة تأمين، لتخرج من السوق نهائياً.

الاستثناءات ذريعة الشركات للتهرب من الدفع

قانوناً يبيّن رئيس جمعية جوستيسيا بول مرقص، أن شركات التأمين ملزمة بتنفيذ التزاماتها المنصوص عنها في عقد التأمين المبرم مع المضمون.

ففي حال شمل عقد التأمين "حادثة الانفجار" تكون شركة التأمين ملزمة بالتعويض عن جميع الأضرار الناتجة منه.

أما في حال عدم شمول عقد الضمان حوادث الانفجارات صراحة، فهنا يقع التباس قانوني في مدى توافر شروط "القوة القاهرة" في حادثة الانفجار، وهذا ما يخرجها من إطار التعويض. وهنا يبرز دور القضاء اللبناني في مدى اعتبار حادثة الانفجار بمثابة قوة قاهرة أم لا.

ويشرح مرقص أن شركات التأمين تلجأ عادة في عقودها التي تُصنف كعقود إذعان إلى وضع بنود تحميها من الخسائر تعرف بالاستثناءات، عادة ما يوافق عليها المضمون، وتكون منصوصة في العقد بشكل غير واضح، ومن هنا تأتي أهمية أن يكون المضمون اطلع على هذه الاستثناءات التي تشمل عادة القوة القاهرة والحرب والإرهاب.

ولا يستبعد مرقص أن تعتبر شركات التأمين أن الكارثة تندرج في إطار هذه الاستثناءات، وقد تلجأ إلى التذرع بشركات إعادة التأمين العالمية بعدم الدفع.

وعند الخلاف يؤكد مرقص أنه بإمكان المضمون التقدم بدعوى إلزام شركة التأمين بالتعويض، وعادة ما يتم بناء الدعوى من حيث المبدأ على عقد التأمين المبرم مع الشركة، والذي يلزمها قانوناً بالتعويض عن الأضرار ما لم تكن الحادثة مستثناة.

ما بين الوقت والقيمة قد تضيع التعويضات

يدعو رئيس جمعية جوستيسيا شركات التأمين المسارعة في اتخاذ قرارها بالتعويض، وفي رسم استراتيجية واضحة وصريحة في هذا المنحى، لأن واجبها الأساسي يكمن في تحقيق مصلحة المضمون، ولا مصلحة للمضمون في حال كان قرارها غير آني، خصوصاً أن تأخرها ينتج أضراراً بالمضمون، فيكون هذا التأخر بمثابة تملص أو إهمال، وتكون أفعالها غير قانونية، ما يعرضها للمساءلة، من دون الإخلال بمصالح الشركة.

وعن آلية الدفع وبأية عملة، يبيّن مرقص أنه من حيث المبدأ يجب أن تتم دراسة عقد الضمان أولاً، خصوصاً في حال كان يفرض سعر صرف معيّن، لأن العلاقة التي تجمع الشركة بالمضمون هي علاقة تعاقدية، وبالتالي يكون العقد شريعة المتعاقدين. ولكن في حال سكوت العقد يجب أن يكون سعر الصرف هو المعتمد في تاريخ استحقاق دين المضمون، أي لدى وقوع الحادثة، لأن التعويض يجب أن يوازي قيمة الضرر، وفي حال تم اعتماد سعر صرف 1500 فسيلحق ذلك ضرراً بالمضمون، لاسيما أن عقد الضمان يهدف إلى تعويض موازٍ لقيمة الضرر، وهذا التعويض يجب أن يكون فعلياً، ولا تعويض فعلياً يُسند إلى سعر صرف غير واقعي.

إذاً، فدرب التعويضات عبر شركات التأمين لن يكون سهلاً في كارثة محت ممتلكات وثروات أبناء العاصمة بيروت.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد