Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إشكالية قانونية تقف بوجه الانتخابات العراقية المقبلة

"انعقاد المحكمة لا يكون صحيحاً الا بحضور جميع أعضائها"

"الانتخابات ستخضع لمراقبة دولية ولن يؤثر فيها سلاح منفلت ولا تزوّر فيها ارادة الشعب" (غيتي)

حدَّد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، السادس من يونيو (حزيران) المقبل موعداً لإجراء انتخابات برلمانية مُبكِّرة بعد الضغط الجماهيري الذي تجسَّد في تظاهرات أكتوبر (تشرين الأول) 2019، ومطالبتها القوى السياسية بتصحيح مسار العلمية السياسية.

جاء إعلان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي موعد الانتخابات المبكرة خلال كلمة مُتلفزة له تعهَّد خلالها بحماية كل القوى المُتنافسة لخوض الانتخابات، موضحاً أن الانتخابات "ستخضع لمراقبة دولية، ولن يؤثر فيها سلاح منفلت ولا تُزوَّر فيها إرادة الشعب"، كما طالب مجلس النواب بالإسراع لإرسال قانون الانتخابات الجديد لرئاسة الجمهورية للتصديق عليه.

وسارعت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بعد تحديد الموعد المبكر للانتخابات بإصدار بيان أكدت فيه استعدادها لإجراء الانتخابات في الموعد الذي حدَّده رئيس مجلس الوزراء، واشترطت لذلك أن يُنجز مجلس النواب قانونَ الانتخابات بأسرع وقت، وعليه أيضاً أن يُشرِّع نصّاً خاصّاً بإكمال نِصاب المحكمة الاتحادية العليا.

ويبدو أن قانون الانتخابات لن يكون العائق أمام إجراء الانتخابات المبكرة فحسب، بل هناك عقبة دستورية أخرى تُعرقل سير الانتخابات، وهي قانون المحكمة الاتحادية العليا.

العقبة القانونية

ينصُّ الدستور العراقي لعام 2005 على أن "المحكمة الاتحادية العليا تختص بالمُصادقة على نتائج الانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب"، وأوكل دستور عام 1995 المُصادقة على النتائج النهائية للانتخابات للمحكمة الاتحادية العُليا فصادقت على نتائج انتخابات 2010 و2014 و2018.

ومع تحديد موعد الانتخابات المبكرة، ظهرت العقبة الدستورية الحالية ليس في نص الدستور الذي يشترط مصادقة المحكمة على نتائج الانتخابات، وإنما في قانون المحكمة الاتحادية العليا؛ إذ ينصُّ قانون المحكمة الاتحادية على أن "انعقاد المحكمة لا يكون صحيحاً إلا بحضور جميع أعضائها"، وعليه فالقرارات لا تصدر إلا إذا اكتمل النِّصاب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يوضح القاضي والنائب السابق وائل عبد اللطيف الإشكالية القانونية الحالية التي تتمثل بـ"عقبة شرط انعقاد المحكمة بكامل أعضائها"، ويقول لـ"اندبندنت عربية" إنه في عام 2019 أُحيل القاضي فاروق سامي إلى التقاعد بناءً على طلبه، فأصبحت المحكمة في وضع عدم اكتمال النِّصاب، وهذا يعني أنه لا يمكن التصديق على أي قرار، لأن قانون المحكمة يشترط حضور أعضائها بالكامل لكي يُبَتُّ بالقرارات. ولكي تُعيد المحكمة الاتحادية العليا نِصابها وتعويض العضو الذي أُحيل للتقاعد، فاتحت رئاسة الجمهورية لترشيح القاضي المتقاعد محمد رجب الكبيسي بناءً على ترشيح من مجلس القضاء الأعلى، واستندت بذلك إلى قانونها الذي ينصُّ على أن "المحكمة تتكون من رئيس وثمانية أعضاء يُعيَّنون من مجلس الرئاسة بناءً على ترشيح من مجلس القضاء الأعلى".

لكنَّ هذا الترشيح طُعِنَ، كون المادة الثالثة من قانون المحكمة الاتحادية العليا التي تنص على ترشيح القُضاة من قِبَل مجلس القضاء الأعلى أُلغيَت في 21 مايو (أيار) 2019 من قِبَل المحكمة الاتحادية تحت مبرر أن ترشيح القُضاة لا يدخل ضمن صلاحيات مجلس القضاء الأعلى؛ كون المحكمة هيئة مستقلة.

ولم يتمكن القاضي الذي رشَّحه مجلس القضاء الأعلى، وهو محمد رجب الكبيسي، من أن يحل محل القاضي المتقاعد فاروق سامي؛ إذ صدر قرار بنقض ترشيحه، وعليه بقي نصاب المحكمة ناقصاً.

لا حلَّ من دون تشريع قانون جديد للمحكمة الاتحادية

يرى أستاذ القانون محمد العبدلي أن الدستور العراقي واضح فيما يتعلق بالتصديق على نتائج الانتخابات من قِبَل المحكمة الاتحادية العليا، ولا يمكن إجراء أي انتخابات من دون مُصادقة المحكمة التي بدورها لا يمكن أن تُعقَد إلا بحضور جميع أعضائها وفقاً لقانون المحكمة رقم 30 لعام 2005.

أوضح العبدلي لـ"اندبندنت عربية" أن قانون المحكمة الاتحادية العليا لم يُعالج آلية استبدال الأعضاء؛ ولذلك وقعت المحكمة في هذه الثغرة القانونية. ورأى العبدلي أن الحل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو تشريع قانون جديد للمحكمة ليُعالج موضوع استبدال أعضائها.

المحكمة الحالية لا يمكن أن تعمل وفق دستور 2005

رأى القاضي وائل عبد اللطيف أن المحكمة الاتحادية العُليا الموجودة حالياً كان لا بدَّ من أن "تُلغى بموجب دستور 2005، كونها تمثل أحد مستلزمات قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية"، ووفقاً لذلك، فعلى البرلمان أن يُشرِّع قانوناً تنبثق عنه المحكمة الاتحادية العليا بشكل جديد، تتشكَّل من قُضاة وفيها خُبراء قانون وفُقهاء وخُبراء من الشريعة، وتكون صلاحيتها أوسعَ من صلاحيات المحكمة الموجودة حالياً، تتولَّى عملية المُصادقة على نتائج الانتخابات وتفسير الدستور، لكن البرلمان لم يُفلح في تشريع القانون الجديد للمحكمة الاتحادية، وأصبحت المحكمة الحالية هي من تتمتَّع بصلاحيات كان من المفروض أن تتمتَّع بها المحكمة الاتحادية التي تنبثق وفقاً للدستور، وليس المحكمة الحالية، والتي تُعَدُّ من مُستلزمات قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية.

للبرلمان رأي آخر

يوضح عضو مجلس النواب عن اللجنة القانونية، حسن فدعم، أن الإشكالية الحالية ليست في غياب عضو في المحكمة الاتحادية، وإنما الإشكالية في آلية تعويض غياب العضو. أوضح دعم لـ"اندبندنت عربية" أن مجلس النواب بصدد إعداد قانون خاص للمحكمة الاتحادية يُعالج المشاكل السابقة، ومن ضمنها المادة الثالثة الخاصة بتعيين القُضاة، والتي أُلغيَت في وقت سابق، وقال إن هناك اتفاقاً على كل المواد الخاصة بقانون المحكمة الاتحادية العليا باستثناء المادة التي تتعلق بآلية التصويت على قرارات المحكمة الاتحادية، وهو الغالبية المُطلقة أو غالبية الثلثين أو الإجماع، ورأى أن هذه المادة الخلافية من الممكن حلُّها عن طريق الحوار والاتفاق بين المكونات، أو عبر التصويت عليها بالغالبية في مجلس النواب .

الوقت كافٍ لإقرار القانون

ورأى حسن فدعم أن الوقت كافٍ لإقرار قانون المحكمة الاتحادية؛ كون قانون المحكمة الاتحادية مُرتبطاً بنتائج الانتخابات، وليس بالانتخابات بشكل عام، فمن الممكن أن يُقَرَّ قانون المحكمة قبل يوم واحد من حل البرلمان، فإقرار القانون لا يُعطل أو يؤخر الانتخابات، ولكنه يجب أن يُقَرَّ قبل أن يُحَلَّ البرلمان نفسه.

ووضع تحديد موعد الانتخابات المبكرة البرلمان أمام اختبار صعب؛ فعليه أن يُنجز قانون الانتخابات الجديد وقانون المحكمة الاتحادية العليا، ويبدو أن الوقت لن يتَّسع لكل هذه القوانين التي غالباً ما تشهد تجاذبات سياسية تعوق عملية إنجازها.

المزيد من العالم العربي