Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يسمح لحراك "بدنا نعيش" بالتظاهر بعد اعتذار حماس؟

مستشار الرئيس لشؤون الشباب يرى أنّ واقع الحياة المأسوية في غزّة هو السبب الذي دفع الشباب للتظاهر نافياً أن تكون "فتح" وراءه

مشاركون في تظاهرات "بدنا نعيش" يرفعون لافتات تطالب بتحسين ظروف الحياة في غزة (محمود تمراز)

لليوم التاسع على التوالي يواصل الشبان الرافضون للغلاء المعيشي الاحتجاج بشكل يصفه مراقبون بـ "الخجول"، رفضاً للغلاء المعيشي ولفرض الضرائب على البضائع التموينية في قطاع غزّة، والتي ارتفعت بعد إعادة سيطرة وزارة الداخلية التابعة للحكومة الموازية في غزّة على معبري رفح وكرم أبو سالم. لكن الاحتجاج الذي بدأ تظاهرة سلمية في مخيم جباليا شمال القطاع، وانتقل سريعاً لمختلف المحافظات، رفع شعار "بدنا نعيش" ليدلل على عدم انتمائه لأيّ حزب، وأنّ المطالب هدفها تحسين ظروف الحياة.

قمع الحراك

لكن الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة حماس التي تسيطر على القطاع منذ عام 2007 بعد انقلابها على السلطة الفلسطينية، عقب فوزها بالانتخابات التشريعية المبرمة آنذاك، قمعت الحراك، وتعاملت معه بالسلاح. ولم يكن هذا الحراك الأوّل من نوعه، بل سبقه حراك عام 2011، دعا إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني، وحراك الكهرباء عام 2017، وتعاملت معه الأجهزة الأمنية بالطريقة القمعية ذاتها.

رصاص حي وتعذيب

على الرغم من إصدار حماس بياناً صحفياً، اعتذرت فيه عما قامت به الأجهزة الأمنية بحق المتظاهرين، وأنّها تؤمن بأنّ الفصائل إلى جانب المواطنين، فإنّ الأجهزة الأمنية ما زالت تتعامل مع الحراك بالطريقة القمعية نفسها. وأطلقت أجهزة أمن حماس في تفريق المتظاهرين الرصاص الحي، واستخدمت العصي والهراوات، وقامت بضرب النساء، والأطفال، وأوقفت في مراكز الشرطة العسكرية عدداً من المدنيين، على خلفية المشاركة أو الكتابة عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن "بدنا نعيش".

عائلة الطهراوي من العائلات التي قُمع العشرات من أبنائها، وقال أحد أفرادها إنّ الأمن جمّع أفراد العائلة في مكان وضربهم بالهراوات، ثم قام أحد العناصر باقتحام منزل العائلة وكسّر محتوياته، وشتم الموجودين، وضرب النساء والأطفال، وهذا ما أسفر عن وقوع إصابات بينهم.

انقلاب على حماس

مصدر فصائلي كشف أنّ حماس تعتبر الحراك انقلاباً عليها، ومؤامرة ضدّ ذراعها العسكري كتائب القسام، وبناء عليه رفضت حضور اجتماع القوى الوطنية واعتبرته إسناداً للحراك. وبيّن أنّ حماس اعتبرت أنّ أيّ حراك ضد حكمها في غزة، هو ضدّها، موضحاً أنّ العديد من القوى حاول إقناع قيادة حماس بضرورة الفصل بين الحركة والحكومة، وعدم الزجّ بقضايا المواطنين في الخلافات السياسية، مشيراً إلى أنّ حماس أنكرت أنّ الحراك شعبي، والقائمين عليه يتلقون تعليمات من قيادة المخابرات في الضفة الغربية.

على النقيض أعلن القائمون على الحراك أنّهم ليسوا ضدّ كتائب القسام، وأنّ خروجهم هو ضدّ الغلاء المعيشي، ولم يطالبوا بتنحي حماس عن سدّة الحكم، بل اقتصرت مطالبهم على النواحي الاجتماعيّة الإنسانيّة. حاول مراسل "اندبندنت عربية" في غزّة التواصل مع حماس للتعليق على الموضوع لكنها رفضت، واكتفت بالقول إنّ هناك أطرافاً من الضفة الغربية تحاول استغلال هذا الحراك لمصالح سياسية، هدفها الانقلاب على حكم حماس وسلاح القسام.

تباين في المواقف

في خطوة لمناصرة حراك "بدنا نعيش" عقدت كلّ القوى الوطنية في قطاع غزّة، باستثناء حركتي حماس والجهاد الإسلامي، اجتماعاً مناصراً لمطالب الشباب، وبحسب المصدر حاولت الفصائل التواصل مع الأخيرة التي لم تعط الحراك أيّ أهمية.

عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام قال إنّهم مع مطالب "بدنا نعيش" ومع أحقية الاحتجاج السلمي، بعيداً عن العنف واستخدامه ضدّ المتظاهرين، وأنّ ما قامت به الأجهزة الأمنية ضدّ المشاركين مدان ومناف للقوانين والأخلاق المجتمعية. ولم ينفِ عزّام أن إجراءات حماس المتمثلة في الضرائب والجباية وارتفاع قيمتها، أسهمت في سوء الأوضاع المعيشية للناس، لكنه عدّ إجراءات السلطة الفلسطينية ضدّ قطاع غزّة، من بين أسباب تجويع الناس، وقد دفعت الشباب للخروج في الحراك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

انفجار القطاع

وبشأن اتهام حماس حركةَ فتح بأنّها تقف وراء الحراك، نفى ذلك مستشار الرئيس لشؤون الشباب مأمون سويدان، وقال إنّ الضغوط الاقتصادية التي قامت بها حماس هي التي تسببت بانفجار القطاع، وهو ما يتناغم مع تحذير مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط الذي حذّر من الانفجار أكثر من مرّة.

أمّا عضو المكتب السياسي لحزب الشعب وجيه أبو ظريفة فيقول "توافقت الفصائل على مساندة مطالب حراك "بدنا نعيش" الشبابي، وأنّه لم يكن ذا طابع سياسي، وغير موّجه من قبل أي جهة سياسية، وأجمعت الفصائل على ضرورة عدم ركوب موجة الحراك لبقائه شعبياً". وكشف أبو ظريفة عن أنّ الفصائل سلّمت مع حركة حماس، سلسلة مطالب هدفها تحسين ظروف حياة الناس، لكن الأخيرة رفضت التعاطي مع القوى الوطنية ومطالب المواطنين، مظهراً أنّ بيان حركة حماس بالاعتذار عن اعتداء الأجهزة الأمنية على المواطنين، غير كافٍ، وأنّ على حماس النزول لمطالب الشعب.

أسباب "بدنا نعيش"

للوقوف على أسباب الحراك، فإنّ القطاع يعاني توقف التوظيف بين الخريجين الجامعيين منذ حوالي 12 سنة، وهذا ما شكّل ارتفاعاً كبيراً في صفوف البطالة التي فاقت نسبتها بين الخريجين 70 في المئة، وبشكل عام وصلت حتى 54 في المئة. وفي الوقت ذاته، فإنّ حوالي خمسة آلاف منشأة تجارية أقفلت أبوابها خلال سنوات الحصار، ووصلت نسبة الركود الاقتصادي معدل نمو سالب ستة في المئة، وارتفعت معدلات الفقر والفقر المدقع إلى 65 في المئة إذ يعاني شخص من اثنين الفقر.

كذلك يعاني القطاع أزمة رواتب كبيرة، فيتلقى موظفو السلطة 50 في المئة من قيمة رواتبهم، وكذلك الحال لدى موظفي الحكومة الموازية في غزّة، أمّا العمال فبحسب الدراسات الأخيرة فإنّ العامل يحصل على فرصة عمل واحدة كلّ 40 يوماً. ليس هذا فحسب، بل يعاني القطاع أزمة كهرباء حادة، فعدد ساعات وصل التيار لا يتجاوز أربع إلى ست ساعات يومياً فقط، وتحتاج غزة إلى 500 ميغاواط غير متوفر منها سوى 120، ويتعدى ذلك أزمة المياه التي تنذر بكارثة كبيرة بحسب تقرير الأمم المتحدة الأخيرة، الذي يصف القطاع أنّه في 2020 سيكون غير صالح للحياة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي