Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الليرة التركية تواصل النزيف

محللون: لم يعد أمام البنك المركزي سوى رفع الفائدة أو مواجهة الإفلاس

الليرة التركية تواصل الانهيار أمام الدولار الأميركي  (رويترز)

فيما تواصل الليرة التركية انهيارها مقابل الدولار الأميركي، حذر محللون وخبراء مصرفيون، من أن كل خسارة جديدة في قيمة الليرة مقابل الدولار تزحف بالاقتصاد التركي نحو الإفلاس، بخاصة في ظل سعر الفائدة المنخفض الذي يجبر الأتراك على التخلص من العملة المحلية والاحتفاظ بالدولار ما يدفع إلى ارتباك سوق الصرف وتكبد العملة التركية مزيداً من الخسائر خلال الفترة المقبلة.

ونزلت الليرة التركية إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار الأميركي خلال تعاملات اليوم الاثنين، حيث تنامت توقعات المستثمرين لتبني البنك المركزي خطوات تشديد نقدي بينما يترقبون اجتماع سعر الفائدة هذا الأسبوع. وهبطت الليرة بأكثر من 0.25 في المئة إلى 7.3880 مقابل الدولار من حوالي 7.3650 في تعاملات يوم الجمعة الماضي.

وتشير حسابات "اندبندنت عربية"، إلى أن الليرة التركية تراجعت بنحو 27.24 في المئة مقابل الدولار الأميركي منذ بداية العام الحالي، حيث ارتفع سعر صرف الدولار من مستوى 5.8 ليرة في نهاية العام الماضي إلى مستوى 7.38 ليرة في تعاملات صباح اليوم، ليربح الدولار نحو 1.58 ليرة.

وفي حين تنامت التوقعات لزيادة رسمية لأسعاِر الفائدة من أجل كبح خسائر الليرة، فقد لجأ البنك المركزي حتى الآن إلى إجراءات غير رسمية لرفع تكلفة التمويل، بما في ذلك خطوات على صعيد السيولة وتوجيه المقرضين للاقتراض بسعر أعلى.

ووفق وكالة "رويترز"، قال مصرفي من إدارة الخزانة ببنك تجاري، إن إجرءات التشديد مهمة لليرة التي لم تهبط بالسرعة التي هبطت بها خلال الأزمة المالية في 2018.

ومن المقرر أن يعلن البنك المركزي قراره بشأن سعر الفائدة لشهر أغسطس (آب) يوم الخميس المقبل. ويتوقع بعض المحللين أن يقوم "المركزي التركي" برفع سعر الفائدة الرئيسي، بينما يتنبأ آخرون بأن يواصل سياسة التشديد من خلال السيولة بدلاً من رفع السعر رسمياً.

ويوم الجمعة، قال الرئيس رجب طيب أردوغان إنه سيعقد اجتماعاً لمجلسه الاقتصادي لبحث التطورات، مضيفاً أن تركيا سبق أن واجهت مثل هذه الهجمات وأنها تقف على "أرض صلبة".

 

"المركزي التركي" يفشل في احتواء الأزمة

قبل أيام، قال البنك المركزي التركي إنه سيخفض حدود السيولة المسموح به للمتعاملين الرئيسيين، في خطوة تستهدف رفع قيمة الليرة، غير أن العملة التركية استمرت في التراجع على رغم هذه التصريحات.

ودعا محللون اقتصاديون البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة للتصدي لانخفاض قيمة الليرة. غير أن البنك حافظ على سعر الفائدة القياسي من دون تغيير عند 8.25 في المئة منذ مايو (أيار) الماضي، ومن المقرر عقد الاجتماع المقبل للنظر في سعر الفائدة في 20 أغسطس الحالي.

ولم تنجح عمليات بيع الدولار واسعة النطاق التي قامت بها البنوك الحكومية التركية خلال العام الحالي في النهوض بقيمة الليرة.

وقال محلل الاقتصاد الكلي، أحمد الحارثي، إن استمرار انهيار الليرة التركية يضغط بشدة على احتياطي البلاد من النقد الذي يتآكل بشدة في ظل التداعيات والمخاطر العنيفة التي خلفها فيروس كورونا على الاقتصاد التركي.

وأوضح في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن كل خسارة جديدة في قيمة الليرة مقابل الدولار تتسبب في العديد من الأزمات أهمها معدلات التضخم التي ستواصل الارتفاع، كما تنكمش الاستثمارات بسبب عدم استقرار سوق الصرف، وأيضاً ستواصل الحكومة اعتمادها على الاحتياطي الموجود لدى البنك المركزي لوقف هذا الانهيار الذي لن يتوقف في ظل الأوضاع والسياسات الخاطئة التي تنتهجها السلطات والحكومة التركية.

وأشار إلى أن الانهيارات المستمرة في قيمة الليرة تدفع الحكومة التركية إلى خيار واحد فقط وهو رفع أسعار الفائدة لاحتواء التضخم الناجم عن انهيار العملة، وفي حال استمرار الأسعار المخفضة للفائدة فإن الأمور ستتجه إلى الأسوأ والأزمات ستتضاعف بنهاية العام الحالي.

توقعات صادمة لليرة في نهاية 2020

كانت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" قد أشارت في مذكرة بحثية، إلى أن الاستقرار الذي شهدته العملة التركية خلال الأسابيع القليلة الماضية لن يدوم طويلاً في ضوء حقيقة النزيف المتواصل في الاحتياطات والأصول الأجنبية للقطاع المصرفي التركي.

وأضافت "لقد كانت الليرة التركية إحدى أسوأ العملات أداء في الأسواق الناشئة منذ مطلع العام الحالي أمام الدولار الأميركي بالتزامن مع الانهيار الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا. ومع حقيقة أن تركيا مستورد صافٍ للطاقة، وفي وقت كانت عملات الأسواق الناشئة تظهر بعض علامات التعافي من الجائحة كانت الليرة التركية تواصل الاتجاه الهبوطي أمام الدولار الأميركي".

وأشارت "كابيتال إيكونوميكس" إلى أن التوقف المؤقت في هبوط الليرة جاء بدعم من زيادة خطوط مبادلة الائتمان التي تلقتها أنقرة من "حليفتها قطر". غير أن المذكرة أوضحت أن أثر ذلك الدعم لن يستمر طويلاً مع ضعف في أساسيات الاقتصاد التركي الذي دخل جائحة كورونا وهو يعاني من تدهور في ميزان المعاملات الخارجية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتوقعت المؤسسة أن تنهار الليرة التركية لمستويات 7.5 ليرة للدولار الواحد بنهاية العام الحالي مع استمرار الضغوط التي يتعرض لها صافي الأصول الأجنبية بالمصارف التركية.

فيما قال محللون في "كوميرز بنك" الألماني، إن أوضاع الأصول الأجنبية في المصارف التركية تتدهور على نحو مطرد، وإن البنوك التركية تدخلت بناء على تعليمات السلطات بالتعاون مع البنوك الحكومية لوقف هبوط الليرة أمام الدولار.

أضافت "إذا كان هناك تدخل مستمر في سوق الصرف فإن هذا سيترجم إلى ضعف في سعر الليرة على المدى المتوسط مع الضعف الذي سيعتري ميزانيات البنوك والاختلال المتوقع في صافي الأصول الأجنبية لديها التي ينتظر أن تواصل تدهورها خلال الأشهر القليلة المقبلة".

وأخيراً، قالت مصادر مصرفية لوكالة "بلومبيرغ"، إن السلطات الحكومية في تركيا طالبت البنوك باتخاذ إجراءات جديدة لوقف هبوط الليرة من خلال التحوط ضد تقلبات العملة باستخدام العقود المستقبلية. وقالت المصادر للوكالة إن السلطات المصرفية التركية طلبت من البنوك شراء عقود مستقبلية للتحوط ضد أي التزامات بالعملة الأجنبية لعملائها في خطوة من شأنها أن تزيد الضغوط على الليرة التركية خلال الأشهر القليلة المقبلة.

العجز يتجاوز 4 مليارات دولار في يوليو

في الوقت نفسه، أظهرت بيانات من وزارة الخزانة التركية، تسجيل الحكومة المركزية عجزاً في الميزانية قدره 29.7 مليار ليرة (4.02 مليار دولار) في يوليو (تموز) الماضي، في حين بلغ العجز الأولي، الذي لا يشمل مدفوعات الفائدة نحو 21.2 مليار ليرة (2.87 مليار دولار).

وبلغ عجز ميزانية الأشهر السبعة الأولى من السنة 139.1 مليار ليرة (18.848 مليار دولار)، متجاوزاً بقليل ما توقعته الحكومة للعام بأكمله.

وكان وزير المالية التركي براءت ألبيرق، قال الأسبوع الماضي، إن هدف عجز الميزانية لن يتحقق هذا العام بسبب جائحة فيروس كورونا، ليدور العجز بين 5 و6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع التوقع الحكومي السابق البالغ 2.9 في المئة.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد