بعد أسبوع على تصدرها مؤشرات البحث على مواقع التواصل الاجتماعي، وصلت "جريمة الفيرمونت" إلى مكتب النائب العام المصري لفتح تحقيق في مزاعم اغتصاب فتاة على يد عدة شباب منذ 6 سنوات داخل الفندق الشهير المطل على نيل القاهرة.
بحسب ما نشر على حساب (AssaultPolice) أو شرطة الاعتداءات على تويتر لمناهضة وقائع التعدي على المرأة، فإن الواقعة ترجع إلى 21 فبراير (شباط) 2014، حين تعرضت فتاة للاغتصاب الجماعي على يد عدة شباب، داخل فندق فيرمونت نايل سيتي، بعد ما خدروها خلال مشاركتها في حفل، ثم وقع كل منهم على جسدها بالحرف الأول من اسمه، إضافة إلى أنهم سجلوا فعلتهم من خلال مقطع فيديو أرسلوه لأصدقائهم للاستعراض بحسب ما نشره الحساب الذي يتابعه أكثر من 170 ألف شخص. عقب نشر تلك التفاصيل تصدر هاشتاج #جريمة_الفيرمونت قائمة الأكثر تداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وقام البعض بنشر صور المتهمين بالاغتصاب وتباينت الشهادات ما بين أنهم 6 أو 8 شباب من عائلات ثرية وذات نفوذ، وأنهم يهددون كل من يحاول كشفهم، وقال القائمون على الحساب على تويتر إنهم "تعرضوا لتهديدات بالقتل مما دفعهم لإغلاقه مؤقتاً".
من جهة أخرى، شارك كثيرون في تدوين شهاداتهم عن تلك الوقائع عبر مواقع التواصل، حيث قال البعض إن هؤلاء الشباب اغتصبوا 6 فتيات وليست واحدة، وكشف آخر أنه يعرف إحدى الضحايا، وأنها تعالج نفسياً منذ اغتصابها، وأخبرته أن المغتصبين يعتمدون على دس مخدر يؤدي لفقدان الوعي في شراب الضحية، ثم يأخذونها إلى غرفة لاغتصابها، وأوضح آخر أن المغتصبين يهددون ضحاياهم بالسلاح الأبيض ويتعاطون المخدرات بجنون.
في المقابل وبعد أن ظلت تلك الاتهامات تتردد على مواقع التواصل أصدر الفندق بياناً رسمياً للتعليق على الحادث، حيث أعلنت إدارة فندق «فيرمونت نايل سيتي» أنها تتابع ما يتم تداوله حول حادث الاغتصاب الذي قد يكون حدث خلال حفل خاص عام 2014، معربة عن استعداد إدارة الفندق لتقديم الدعم والمساعدة، لأن من أولوياته المحافظة على أمن وسلامة ضيوفه والعاملين به.
وبعد أيام من الغموض حول تفاصيل الواقعة، وأنباء عن نفوذ مزعوم لأسر المتهمين بالاغتصاب، أعلن النائب العام المصري حمادة الصاوي، عن فتح تحقيق في الواقعة، عقب تلقيه كتاباً من المجلس القومي للمرأة يتضمن شكوى تلقاها المجلس من إحدى الفتيات حول تعرضها لاعتداء جنسي عام 2014 داخل فيرمونت نايل سيتي بالقاهرة، إلى جانب شهادات بعض الأشخاص حول معلوماتهم عما حدث.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان لإصدار المجلس القومي للمرأة نداء للفتيات للإبلاغ عن أي اعتداء يتعرضن له، تأثير كبير في إقدام الضحية على الإبلاغ، حيث أصدر بياناً أكد وقوفه بجانب أي أنثى تتعرض للتهديد، وخصص رقماً لمتابعة الشكاوى، مطالباً كل فتاة أو سيدة تتعرض للمضايقة أو التهديد بأن تقدم بلاغاً للنيابة أو الشرطة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
ومن غير المعروف، ما إذا كان مرتكبو الجريمة ما زالوا داخل مصر أم لا، حيث انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مزاعم بأنهم سافروا خارج البلاد مستغلين ثراء عائلاتهم، كما أغلقوا حساباتهم على "السوشيال ميديا" لتجنب الوصول إليهم.
وبحسب المادة 290 من قانون العقوبات، فإن المتهمين لو ثبت ارتكابهم الخطف والتخدير ثم الاغتصاب فإن عقوبتهم قد تصل للإعدام، حيث تنص المادة على أنه إذا كان المخطوف طفلاً أو أنثى تكون العقوبة السجن المؤبد، وتصل إلى الإعدام إذا اقترن بالخطف مواقعة المخطوف جنسياً أو هتك عرضه.
من جهتها، أكدت نسرين البغدادي، عضو المجلس القومي للمرأة، أن الكثير من الفتيات كسرن حاجز الخوف بالإبلاغ عن تعرضهن لجرائم الاغتصاب أو التحرش بفضل صدور العديد من التشريعات والإجراءات التي تحمي الأنثى، مؤكدة لـ"اندبندنت عربية" أن المجلس القومي للمرأة يعمل على حماية المرأة من كافة أشكال العنف، ومن ثم كان إصدار التشريع بتشديد العقوبة على مرتكب جريمة التحرش والحرص على اتخاذ الإجراء بسرية البيانات الخاصة بالمبلغة وحمايتها.
من الجدير ذكره، أن الحكومة المصرية أقرت في يوليو (تموز) الماضي مشروع قانون بتعديل بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية، للسماح بعدم إثبات بيانات المجني عليهم في الجرائم التي ينظرها القضاء في جرائم هتك العرض والتحرش، بهدف سمعة المجني عليهم.
وحول جريمة التحرش، أوضحت البغدادي وهي بالأساس أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن التحرش يعد من الجرائم المسكوت عنها في المجتمع، ودائماً كان يقع اللوم على الأنثى على الاعتبار أنها السبب المباشر في حدوث الواقعة، وتتهم في سلوكها وملابسها وأنها هي من تشجع القائم بالجرم، ودائماً وأبداً ما كانت الأسرة تخشى على سمعتها من المجتمع المحيط وخوفاً من النظرة المجتمعية التي ربما تصل إلى حد العزلة، إلى جانب الخشية من انحسار فرص الزواج لابنتهم نتيجة الوصمة المجتمعية، ولذلك كانوا لا يأملون في الحصول على حقهم عن طريق القانون.
وفي ذات الصدد، أكدت عزة هيكل، الكاتبة والناشطة في مجال حقوق المرأة، أن المجتمع المصري يتغير وثقة الفتاة المصرية في نفسها زادت، كما أن دعم المجلس القومي للمرأة ومنظمات المجتمع المدني أسهم في زيادة حالات الإبلاغ عن قضايا التحرش والاغتصاب، إلى جانب الاهتمام الدولي بمناهضة التعرض الجسدي للمرأة، الذي يصاحبه أعمال درامية وكتابات مناصرة للمرأة، مما خلق حالة ورأياً عاماً مساندين لأي فتاة تتعرض لحالة اغتصاب أو تحرش.
وعن المعالجة الإعلامية لقضية التحرش، أضافت هيكل وهي عميد كلية الإعلام بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، أن المجتمع يحتاج إلى خطاب إعلامي جيد بعيد عن عرض المرأة كجسد فقط، لكي تستمر في مكافحة ظواهر التعدي على السيدات والفتيات، كما أن شجاعة الفتيات في الإبلاغ تختلف من مستوى اجتماعي ومن مكان لآخر، حيث سيكون الوضع أصعب على فتيات الصعيد أو قرى الدلتا، وأشارت إلى حاجة الأسر لمزيد من الرقابة الأسرية والعائلية على أبنائهم وبناتهم.
يذكر أن "جريمة الفيرمونت" تعد ثاني وقائع الاعتداء على سيدات التي تشغل الرأي العام المصري خلال شهر، حيث كشفت مواقع التواصل الشهر الماضي عن تورط الشاب "أحمد بسام زكي" في وقائع اغتصاب وتحرش، وتطور الأمر لاحقاً إلى تقديم عدة فتيات لبلاغات وإلقاء القبض عليه وحبسه على ذمة التحقيق في تهم الشروع في مواقعة فتاتين بغير رضاهما، وهتكه عرضهما، وفتاة أخرى بالقوة والتهديد، وكان عُمر إحداهن لم يبلغ ثماني عشرة سنة، وتهديدهن وأخريات بإفشاء ونسبة أمور لهن تمس الشرف.
وكان محاميه قد نفى تلك الاتهامات في وقت سابق، وطالب بمواجهة موكله بأي ممن ادعين تحرشه بهن، معللا بأن تلك الاتهامات موجهة من أشخاص مجهولين وغير حقيقيين، وما جاءوا به لا يعد إلا كلاماً مرسلاً من شخص مجهول لا يرقى إلى أن يكون اتهاماً أو دليل إدانة.