Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"بيوتنا مفتوحة" حكايات عن الرأفة والطيبة في بيروت المنكوبة

في غياب أي مساعدة حقيقية من الدولة، يأخذ المواطنون العاديّون على عاتقهم تأدية الدور المطلوب من أجل مساندة بعضهم بعضاً

لبناني تضرر منزله ومتجره جالسا قرب بقايا حياته (أ.ب) 

كلّ بضع سنوات، يتعرّض منزل عائلة كيشيشوغليان للدمار وتضطر (العائلة) إلى الرحيل، وبدء حياة جديدة مرة أخرى.

في العام 2012، فرّت العائلة من قصف النظام في مدينة حلب. وقبلها بستّ سنوات، هربت من لبنان، خلال الحرب مع إسرائيل. إنّما هذه المرّة، لم يكن الانفجار الذي دمّر منزلها ناجماً عن برميل متفجّر، أو قذيفة مدفعية، بل نحو 3 آلاف طن من المتفجرات التي اشتعلت في مرفأ بيروت على بعد بضعة مئات الأمتار فقط.

عصف الانفجار في وسط العاصمة مقتلعاً في طريقه النوافذ، والأبواب، والمقتنيات، والأجساد. 

وتشققت جدران المبنى المتهالك حيث تقطن العائلة السورية بأفرادها الأحد عشر.

وتقول آليس كيشيشوغليان البالغة من العمر 39 عاماً، الأم لثلاثة أطفال، فيما تبكي ابنة أحد إخوتها بصمت في الخلف "نخشى النوم هنا". 

 "كل الأطفال خائفون، لكننا لا نعلم أين نذهب".

أليس واحدة من بين 300 ألف شخص يشكلون أكثر من 12 في المئة من سكّان بيروت، تقدّر السلطات اللبنانية أنهم باتوا مشرّدين بلا مأوى جرّاء الدمار الذي خلّفه الانفجار. 

ومن بين هؤلاء 100 ألف طفل، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسيف. 

 

عادت بعض الأُسر إلى ما تبقّى من هياكل مبانيها الممزّقة، أو انتقلت إلى بيوت أخرى، أو سكنت مع أحد الأصدقاء أو الأقارب. لكن بعضها الآخر مثل أليس لا يملك هذا الخيار. 

في غياب أي مساعدة من السلطات التي واجهت انتقادات لاذعة بسبب عدم تحركها، أخذ المواطنون العاديون على عاتقهم النهوض بالمسؤوليات المطلوبة.

ظهرت عديد من المبادرات خلال الأيام الثلاثة الماضية، أي منذ اشتعال 2750 طناً من نترات الأمونيوم، واندلاع أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ الحديث.

بعد ساعات من وقوع الانفجار الذي أتى على أحياء كاملة من بيروت، عرض وجيه شباط فندقه في مدينة بشرّي التي تبعد 100 كيلومتر شمال شرقي العاصمة، كمأوى للناس على وسائل التواصل الاجتماعي. وحذا المئات حذوه، مستخدمين وسم #بيوتناـمفتوحة  لعرض غرف إضافية في منازلهم، أو شقق خالية، أو مدارس، أو حتى أديرة من أجل استقبال من هم بحاجة لمكان يؤويهم.

كما عرض الناس عبر عديد من التغريدات دفع تكاليف النقل. 

وبدأت إحدى المبادرات المسمّاة بيتنا بيتك، التي تأسّست بداية من أجل إيواء مئات الأطباء، والعاملين في المستشفيات خلال جائحة فيروس كورونا، عملية التنسيق والجمع بين المشردين، ونقاط الإيواء.

وقد تدبّر لأليس وعائلتها المصابة بالصدمة مكاناً يقيمون فيه لمدة شهرين دون مقابل. 

 

وتقول ميليسّا فتح الله، التي كانت تعمل متعهّدة طعام لحفلات الزفاف، وهي أيضاً مسعفة مسجّلة معتمدة في الصليب الأحمر، وناشطة معروفة "آوينا حتّى الساعة نحو 20 عائلة منذ وقوع الانفجار، لأن الحكومة لا تفعل شيئاً". 

وتوضح أنها علمت بحالة أليس حين قال فريق من المتطوعين الذين نظفوا ركام الانفجار من شقتها، إن المبنى غير آمن للسكن واتصل بالمبادرة.

وتضيف "كل ما كان مثبتاً على الجدران طار، والمبنى يميل إلى اليسار. لا يمكنهم البقاء فيه".

وتشير أليس من ناحيتها إلى الشقوق التي ظهرت تحت قدميها على الدرج المكشوف. 

 وتقول بحسرة "نحن لاجئون من الحرب الأهلية السورية. كل بضع سنوات يندلع نزاع ونضطر للانتقال". 

وفي أكثر الشوارع البيروتية دماراً، يتجلّى غياب الدولة. فإن استثنينا وجود بعض عناصر القوات الأمنية، من يعمل على إزالة الركام هم المواطنون، والمنظمات غير الحكومية، وجماعات الناشطين، ووكالات الغوث.

وانهمك المتطوعون مثل هبة الحكيم، التي تنتمي إلى الاتحاد النسائي التقدمي بتسجيل تفاصيل الأضرار والدمار اللاحق بكل منزل من خلال استبانات.

وتقول فيما تكتب تفاصيل الدمار اللاحق بمنزل أحد الأشخاص "نحن نوثّق الأضرار التي لحقت بهم بالتحديد، ونفصّل حاجاتهم، أي على سبيل المثال مكان للإقامة، أو طعام أو ماء كي نستطيع رفعها إلى مجلس البلدية المحلي".

"لقد جمعنا 300 استمارة من هذا النوع اليوم فقط". 

على بعد بضعة أمتار، يجول كاتب العدل المحلي السبعيني بشارة غلام داخل منزل عائلته ومكتبه اللذين بلغ حجم الدمار فيهما درجة أن المكان يبدو موقعاً تناحرت فيه عدة أعاصير. وقال إنه سوف يبدأ في عطلة نهاية الأسبوع بجمع كل الوثائق الضرورية لتقديمها إلى السلطات، والمطالبة بالتعويضات. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويُخبر "اندبندنت" من داخل مكتب استحال أطلالاً "سوف نكون الوسيط بين الناس والدولة". 

"في هذا الحيّ وحده، وقع 12 قتيلاً وأصيب 90 شخصاً، وانتشلوا سيدة من تحت الركام يوم أمس". 

"ومع ذلك، لم تبدأ الحكومة بأي مبادرات من أجل تسجيل تفاصيل الدمار، كل ما يحدث هو عمل تطوعي يقوم به الأفراد".

لم يردّ مكتب رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب على طلب التعليق بشأن الوضع. 

ووعدت الحكومة بدعم المواطنين المتضررين من الانفجار وروّجت لقروض دون فوائد. 

لكن الإحباط تحوّل إلى غضب خلال الأيام الأخيرة الماضية، وقد طوّقت فرق التنظيف وزيرة العدل، ووزير التربية، ورشقتهما بالماء، وطاردتهما بالمكانس.

وتعالت دعوات المشاركة في مظاهرات مناهضة للحكومة يوم السبت. 

يشير رجل مضمّد الجبين يحمل كيساً فيه أشياء جمعها من شقته المحطمة، بيده إلى ما حوله ويقول "انظري حولك"

"هل ترين أحداً من الدولة هنا"؟

© The Independent

المزيد من الشرق الأوسط