Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تنفيذ شعار جونسون بإعادة البناء البيئي سيكون مكلفاً وطويل الأمد

تبدو التغييرات السلوكية التي يقتضيها فيروس كورونا وتلك المطلوبة لمواجهة الطوارئ المناخية متشابهة، إلا أن هذا القياس تشوبه شوائب

يتخبَّط رئيس الحكومة البريطاني في سياساته الطموحة التي قد يشكل تنفيذها تحدّياً يطيح بزعامته (رويترز) 

إنه أحد الأشياء التي يتَّفق الجميع عليها، ما يعني أنها ربَّما عديمة المعنى، أو خاطئة. فعندما أعلن بوريس جونسون في خطابه "ابنِ، ابنِ، ابنِ" في دودلي أننا سوف "نُعيد البناء بشكل أكثر خُضرةً،" كان يُعبِّر عن وجهة نظر تحظى بالإجماع.

يقول المحافظون وجميع أحزاب المُعارضة في البرلمان إن الركود الناجم عن فيروس كورونا يُمثِّل فرصة لإعادة ضبط الاقتصاد ليأخذ أزمة المناخ على محمل الجد.

إنهم مُحقّون بشأن أمر واحد. فقد أظهر الإغلاق كيف يمكن للحكومات، إذا كان لديها الدعم الشعبي، أن تُدير التغييرات الكُبرى في طريقة عيش الناس وعملهم. فقد كانت إحدى العقبات التي تعترض السياسات الخضراء الجذرية منذ فترة طويلة تتمثل في استحالة إحداث تغييرات ما لم تكُن طويلة الأجل وتدريجية، مثل استبدال كل غلّاية غاز في البلد، وإنهاء توليد الكهرباء بالوقود الأحفوري، وإلغاء محرك الاحتراق الداخلي، ووقف الطائرات.

حسناً، لقد استغنينا عن السفر جوّاً لمدة أربعة أشهر حتى الآن، وبالنسبة إلى البعض منّا لم ينطوِ ذلك على أي خسارة، بل كان مكسباً في مُجمله. وكان الهدوء الذي عمَّ سماء لندن الزرقاء الصافية قد "أسعد الروح"، على حد تعبير رئيس الوزراء مرة أخرى، الذي كان يتحدث عن زراعة الأشجار لإنشاء "غطاء جديد من الغابات"، ولكن المبدأ هو نفسه.

لكن حتى أنيليس دودز، وزيرة المالية في حكومة الظل، التي اقترحت ذات مرّة حظر الرحلات الداخلية في المملكة المتحدة، تُريد ملء سمائنا مجدداً بالطائرات، أو تلك الحاويات المعدنية المضغوطة. وقد استمر الخطاب الأخضر لحزب العمال طوال المدة التي استغرقها في انتقاده للحكومة؛ لأنها لم تفعل سوى القليل جدّاً لإنقاذ الوظائف في صناعة الطيران.

تلك هي المشكلة مع إعادة البناء البيئي. فقد تمّ تخليصنا من تكاليف التغيُّرات الجذرية في نمط الحياة المُرتبطة بالإغلاق من خلال برنامج الإجازات المفتوحة الذي جرى تمويله بمبالغ خيالية من الأموال المُقترضة، لكن هذا أوشك على نهايته. وسيتحدث وزير المالية ريشي سوناك عما سيحدث بعد ذلك، في خطابه الصيفي عن آخر المُستجدّات الاقتصادية، الأربعاء المقبل، لكنه لا يستطيع تفادي الضغوط السياسية المتناقضة أكثر مما يستطيع حزب العمال أن يفعل ذلك.

إن أول شيء ينبغي إجراؤه هو محاولة إنقاذ الوظائف وسبل العيش، وهذا يعني إعادة تشغيل القطاعات عالية الكربون، مثل الطيران، تماماً بقدر استعادة الوظائف مُنخفضة الكربون، مثل الحلاقة. لقد لخَّص جونسون المشكلة أثناء خطابه بشعار "Jet Zero" الجذّاب، الذي يمثل طموحه في بناء "أول طائرة ركاب لمسافات طويلة في العالم من دون انبعاثات". ويبدو أن هذا يشبه كثيراً التكنولوجيات الخضراء الخيالية كالانشطار البارد، والتقاط الكربون وتخزينه، أو الطاقة الهيدروجينية، التي جرى الحديث عنها منذ زمن طويل، لكنها لم تُخترع بعد.

وعلى الرغم من أن التغيُّرات السلوكية التي يقتضيها فيروس كورونا، وتلك المطلوبة لمواجهة الطوارئ المناخية تبدو مُتشابهة، ليس فقط لأن جميعها يتطلب إجماعاً عالميّاً على التحرك لتنفيذها في الوقت نفسه تقريباً، فإن هذا القياس تشوبه شوائب. فالفيروس يشكل تهديداً فوريّاً للحياة، وهو خطر لا تنطوي عليه أزمة المناخ.

يعني ذلك أن فكرة استغلال لحظة الركود الناجم عن فيروس كورونا لإعادة ترتيب أولوياتنا الاقتصادية لن تنجح. وأخشى أن يكون ذلك محض أمنيات من قبل النشطاء الخُضر، مثل الفكرة السائدة لدى بعض أنصار بريكست بأن التدمير الذي طال الاقتصاد بسبب الإغلاق يجعل من المناسب الآن زيادة تدميره قليلاً بفرض الرسوم الجمركية على تجارتنا مع الاتحاد الأوروبي. وينطوي هذا على موقف لا مسؤول مفاده أن أحداً لن يُلاحظ فقدان مزيد من الوظائف بسبب الخلاف التجاري مع الاتحاد الأوروبي، لأننا أصلاً نُعاني من تفشي البطالة، لكن فكرة "إعادة البناء بشكل أكثر خُضرة" ستكون غبية بالقدر نفسه إذا لم تكُن مقترنة بإعادة بناء بعض المجالات غير الخضراء كذلك.

 بطبيعة الحال، إذا كان الخيار مطروحاً بين استعادة نشاط صديق للبيئة، وآخر عالي الكربون، وجميع الأشياء الأخرى مُتساوية، فينبغي على سوناك أن يفضل الخيار الأخضر، لكن معظم الخيارات ليست مُتساوية. ومع عودة الوظائف، قد تكون الحكومة قادرة على ترجيح الكفة قليلاً لصالح الأعمال التجارية مُنخفضة الكربون، ولكن لا تُوجد طُرُق مُختصرة لمستقبل أكثر مُراعاةً للبيئة.

إن افتراضنا قبل الإغلاق بشأن التقدم البيئي كان صائباً، إذ يُحتمل أن تكون التغيُّرات المطلوبة طويلة الأمد وتدريجية، وتتطلب قرارات صعبة، من بينها، على سبيل المثال، ربما الطاقة النووية. وفي هذا الصدد كان لافتاً رؤية زيون لايتس الناشطة السابقة في حركة "تمرد ضد الانقراض" تروِّج الآن للطاقة النووية. ويُعَدُّ هذا في الحقيقة خياراً سياسيّاً طويل الأجل، الذي يبدو بالنسبة لي حتميّاً، طالما نبني محطات الطاقة بأنفسنا بدلاً من الشركات الصينية.

سيخبرنا سوناك بلا شك يوم الأربعاء أننا كأُمَّة سوف "نُعيد البناء بشكل أكثر خُضرةً"، ولكن هل سيكون صادقاً، ويعترف بأن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً، وسيكون مكلفاً، كما اعتقدنا دائماً؟

© The Independent

المزيد من آراء