Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسعد رشدان: اختيار الممثلين يقوم على المحسوبيات

 جاء إلى الدراما التلفزيونية من الاختصاص الأكاديمي وفن المسرح والثقافة

الممثل أسعد رشدان (يوتيوب)

أسعد رشدان ممثل قدير، يشتهر بمواقفه السياسية والفنية اللاذعة. موهبته لا تنحصر بالتمثيل فحسب، بل تشمل أيضاً النحت والكتابة والرسم والتصوير. وما يميزه تخصصه الأكاديمي وحصوله على ديبلوم في الفن المسرحي والتمثيل من معهد الفنون في الجامعة اللبنانية. وكان له أن يرافق رواد المسرح اللبناني من أمثال ريمون جبارة وأنطوان ملتقى وأنطوان معلوف وموريس معلوف وسواهم، سواء خلال دروسه الجامعية أو في المختبرات والتجارب. ولعل ثقافته وخبرته الأكاديمية جعلتاه يتبوأ مركز الصدارة في الدراما اللبنانية كممثل، يملك تقنيات الأداء وعيش الأدوار والقدرة على التنويع والانتقال من دور إلى آخر بسلاسة وقوة.

رشدان الذي لا يجيد المجاملة، حتى في تغريداته على "تويتر"، التي تؤكد استياءه الشديد من الأوضاع في لبنان، يقول "أنا مستاء منذ 40 عاماً. قبل 20 عاماً هاجرت إلى الخارج، مقدماً استقالتي من الوطن، لكن يجب ألا نختلف حول فكرة أن هناك فرقاً بين الدولة والوطن، وما لبثت أن عدت قبل نحو 7سنوات. لبنان جميل جداً، ولديّ فيه بيت وأرض والحبل السري معلق فيه. هناك من اتهمني بالعمالة وقال إنني غير وطني وشتمني عبر السوشيال ميديا، ولكن لم أردّ. واليوم، 90 في المئة ممن كانوا يعتبرون أن تصرفي خاطئ أنصفوني، عندما نظروا إلى الأمور بواقعية. أنا حذرت قبل 30 عاماً من أننا وصلنا إلى الهاوية، ولكن الإنسان العربي بشكل عام واللبناني بشكل خاص، بلا ذاكرة. يتحدث عن نكباته ولا يتعلم منها. كل همّنا الزعماء، يذهب زعيم فنصفق له ويأتي زعيم آخر فنصفق له أيضاً. الوطن هو أرض وشعب وسلطة، والأرض والشعب موجودان، ويفترض بالسلطة، أن تيسّر أمورنا وحاجاتنا الأساسية كمواطنين، ولكنهم يسرقوننا في لبنان، وكل الناس يرددون هذا الكلام ويعرفونه جيداً".

جنسية أجنبية

عن سبب عودته إلى لبنان على الرغم من أن الظروف لم تتغيّر، يجيب رشدان، "كنت أعيش في أميركا بهدوء، وعندي بيتي وعملي وجنسية أجنبية ولكنني إنسان مضحٍ. أنا غادرت في الـ45 وعدت إليه في الستين، وضحيت بـ15 عاماً من عمري، وهي الفترة الأجمل في حياتي، من أجل عائلتي، وهما شابان وشابة وحيدة، لكي لا يعملوا في الفن من ناحية ومن ناحية أخرى، لكي يؤمنوا مستقبلهم، لأن لا مستقبل لهم في بلدنا. ما نعيشه اليوم، كنت قد توقعته قبل 30 عاماً، وعبّرت عنه في كتاباتي وفي مقابلاتي الصحافية. أنا لا أدعي شيئاً ولكني أتابع الحياة السياسة منذ الطفولة".

يشير رشدان إلى أن الفن الذي ضحى من أجله لا يعطي، ويضيف "المنتج هو الذي يعطي. وفي الفن "خطفت" ما تمكنت من خطفه، إذ لا أحد يعطي شيئاً، خصوصاً أن الوسط الفني هو وسط "الإيغو". في كل مسلسل، نسمع عن مشكلات بين الممثلين على تراتبية الأسماء في مقدمة المسلسل، أما أنا فأشترط على المنتج عند توقيع العقد، أن لا يستخدم عبارة الممثل القدير لأنني لا أحبها، بل الاكتفاء بذكر اسمي فقط، كما أترك له حرية وضعه وفق التراتبية التي يجدها مناسبة والتي تصب في مصلحته كمنتج، وأعتقد أنني أكثر ممثل تم تقديره وإنصافه من قبل المنتجين. ولكن عندما شعرت أنني غير مُنصف وبمعنى أصحّ عندما وجدت أنني لا أُنصف نفسي، غادرت إلى أميركا. واليوم أنا أكثر ممثل منصَف في لبنان، أعمل بشكل متواصل لقاء أجر مادي جيد جداً، يؤمن لي مصدر عيش كريم لي ولزوجتي".  

مسألة مبدأ

وبالنسبة إلى مآخذه على الفن يقول، "أنا أخذت حقي وشاركت في العديد من المسلسلات المهمة، وبرزت كممثل جيّد يُعتمد عليه. في الماضي كانت النقابة تحدد الأسعار كبدل مكافأة للممثل، وفي مرحلة لاحقة سادت الفوضى وهي مستمرة حتى اليوم. مثلاً، ممثل يملك دوراً بين يديه، قد يكتشف فجأة أنه لم يعد موجوداً، أو حلقة تعاقد عليها ممثل بـ1000 دولار يمكن أن تذهب إلى ممثل آخر بـ500 دولار. حصلت مشكلة بيني وبين منى طايع وابن عمها، حولاها إلى مادية وقالا إنني أخذت حقوقي كاملة، وأبرزا مستنداً، فقلت لهما إن مشكلتي معكما ليست مادية، لأنني لا أسمح لأحد بأن يأكل حقي حتى لو كان قرشاً واحداً. أنا إنسان مثقف وراقٍ ومتعلم ومسالم ومتدين ولكن ضمن حدود، ولا أسمح لأحد بأن يخطئ في حقي". ويضيف شارحاً سبب خلافه مع طايع، "علاقتي بها كانت جيدة وبدأت قبل 45 عاماً، ولطالما طالبتني بالعودة إلى التمثيل والمشاركة في مسلسلاتها، بعدما كنت قد تركت لبنان بسبب مشكلة مع المنتج مروان حداد. عندما كتبت مسلسل "عشق النساء" أرسلت لي الورق، لكني رميته بعد أربعة أعوام، لأن المسلسل انتقل من منتج إلى آخر، وحصلت في النص تغييرات كثيرة، إلى أن رسا العمل عند المنتج زياد الشويري. وعندما كتبت مسلسل "أمير الليل" أصرت على أن أشارك فيه، واتفقنا على أن أشارك بـ30 حلقة مقابل أجر معين عن كل حلقة. يومها فكرت بأنه عرض مناسب، أجني من ورائه مادياً أكثر مما أجنيه من عملي في أميركا لمدة عام كامل، ويشكل عودتي إلى الشاشة بدور جميل وجيد. الأمور كانت تسير على أفضل ما يرام وكنت أتواصل مع مي أبي رعد الشريكة في الإنتاج،  وعدت خلال أسبوع إلى لبنان، ولكنهم أرجأوا التصوير من أول أبريل (نيسان) حتى أول أكتوبر (تشرين الأول) وبقيت من دون عمل، حتى التكاليف لم يغطوها. الشريك الثالث في الإنتاج صار يماطل في الدفع ويتعامل مع الممثلين بطريقة غير لائقة، فتدخلت منى بيني وبينه، ولكني طلبت منها عدم التدخل لكي نبقى أصدقاء، حتى أنه كان يقول في الصالونات، إنني بقيت 6 أشهر في البيت ولكني كنت أتقاضى أجري، وهذا الكلام سمعته من أشخاص من بينهم مروان نجار ومروان حداد. كل شيء عندهم محوره الفلوس ولكن المسألة عندي مسألة مبدأ".

 

راض عن أدواره

من ناحية أخرى، يؤكد رشدان أنه راض عن كل أدواره، ويقول: "يهمني الدور الجيد بصرف النظر عن حجمه. مثلاً، شاركت في حلقة واحدة من مسلسل "موت أميرة"، لأنني اقتنعت بالدور وبالشخصية، وفي مسلسل "طريق" مع نادين نجيم وعابد فهد، كان يفترض أن تكون مساحة دوري أكبر، ووقعت في العقد على دور مختلف عن الذي ظهرت فيه على الشاشة، ولكنهم اتصلوا بي بعد أسبوع وسألوني ما إذا كنت أمانع في تقديم شخصية أخرى، على أن أتقاضى الأجر نفسه. داخلياً، كنت سعيداً وحزيناً في آن، لأن الدور الأول كان "سخيفاً" و"بلا طعمة"، بينما أنا لعبت دور الأزعر وقدمت مشهد اغتصاب رائع. الدور أرضاني فنياً ومعنوياً ومادياً".

وعن سبب قبوله بدور وصفه بـ" السخيف"، يجيب "أي دور سخيف يمكن أن نجعله مهماً إذا عرفنا كيف نقدمه. ولا شك في أنني كنت قدمته بطريقة مختلفة. المصالح تفرض نفسها، والمسألة لا علاقة لها بالمثاليات. أريد أن أعيش، ومن يؤمن لي 14 أو 15 ألف دولار شهرياً، على امتداد 5 أشهر، وعلاقة عمل، لن أتخاصم معه. لست مجبراً على الوقوف في وجه المنتج صادق الصباح ومعارضته، خصوصاً أنه يوجد بيننا محبة واحترام. أنا شاركت في أكثر من عمل من إنتاجه، كـ"الهيبة" ومن بعده طلبني المخرج سامر البرقاوي للمشاركة في مسلسل "دولار".

ويتحدث عن مستوى الدراما اللبنانية، ويردّ على من يعتبرون أنها تعاني من مشكلة عدم اختيار الممثل المناسب للدور المناسب، قائلاً "كل عمل له مقومات، ومقومات العمل الدرامي هي القصة والسيناريو والحوار والإخراج والأداء والإنتاج، وإذا توافرت كل هذه المقومات ينجح العمل. أما اختيار الممثلين، فإنه يقوم على الوساطات والمحسوبيات والصداقات والمصالح المادية والاسترخاص".

تحدي العمر

كذلك، توقف رشدان عند حرص المنتجين على اختيار ممثلي المسرح في الدراما، "في بداية التلفزيون، كنا في العشرينيات، البعض منا توجه إليه، وآخرون استمروا وممثلوه هم اليوم، بين الخمسينيات والستينيات عمرياً، والدراما التلفزيونية بحاجة إلى هذه الأعمار، لأن الممثلة التلفزيونية التي عمرها ستون سنةً تبدو في العشرينيات. عمري 67، وكنت أمثل مع كل الصبايا الحلوات اللاتي يظهرن اليوم على الشاشات. مع ماغي بو غصن، ورد الخال، جوليا قصار، رولا حمادة، وسواهن مع احترامي للجميع، ووصلنا إلى وقت، هنّ أكملن في لعب أدوار الصبايا مع ممثلين أصغر منهن بـ20 سنة، وبقينا نحن على طبيعتنا وكبرنا".

ويشير إلى أن الممثل اللبناني لم يلمع نجمه كما الممثل السوري لحاجته إلى التسويق، مضيفاً "عندما يسوّق الإنتاج للممثل بشكل جيد يصبح مطلوباً. ما الذي يمكن أن يفعله عابد فهد أو تيم حسن أو قصي خولي ولا يستطيع الممثل اللبناني فعله! المطلوب إحساس وأداء طبيعيان". وعن الأسباب التي حالت دون استثمار فرصة مشاركته في السينما العالمية، "شاركت في الفيلم وأنا بعمر الستين، ولا إمكانية لاسثمار هذه التجربة في مثل هذا العمر. كل الممثلين العرب الذين حققوا نجومية عالمية وأهمهم عمر الشريف، أمضى أيامه الأخيرة في مصر، لكي يشعر بوجوده".

ويمارس رشدان حالياً هواية نحت الخشب، ويستفيد من الجلوس في البيت بقراءة الكتب، والنصوص الموجودة بين يديه، موضحاً أنه بقي في لبنان على الرغم من نقمته، لأن أولاده كبروا ويعملون في وظائف محترمة وهو مطمئن لمستقبلهم.

المزيد من ثقافة