Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسوأ أداء نصف سنوي للاقتصاد البريطاني في زمن السلم

انكماش الناتج وارتفاع البطالة وزيادة العجز والدين العام

بنك إنجلترا المركزي  (رويترز)

شهد الاقتصاد البريطاني أسوأ ركود منذ حوالى نصف قرن، نتيجة أزمة وباء كورونا (كوفيد-19). فمع انكماش الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين، أصبح الاقتصاد في ركود تقنياً. وبرغم أن أزمة الوباء أثرت في الاقتصاد العالمي ككل، وفي الاقتصادات الرئيسة بدرجات متفاوتة، وكانت في أغلبها أشد وطأة من تأثير الأزمة المالية العالمية في 2008، إلا أن الاقتصاد البريطاني شهد في الربع الثاني أسوأ انكماش بين الاقتصادات الرئيسة.

ومع بدء غالبية دول العالم إجراءات الوقاية من فيروس كورونا ومنع انتشاره، والتي تضمنت غلق معظم قطاعات الاقتصاد، وفرض الحجر المنزلي على قطاعات واسعة من السكان خلال شهري فبراير (شباط) ومارس (آذار) الماضيين، إلا أن الانكماش الاقتصادي في الربع الأول من العام لم يكن بالحدة نفسها التي جاء عليها في الربع الثاني، ومثّل قمة إغلاق الاقتصادات.

ولم يكن الاقتصاد البريطاني استثناء، فانكمش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول بنسبة 2.2 في المئة، أما في الربع الثاني (الأشهر من أبريل وحتى يونيو) فشهد انكماشاً نسبته 20.4 في المئة، هو الأسوأ منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وتجاوز الانكماش ربع السنوي في الربع الثاني أسوأ انكماش ربع سنوي سابق عام 1974 خلال أزمة عمال المناجم في بريطانيا.

ويزيد انكماش الاقتصاد البريطاني في النصف الأول من العام عن ضعف معدل الانكماش في الفترة نفسها في الاقتصاد الأميركي أو الألماني.

ركود عميق 

يعد هذا الركود الثامن رسمياً منذ بدء مكتب الإحصاء الوطني في بريطانيا تسجيل أرقام الناتج المحلي الإجمالي بشكل ربع سنوي عام 1955. ولتبيان مدى عمق هذا الركود، فيذكر أنه مع الأزمة المالية العالمية استمر الركود سنة وربع السنة (5 أرباع سنوية متتالية) لكن معدل الانكماش لم يتجاوز ستة في المئة.

وبنهاية الربع الثاني من العام فقد الاقتصاد البريطاني أكثر من سدسه بحسب بيانات المكتب. وبحلول شهر يونيو (حزيران) انكمش بنسبة 17.2 في المئة مقارنة مع شهر فبراير، أي قبل إغلاق الاقتصاد ضمن إجراءات الوقاية من وباء كورونا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب أرقام مكتب الإحصاء الوطني انتهى الربع الثاني (نصف العام) و5.8 من شركات التصنيع و17.4 في المئة من شركات البناء والتشييد و12.6 من الشركات العاملة في قطاع الخدمات، لا تزال مغلقة ومعطلة من العمل.

ومن بين شركات قطاع الخدمات الذي يمثل نحو 80 في المئة من الناتج الاقتصادي البريطاني، عانت شركات الضيافة من فنادق ومطاعم وغيرها التراجع الأكبر، لتهوي في الربع الثاني بنسبة 87 في المئة.

أما السفر الجوي، وكما هو الحال في بقية دول العالم، فقد ظل بنهاية يونيو أقل من معدلاته في فبراير بنسبة 95.7 في المئة، ما يعني أن القطاع ظل في حال شلل تام تقريباً.

 معدلات البطالة 

وبرغم أن نسبة البطالة الرسمية لا تزال عند 3.9 في المئة حتى الآن، إلا أن أعداد العاطلين من العمل لن تقل عن نسبة تراوح بين 7.5 و10 في المئة من القوة العاملة في بريطانيا، ما إن تظهر الآثار النهائية لأزمة كورونا، وتتوقف برامج الدعم الحكومي التي تحافظ على الوظائف حتى الآن.

وإذا أخذنا إعلانات الشركات تسريح العاملين وإلغاء وظائف خلال الأشهر الأخيرة، مثل شركة بريتش ايروايز ورولزرويس وغيرها، نجد أن هناك 113 ألف وظيفة ألغيت بسبب وباء كورونا.

وبحسب مكتب الإحصاء الوطني فإن عدد العاملين على كشوف الرواتب انخفض في الأشهر من مارس إلى يوليو بمقدار 730 ألف موظف.

يذكر أن حوالى 9.5 مليون بريطاني يستفيدون الآن من برنامج الحفاظ على الوظائف الذي تدفع بموجبه الخزينة العام القدر الأكبر من رواتب الموظفين في الأعمال التي تعطلت بسبب إغلاق الاقتصاد للوقاية من وباء كورونا كي تحافظ الشركات والأعمال على العاملين فيها. هذا إلى جانب الزيادة الكبيرة في أعداد المتقدمين للحصول على إعانات البطالة، والتي وصلت إلى 6.3 في المئة من سكان بريطانيا.

وتحسب نسبة البطالة عن طريق أعداد من يبحثون عن عمل، وهذه الأعداد ما زالت غير دقيقة حتى الآن، فحتى من يسرّحون من وظائفهم حالياً لا يبحثون عن عمل في ظل وضع الشركات التي لا توفر وظائف، بل على العكس تلغيها في إطار عمليات إعادة الهيكلة لتقليل التكاليف.

ونتيجة برامج الدعم للعاملين والشركات وقطاعات الاقتصاد المختلفة، ولتغطية برامج الرعاية الاجتماعية، اضطرت الحكومة للاقتراض بمعدلات غير مسبوقة، ما رفع العجز في ميزان حساب الحوكمة المالي إلى أكثر من 440 مليار دولار (337 مليار جنيه استرليني). وارتفع الدين العام في بريطانيا ليقترب من حجم الناتج المحلي الإجمالي (الدين العام 99.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) مع زيادة الدين في يونيو إلى 2.59 تريليون دولار (1.98 تيرليون جنيه استرليني).

وما يزيد من تفاقم أزمة الاقتصاد البريطاني أن الانتعاش الاقتصادي بعد أزمة كورونا لا يبدو سريعاً، فلم تعد التوقعات بانتعاش نهاية هذا العام ولا حتى العام المقبل، بل ربما لا يكون إلا في 2022.         

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد