Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تقارير أمنية حذرت عون ودياب في يوليو من النيترات

بري يدعو إلى مناقشة "حال الطوارئ" وبرنامج الأغذية العالمي سيرسل 50 ألف طن من طحين القمح إلى لبنان

غداة إعلان حسان دياب استقالة حكومته على وقع الضغط الشعبي وانفجار الرابع من أغسطس (آب) في مرفأ بيروت، الذي أسفر عن مقتل أكثر من171 شخصاً وإصابة أكثر من ستة آلاف آخرين، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة للبرلمان الخميس المقبل لمناقشة مرسوم "حال الطوارئ في بيروت"، بعدما كان دعا قبيل استقالة الحكومة إلى جلسات متواصلة الخميس لمساءلة مجلس الوزراء.

وفيما لم يتّضح بعد إذا ما كانت مساءلة الحكومة لا تزال قائمةً بعد استقالتها، يواصل اللبنانيون لملمة بيوتهم التي بعثرها انفجار المرفأ، الذي شرّد نحو 300 ألف عائلة في العاصمة اللبنانية، وتستمرّ فرق الإغاثة في البحث عن المفقودين والأشلاء تحت الأنقاض.

 

 

وثائق تثبت تحذير القيادات من المواد المنفجرة

وبينما تتّجه الأنظار إلى شكل الحكومة المقبلة وهوية رئيسها، أظهرت وثائق اطلعت عليها وكالة "رويترز"، وأكّدها مصدر أمني، أن مسؤولين أمنيين لبنانيين حذروا رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ميشال عون، الشهر الماضي، من أن وجود 2750 طناً من نيترات الأمونيا في مخزن بمرفأ بيروت يمثل خطراً أمنياً ربما يدمّر العاصمة إذا انفجرت تلك المواد.

وبعد ما يزيد قليلاً على أسبوعين من التحذير، وقع الانفجار الهائل الذي محا معظم المرفأ ودمّر حوالى ستة آلاف بناية.

وتضمن تقرير من المديرية العامة لأمن الدولة، عن الأحداث التي أدّت إلى الانفجار، إشارةً إلى رسالة أرسلت بالبريد الخاص إلى عون ودياب في 20 يوليو (تموز). وعلى الرغم من أن مضمون الرسالة لم يكن ضمن التقرير الذي اطلعت عليه "رويترز"، فقد قال مسؤول أمني كبير إنها تلخّص ما توصّل إليه تحقيق قضائي بدأ في يناير (كانون الثاني) وخلص إلى ضرورة تأمين المواد الكيماوية على الفور.

ولم يسبق نشر شيء عن تقرير أمن الدولة الذي أكّد مخاطبة الرئيس ورئيس الوزراء. وقال المسؤول الأمني لرويترز "كان هناك خطر من أن تستخدم هذه المواد في هجوم إرهابي إذا سرقت".

وفي إشارة إلى الرسالة المرسلة إلى رئيسي الحكومة والجمهورية من المديرية العامة لأمن الدولة، التي تشرف على أمن المرفأ، قال المسؤول "في نهاية التحقيق النائب العام (التمييزي غسان) عويدات أعد تقريراً نهائياً تم إرساله إلى السلطات". وقال المسؤول الذي شارك في صياغة الرسالة وطلب عدم نشر اسمه "حذّرتهم من أن هذا قد يدمّر بيروت إذا انفجر".

ولم تستطع رويترز التأكّد من مصدر مستقل ممّا ذُكر عن الرسالة. ولم يرد مكتب رئيس الوزراء ولا رئاسة الجمهورية على طلبات للتعليق على الرسالة الصادرة بتاريخ 20 يوليو. كما لم يرد النائب العام على طلبات للتعليق.

"إجراء اللازم"

ومن المحتمل أن يثير الحديث عن هذه الرسالة انتقادات جديدة ويغذي الغضب الشعبي من الانفجار الذي اعتبر أحدث مثال على إهمال الحكومة وفسادها الذي دفع بلبنان إلى الانهيار الاقتصادي.

ومن المتوقّع أن تبلغ كلفة إعادة إعمار بيروت وحدها 15 مليار دولار، في بلد مفلس فعلياً تتجاوز خسائر نظامه المصرفي الإجمالية 100 مليار دولار.

وفي الأسبوع الماضي، أكّد عون أنه سبق إبلاغه بوجود المواد الكيماوية. وقال للصحافيين إنه وجّه الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى، الذي يضمّ الأجهزة الأمنية والعسكرية في لبنان ويرأسه رئيس الدولة، بضرورة "إجراء اللازم".

وقال عون "المواد موجودة من عام 2013، ويقولون إنها خطرة، وأنا لست مسؤولاً ولا أعرف أين موجودة هذه المواد، ولا أعرف درجة الخطورة، وليست لدي صلاحية لأتعاطى مباشرةً مع المرفأ. هناك تراتبية ينبغي أن تعرف واجباتها وكلهم كانوا على اطلاع".

ولا تزال أسئلة كثيرة بلا أجوبة حول سبب رسو السفينة بشحنة نيترات الأمونيا في بيروت في أواخر 2013. والمحيّر أكثر من ذلك هو سبب السماح بتخزين كمية كبيرة من المادة الخطيرة في المرفأ كل هذا الوقت.

وجاءت الرسالة التي أرسلت إلى الرئيس ورئيس الوزراء في أعقاب سلسلة من المذكرات والرسائل التي بعث بها مسؤولو المرفأ والجمارك والأمن إلى المحاكم على مدار السنوات الست السابقة وحثوا فيها مراراً القضاة على إصدار أمر بنقل نيترات الأمونيا من مكانها القريب جداً من وسط المدينة.

وقال تقرير المديرية العامة لأمن الدولة، إنه تم تقديم العديد من الطلبات وذلك من دون ذكر عددها على وجه التحديد. وذكر أن إدارة المانيفست بالمرفأ أرسلت طلبات كتابية عدة إلى مديرية الجمارك حتى عام 2016، تطلب فيها إصدار قاض الأمر بإعادة تصدير الكمية على الفور. وأضاف تقرير المديرية "لكن وحتى تاريخه، لم يصدر قرار بهذا الشأن. بعد مراجعة أحد المختصين في الكيمياء أكّد أن هذه المواد وفي حال اشتعالها ستسبّب انفجاراً ضخماً وستكون نتائجه شبه مدمّرة لمرفأ بيروت".

 

 

وصول نيترات الأمونيا إلى المرفأ

بدأ الطريق المؤدي إلى مأساة الأسبوع الماضي قبل سبع سنوات، عندما رست السفينة "روسوس"، المستأجرة لحساب روسي وترفع علم مولدوفا وتحمل شحنة من نيترات الأمونيا من جورجيا إلى موزامبيق، في مرفأ بيروت لمحاولة نقل بضائع إضافية لتدبير رسوم المرور عبر قناة السويس، وفقاً لما قاله ربانها.

وأوضح تقرير أمن الدولة أن سلطات المرفأ احتجزت السفينة "روسوس" في ديسمبر (كانون الأول) 2013، بالأمر القضائي 1031/2013، بسبب ديون عليها لحساب شركتين قدّمتا طلباً للقضاء في بيروت لحجزها.

وفي مايو (أيار) 2014، اعتبرت السلطات السفينة غير صالحة للإبحار وتم تفريغ شحنتها في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 وتخزينها في ما عُرف بالعنبر 12. وأظهر التقرير الأمني أن السفينة غرقت بالقرب من كاسر الأمواج بالمرفأ في 18 فبراير (شباط) 2018.

وتقول مولدوفا إن شركة "بريروود كورب"، التي تتخذ من بنما مقراً لها، هي صاحبة السفينة. ولم يتسن الاتصال بالشركة للتعليق.

وفي فبراير 2015، عيّن قاضي الأمور المستعجلة نديم زوين خبيراً لتفقد الشحنة، وفقاً لما ورد في التقرير الأمني، الذي قال إن الخبير خلص إلى أن المواد المخزنة خطيرة وطلب عبر سلطات المرفأ نقلها إلى الجيش. ولم تستطع رويترز التحقق على الفور من رواية الخبير.

وذكر التقرير أن قيادة الجيش اللبناني رفضت الطلب وأوصت بنقل المواد الكيماوية أو بيعها إلى "الشركة اللبنانية للمتفجرات"، وهي شركة خاصة. ولم يذكر التقرير سبب رفض الجيش قبول الشحنة. وقال مسؤول أمني لرويترز أن ذلك يرجع إلى عدم احتياج الجيش لها. وامتنع الجيش عن التعليق.

وقالت إدارة "الشركة اللبنانية للمتفجرات"، لرويترز، إنها لم تكن مهتمة بشراء المواد المصادرة وإن الشركة لديها إمداداتها الخاصة وتراخيص الاستيراد الحكومية الخاصة بها.

وتبيّن الطلبات التي اطلعت عليها رويترز، أن مسؤولي الجمارك والأمن استمروا بعد ذلك في مراسلة القضاة كل ستة أشهر تقريباً لطلب نقل المواد الكيماوية. وامتنع القضاة ومسؤولو الجمارك عن التعقيب عندما اتصلت بهم رويترز.

وتم احتجاز عدد من مسؤولي الجمارك والمرفأ في إطار التحقيق في الانفجار.

"سوء تخزين وسوء تقدير"

في يناير 2020، أمر قاض بإجراء تحقيق رسمي بعد اكتشاف أن العنبر 12 لا يخضع للحراسة وبه فجوة في حائطه الجنوبي، كما أن أحد أبوابه كان مخلوعاً، الأمر الذي كان يعني أن المواد الخطرة عرضة للسرقة.

وقال مسؤول أمني رفيع ثان طلب عدم نشر اسمه، إن النائب العام التمييزي عويدات أصدر في التقرير النهائي في أعقاب التحقيق أوامر فورية لتأمين أبواب العنبر ومعالجة الفتحة وتوفير الأمن.

وفي الرابع من يونيو (حزيران)، وبناءً على تلك الأوامر، أصدر أمن الدولة تعليمات لسلطات المرفأ لتوفير حراسة للعنبر 12 وتعيين مدير له وتأمين جميع الأبواب وسد الفتحة في الحائط الجنوبي، وذلك وفقاً لما ورد في تقرير أمن الدولة وما قاله المسؤولون الأمنيون. ولم ترد سلطات المرفأ على الفور على طلبات للتعليق.

وقال المسؤول الأمني "الصيانة بدأت وأرسلت (سلطات المرفأ) فريقاً من العمال السوريين (لكن) لم يكن هناك من يشرف عليهم عندما دخلوا لإصلاح الفجوات". وأضاف المسؤول أن شررات تطايرت من أعمال اللحام خلال الإصلاح وأشعلت حريقاً وبدأت النيران في الانتشار.

وقال المسؤول الأمني الرفيع الثاني "نظراً لتخزين مفرقعات في العنبر نفسه، بعد ساعة بدأ حريق كبير بفعل المفرقعات وامتد ذلك إلى المادة التي انفجرت عندما تجاوزت درجة الحرارة 210 درجات". وحمّل المسؤول سلطات الميناء مسؤولية عدم الإشراف على فريق الإصلاح وتخزين المفرقعات إلى جانب كمية كبيرة من المواد الشديدة الانفجار.

ولم تستطع رويترز التحقّق من مصير العمال الذين كانوا يؤدون أعمال الإصلاح في العنبر. وقال المسؤول "أثر الانفجار كان مخففاً فقط لأن العنبر يواجه البحر. ولولا ذلك لدمّرت بيروت كلها. المسألة كلها إهمال وعدم إحساس بالمسؤولية وسوء تخزين وسوء تقدير".

إرسال المساعدات إلى لبنان

في غضون ذلك، وفيما يواجه اللبنانيون تبعات التدمير الذي نتج من الانفجار، ذكر تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، صدر اليوم الثلاثاء، أن برنامج الأغذية العالمي سيرسل 50 ألف طن من طحين القمح إلى لبنان لتحقيق قدر من الاستقرار في إمدادات البلاد.

كان تقرير لرويترز كشف الجمعة أن الحكومة اللبنانية ليس لديها مخزون إستراتيجي من الحبوب، وأن انفجار المرفأ دمّر كل المخزونات الخاصة في صومعة الحبوب الرئيسة الوحيدة في لبنان.

وبعد لقائه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، أكّد وزير الخارجية المصري سامح شكري استعداد بلاده "للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق ولدينا ثقة بقدرته على تجاوز الأزمة ومواجهة التحديات التي فرضها تفجير المرفأ". وأضاف "هناك تراكمات سبّبت الكثير من المعاناة والتحدي، ومن الضروري العمل على الأولويات الخاصة للشعب اللبناني وإعادة الإعمار". وتابع "إننا نكثف الجهود في المجالات كافةً، ونوفّر الجسر الجوي للمساعدات الإغاثية والإنسانية كما الجسر البحري لإعادة الإعمار، ومستعدون للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني".

كما وصل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، ومن المقرّر أن يلتقي رئيسي الجمهورية ومجلس النواب.

وفي وقت سابق مساء الاثنين، أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، أن مساعدة بلاده للشعب اللبناني ستُرفع من 5 إلى 30 مليون دولار كندي (22.5 مليون دولار أميركي). وأوضح في بيان أن هذه الأموال ستُمنح لـ"شركاء ذات ثقة" وتهدف إلى "الاستجابة للحاجات الفورية للشعب".

وأعلن ترودو أيضاً أن أوتاوا تتعهّد برفع هبات الأفراد للصندوق الكندي لإغاثة لبنان حتى سقف خمسة ملايين دولار، بدلاً من مليوني دولار كما كان معلناً سابقاً. وأشار رئيس الوزراء إلى أن "هباتنا ستدعم أجهزة الطوارئ الصحية وستسمح بتقديم المسكن والطعام وأشياء أخرى أساسية للشعب المتضرر جراء الانفجار".

إلى ذلك، يصل إلى بيروت الأربعاء، وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، لمطالبة المسؤولين بتنفيذ إصلاحات. وقال في حديث مع إذاعة "دوتيشلاندفونك"، "سنكون واضحين جداً مع المسؤولين بأننا مستعدون للمساعدة، لكننا نعتقد أيضاً بأنه على الدولة تنفيذ إصلاحات".

غانتس: "حزب الله" يخزّن أسلحته بين المدنيين

وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، قال بدوره إن "انفجار بيروت كان من الممكن أن يكون أقسى لو طال ‏صواريخ إيرانية الصنع كانت هناك". وأشار إلى أن "حزب الله" يخزّن أسلحته بين المدنيين، قائلاً "هناك غرفة للضيوف وغرفة للصواريخ في نفس البيت‎".

وأكّد غانتس، خلال اجتماع للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أن "حسن نصر الله هو العدو اللدود لإسرائيل من الشمال، والمشكلة الأكبر للبنان داخله"، مضيفاً "إذا فرضت علينا معركة أخرى في لبنان فسنخوضها من دون أيّ مانع، ولكن مثل هذه المعركة ستكون لها توابع ‏وانعكاسات خطيرة بالنسبة للبنان‎".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أسئلة مستقبل لبنان

في الأثناء، فُتح الباب أمام أسئلة جديدة حول المرحلة المقبلة في وقت فقد اللبنانيون المنهكون المثقلون بالأحزان الثقة في كل شيء.

فماذا ينتظر لبنان بعد الانفجار واستقالة الحكومة؟ هل سيشهد أي تغيير حقيقي؟ وما هو موقف القوى الدولية والشارع؟

لقد دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة إلى بيروت، بعد وقوع الانفجار، إلى "تأسيس ميثاق جديد" و"بناء نظام سياسي جديد". وأقر رئيس الجمهورية ميشال عون بضرورة تغيير النظام. وقال "نحن أمام تغييرات وإعادة رؤية نظامنا القائم على التراضي بعدما تبيّن أنّه معطّل ولا يمكن اتخاذ قرارات يمكن تنفيذها بسرعة".

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت هلال خشان أن "لبنان يقف على مفترق طريق مؤلم". فالانفجار، وفقه، قد "يُغير قواعد اللعبة". ويرجّح "صعود تشكيلات سياسية جديدة"، وإن كانت البلاد ستدخل، وفق قوله، في فراغ كون الحكومة الجديدة لن تتشكل قبل أشهر.

في حين لا يبدو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية اللبنانية جيفري كرم متفائلاً باحتمال حصول تغيير جدي. ويقول "من شبه المستحيل الاعتقاد بأن الانفجار سيزيل الطبقة السياسية بالكامل (..) إن المصالح الضيقة ومصالح النخبة ستوقف أي تقدم ذات مغزى".

انتخابات مبكرة

وتوالت، منذ الانفجار، الدعوات إلى إجراء انتخابات نيابية مبكّرة. وقد "تعهّد" رئيس الحكومة المستقيل بذلك، لكنّ عدم تنسيقه مع الأطراف الداعمة لحكومته أسهم في الإسراع باستقالة حكومته، خصوصاً أن رئيس مجلس النواب نبيه بري المتململ من دياب وحكومته اعتبر هذا "التعهّد" بمثابة تعدٍ على المجلس النيابي الحالي. علماً أن هناك ثمانية نواب تقدّموا باستقالاتهم.

ويتوقّع كرم أن أي انتخابات نيابية ستعيد الوضع إلى ما كان عليه، معتبراً أنها قد تؤدي إلى "تغيير بسيط في التكتلات والمقاعد بدلاً من تحقيق تغيير كامل في النظام المذهبي والطبقة السياسية الفاسدة".

ويرى كرم أن "السيناريو الأكثر رعباً هو الدعوات إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، وحتى وإن تألفت من مستقلين واختصاصيين مزعومين تحت عنوان إغاثة ومساعدة لبنان". فهذا، في رأيه، "يعيدنا إلى نقطة الصفر".

حكومات الوحدة الوطنية

ولم تكن آخر تجربة "حكومة وحدة وطنية" برئاسة سعد الحريري ناجحة، إذ سقطت بعد نحو ثلاث سنوات على تشكيلها على وقع احتجاجات ضخمة في الشارع في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.

وكانت تضم ممثلين عن معظم الأحزاب السياسية وولدت بعد سنتين من فراغ في سدة رئاسة الجمهورية إثر تسوية هشة عطّلت المؤسسات.

وبعد سقوطها المدوي في الشارع، كُلف دياب، أستاذ في الجامعة الأميركية، بتشكيل حكومة قدمت على أنها من "التكنوقراط" و"المستقلين" مع مهمة "إنقاذ" لبنان.

ولا يجد المتظاهرون في استقالة حكومة دياب حلاً، ويطالبون بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار وبرحيل الطبقة السياسية التي تتحكّم بالبلاد منذ عقود. ويُكرّر هؤلاء شعار "كلن يعني كلن".

وفي هذا الصدد، يقول كرم "ستمتصّ الطبقة الحاكمة الصدمة والغضب والإحباط وستستغل الدماء في الشارع وآلاف الجرحى والمفقودين لتطرح وعوداً قصيرة الأمد لتخلق نوعاً من الشعور بالعودة إلى الحياة الطبيعية".

ويوضح "لدى طبقتنا السياسية مناعة تجاه المأساة وخصوصاً أن غالبيتها مؤلفة من زعماء حرب (...)، وبالتالي فإن آلاف الضحايا لن يحرّكوا فيهم شعوراً بالذنب بالنظر إلى تاريخهم".

المجتمع الدولي والتنازلات

وشكّل الانفجار مناسبة جديدة للمجتمع الدولي ليجدّد شرطه على لبنان بوجوب تنفيذ إصلاحات أساسية مقابل الحصول على دعم يُخرجه من دوامة الانهيار الاقتصادي.

وتعثرت المفاوضات بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي منذ أسابيع بسبب عدم تقديم الوفد اللبناني المفاوض رؤية موحدة حول تقديرات الخسائر المالية. ولم تُحقق الحكومة أي إصلاحات.

وتعهّد المشاركون في مؤتمر دولي نظّمته فرنسا بعد الانفجار بمساعدات عاجلة بقيمة حوالى 300 مليون دولار.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية باسل صلوخ "لم يعد لدى النخبة السياسية هامش مناورة. سيكون من الصعب عليها تفادي إجراء إصلاحات ضرورية".

لكنه يضيف "هل سنشهد على اقتلاع النظام السياسي؟ لا، لكنهم سيُجبرون على تقديم تنازلات قاوموها طويلاً".

المزيد من العالم العربي