Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وزارة الداخلية البريطانية تستأنف ترحيل طالبي اللجوء رغم المخاوف من "كورونا"

حصري: وزراء متهمون بتقديم فرض قوانين الهجرة على قضايا الصحة العامة بإبعاد نحو 20 طالبَ لجوء على متن رحلة "تشارتر" الأسبوع المقبل

قرار الترحيل بطائرة "تشارتر" كان "خاطئاً من حيث المبدأ، وسيكون خطيراً في جانبه العملي" (غيتي)

في خُطوةٍ هي الأولى من نوعها منذ تفشِّي وباء كورونا، يُتوقَّع أن تُرحَّل دفعة من طالبي اللجوء إلى المملكة المتحدة... القرار أثار مخاوفَ في بريطانيا من أن وزارة الداخلية "تنطلق من دوافع سياسية على حساب الصحَّة العامَّة".

من المُنتظر أن يُرحَّل نحو 20 طالبَ لجوءٍ إلى فرنسا وألمانيا، الأربعاء المقبل، بموجب "قانون دبلن" (صادر عن الاتحاد الأوروبي) الذي يفرض على اللاجئين أن يُقدِّموا طلب اللجوء في أوَّل بلدٍ آمنٍ يصلون إليه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى مُحامون أن إعادة هؤلاء الأفراد على متن رحلات "تشارتر" (طائرات مُستأجرة بأسعارٍ مُخفَّضة) في خضمِّ المناخ الرَّاهن، هو إجراء "غير مُناسب". واتَّهموا وزارة الداخلية بالتقاعس عن إعطاء أهميةٍ كافيةٍ لـ"الطبيعة غير المُتوقَّعة" للرحلات، التي يُرحَّل بواسطتها الأفراد المُستضعفون بالقُوَّة.

في هذا الإطار، علمت "اندبندنت" أنه لن تُجرى أي اختبارات للمُبعدين أو لمُرافقيهم من دوائر الهجرة عند المُغادرة، أو لدى وصولهم إلى وجهتهم، ما يُثير مخاوفَ من أن هذا الإجراء يُخاطر بنشر عدوى "كوفيد - 19" بين البلدان.

كان الوزراء قد تعرَّضوا لانتقاداتٍ على تسيير رحلات جوية مُستأجرة غادرت المملكة المتحدة إلى بلدان أوروبا الشرقية خلال فترة الإغلاق، لكن هذه الخطوة تُعدُّ أوَّل ترحيلٍ لطالبي لجوء إلى المملكة المتحدة منذ تفشِّي الوباء.

التطوُّر الجديد يأتي بعدما كانت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل قد تعهَّدت باتخاذ إجراءاتٍ لمُعالجة مسألة عبور القوارب الصغيرة، إثر تزايد عمليات التسلُّل بواسطتها هذا العام إلى الشواطئ البريطانية، من قِبَل طالبي اللجوء. ووفقاً لأرقامٍ رسمية فقد عبر أكثر من 2500 شخص إلى المملكة المتحدة بطريقة غير شرعية حتى الآن، خلال عام 2020، مقارنةً بأقل من 500 في عام 2018.

أحد الأفراد المقرَّر إبعادهم الأسبوع المقبل على متن الطائرة المُستأجرة مواطنٌ يمني كان قد زعم أنه فرَّ من بلاده الصيف الماضي بعد سجنه وتهديده من جانب الحوثيين، وعبَّر في حديثٍ مع "اندبندنت" عن مدى يأسه، وقال إنه فكَّر في الانتحار بعدما جرى اعتقاله الجمعة الماضي، وإبلاغه بأن توجيهاتٍ قد صدرت بترحيله.

كان الشاب البالغ من العُمر أربعةً وعشرين عاماً، والذي فضَّل عدم الكشف عن اسمه، قد وصل إلى المملكة المتحدة في السابع والعشرين من مايو (أيار) بعد عبوره على متن قارب صغير من مرفأ كاليه في فرنسا. ولدى وصوله طلب الحق في اللجوء إلى بريطانيا، وقد نقلته السلطات في وقتٍ لاحق إلى فندق في برمنغهام يُستخدم عادةً لإيواء طالبي اللجوء أثناء فترة الإغلاق التي فرضها وباء كورونا، وأمضى نحو شهرين في الفندق، حيث شعر "مرّةً أخرى بالأمان"، وبأنه "إنسان"، على حدِّ تعبيره. وفي الثلاثين من يوليو (تموز) نُقل إلى أحد المساكن المُؤقَّتة المُخصَّصة للاجئين في كوفنتري، لكن في وقتٍ مُبكِّر من صباح اليوم التالي لوصوله، دهمت المنزل مجموعةٌ من عناصر إنفاذ قانون الهجرة، ونقلته إلى مركز "بروك هاوس" للترحيل (مقر احتجاز يقع في نطاق مطار غاتويك، وتُديره مؤسَّسة خاصة لحساب وزارة الداخلية البريطانية).

في وصفٍ لما حدث قال المواطن اليمني: "شعرتُ بخوفٍ شديد. فكلُّ ما عملتُ بجدٍّ لتحقيقه يذهب الآن أدراج الرياح. أشعر بأنني مُدمَّر. لا أستطيع أن أتناول الطعام أو الشراب. لم يعُد هناك معنى لحياتي".

يوضح أنه أراد طلب اللجوء إلى المملكة المتحدة لأنه شعر بأنه سيكون قادراً على التكيُّف في العيش فيها بشكل أفضل من الدول الأوروبية الأخرى، لأنه كان يعرف أفراداً من الجالية اليمنية في بريطانيا، وظن أنه لن يُواجه "الفظاظة" في المُعاملة التي لقيها أثناء سفره عبر فرنسا وإسبانيا.

يضيف متذكِّراً المرحلة الأولى من وصوله في أوروبا، قائلاً: "في إسبانيا، تمَّ إيوائي في البداية لدى مؤسَّسة خيرية لبضعة أيام، لكن بعد ذلك طُرِدتُ لأن المؤسَّسة كانت تُغلق أبوابها، واضطررتُ إلى النوم في الشارع. أما في فرنسا، فكنتُ أنام في محطة حافلات، وأواجه مخاطرَ كبيرةً من عصابات الشوارع التي كانت تسرق طعامي".

يُتابع: "اعتبرتُ أن مجيئي إلى المملكة المتحدة سيُتيح لي فُرصة جديدةً كي أعود إلى الحياة مرَّةً أخرى. كنت أشعر بالأمان. أحسستُ بأنني إنسان مرَّةً جديدة. أما الآن فيُساورني الخوف. وبتُّ أُفضِّل أن أعود وأتعرَّض للقتل في اليمن، على أن أُواجه الموت في شوارع فرنسا. لديَّ الحقُّ في طلب اللجوء إلى المملكة المتحدة، لأن بلادي تعيش حالة حرب".

ليلي باروت، وهي محامية متدرِّبة في شركة المُحاماة "دانكن لويس" التي تُمثِّل الشاب اليمني، أوضحت أن مُعاودة وزارة الداخلية البريطانية أعمال الترحيل إلى فرنسا "مصدر قلقٍ شديد"، مشيرةً إلى الارتفاع الكبير الذي تشهده فرنسا أخيراً في حالات الإصابة بعدوى "كوفيد - 19"، ولا سيما منها مدينة مرسيليا، حيث من المقرَّر أن تكون وجهة الرحلة.

رأت باروت أن "طالبي اللجوء هؤلاء مُهدَّدون بمواجهة الفقر والتشرُّد. وإضافةً إلى ذلك، لم يتأكَّد لنا أن إبعادهم يُجرى وفق الأصول القانونية، أو أن وزارة الداخلية قد تحقَّقت من احتمال تعرُّضهم لخطر كبير لجهة الإصابة بمرض كوفيد - 19".

أما سيليا كلارك، مديرة المؤسّسة الخيرية Bail for Immigration Detainees التي تُقدِّم استشاراتٍ قانونية للمُحتجزين من المُهاجرين، وتعمل على تمثيلهم، فرأت أن هذه الخطوة قد تكون جزءاً من استراتيجية تقضي بـ"التعجيل" في إبعاد أكبر عدد ممكن من طالبي اللجوء بموجب "قانون دبلن"، لأن هذه الممارسة قد يتوقَّف العمل فيها على الأرجح، ولن تكون جُزءاً من قانون المملكة المتحدة بعد موعد الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي آخر العام.

واعتبرت كلارك أن "هذه الخطوة شديدة التهوُّر تُخاطر بنشر عدوى كورونا عبر الحدود. وكما يحصل في كثيرٍ من الأحيان، تُعطَى الأولوية لإنفاذ قوانين الهجرة على الأخذ في الاعتبار مسألة الصحَّة العامَّة".

دايان آبوت، العضو في مجلس العموم عن حزب "العُمَّال" البريطاني المُعارض، وصفت القرار بأنه أمرٌ "لا يُصدَّق"، وأشارت إلى أن "جميع طالبي اللجوء هؤلاء، سيكونون مُعرَّضين بشكلٍ خاص لخطر عدوى كوفيد - 19، سواء بسبب عِرقهم أو لأسباب طبِّية أخرى، ومن المعلوم أن فرنسا شهدت ارتفاعاً في حالات الإصابة بفيروس كورونا. وربما تكون وزارة الداخلية بصدد إرسال هؤلاء الأشخاص إلى حتفهم، في وقتٍ تبدو فيه أنها لا تُبالي بمصيرهم".

انضمَّت إلى مُنتقدي إجراء وزارة الداخلية بيلا سانكي مديرة مؤسَّسة Detention Action الخيرية التي تدعم المُحتجزين في مراكز اعتقال دوائر الهجرة، ووصفت قرار الترحيل بطائرة "تشارتر" بأنه كان "خاطئاً من حيث المبدأ، وسيكون خطيراً في جانبه العملي". وسألت "كيف يمكن لوزارة الداخلية أن تضمن أن أولئك الذين تسعى إلى ترحيلهم قد حظوا بحقِّهم في المشورة القانونية الكافية، ولم يتعرَّضوا للإصابة بعدوى كوفيد - 19 سواء في مكان حجزهم أو في أماكن اللجوء المُزدحمة؟".

وخلصت إلى القول إنه "بدلاً من الانطلاق من دوافع سياسية في شؤون الصحَّة العامَّة، كان يُمكن لوزارة الداخلية أن تغتنم هذه الفُرصة لإظهار طابع إنساني واستعادة سُمعتها التي تعرَّضت للضرر نتيجة "فضيحة ويندرش" (اعتقال أشخاص من دول الكاريبي بطريقةٍ غير قانونية ومنعهم من ممارسة حقِّهم القانوني وترحيل 83 منهم عن طريق الخطأ من المملكة المتحدة)".

"اندبندنت" اتَّصلت بوزارة الداخلية لأخذ تعليقها على الموضوع.

© The Independent

المزيد من الأخبار