Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أنا كافر بكل المذاهب"... تغريدة لأديب سعودي تثير الجدل

تعرف المذاهب الأربعة أنها تقوم باستنباط الأحكام الشرعية من القرآن والسنة

يُعَدُّ عبده خال من أشهر الروائيين في السعودية (وسائل التواصل)

أثار الأديب السعودي عبده خال، الحائز جائزة البوكر العربية عام 2011، الجدل على "تويتر"، بعد تغريدة قال فيها إن أحدهم قام بتكفيره (إخراجه من الإسلام) بعد حوار بينهما قال فيه خال إنه "كافر بكل المذاهب"، لتُصبح تغريدته حديث الأدباء ورجال الدين على "تويتر" في السعودية.

كتب الروائي السعودي في تغريدته "سؤال ليس ببريء: هل المذاهب أحد أركان الإسلام، بمعنى لو قال إنسان ما: أنا لا أؤمن بأي مذهب من المذاهب المعروفة، وغير المعروفة، هل في قوله كُفر؟ أضع هذا السؤال لأن أحدهم كفَّرني حينما قُلتُ له: أنا كافر بكل المذاهب، أنا من جمهور الأوائل، السائرين على (قل: آمنت بالله، ثم استقم). 

لم يمضِ وقت طويل على تدوينة صاحب رواية "ترمي بشرر" الحائزة جائزة البوكر العربية، حتى تجاوزت الردود عليها أكثر من ألف رد بين مؤيد وغاضب. 

يقول البروفيسور مرزوق بن تنباك الأكاديمي بكلية الآداب بجامعة الملك سعود في تعليق له على خال "اسأل من كفَّرك على أي مذهب إن كان أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والمبشرين بالجنة والصحابة أجمعين، وقل له أنا على مذهبهم".

يُحاول خال الذي واجه موجة عارمة من الغضب توضيح فكرته أن "المذاهب" لم تأتِ، ولم تكن في زمن النبي، ويسعى جاهداً لتوضيح فكرته بقصَّة حديث "قل آمنت بالله، ثم استقم)، وهو حديث للنبي قاله لرجل من أصحابه حين سأله "يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً، لا أسأل عنه أحداً بعدك، ليأتي الرد من رسول المسلمين الحديث الشائع والصحيح (قل: آمنت بالله، ثم استقم).

رجال دين شاركوا بآرائهم

في تعليق للدكتور محمد الشعلان، وهو إمام وخطيب "من تكلَّم في غير فنِّة أتى بالعجائب كما فعلت، كما تدَّعون الطب للأطباء، والهندسة للمهندسين، فدعوا الفتاوى للعلماء، فما هذا فنكم". يُواصل "أو استشهدوا بكلامهم عليهم فيكون ذلك حجة عليكم"، لكن خال رد قائلاً "هناك فرق شاسع، أما الدين فليس فيه التخصص، وإلا جاء طبقياً خاصاً بالنخبة يا أستاذنا". 

يتساءل الأديب السعودي حين رد على مُغرِّد قال إن الأئمة الأربعة أصحاب عقول وحكمة تفوق عصورهم بمراحل؛ فهم فهموا القرآن، وطبقوا السنة في زمنهم، لكن ما تلا ذلك الزمن أصبح "تعصُّباً لهذا وذاك" من أتباعهم، وهو ما يفعله رجال السياسة لما يتوافق مع مصالحهم، ليرد عبده خال "منذ 1200 سنة لم يظهر علماء يعدلون ويصححون على مذاهب الأئمة الأربعة؟"، ويقصد بهذا آخر ظهور المذاهب الأربعة، وهو المذهب الحنبلي الذي أسَّسه الإمام أحمد بن محمد بن حنبل في عام (241 هجرية)؛ أي قبل 1200 سنة.

خطأ جسيم 

يعتبر سليمان الطريفي، وهو داعية مُتقاعد من وزارة الشؤون الإسلامية، أن ما كتبه خال "خطأ جسيم"، ويقول في تغريدة له "إن كان المقصود بالمذاهب التي تكفُر بها هي المذاهب الفقهية فهذا في نظري خطأ جسيم، هذه المذاهب هي بمثابة مدارس لفهم النصوص الشرعية، ولا تخرج عنها، وهذه المدارس تعاقب عليها فُقهاء كبار خدمة لها وتنقيحاً وضبطاً"، لكن المحظور بحسب الداعية السعودي "هو التعصب والتكفير بين أتباعها وازدراؤها".

يرى بدر العامر، الباحث في الجماعات والاتجاهات الفكرية، أن أكبر مشكلة يواجهها الذين يدعون لإلغاء المذاهب هو جهلهم بكيفية تشكُّلها، فهم لا يعرفون أن المذاهب الأربعة في حقيقتها "فقه الصحابة للشريعة" تلقَّاه التابعون عنهم، وهم تلقّوا هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحمد أخذ فقه ابن مسعود عن علقمة، ومالك عن نافع عن ابن عمر ... إلخ"، ويقصد بهذا أحمد بن حنبل صاحب أشهر مذاهب أهل السنة والجماعة المذهب الحنبلي.

يصف العامر المُطالبين بإقصاء المذاهب الإسلامية بـ"الهدميين"، ويقول "مشكلتهم في الحقيقة أنهم يُنادون بالهدم دون أن يفهموا ماذا يهدمون، وقد ناقشت كثيراً منهم، فهم لا يعرفون أبسط المفاهيم التاريخية في كيفية تشكُّل المذاهب، والبديل الذي يقدمونه هو في حقيقته: هدم الشريعة أصولها وفروعها".
 

بعيداً عن تأويلات البشر وقدسية الأشخاص

"بل هو الإيمان النقي الصادق يا صاحبي، البعيد عن تأويلات البشر وليّ أعناق النصوص وقدسية الأشخاص"، يقول تركي الحمد، الأكاديمي السابق والروائي السعودي في تغريدة أيَّد فيها الرجل الذي تعرَّض لسيل من الردود الغاضبة التي اعتبرت ما قاله "كُفراً"، ويضيف الحمد في تغريدته "نعم... قل آمنت بالله ثم استقم".

هل يمكن العودة إلى ما قبل المذاهب؟

تغريدة الروائي الذي بدأ حياته في الصحافة عام 1982 فتحت أبواباً للتساؤلات وأبواباً أخرى للسخط، يقول صالح زيّاد "هل يمكن العودة في تاريخ الإسلام إلى الدرجة صفر للمذاهب، أي مرحلة من غير مذاهب، وهي مرحلة الصحابة؟".

ويُجيب أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب في جامعة الملك سعود قبل أن ينتظر الإجابة من أحد قائلاً "أرى أن هذا غير ممكن، فالصحابة كانوا مختلفين أيضاً. والمذاهب هي قراءات للدين؛ أي تفسيرات واستنباطات منه، وهذه لم تتوقف، ولن تتوقف منذ توقف الوحي". ويُواصل "ما دام وجود المذاهب الفقهية والعقدية حتمياً، فهل هناك مشكلة في وجود المذاهب؟ يتساءل زياد الذي قال حول تساؤله "المشكلة طبعاً حين تُستعمل المذاهب سُلطة، وتغدو من ثم تكون سبباً للحرب الأهلية المذهبية بين أبناء الدين أنفسهم، أما ما سوى ذلك فقد قيل (اختلاف العلماء رحمة) أي سعة لأهل الدين".

وتعترف مغردة سمَّت نفسها ناهد العجلان بأن المذاهب غير حاضرة في حياتها اليومية، ولا تعرف شيئاً عنها، إضافة إلى أنها لا تعرف الاختلاف بينها فيما يتعلق بالأحكام الشرعية، غير أنها تقول "الذي أفعله كل يوم هو الوضوء والصلوات الخمس"، وهو لربما أنه أمر يتوافق مع ما يراه أديب رواية "ترمي بشرر"، الذي يرى أن "لا تعقيدات في الدين"، فقط "قل آمنت بالله، ثم استقم". 

ما المذاهب الأربعة؟ 

رغم كثرة المذاهب في الإسلام فإنها تقوم بدور واحد هو "استنباط الأحكام الشرعية من الأدلّة الواردة في الكتاب والسنة وفق قواعد وأصول فقهية محددة"، إلا أن ثمَّة اختلافاً أحيانًا بينها في بعض الأحكام الشرعية.

وتُعتبر أشهر المذاهب لدى أهل السنة والجماعة هي المذاهب الأربعة (الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي) في حين يُعَدُّ المذهب الجعفري أشهر المذاهب الفقهية عند أتباع المذهب الشيعي.

 

المزيد من متابعات