Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأخبار الكاذبة التي غزت شبكة الإنترنت إثر اندلاع انفجار بيروت

الفبركات طالت جهات رسمية وإعلامية إسرائيلية وبعضهم استغل الوضع لتلميع صورة تركيا

إحدى الصور الكاذبة التي جرى تناقلها بعد انفجار بيروت الثلاثاء 4 أغسطس الحالي (مواقع التواصل)

منذ اللحظات الأولى التالية لانفجار بيروت، وفيما كان اللبنانيون لا يزالون تحت هول الصدمة والعشرات منهم تحت أنقاض المرفأ والأحياء المجاورة، غزت الأخبار الكاذبة مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف اللغات، سواء لتعزيز موقف سياسي أو تحليل أمني، أو لمجرّد جذب التفاعلات على منشورات غير صحيحة توظّف تعاطف المستخدِمين حول العالم.
بعيد الساعة السادسة من مساء الثلاثاء في الرابع من أغسطس (آب) الحالي، شعر سكّان العاصمة اللبنانية وجوارها باهتزاز عنيف لثوانٍ عدة، تلاه صوت انفجار رهيب أحال مناطق بأسرها من العاصمة ركاماً.
في اللحظات الأولى بعد الانفجار، ظنّ سكان كل شارع في بيروت أن شارعهم هو الذي استُهدف بسيارة مفخّخة أو قصف مجهول المصدر، قبل أن يتبيّن أن العاصمة كلها نُكبت جراء انفجار 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم، كانت مخزّنة في عنبر في المرفأ نتيجة حريق لم يتأكّد سببه بعد، وفق رواية السلطات.
 



اتهام غير رسمي لإسرائيل

 بدأ التحقيق في ملابسات الانفجار، لكن حسابات وصفحات مستخدمين لمواقع التواصل باللغة العربية حسمت الأمر قبل أن يستقرّ غبار الركام، وأشارت بأصابع الاتهام إلى إسرائيل.
ومن أول الأخبار الكاذبة في هذا السياق، ما نُسب إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذ تم تناقل تصريح أدلى به على أنه جاء تعقيباً على الانفجار، وقال فيه "لقد ضربنا مَن يستهدفنا".
لكن الحقيقة هي أن نتنياهو أدلى بهذا التصريح قبل ساعات على انفجار مرفأ بيروت، في سياق حديث عن عملية نفّذتها إسرائيل إثر إحباطها عملية زرع عبوات ناسفة قرب الحدود في مرتفعات الجولان المحتلّ، وليس تعليقاً على ما جرى في مرفأ بيروت.
بعد أقلّ من ساعة على الانفجار، ظهرت تعليقات على صفحات مواقع التواصل باللغة العربية التابعة لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تتحدّث عن استهداف أسلحة لـ"حزب الله" في مرفأ بيروت. لكن الحقيقة هي أن الصحيفة لم تورد شيئاً من هذا القبيل.

صور نتنياهو

 انتشرت صور لنتنياهو يرفع خريطةً في الأمم المتحدة قبل سنتين، على أنها تظهر موقع مرفأ بيروت. لكن الموقع الظاهر في الخريطة لا علاقة له بمرفأ بيروت الواقع على المدخل الشماليّ للعاصمة، بل هو منطقة مجاورة لمطار رفيق الحريري الدوليّ عند المدخل الجنوبي لبيروت، على بُعد 10 كيلومترات تقريباً عن المرفأ.
وكان نتنياهو يتحدّث في كلمته تلك في الأمم المتحدة عن "مواقع سريّة" تابعة لـ"حزب الله" تضم مقذوفات "موجّهة نحو المطار"، ولم يأت على ذكر مرفأ بيروت.
في السياق، ودعماً لفرضية تعرض مرفأ بيروت لقصف إسرائيلي، ظهرت على مواقع التواصل في لبنان وخارجه مقاطع فيديو قيل إنها تُظهر طائرات مسيّرة أو صواريخ تضرب المرفأ. وترافقت مع أخبار وشهادات لأشخاص قالوا إنهم سمعوا صوت طائرات حربيّة قبيل الانفجار.
وأعلن الجيش اللبناني أنه بالفعل بين الرابع والخامس من أغسطس الحالي، حلّقت طائرات إسرائيلية فوق عدد من المناطق من بينها بيروت وضواحيها، لكنه لم يأت على ذكر دور لهذه الطائرات في انفجار المرفأ، علماً أن الطيران الإسرائيلي يجوب الأجواء اللبنانية بشكل مستمرّ.
 


فرضية القصف
في هذا السياق، ظهر فيديو لطائرة مسيّرة يدّعي ناشروه أنها ألقت جسماً مجهولاً قبل انفجار المرفأ، وانتشر المقطع على مواقع التواصل بلغات عدّة منها العربية. لكن هذا الفيديو نشرته وسائل إعلام لبنانية في 30 يوليو (تموز) 2020 قبل أيام من انفجار المرفأ، بعنوان "تحليق طائرتي درون للعدوّ" في جنوب لبنان.
كذلك انتشر على مواقع التواصل بالعربية، فيديو قيل إنه تصوير حراري يُظهر صاروخاً ضرب المرفأ قبل لحظة الانفجار.
لكنّ المقطع متلاعب به، وقد بُدّلت ألوانه وأُضيف إليه صاروخ.
كما انتشر على نطاق واسع مقطع على أنه يظهر صاروخاً يضرب المرفأ قبل الانفجار، لكن أيضاً أُضيف الصاروخ إليه تأييداً لهذه المزاعم.
في ثوانٍ معدودة، دُمّر المرفأ بالكامل وتحوّلت الشوارع النابضة بالحياة في جواره إلى ركام، وأُحصِي حتى الآن مقتل أكثر من 160 شخصاً، وجرح أكثر من ستة آلاف، من بينهم مصابون في مناطق تبعد كيلومترات عن المرفأ.
وانتشرت على مواقع التواصل صور وتفسيرات بلغات كثيرة من العربية إلى الإندونيسية، على أنها لسيارات مستوردة احترقت في مرفأ بيروت، لكنها في الحقيقة التُقطت عام 2015.
وكذلك انتشرت صورة حفرة قيل إن الانفجار أحدثها، لكن هذه الصورة أيضاً، تعود لمستودع للمواد الكيماوية انفجر عام 2015.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ألوان العلم اللبناني
 أثارت الكارثة التي حلّت ببيروت تضامناً واسعاً عربياً وعالمياً، لكن الأخبار التي انتشرت على مواقع التواصل وبعض المواقع الإخبارية عن إضاءة في مصر، أو في تونس، أو في سوريا بألوان العلم اللبناني هي أخبار غير صحيحة، والصور المرفقة بها إما مركّبة في معظمها، أو قديمة ملتقطة في مناسبات سابقة.
وانتشرت أخبار وصور ومقاطع عن إرسال الرئيس السوري بشار الأسد مساعدات إلى لبنان، أو إلى لبنانيين في سوريا، أو أُذِن باجتياز الحدود بين البلدين لدخول المستشفيات السورية، لكن هذه المنشورات غير صحيحة.
وفي ظلّ حرب الأخبار الكاذبة بين مؤيدين ومعارضين للسياسة التركية في المنطقة، انتشر خبر مفاده أن صوامع القمح في مرفأ بيروت التي ظلّ جانب منها قائماً رغم الدمار الكبير الذي لحق بها، هي من إنجازات الدولة العثمانية، لكن تلك الصوامع شُيّدت في أواخر الستينيات من القرن العشرين، أي بعد نصف قرن من انتهاء الحكم العثماني للبنان.
كما ظهرت أخبار كاذبة تدغدغ مشاعر مستخدمي مواقع التواصل في العالم لجذب التفاعلات بمعزل عن أي بعد سياسي، منها "قال ناشروها" إنه آخر ما صُوّر لطفلة عمرها ثلاث سنوات قضت في الانفجار، وهي تؤدي أغنية من زمن الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، لكن الفتاة التي تظهر في الفيديو لا تزال حيّة.
وانتشرت صورة تظهر شخصين مرميين على الأرض وسط حطام الانفجار، لكنها في الحقيقة صورة نشرها فنان أميركي قبل انفجار مرفأ بيروت بنحو أسبوعين.
وأدى انفجار مرفأ بيروت إلى خروج تظاهرات غاضبة في بيروت مطالبة برحيل الطبقة السياسية كاملة، تخلّلها اقتحامٌ لمبانٍ عامّة، واشتباكاتٌ مع قوات الأمن، علماً أن لبنان يشهد منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2019 حركةً احتجاجية غير مسبوقة، تحمّل القوى السياسية مسؤولية الفساد الذي تسبّب بأزمة اقتصادية خانقة، تفاقمت مع انتشار فيروس كورونا، قبل أن يشكّل انفجار المرفأ الكارثة الأكبر في مشهد النكبة اللبنانية.

المزيد من العالم العربي