Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصاد التونسي أمام تحدي "إجراءات صعبة" في مواجهة كورونا

111 ألف مواطن فقدوا وظائفهم خلال الربع الثاني من عام 2020

يرى البعض أن ما تعيشه تونس اليوم هو نتيجة حتمية للاعتماد على قطاعات اقتصادية مرتبطة بالخارج (رويترز)

سجّل الاقتصاد التونسي تراجعاً وانخفاضاً بنسبة غير مسبوقة بلغت 21.6 في المئة سالب، باحتساب الانزلاق السنوي (2020)، حسب تقرير للمعهد الوطني للإحصاء. فهل هذا التراجع نتيجة لجائحة كورونا فحسب، أم هو تراكم لسنوات من الخيارات الخاطئة للحكومات المتعاقبة على تونس بعد الثورة؟

 

المطلوب إجراءات جريئة

الدكتور في المالية العامة عز الدين سعيدان، والذي كان له لقاء برئيس الحكومة المكلف في إطار المشاورات، أعرب عن "ارتياحه للقاء هشام المشيشي الذي تفاعل إيجابياً مع الأفكار، وأبدى استعداداً لطرحها على طاولة النقاش".
ورأى سعيدان في تصريح خاص لـ" اندبندت عربية" أن "حكومة الكفاءات المستقلة ستكون حكومة انجاز بنسبة إيجابية اذا ما نالت الثقة"، واعتبر ذلك " مؤشراً هاماً لإنقاذ الاقتصاد التونسي من براثن الانهيار".
من جانب اخر، يعتقد سعيدان أنه لا يمكن الخروج من هذا المأزق الاقتصادي إلا بإتخاذ إجراءات صعبة وجريئة مع انطلاق عمل الحكومة الجديدة".

وأفاد سعيدان أنه ابلغ المكلف بتشكيل الحكومة تصوراته لانقاذ الاقتصاد الوطني، والتي تتمثل بداية بتوقيع كل الأطراف المعنية على وثيقة لتشخيص الوضع،  والمرور مباشرة نحو إعداد وتطبيق برنامج إصلاح هيكلي يساهم في إيقاف النزيف عن طريق إصلاح التوازنات الاقتصادية والاجتماعية و المالية".
كما يضيف سعيدان أن الحلول متوفرة، لكنها  تتطلب جرأة سياسية في اتخاذ القرارات الصعبة في الوقت المناسب، بخاصة أن المخطط الذي عرضه على المكلف بتكوين الحكومة، يمتد على 5 سنوات ويتطلب دقة كبيرة في الإنجاز.

ويعتبر المدير العام للمعهد الوطني للإحصاء عدنان لسود، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، أن "هذا الانكماش يأتي نتيجة إقرار الحجر الصحي للتصدي لانتشار كوفيد-19. وقد شمل القطاعات الاقتصادية كلها باستثناء القطاع الزراعي".

لكن الصحافية المتخصصة في الاقتصاد جنات بن عبد الله تعتقد أن "ما تعيشه تونس اليوم في ظل جائحة كورونا وتدهور المؤشرات الاقتصادية، لا تقتصر أسبابه على الأزمة الصحية". فالأزمة، وفق بن عبد الله، "عرّت الوضع الاقتصادي وسرّعت في كشف المستور".

تضيف بن عبد الله، "هذا التراجع في النمو مؤشر للانهيار غير المسبوق للاقتصاد التونسي"، موضحة أن "هذا التدهور جاء نتيجة تراجع الصناعات المعملية 7 في المئة مقارنة بالفترة نفسها للسنة 2019، خصوصاً قطاع النسيج والملابس والصناعات الميكانيكية. فهذه القطاعات موجهة إلى السوق الأوروبية، وقد شهدت تراجعاً ضمن تراجع الطلب من بلدان الاتحاد الأوروبي التي تعرف بدورها أزمة اقتصادية جراء الأزمة الصحية".

قطاع وحيد

لكن، ثمه قطاع وحيد سجل نسبة نمو إيجابية ولو ضعيفة، هو القطاع الزراعي. وتلاحظ بن عبد الله، أن "القطاعات التي ارتكزت عليها التنمية في تونس، وهي السياحة والصناعات المعملية، كانت وراء الانهيار السريع في نسبة النمو". تضيف "في الوقت الذي كنا ننتظر من السلطات دعم القطاع الديناميكي والاستراتيجي القادر على خلق الثروة في زمن الأزمة الحالية، واصلت السلطات تهميشها للزراعة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فما تعيشه تونس اليوم، وفق بن عبد الله، "هو نتيجة حتمية لمنوال تنموي قام على قطاعات اقتصادية مرتبطة بالخارج مع تجاهل قطاع حيوي كان يمكن أن يشكل قاطرة لنمو قطاعات عدة كالصناعات الغذائية".

أوضحت، أن "الصدمة التي تلقاها الاقتصاد التونسي تستدعي إعادة النظر في منوال التنمية"، معربة عن "ألا مخرج أمامنا إلا إعطاء المكانة الاستراتجية للقطاع الزراعي لضمان حد أدنى من النمو، في ظل تعطل الأنشطة الاقتصادية الأخرى. وذلك بتوفير نسبة كبيرة من الاستثمارات ومن التمويل المصرفي والحوافز والتشريعات نحو هذا القطاع الحيوي القادر على خلق الثروة، في انتظار العودة البطيئة للقطاعات الأخرى".

منعطف خطير

وتلفت بن عبد الله إلى أن "نسبة نمو سلبية، ما يعني تدمير الأنشطة الاقتصادية وآلاف فرص العمل".

وفقد 111 ألف تونسي وظائفهم خلال الربع الثاني من عام 2020، فارتفع عدد العاطلين عن العمل من634  ألف خلال الربع الأول من العام إلى 746 ألف في نهاية يونيو (حزيران).

وفي ظل ذلك، تقول بن عبد الله، "تدهورت القدرة الشرائية لفئات واسعة من التونسيين وارتفعت نسبتا الفقر والجريمة"، مضيفة "تونس على أبواب مجاعة، والفقير لن يجد ما يأمل والمريض لن يجد دواء. لقد دخلنا، خصوصاً مع الموجة الثانية لكورونا، في منعطف خطير لأن النسق السريع وتعطل الاقتصاد".

وتخلص بن عبد الله إلى أنه "لا يمكن الحديث عن دوران العجلة الاقتصادية مع هذه النخبة السياسية. ولا أمل في الحكومة العتيدة لأن أدوات التعاطي والتحليل تقليدية نمطية تتحرك بوصفات صندوق النقد الدولي".

وتعيش تونس بالتوازي مع هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة أزمة سياسية بإعادة تشكيل حكومة جديدة بعد استقالة رئيس الحكومة الياس الفخفاخ بعد خمسة أشهر من تكليفه.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي