Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تتهم أفرادا في الأجهزة الأمنية و"مقصيين" بتدبير "مؤامرة" ضد تبون

الحكومة تحقق في تزامن انقطاع الماء والكهرباء مع حرائق غابات وشح مالي

تبون مصافحاً جراد في لقاء سابق (صفحة الرئاسة الجزائرية)

في وقت تصدر معلومات متتالية عن أعلى مستوى في الدولة الجزائرية تتحدث عن "مؤامرة" داخلية تستهدف حكم الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، عادت الأجهزة الأمنية لتزيد من حجم الشكوك حول "المؤامرة" والجهات المعنية بها، وما إذا كانت أجهزة أمنية منظَمة أم تحالفات جديدة بين "مقصيين" من ممارسة السلطة، كاشفةً هذه المرة عن "عصابة إجرامية" مرتبطة بمحرضين في الداخل والخارج.

وتُمعن السلطات الجزائرية، في ترسيخ فكرة وجود "مؤامرة" تستهدف نظام الحكم ورئاسة تبون للبلاد أمام الرأي العام المحلي. واتهمت أجهزة الأمن خلال الساعات الأخيرة الماضية "عصابة إجرامية" بالعمل ضمن هذا المخطط. وأعلنت توقيف عدد من الأشخاص قالت إن "علاقةً تربطهم بمحرضين في داخل البلاد وخارجها والمال الفاسد"، مشيرةً إلى "تورط إداريين وبعض الأشخاص من الأجهزة الأمنية"، في هذه "العصابة".

وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن "العصابة التي يقودها لاعب دولي سابق في كرة القدم تضم أيضاً مسجونين وفارين من البلاد". وخلفت الإشارة إلى لاعب جزائري دولي سابق من دون كشف هويته، علامات استفهام كثيرة لدى الرأي العام، إلا أن بعض المواقع الصحافية لمّحت إلى لاعب محلي تربطه علاقة مصاهرة بقائد عسكري رفيع (جنرال) أُقيل أخيراً من جهاز الدرك الوطني.

ووفقاً للتسريبات، فإن من بين المعتقلين مسؤولاً كبيراً في الدرك الجزائري على مستوى المكتب الإقليمي للعاصمة ومسؤول أبحاث سابق في درك باب الجديد (مركز الأبحاث الذي حقق في كل قضايا فساد رموز النظام السابق) وعقيد متقاعد يقيم حالياً في محافظة تلمسان (500 كيلومتر غرب العاصمة).


أفراد أم أجهزة؟

في وقت سابق، وجّه الرئيس الجزائري تبون، الوزير الأول (رئيس الحكومة) عبد العزيز جراد نحو فتح تحقيقات في أسباب تزامن أزمة السيولة في البلد مع حرائق ضخمة في الغابات مع انقطاع المياه والكهرباء، بيد أن الوزير الأول استبق نتائج التحقيقات وأعلن في اليوم ذاته عن "وجود مؤامرة" تهدف إلى تحريك الشارع. وقال "بالنسبة إلى حرائق الغابات لدينا اعترافات بذلك، كما أن خللاً وقع في حركة السيولة في مكاتب البريد، وهناك مَن حاول منع دخول وخروج السيولة من هذه المكاتب. وبعد التحقيق، تم اكتشاف نوع من المؤامرة لخلق ندرة في السيولة، بل إن بعض محطات تحلية المياه تعرضت لعمليات تخريبية، لقد اكتشفنا وجود نية سيئة وخبيثة لخلق البلبلة، وهناك أعمال مدبرة لخلق فتنة وعدم استقرار في البلاد".

كذلك، أشار بيان لأجهزة الأمن الجزائرية بوضوح إلى ضلوع "أفراد" في القوى الأمنية في تلك العمليات، بالتالي فإن السلطات المختصة بالتحقيق تعتبر ما يجري "مؤامرةً لقلب نظام الحكم"، لكنها شددت على اقتصار التورط على حالات فردية وليس أجهزة مهيكلة، وهو أمر يصعب البناء عليه نظراً إلى حجم العمليات الأمنية التي كشفت عنها الجزائر أخيراً، وتتعلق باعتقال أو استلام مطلوبين دولياً من الدائرة المقربة من رئيس الأركان السابق الفريق الراحل أحمد قايد صالح، ومن مدير الاستخبارات في فترة الحراك الشعبي، الجنرال واسيني بوعزة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وأعلن القضاء العسكري الجزائري قبل أيام استلام العسكري قرميط بونويرة من تركيا وهو مسؤول أمانة مكتب قايد صالح، بعد أن "فر" إلى وجهة مجهولة بعد وفاة رئيس الأركان بفترة قصيرة. ووجِهت لقرميط تهم تسريب معلومات سرية على قدر من الأهمية وفتح اتصالات مع ناشطين خارج الجزائر وضباط فارين.

إلى ذلك، وفي حال صحت مزاعم التسريبات الأخيرة عن تورط صهر قائد كبير في الدرك الجزائري، تتحفظ "اندبندنت عربية" عن ذكر اسمه قبل اختتام التحقيق الأمني، فسيصعب اعتبار هذا الترابط في الأحداث بريئاً. فهل هناك تحالف قوى أقصاها تبون عن الحكم مع أخرى أقصاها القضاء إثر تحقيقات الفساد؟


عملية تطهير


من جهة أخرى، اعتبر الأستاذ الجامعي الجزائري إسماعيل حيوني أن "رئيس الجمهورية يبدو متأكداً من وجود خصومات ما ضده، وقد انتقلت إلى مسألة الفعل. نقل بيان رئاسي عن تبون، في مجلس الوزراء المنعقد مساء الأحد 9 أغسطس ( آب)، دعوته إلى إعلان نتائج التحقيقات أمام الرأي العام. من جهة، يبحث تبون عن تبرير لكثير من العوائق الاجتماعية، وربما من جهة أخرى يحاول صرف النظر عن قضايا سياسية أخرى، بإبراز ملف مصراع الأجنحة".

وبالفعل خاطب تبون الوزراء الأحد قائلاً إن "الحوادث والاختلالات الخطيرة التي وقعت في الأسابيع الأخيرة كحرائق الغابات وانقطاع التزويد بالكهرباء وماء الشرب، والندرة المفاجئة للسيولة المالية على مستوى مراكز البريد، تستوجب من الحكومة الإسراع في استكمال التحقيقات الجارية، مع إعلام الرأي العام بنتائجها، بالحجة الدامغة والسهر على معاقبة الضالعين فيها بكل حزم".

وكشف الدرك الجزائري منذ أيام عمليات اعتقال لـ"مخربين" متهمين بتحطيم مولدات كهربائية أو متورطين في إشعال نيران بالغابات، بيد أن هذه العمليات الإجرامية لم يُكشَف بعد مدى ترابطها أو التخطيط لها من قبل طرف واحد.

الإشكال وفقاً للأستاذ حيوني "قد يكون في نجاح قوة ما في جلب رئيس الجمهورية إلى معركة أجنحة قد تستفد منه الوقت الكثير وتدفعه نحو عملية تطهير داخل المؤسسة العسكرية أو الشرطة أو الدرك. هذا السيناريو ستكون نتائجه مؤلمة على الجزائر وهي تستعيد من جديد مفهوم معارك الأجنحة ومراكز القرار"، مضيفاً "شخصياً لا أتصور وجود قوى مهيكَلة وإنما مراكز مترابطة من أفراد في الجهاز الأمني، في مراكز حساسة ضمن الإدارات، لا سيما القطاع المالي والضرائبي متحالفة مع محيط أو عائلات متهمين بالفساد المالي، ربما القصد من تلك الضغوط هو تحصيل تنازلات من تبون أو إضعاف قراراته".

ويخشى الجزائريون الحديث حول "صراع الأجنحة" الذي لازم النظام الجزائري منذ الاستقلال وبصفة أخصّ منذ دُفع الرئيس الجزائري السابق الشاذلي بن جديد إلى الاستقالة قبل ثلاثة عقود. وعادةً ما يتحدث محللون عن صراع طويل الأمد في السنوات السابقة بين الرئاسة وقيادة الأركان وجهاز الاستخبارات ما أثّر في القرار السياسي.

المزيد من العالم العربي