Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تحول "اتفاق إبراهيم" إلى ما يشبه زلزال سياسي؟

الخارجية الأميركية لـ"اندبندنت عربية": بعد إتاحة الصلاة في المسجد الأقصى للمسلمين لم يعد للمتطرفين عذر بعد الآن

القضية الفلسطينية أكثر المفردات حضوراً في خطاب جماعات التطرف الديني (رويترز)

اختلفت القراءات في المنطقة والعالم للخطوة الإماراتية، التي تمثلت بالإعلان عن صفقة سلام دائم بينها وبين إسرائيل، إلا أنها التقت عند اعتبارها "مرحلة فاصلة" في تاريخ الإقليم دينياً واقتصادياً وأمنياً، وُصف حجم تأثيرها من جانب الكاتب الأميركي البارز توماس فريدمان بـ"الزلزال".

 بينما كان الرد الأقسى على "اتفاق إبراهيم" يتوقع أن يكون من جانب تيارات الإسلام السياسي والعنف، قادت السلطة الفلسطينية في رام الله زمام المبادرة هذه المرة، واستخدمت عبارات "التخوين" الشهيرة. لكن في المقابل اعتبرت السلطات الأميركية الراعية للاتفاق في حديثها مع "اندبندنت عربية" المعاهدة المنتظرة بين "أبو ظبي"، و"تل أبيب" مبادرة ستؤثر في مستقبل المنطقة وحاضرها، والأهم أنها "ستنهي ذرائع المتطرفين في المنطقة".

ورقة فتح أبواب المسجد الأقصى

 قالت الناطقة الإقليمية باسم الخارجية الأميركية جيرالدين جريفيث "ندرك أن العديد من المتطرفين يستخدمون القضية الفلسطينية كذريعة لتطرف الجيل القادم والمسلمين الشباب. إلا أنه لم يعد للمتطرفين مع هذه الاتفاقية أي عذر بعد الآن، لأن الاتفاقية ستسمح للمسلمين بالمجيء من دبي، وأبوظبي، وزيارة إسرائيل بسلام وكذلك الصلاة في المسجد الأقصى. وسيرى العالم كله أن الوضع هناك آمن، وأن الجميع مرحب به هناك".

إلا أن الباحث الأكاديمي المتخصص في قضايا التطرف والإرهاب في المنطقة الأمير عبدالله بن خالد الكبير آل سعود، رأى أن الإشكال الأكبر في تأجيج التطرف لم يعد محصوراً في جماعات التطرف والإرهاب، مثل تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة وحزب الله، ولكن أصبحت دول في الإقليم تستثمر في هذا الخطاب الذي يتلاقى مع التيارات الإرهابية عبر المزايدات السياسية، والتحريض ضد من تختلف معهم سياسياً مثل الإمارات ومصر، في وقت كانت بين أكثر دول المنطقة توطيداً للعلاقة مع إسرائيل. لافتاً إلى أن "رد فعل التنظيمات المتطرفة لا شك سيكون هجومياً ضد القرار، ومحاولة إدراجه في سياق خطاباتهم المتطرفة، التي تهاجم السعودية والإمارات، واستغلاله لاستمالة أعضاء ومتعاطفين جدد".

تحولات كبيرة حقيقية

 ترى المتحدثة الأميركية أن "الإنجاز التاريخي (الاتفاق) يعني منطقة أكثر سلاماً وازدهاراً. وستساعد هذه الاتفاقية على وضع المنطقة على مسار تحولات كبيرة حقيقية، أي، مسار يتمتع بالاستقرار والأمن والفرص. كما أن هذه الاتفاقية وإلى جانب رؤية الرئيس للسلام، ستضع الأساس لإيجاد سلام شامل وعادل وكذلك واقعي ودائم بين إسرائيل والفلسطينيين في المنطقة".  

واعتبرت أنه "يوفر أساساً لمزيد من التقدم نحو السلام الإقليمي في المستقبل وسيؤدي إلى حياة أفضل لشعب الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل وكذلك المنطقة. إذ إن وجود شرق أوسط أكثر استقراراً، لن يوفر ملاذاً آمناً للمتطرفين بعد الآن. وتتمحور هذه الاتفاقية حول تقارب دول المنطقة معاً، إقراراً بمصالحها المشتركة وكذلك العمل في شراكة لمواجهة التحديات المشتركة. إنها حقا خطوة رائعة للمضي قدماً، للمنطقة والعالم بأسره".    

 جدد الأميركيون تأكيدهم على أن "حملة الضغط القصوى على إيران مستمرة"، في إجابة عن سؤال ما إذا كان توحيد الجبهة ضد إيران بين أهداف السلام المعلن عنه. وأضافت المتحدثة "العدوان الإيراني ملموس في جميع أرجاء المنطقة من إسرائيل إلى الخليج. وكما نعرف فإن مجلس التعاون الخليجي، طالب في مجلس الأمن الدولي بتمديد حظر الأسلحة على إيران. إن بلدان الشرق الأوسط تتحدث بصوت واحد الآن ولديها نفس الطلب، حظر الأسلحة عن إيران. ولن نوقف حملتنا حتى تغير إيران سلوكها المزعزع للاستقرار".

وعلى الرغم من اللهجة الفلسطينية الحادة في رفض الاتفاق، تقول جريفيث إن بلادها "تتفهم أن الجانب الفلسطيني لا يحب أجزاء معينة من خطة "رؤية السلام" ولذلك نحن نشجعهم على الجلوس على طاولة المفاوضات مع إسرائيل، وتقديم اعتراضاتهم في سياق المحادثات المباشرة القائمة على تلك الرؤية. كما أن السبيل الواقعي الوحيد لإنهاء هذا الصراع، هو من خلال المفاوضات الهادفة إلى تحقيق سلام شامل وعادل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عبء التاريخ

 تفيد الخارجية الأميركية على لسان الناطقة باسمها، أن الاتفاق الجديد لم يكن مفاجئاً للإقليم، الذي وجدت لدى قادة فيه رغبة في إنهاء الصراع التاريخي بين العرب وإسرائيل، إذ "تتمحور اتفاقية السلام حول اغتنام الإماراتيين والإسرائيليين فرصة تاريخية لخلق مستقبل أكثر ازدهاراً لشعبيهم. وستعمل هذه الاتفاقية على توسيع العلاقات التجارية والمالية بين هذين الاقتصادين المزدهرين، ما سيسرع النمو والفرص الاقتصادية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وقد أجرت الولايات المتحدة مناقشات مثمرة مع القادة في المنطقة، وأصبح من الواضح من خلال المناقشات أنه من أجل إحراز تقدم يتعين علينا جميعاً العمل معاً حول أهداف مشتركة، وكذلك عدم السماح للصراعات التاريخية أن تمنع قيامنا بذلك".

وزادت "لن نقوم بالتنبؤ بالأحداث المستقبلية، لكن يمكنني إخبارك أننا سنواصل مناقشاتنا مع عديد من القادة في المنطقة، ونحن على أمل بأنه سيكون هناك كثير من الأشياء الجيدة في المستقبل".

قوائم الربح والخسارة

أما الكاتب الأميركي فريدمان المهتم بهذا الملف بشكل خاص، فإنه يرى الاتفاق الجديد، وإن كان أقل في إثارته الرأي العام من سابقَيه المصري في كامب ديفيد والفلسطيني في أوسلو، إلا أنه هو الآخر زلزال جيوسياسي على مستوى الشرق الأوسط، و"لن تعود المنطقة كما كانت قبله أبداً".

وقال في مقالة كتبها في النيويورك تايمز "أكبر الخاسرين من الاتفاق هم إيران وحلفاؤها، حزب الله، والمليشيات العراقية، والرئيس السوري بشار الأسد، وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، وحركة الجهاد الإسلامي، والحوثيون في اليمن، بالإضافة إلى تركيا".

 تمثل القضية الفلسطينية واحدة من أكثر المفردات حضوراً في خطاب جماعات التطرف الديني، وبيانات المؤسسات الإقليمية والعربية، باعتبارها متعلقة بالمسجد الأقصى، المقدس عند المسلمين. وهذا ما يُعتقد أنه دفع الأطراف المتحالفة إلى إعطاء مضامين الاتفاق الأولى صبغة تاريخية ودينية، لفتت إلى قيمة المسجد الأقصى والصلاة فيه، والقواسم الدينية المشتركة والتاريخية بين الديانات الإبراهيمية، اليهودية، والنصرانية، والإسلام. وكان هذا المسلك حاضراً منذ حين في خطاب الإمارات الديني، خصوصاً بعد استقطابها عالم الدين الموريتاني عبدالله بن بيه، الذي أشاع بين الأوساط الدينية الخليجية والدولية مصطلح "العائلة الإبراهيمية".

 بحسب خطة السلام، "يجوز لجميع المسلمين أن يأتوا لزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه، وينبغي أن تظل الأماكن المقدسة الأخرى في القدس مفتوحة أمام المصلين من جميع الأديان".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات