Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مهمة شاقة تنتظر مغردين سودانيين يسعون إلى تغيير عادات في بلادهم

بحسب التقاليد يمضي البعض أكثر من 15 يوماً في بيت أهل المتوفى لتقديم واجب العزاء

حفل زواج في ولاية نهر النيل (حسن حامد)

يبدو أن السودانيين عامةً والجيل الجديد خاصةً، سئموا بعض العادت القديمة التي يعتبرها كثيرون عادات خاطئة. ومع الأزمة الاقتصادية التي يتضرر منها السودان كثيراً، أطلق سودانيون وسم (هاشتاغ) #عزيِ_وامشي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وهي دعوة لتقديم واجب العزاء في الوفيات والخروج فوراً من دون المكوث لساعات وأيام طويلة بحسب العادات.
 


تفاعل كبير

وتم تداول الوسم على مواقع عدة للتواصل الاجتماعي، ولقي تفاعلاً كبيراً من الشباب الذين رووا قصصاً مختلفة توضح حجم الضرر المادي والنفسي الذي تمر به أسر المتوفين بعد مكوث العشرات من أقاربهم في "بيت البكا"، وهو الاسم الذي يُطلق على المنزل الـذي يُتلقى فيه واجب العزاء.
 

خسائر مادية
 

تُقام الولائم ويقضي البعض أكثر من 15 يوماً مع أهل المُتوفى مما يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة حيث يروي أحدهم في تغريدة، أنه "في وفاة أحد أقربائي تم صرف أكثر من 500 ألف جنيه سوداني، أي ما يقارب 5 آلاف دولار خلال أيام بسيطة لتغطية تكاليف العزاء".
ويعلم الجميع أن أهل المتوفى يقدمون الكثير طيلة أيام العزاء، مما جعل أغلب الناس يوصون بعدم إقامة مأتم بعد وفاتهم حتى لا يثقلوا كاهل أسرهم.
وشملت الدعوات أيضاً ضرورة توفير المال لتقديم صدقة للمتوفى والاكتفاء بساعة واحدة تُقدَم فيها التعازي والانصراف، وعدم السفر من منطقة إلى أخرى لتقديم العزاء، بل الاكتفاء بالتعزية عبر الهاتف فقط.
 


مقارنة

"ينتهي العزاء بانتهاء مراسم الدفن"، عبارة من المستحيل سماعها في السودان، ومن المعيب قولها، لذلك قارن المغردون بين العادات الاجتماعية في السودان ودول عربية أخرى يتم فيها التخفيف على أهل المتوفى بتقديم العزاء وشرب الشاي والماء فقط والانصراف.

طقوس أخرى

"الخامسة"، "السابعة"، و"الأربعين"، هي الأيام التي تعقب وفاة الشخص ويكثر فيها الناس في بيت العزاء حيث يتم تقديم الولائم وذبح الخراف وعمل جلسات لقراءة القرآن على روح المتوفى. ومع مرور الزمن اعتبر البعض أن هذه التجمعات تحولت إلى أندية للنقاشات السياسية وتجاذب أطراف الحديث في شؤون الحياة، من دون المراعاة لأهل المتوفى.
وتقول الأخصائية الاجتماعية ميادة محمد في هذا الصدد لـ"اندبندنت عربية"، إن "السودانيين يتمسكون بعاداتهم وتقاليدهم جداً، لذلك من الصعب تغيير طباعهم أو منع ظاهرة اجتماعية والدعوة إلى إلغائها بسهولة، الهاشتاغ ناقش موضوعاً مهماً. والضيق الذي يسببه الجلوس في بيت العزاء لأيام طويلة، لا يعاني منه الشباب الذين أطلقوا الهاشتاغ وحسب، بل حتى الكبار، الفرق هو أن الكبار لا يستطيعون التعبير عن رفضهم في العلن، يجب محاربة هذه الظاهرة، والسبب ليس الأزمة الاقتصادية فقط، بل هي عادة سيئة جعلت بعض أفراد المجتمع انتهازيين يقضون أيامهم متنقلين في البيوت مدّعين أنهم يقدمون واجب العزاء، ولكن في الغالب فإن لهم أهدافاً متعلقة بتمضية الوقت وتجاذب أطراف الحديث والحصول على الخدمات من مأكل ومشرب من دون عناء". وتضيف الأخصائية الاجتماعية أن "الموضوع يحتاج إلى حملات توعية على أرض الواقع، فأغلب الذين يطبقون تلك العادات بعيدين عن مواقع التواصل الاجتماعي".


للأفراح نصيب

المكوث في بيوت المناسبات لأيام طويلة عادة سودانية أصيلة، حيث يتم فتح "بيت الفرح" قبل إقامته بأسبوع على الأقل، وتمتد مناسبات الزواج لأكثر من 7 أيام أحياناً. ويصرف أهل المناسبة طول هذه الفترة، أموالاً طائلة لتغطية احتياجات الضيوف، ما جعل الشباب يعزفون عن الزواج. أكثر من 10 ألف دولار، يصرفها البعض لإقامة حفل زواجهم في السودان، أغلب هذه النقود تُصرف لإقامة الولائم لعدة أيام، حيث تُقدَم طوال اليوم المأكولات واالمشروبات والحلويات.
وامتد الحديث في وسم #عزي_وامشي الذي شاركه الشباب، ليشمل ضرورة اختصار مراسم الزواج التي تكلف ملايين الجنيهات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


استطلاع

واستطلعت "اندبندنت عربية" رأي عدد من السودانيين بشأن العادات السيئة في الأفراح والأتراح في بلادهم، فأجمع أغلبهم على رفض للعادات المتعلقة بالمكوث في بيت المناسبة لأيام لأن الوضع الاقتصادي لا يسمح بذلك.
في المقابل، اعتبرت قلة أن هذه عادات تولد المودة بين الأقارب والتخلص منها يعني قطع حبال الوصل.


كورونا منقذ
 

واليوم، جنّب فيروس كورونا آلاف الأسر في السودان، الخسائر المادية التي تُخلّفها الأفراح والأتراح بسبب تطبيق التباعد الإجتماعي، حيث كانت جرت مناسبات العزاء من دون وجود عدد كبير من الأشخاص، واختُصرت الأفراح بعدد بسيط من أفراد الأسرة.
السوداني إسلام عمر، عريس في زمن كورونا يروي تجربته لـ"اندبندنت عربية" قائلاً، "كمية الزيجات هذه الفترة سببها واضح تماماً، وهي أنه سابقاً كان العجز في الإمكانات المادية سبب حقيقي وراء عزوف الشباب عن الزواج، كورونا اختصرت علينا وقمنا بتقليل التكاليف، وعدد الحضور كان قليلاً، لا توجد صالة أفراح، لا يوجد عشاء ضخم، لا يوجد فنان، ولا سفر، هذه التكاليف الكبيرة نحن في غنى عنها، يجب أن تستمر الأفراح هكذا حتى بعد كورونا".
في النهاية، ينتظر الشباب السوداني عملاً كبيراً لتغيير عادات مضى عليها 100 عام وأكثر، فكلما مضى الوقت كلما تفاقمت المشكلة.

المزيد من العالم العربي