Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متحف في جدة لمؤسس الموسيقى الملكية السعودية

تتضمَّن مكتبة طارق عبد الحكيم مركزاً للأبحاث في مجال الفن والعزف

بعد سبع سنوات من وفاة "خازن الفن الحجازي"، أعلنت وزارة الثقافة السعودية أنها تنوي تكريم الموسيقار السعودي طارق عبد الحكيم، بافتتاح متحفٍ موسيقيٍّ باسمه في مدينة جدة، حيث عاش معظم فترات حياته.

يضم المتحف المُنتظر افتتاحه أواخر 2022 مجموعة من أرشيف ومتعلقات طارق عبد الحكيم الشخصية، وتتضمَّن آلات موسيقية تخصُّ الفنان، وبكرات تحتوي على تسجيلات قديمة له، إضافةً إلى ألبوم صور ووثائق مرئية وصوتية أثناء تأديته المقطوعات الموسيقية وأغانيه، فضلاً عن تسجيلات أخرى نادرة لفنانين عرب مثل محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، كان يحتفظ بها الموسيقار السعودي في منزله.

وقال عبد الكريم الحميد المتحدث الرسمي لوزارة الثقافة لـ"اندبندنت عربية"، إن الموسيقار الراحل يمثل محطة رئيسة في تاريخ الموسيقى السعودية، وتاريخه الطويل يستحق التوثيق، وخاصة أنه "كان معروفاً باهتمامه بالتاريخ والتوثيق، لذلك استحقَّ أن يُوثق"، مضيفاً أنه لعب دوراً وطنياً في مسيرته، كان أيضاً "سفيراً للموسيقى السعودية على المستوى الدولي، باعتباره أول عربي يفوز بجائزة اليونسكو الدولية للموسيقى عام 1981"، وهذا المُنجز وغيره يمنحه مكانة تاريخية خاصَّة، بحسب الحميد.

 

واختارت الوزارة "بيت المنوفي"، أحد البيوت التاريخية المسجلة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في منطقة البلد في جدة لإقامة المعرض، على أن يكون متحفاً عاماً يُقام بشكل دائم ومفتوح طوال العام، يقدم خدمات فنية، بالإضافة إلى دوره كمتحف.

مكتبة أبحاث موسيقية

لا يقتصر دور "متحف طارق عبد الحكيم" على عرض القطع والنوادر للسائحين وزوار المنطقة التاريخية، إذ يستهدف المتحف الوصول إلى الأكاديميين والمتخصصين في العلوم الفنية والموسيقية.

فبحسب عبد الكريم الحميد "سيكون المركز منصَّة جامعة لكل أنواع البحوث الموسيقية، ومساحة حرة للباحثين في الموسيقى"، إذ سيحتوي المتحف في شقه الثاني على مقالات وكتابات عن الموسيقى السعودية وأرشيفها ووثائقها التاريخية، بالإضافة إلى أبحاث أخرى عن الموسيقى العربية، سيتولَّى المتحف بمساعدة الوزارة جمعها وتسهيل الوصول إليها للباحثين الموسيقيين الذين يتطلعون إلى توسيع معرفتهم بالموسيقى، أو من يبحثون عن مراجع محكمة للموسيقى في المنطقة تخدم أعمالهم البحثية والأكاديمية.

لماذا طارق عبد الحكيم؟

لم تبخُل الساحة الفنية السعودية في تقديم أسماء غنائية تزاحم طارق عبد الحكيم في تعليق اسمها فوق بوابة المتحف الفني السعودي الأول، بل ربما لم يكُن أكثرهم موهبةً، إلا أن عبد الحكيم كان مُفترقَ طُرُق في مسيرة الأغنية السعودية دون مُنازع.

فقد كان قرار التحاق طارق عبد الحكيم بالجيش في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي نقطة تحوُّل في موقعه من الأغنية السعودية، على الرغم من عدم حماسته في حينها للعمل العسكري، فإنها كانت فرصته الوحيدة لدراسة الموسيقى، وهو الأمر الذي لا يتأتَّى لغيرها من القطاعات في حينها، فبفضل ذلك كان وكيل المدفعية أول سعودي يجيد قراءة السلم الموسيقي بعد أن ابتعثه وزير الدفاع لدراسة الموسيقى في مصر عام 1952.

يذكر الناقد الفني علي فقندش لـ"اندبندنت عربية" أن الابتعاث كان شخصياً من قبل وزير الدفاع، وليس من الوزارة لأسباب عقائدية "تعذَّر في ذلك الوقت ابتعاث طارق عبد الحكيم لدراسة الموسيقى على حساب الوزارة لموقف المؤسسة الدينية الرسمية من المعازف، على الرغم من حاجة الجيش في حينه لموسيقي، ما دفع الأمير منصور بن عبد العزيز وزير الدفاع وقتها، إلى ابتعاثه على حسابه الشخصي"، ليعود منها لتأسيس أول مدرسة موسيقية للأمن العام في 1954، ليصنع نقطة تحوُّل في الأغنية السعودية "الأغنية قبل طارق عبد الحكيم، بالإضافة إلى عبد الله محمد، كانت أغانيَ جماعيةً ومذهبيةً، قبل أن يُضيفا لها الكبلهة والألحان المتنوعة". كما طور النشيد الوطني السعودي بعدها، إلا أن الأهم أتى بعد ذلك، إذ يضيف فقندش أن خطوة تأسيسه فرقة الإذاعة في 1961 هي المرحلة الأهم في مسيرته "يصح لنا القول إن مؤسس الأغنية السعودية هو طارق عبد الحكيم، لكونه أول من أسس فرقة رسمية وسليمة وبشكل محترف عند تأسيسه فرقة الإذاعة"، وهي الفرقة الرسمية التي كانت تعزف السلام الملكي والمارشات العسكرية في حينه، لذا يمكن تسميته مؤسس الأغنية السعودية الحقيقي، فضلاً عن إسهاماته في حماية النمط الموسيقي الحجازي من الاندثار، باعتماده موروثها في كثير من موسيقاه وأغانيه.

السعودية تُعيد اكتشاف فنَّانيها

لم يكُن طارق الاسم الأول الذي أعادت الرياض اكتشافه في السنوات الأخيرة، فبعد قرون كانت الأغنية فيها خطيئة، ومُؤدِّيها كذلك، قرَّرت السعودية أن تُكرِّم فنانيها ابتداءً من طلال مداح الذي انتصرت له وزارة الثقافة بإطلاق اسمه على أشهر مسارح البلاد "مسرح المفتاحة"، وهو المكان الذي شهد آخر لحظة من لحظات حياته، قبل أن يسقط على خشبتها في ليلة ودَّع فيها مُحبِّيه بطريقته الخاصة، بينما كان يُحيي حفلته الأخيرة في عام 2000.

 

إذ لا يمكن للسعوديين بمختلف أذواقهم، أن يختلفوا حين يمر اسم "طلال مداح"، على أنه كان رائداً للأغنية السعودية، لا سيما أنه صاحب أولويات في تاريخ الفن السعودي والخليجي، إذ يُعدُّ أول فنان تُترجَم أغانيه على التلفزيون الفرنسي، إضافة إلى أنه كان أول فنان سعودي يُقيم حفلات غنائية خارج البلاد.

المزيد من العالم العربي