Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مبادرة "وسطية" لفك الانسداد تحظى بتأييد الرئيس الجزائري والحراك يتحفظ

"قوى الإصلاح" تكتل سياسي لكسر الجمود ورأب الصدع في الساحة السياسية

قيادات سياسية وجمعوية تلتقي في العاصمة الجزائرية لإطلاق "مبادرة القوى الوطنية للإصلاح" (حركة البناء الوطني)

في وقت امتدح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مبادرة لحوالى 50 حزباً وتنظيماً جمعوياً تحت مسمى "مبادرة القوى الوطنية الإصلاح"، ناعتاً المشاركين في هذا التكتل بـ"الوطنيين"، انتقده تكتل مقرّب من الحراك الشعبي بدعوى "اقتراب المبادرة من السلطة".

وعقد رؤساء أحزاب سياسية وناشطون من المجتمع المدني وحتى هيئات اقتصادية، أول لقاء لـ"مبادرة الإصلاح الوطني" التي أعلن ميلادها قبل فترة رئيس حركة "البناء الوطني"، عبد القادر بن قرينة، مرشح الرئاسيات الأخيرة، والتي حل فيها ثانياً بعد الرئيس الفائز عبد المجيد تبون.

وتقطع المبادرة، على الرغم من أصوات التحفظ، فترة صمت سياسي بدأت بمجرد انتخاب تبون في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وبدا من خطابات تداولها مؤسسوها في جلسة الميلاد، الثلثاء الماضي، محاولة للبحث عن "توافق سياسي" أو "مشروع حزبي" يدحض حالة الانسداد على مستوى العمل السياسي في البلاد.

وتقدم التيار الإسلامي هذه المبادرة ممثلاً في "حركة البناء الوطني"، لكن ممثلين عن "التيار الوطني" شاركوا أيضاً يتقدمهم عبد العزيز بلعيد رئيس "جبهة المستقبل"، وهو بدوره مرشح في الرئاسيات السابقة ويشارك حزبه بوزير واحد في الحكومة الحالية، وسجل الطاهر بن بعيبش رئيس حزب "الفجر الجديد" حضوره، أما عن التكتلات الاقتصادية فشاركت سيدة الأعمال سعيدة نغزة، بينما تنوعت مشاركة المجتمع المدني بين جمعيات تهتم بـ"حماية المستهلك" وأخرى تنشط في المجال الثقافي والبيئي وأيضاً الخيري.

حليف سياسي للسلطة؟

وخلال فترة الأشهر السبعة الأولى الماضية من حكم تبون، فضّل الرئيس الجزائري تفادي أي تحالف حزبي مع مكونات الساحة السياسية، واكتفى تعاون مؤسسة الرئاسة مع الموجود من أحزاب بمسألة التشاور بخصوص ملف تعديل الدستور الذي سيُعرض قريباً على استفتاء شعبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية نور الدين شرشالي لـ"اندبندنت عربية"، أن "السلطة أدركت في ما يبدو أن المشكلة السياسية تحتاج إلى حلول سياسية، وأدركت أيضاً حاجتها لحلفاء حزبيين بهامش حرية غير معروف بعد لتعويض الفراغ والموازنة بينها وبين صوت خصومها في المشهد عموماً"، ويضيف "بالفعل هناك حالة انسداد على مستوى الأداء السياسي، البرلمان في عطلة ولا يُرجى منه شيء، وأحزاب الموالاة سابقاً غير مُرحّب بموالاتها من جديد. اللجوء إلى هذا التكتل الهجين ما بين سياسيين ومجتمع مدني هو أداء تقليدي للنظام الجزائري قبل محطات مقبلة".

ويتهيأ نشطاء في الحراك الشعبي للعودة إلى المسيرات الشعبية بداية من سبتمبر (أيلول) المقبل أو بعده، في المقابل تتهيأ الرئاسة لعرض مسودة جديدة لمشروع تعديل الدستور، ويقول شرشالي "هذه هي المحطات التي أدت إلى ميلاد هذا التكتل في اعتقادي، مع أسئلة نطرحها حول شكل تعامل السلطة مع الحراك إن عاد. فهل هي تمنح فضاءً سياسياً للتشاور مقابل قبضة حديدية ضد الحراك؟".

ترحيب رئاسي

وفي خطاب ارتجل فيه الرئيس الجزائري الأربعاء، أمام محافظي الولايات، أشار في أكثر من محطة إلى "مؤامرة" تستهدف حكمه، واصفاً إياها بمصطلح "الثورة المضادة". وفي لحظة ما وهو يتحدث بالمقابل عن أصوات وطنية تجنح إلى الخيار السلمي لا الفوضى، امتدح تبون لقاء "المبادرة الوطنية للإصلاح" قائلاً، "الحمد لله، رأينا مبادرات تثلج الصدور، فعلاً تثلج الصدور حينما نرى سياسيين واعين، أحزاباً وجمعيات ورجالاً وطنيين يجتمعون لدعم الاستقرار والتغيير التدريجي والسلمي في بلادنا".

وتصف "جبهة المستقبل" مشاركتها في هذا اللقاء على لسان رؤوف معمري، مدير الإعلام في الحزب، قائلة، "إننا في جبهة المستقبل نتعامل بموضوعية وإيجابية مع كل الفاعلين السياسيين وكل المؤسسات السياسية في البلاد، قناعة منا بضرورة المحافظة على الدولة الوطنية وديمومتها قصد مجابهة الأوضاع التي تعيشها بلادنا".

ويذكر معمري لـ"اندبندنت عربية"، أنه وبناء "على سوء التسيير الذي غلب في الفترات السابقة، وما خلفه من نتائج وخيمة على الأصعدة كافة، يحتم علينا جميعاً العمل مع بعضنا كفاعلين سياسيين ومجتمع مدني، قصد تشكيل جبهة وطنية فاعلة هدفها الحفاظ على بلدنا والارتقاء به".

ويُقر معمري بجمود سياسي في البلاد استدعى هذا اللقاء، "لقد حضرت جبهة المستقبل في فعاليات هذا اللقاء التشاوري لرأب الصدع في الساحة السياسية وبعث العمل السياسي البناء والجاد، وهذا ما عبّر عنه رئيس الحزب عبد العزيز بلعيد خلال كلمته في هذا اللقاء الذي حضره أكثر من 70 مكوناً، والذي نعتبره أول لقاء منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إذ اتسم بنقاش جاد وصريح بين كل المشاركين. ونرى أن هذا اللقاء جاء من أجل كسر الجمود السياسي الذي تعيشه الساحة السياسية ومناقشة أهم مشروع في البلاد وهو مشروع قانون الدستور، وفي الأخير خرجنا بمجموعة من التوصيات والاقتراحات التي ستُرفع إلى رئاسة الجمهورية".

في المقابل، يرى رئيس حزب "الفجر الجديد"، الطاهر بن بعيبش، أن "مبادرة الإصلاح وطنية أكثر منها سياسية، بدليل تنوع تركيبة مشاركيها التي لم تقتصر على الكيانات الحزبية. الجزائر تمر بمرحلة صعبة والكل يعلم أن البلاد تعيش مرحلة قاسية، لا سيما من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية، اللتين زادتهما جائحة كورونا تعقيداً"، مضيفاً أن "الساحة السياسية بحاجة لاستعادة روحها بعد ركود تام طال أمده".

"معضلة" الحراك

وفي ديباجة أهداف "مبادرة القوى الوطنية للإصلاح"، تتم الإشارة إلى الحراك الشعبي من منظور إيجابي على أساس أنه "الهبة التي مهدت للتغيير"، لكنها تتفادى الخوض في مسألة استمراره، وتكتفي بالتلميح إلى ما يشبه "الوساطة" بين مكوناته والسلطة.

فمن ضمن قائمة طويلة من الأهداف، تذكر المبادرة "حماية مكتسبات الحراك الشعبي وتجسيد تطلعاته في بناء دولة حديثة تقوم على أساس بيان أول نوفمبر (تشرين الثاني)، وتستمد شرعيتها بكل سيادة من الإرادة الشعبية الحرة، وتعيد الصدقية للعملية السياسية، وتؤسس من جديد للثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة"، ثم "التأسيس لعمل وطني مشترك عبر آلية حوار جماعي دائم في إطار الحفاظ على المصالح العليا للوطن، يفضي لإرساء استقرار اجتماعي وسياسي كفيل بتوفير بيئة ملائمة لمباشرة إصلاحات عميقة"، ثم تعلن "مد يدها وفتح أبوابها أمام مختلف المكونات في الساحة الوطنية من أحزاب ونقابات ومنظمات المجتمع المدني وفاعلين اقتصاديين وشخصيات وكفاءات وطنية ورموز مجتمعية، وتدعوهم للمساهمة معاً في هذا المسعى الوطني بالانضمام أو الدعم والتزكية أو النصح أو الاقتراح أو أي شكل من أشكال التعاون الممكن".

عملياً تخلق هذه المبادرة توازناً سياسياً على الضفة المقابلة لـ"قوى البديل الديمقراطي"، وهو تكتل قائم ومستمر منذ حوالى سنة، يضم أحزاباً ديمقراطية تتمسك بالحراك الشعبي وترفض الاعتراف بالرئاسيات الماضية وما ترتب عنها، وعُلم بوجود ترتيبات من هذا التحالف لإبداء تعليق رافض لـ"الوساطة" الجديدة، لذلك يُتوقع أن يزداد حضور "قوى الإصلاح" في وسائل الإعلام، مستفيدة من حاجة السلطة لمرافقة حزبية وجمعوية قبل سبتمبر المقبل.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي