Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عبور القناة: وزراء متهمون "بتأجيج التوتر والانقسام" بتصريحاتهم عن المهاجرين

بعد استحداث منصب "قائد مكافحة تهديد التسلل عبر القناة الإنجليزية" الحكومة البريطانية توضح أنها لا تعتبر أن المهاجرين يشكلون تهديداً

سياسات الحكومة "تدفع بالمهاجرين إلى سلوك طرق أشد خطورة، وتضعهم في قبضة الجماعات الإجرامية" (رويترز)

تعرّض وزراء في الحكومة البريطانية لاتّهاماتٍ "بتأجيج التوتّر والانقسام" في البلاد من خلال تصريحاتهم عن عمليّات عبور المهاجرين القناة الإنجليزية بواسطة قوارب، في سعيهم إلى طلب اللجوء إلى المملكة المتّحدة. وقد وصف رئيس الوزراء بوريس جونسون تلك الرحلات بأنها أعمالٌ "سيّئة للغاية وغبية وخطرة وإجرامية"، في وقتٍ تمّ تعيين ضابطٍ سابق في البحرية الملكية في منصب "قائد مكافحة تهديد التسلّل عبر القناة".

وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل اعتبرت أن عمليات العبور هي "غير مقبولة على الإطلاق"، في وقتٍ وصفتها البيانات الحكومية مراراً عدّة بأنها غير قانونية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن آن مغلافلين الرئيسة المشاركة للمجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب APPG المعنية بموضوع اللاجئين، قالت للاندبندنت إن "عبور الناس القناة باستخدام طرق غير نظامية لا يُعدّ غير قانوني". ورأت أن "اللغة المستخدمة تبدو متعمّدة للغاية وأيديولوجية، لجهة الآراء التي ينطوي مضمونها على وجوب اعتبار أولئك الأشخاص مجرمين لا بشراً".

وأضافت: "لا أعتقد للحظة واحدة أنهم ليسوا على دراية بأن استخدام تعابير مثل "قائد مكافحة التهديد في القناة"، سيجعل الناس ينظرون إلى هؤلاء الأشخاص على أنهم يشكّلون تهديداً".

آن مغلافلين التي هي عضو في "الحزب القومي الأسكتلندي" SNP، انتقدت توصيف رئيس الوزراء البريطاني عمليات العبور بأنها "خطيرة وإجرامية" واعتبرت تلك التصريحات بأنها "دنيئة المستوى"، و"تهدف إلى زرع الانقسام".

وتابعت قائلةً: "ما يمكنني استنتاجه، أن ما تهتم به الحكومة هو بناء جدران لمنع الناس من الوصول إلى القناة وليس معالجة الأسباب الجذرية لتدفّق المهاجرين".

أما ديفيد سيموندز الرئيس المشارك للمجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب المعنية بموضوع اللاجئين، وهو من حزب "المحافظين"، فدعا الحكومة البريطانية إلى تعزيز إنشاء "طرق قانونية ذات بنية قوية" لطلب اللجوء إلى المملكة المتّحدة، من أجل السيطرة على الوضع، معتبراً أن "الطرق الراهنة المعتمدة ليست قوية بما يكفي". وحذّر من أنه على الرغم من أن علميات العبور ستتراجع عندما تسوء أحوال الطقس، إلا أن معدّل الطلب على اللجوء سيبقى على حاله".

وأشار سيموندز إلى أن "عدداً كبيراً" من المهاجرين قد لقوا حتفهم حتى الآن خلال محاولاتهم الوصول إلى السواحل البريطانية، وأن العدد الحقيقي ما زال غير معروف. وأضاف: "ليست لدينا أدنى فكرة في الوقت الراهن عن عدد الأشخاص الذين فُقدوا أثناء عبورهم القناة، لكن قياساً على تجارب سابقة، فإننا نعرف أن هناك حالاتٍ من الغرق لم يتم العثور على جثث أصحابها".

ويُعتقد أن أكثر من 4 آلاف مهاجرٍ قد وصلوا إلى المملكة المتّحدة حتى الآن خلال هذه السنة، باستخدام قواربَ صغيرةٍ، ما يرفع عدد محاولات عبور القناة الإنجليزية التي لم تتوقّف منذ العام 2018. ومع وصول مزيدٍ من الأفراد يوم الأربعاء الفائت، اعتبرت ناتاشا بوشار عمدة مدينة كاليه الفرنسية، أن إرسال سفنٍ تابعة للبحرية الملكية البريطانية إلى القناة سيكون بمثابة "إعلان حربٍ بحرية".

وأضافت بوشار: "يتعيّن على الحكومة البريطانية أن تكون قادرةً على تحمّل مسؤوليّاتها. نحن في كاليه لم نعد نريد أن نكون بمثابة رهائن دائمين نتلقّى محاضراتٍ من القادة البريطانيّين".

أما  لورا بادوان المتحدّثة الرسمية باسم المفوّضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين UNHCR، فأشارت إلى إن ردّ الفعل في شأن عمليّات عبور القناة أصبحت "مشحونةً إلى حدٍّ كبير"، على الرغم من أن المملكة المتّحدة تتلقّى عدداً أقلّ بكثير من طلبات اللجوء إلى أراضيها، مقارنةً بسائر الدول الأوروبية الأخرى، بما فيها ألمانيا وفرنسا.

وبحسب أرقامٍ رسمية صادرة عن "المفوّضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين"، تراجع عدد اللاجئين المقيمين في المملكة المتّحدة من 238 ألف شخص، إلى 133 ألفاً في الفترة الممتدّة ما بين العامين 2009 و2019.

واعتبرت بادوان في تصريح إلى الاندبندنت أن هذه المسألة "لا تُعدّ أزمة، بل وضعاً يمكن التعامل معه. أما في ما يتعلّق بالأفراد الذين يعبرون القناة، فإن إنقاذ الأرواح يجب أن يكون الشاغل الأكبر، سواءٌ في البحر أو على البر".

ورأت المتحدّثة الرسمية باسم "المفوّضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين" أنه بدلاً من استخدام زوارق بحرية كبيرة لصدّ قوارب واهية وربّما التسبّب في عواقب أكثر خطورة، يتعيّن تكثيف الجهود لزيادة عمليات البحث والإنقاذ، ومكافحة عصابات التهريب الإجرامية. وأضافت: "يتعيّن أن يكون ردّنا إنسانياً وليس ردّ فعل مبالغاً فيه".

معلوم أن وثيقةً رسمية صادرة عن "المفوضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين" في ما يتعلّق بالمصطلحات، تنصّ على أن تعبير "مهاجر غير شرعي" هو غير صحيح من الناحية القانونية ويُعدّ "خالياً من الإنسانية". وتعتبر الوثيقة أيضاً أن "مصطلح غير "شرعي" يصوّر المهاجرين على أنهم مخادعون، وغير مستحقّين الحماية ومجرمون يشكّلون تهديداً للمصلحة العامّة.

وتشير الوثيقة إلى أن "هذا من شأنه أن يساهم في تطبيع استخدام التدابير العقابية وسبل إنفاذ الأحكام وتطبيق الإجراءات، لمعاقبة المهاجرين غير الشرعيين وردعهم".

ورأى "مجلس اللاجئين" Refugee Council (منظّمة مقرّها بريطانيا تساعد المهاجرين وطالبي اللجوء)، أنه ينبغي عدم استخدام مصطلح "مهاجرين غير شرعيّين" في وصف أشخاصٍ مستضعفين يبحثون عن الأمان والحماية.

واعتبرت مديرة لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين في المنظّمة ليزا دويل أن "هذه اللغة غير المفيدة يمكن أن تساهم في إذكاء التوتّر والانقسام، في وقتٍ نحتاج من الحكومة أن تظهر قيادةً قوية ومتسامحة ومسؤولة، في ما يتّصل بسياسة اللجوء إلى المملكة المتّحدة".

وفي المقابل، رأى "المجلس المشترك لرعاية المهاجرين" في بريطانياThe Joint Council for the Welfare of Immigrants (مؤسّسة خيرية تقدّم مشورةً قانونية للمهاجرين وتعمل على مناهضة التمييز)، أن الإمعان في استخدام كلمة "غير شرعي" هو "خاطىءٌ ومجرّدٌ من الإنسانية، ويبدو أنه يهدف إلى إثارة المشاعر المعادية للمهاجرين".

واعتبر مدير السياسة القانونية في المجلس تشاي باتيل أن "للأفراد حقّاً قانونياً في عبور الحدود بين الدول من دون وثائق، التماساً للّجوء". وأشار في المقابل إلى أن "لا وجود لإنسان غير قانونيّ، فهذه اللغة تُفضي إلى مفهوم خاطئ مفاده أنه يجب محاكمة المهاجرين ومعاقبتهم، بدلاً من التعامل معهم بالكرامة والاحترام اللذين يستحقّهما جميع الأفراد".

وفي المقابل، اتّهمت مؤسّسةCharity Refugee Action  وهي منظّمة خيرية مستقلّة تقدّم المشورة والدعم للاجئين وطالبي اللجوء في المملكة المتّحدة، الحكومة البريطانية بأنها تناصب "العداء الصريح والعدوانيّ" لطالبي اللجوء الذين يعبرون القناة الإنجليزية على متن القوارب. وقال رئيسها التنفيذي ستيفن هيل إن هذا الواقع "يجعل الوضع الرديء يزداد سوءاً على نحوٍ كبير".

وأشار إلى أن "لغتهم لا تُظهر أي نوع من التفهّم أو التعاطف حيال أفراد فرّوا من دول تمارس أعمال العنف والقمع، وقد عانوا بأشكالٍ تفوق تصوّراتنا".

وأضاف هيل: "هذه اللغة ستساهم بالتأكيد في زيادة حدّة القلق الذي يشعر به كثير من طالبي اللجوء الموجودين الآن داخل المملكة المتّحدة من جهة، وفي منح غطاءٍ للذين يرغبون في إلحاق الأذى بهم من جهةٍ أخرى".

وكانت جماعة "بريطانيا أولاً" Britain First المتطرّفة، قد أطلقت "زورق دورية" عبر القناة الإنجليزية، فيما عمل ناشطون ينتمون إلى اليمين المتطرّف على مضايقة المهاجرين في أحد مراكز الاستقبال الموجودة في مرفاً دوفر الجنوبي.

وفي توضيح لتعبير "تهديد" المستخدم في وصف المنصب المستحدث لـ "قائد مكافحة تهديد التسلّل عبر القناة الإنجليزية"، ذكرت متحدّثةٌ باسم وزارة الداخلية البريطانية أن الوصف هو "مصطلحٌ إجرائي يمكن أن يشير إلى أي أمرٍ من شأنه أن يضرّ بسلامة الحدود". ونفت أن تكون الحكومة البريطانية قد لجأت إلى وصف المهاجرين بأنهم يشكّلون تهديداً.

وكانت وثيقةٌ صادرة عن وزارة الخارجية البريطانية قد أشارت إلى أن الهجرة "غير الشرعية" و"غير النظامية" هما مصطلحان مختلفان في نظر الحكومة، بحيث يشير الأول إلى عمليات تهريب الأشخاص وعصابات الجريمة المنظّمة.

ووصفت الوثيقة المملكة المتّحدة بأنها "إحدى الدول الرائدة في إعادة توطين اللاجئين في العالم"، وذكرت أن هناك محاولة لوضع خطةٍ عالمية جديدة تكون منفتحةً على طالبي اللجوء من أيّ بلد، وليس من سوريا فقط.

وقد حذّر تقرير رسمي صدر عن "لجنة الشؤون الخارجية" في البرلمان البريطاني في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من أن سياسات الحكومة "تدفع بالمهاجرين إلى سلوك طرق أكثر خطورة، وتضعهم في قبضة الجماعات الإجرامية".

ونبّه نوّاب في مجلس العموم، إلى أن إنفاق الحكومة البريطانية ملايين الجنيهات على تعزيز الأمن حول الموانئ الفرنسية الرئيسية، قد أدّى إلى زيادة أعداد المهاجرين الذين يحاولون عبور القناة على متن قواربَ صغيرةٍ، وأنه يتعيّن على الحكومة بدلاً من ذلك أن توسّعَ نطاقَ الطرقِ القانونيةِ المتعلّقةِ بطلب اللجوء، والعمل على معالجة الأسباب الجذريّة للهجرة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار