Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تراقب موانئها خشية تكرار "سيناريو بيروت"

وزراء يتفقدون محتويات الحاويات وتخوف من حالات تخزين مشبوهة

الجمارك الجزائرية (إدارة الجمارك)

فتح الانفجار العنيف الذي هز مرفأ بيروت، أعين السلطات الجزائرية على حالات "إهمال" متوقعة في ميناء العاصمة وعدد من المناطق الصناعية، ودفعت مشاهد الانفجار في بيروت الحكومة الجزائرية إلى تكليف وزراء لقيادة عمليات "تفتيش" الموانئ والتأكد من سلامة عمليات التخزين في سياق نداءات لتدخل السلطات في محافظات "خشية تكرر سيناريو بيروت".

وفي ذات الموضوع، لم يكن ممكناً أمام السلطات الجزائرية تأجيل حالة الصمت التي انتابتها وهي تتابع مسار التحقيق الذي تقوده السلطات اللبنانية حول أسباب انفجار مرفأ بيروت، فقد تصاعدت في الطرف المقابل نداءات ومراسلات مباشرة إلى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون تشير إلى ضرورة تفقد بعض مواقع التخزين قبل حلول الكارثة.

ففي الحالة الجزائرية تتلاصق عشرات المناطق الصناعية مع المناطق الحضرية لكبرى المدن، ويشمل نشاط هذه المناطق الصناعية في العادة، الصناعات البتروكيماوية والمنجمية وهي حالة تجلب منذ سنوات انتقادات خبراء العمران.

مواد مخزنة بشكل سيئ

وبخصوص هذا الأمر، يشير عبدالرحمن فليسي، مهندس العمران ومستشار الهندسة المدنية لـ"اندبندنت عربية" إلى أن "الانفجار الذي شهدته بيروت مهما كانت أسبابه، فإن العامل الأول فيه هو المواد المخزنة بشكل سيئ ضمن نطاق جغرافي سيئ أيضاً، هذه الحالة موجودة بالعشرات في الجزائر وفق اعتقادي ليس بالضرورة في الموانئ، وإنما في المناطق الصناعية والموانئ الجافة التي تتبع الخواص".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي السياق ذاته، طالب فليسي بـ"إجراء عملية مسح سريعة وشاملة لجميع المناطق الصناعية، الموانئ وحتى ظروف التخلص من المواد الكيماوية في محيط قريب من العمران، حديثنا عن المناطق الصناعية القريبة من العمران ليس جديداً، فقد ساءت الوضعية منذ قرار إنشاء 43 منطقة صناعية جديدة بشكل بعيد عن أعين مصالح البيئة أو حتى التهيئة العمرانية".

حاويات الميناء

ومن باب "الأخذ بالعلم" بما هو موجود في محطة التخزين بميناء الجزائر العاصمة، كلف الوزير الأول عبدالعزيز جراد، وزير النقل في الحكومة، لزهر هنّي، بتفقد وتفتيش الحاويات بمرفأ العاصمة، وكذلك بعض الهياكل الأخرى، للتأكّد من خلوها من مواد قابلة للانفجار، حسب ما أفاد بيان للوزارة.

وفي نفس الإطار طلب وزير النقل لزهر هنّي من مصالح الجمارك في الزيارة التي قادته، السبت، إلى الميناء، جرد جميع المواد المخزنة في الحاويات سريعاً مع اتخاذ إجراءات بديلة لحفظ المواد المحجوزة خارج محيط الميناء، ويتواجد الأخير على بعد 50 متراً فقط من أول شارع مزدحم في قلب العاصمة الجزائرية.

نداءات من المحافظات

وبينما انصبت أنظار الطاقم الحكومي على ميناء الجزائر العاصمة، انشغلت مكاتب مهتمة بالبيئة وحقوق الإنسان بممارسات حول مناطق صناعية عبر المحافظات، ففي أعقاب المأساة اللبنانية، بعث مكتب الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بمحافظة عنابة (600 كيلومتر شرق العاصمة)، برسالة إلى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون طالبه فيها بـ"التدخّل بإرسال وفد خبراء إلى مقر شركة فرتيال للأسمدة، والتي يقع مقرّها ببلدية البوني بعنابة"، ويؤكد مكتب الرابطة أن "ظروف تخزين الأسمدة والمواد الأوّلية بهذه الشركة يشبه قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت، لا سيما مع الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة، وتعرض الكميات المخزنّة لأشعة الشمس".

وبحسب ما ذكرته الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان في المراسلة "فإن الانفجار الذي شهدته العاصمة اللبنانية بيروت، غير مستبعد أن يتكرر بعنابة، بسبب تواجد مصانع تستعمل نيترات الأمونيوم خلال تصنيعها للأسمدة الكيماوية وهي المادة نفسها التي يشتبه في تسببها بانفجار ميناء بيروت"، ونوهت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، بأنها "قامت بمراسلة السلطات حول الخطر المحدق بمحافظة عنابة، وأنه تحيط بنا قنبلة موقوتة تهدد حياة 100 ألف مواطن يقطنون حولها".

عناوين للصحف

وفي ذات السياق، كان الضغط على مسؤولي قطاعات النقل والجمارك والصناعة والمناجم في الساعات الأخيرة متعدد المصادر، حيث جاء أيضا من صحف جزائرية إذ أفردت مساحات كبيرة لملف "تخزين المواد الكيماوية" وعنونت صحيفة "أخبار الشرق" التي تصدر بعنابة مباشرة "مأساة بيروت قد تتكرر في عنابة"، أما صحيفة "الوطن" الناطقة بالفرنسية فأعدت ملفاً خاصاً عن المناطق الصناعية وظروف التخزين، وقالت "من المحتمل للغاية حدوث تسرب وحادث مرتبط بالتخزين في الهواء الطلق، ومن ثم فإن الضرورة الملحة الآن هي الإخلاء والتدمير الآمن لعدد من المخازن المشبوهة".

 ونقلت الصحيفة عن فيصل لوجاني وهو اختصاصي من المركز الجزائري لتقنيات الإنتاج النظيف أن "هناك أكثر من حالة تتصل بمخاوف جادة من انفجار أسطوانات تخزين تتسبب بالتفاعل المتسلسل وإسقاط مقذوفات حارقة في منطقة غير محددة منتجة انفجارات غير محددة القوة أيضاً".

تفتيش جميع الموانئ

في ذات الشأن، جاء تكليف الحكومة لوزير النقل بتفقد مرفأ العاصمة الجزائرية، وهذا ليس إلا تمهيداً لعملية واسعة من التفتيش لموانئ محافظات شمالية بحرية وموانئ جافة يملكها خواص.

وقبل شهرين من الآن، وجه الرئيس الجزائري تعليمات لمصادرة أكثر من ميناء جاف غير مطابق للقوانين، ويملك هذه الموانئ كبار رجال أعمال سابقين أو سياسيين مسجونين في قضايا فساد.

وبخصوص هذا الملف المستجد بالجزائر، أشار المراقب الضريبي المتقاعد حسان بلاشة لـ"اندبندنت عربية" إلى أن "ملف الموانئ مهما كانت المسؤوليات فهو خاضع مباشرة للجمارك، إذا كان هذا الجهاز فاسداً، فإن المتوقع سيئ جداً، ومجال الفساد يتوسع للإهمال وليس للرشى فقط"، وأضاف بلاشة "على حد علمي قررت السلطات مصادرة ستة موانئ جافة على الأقل وتجميد نشاط 11 أخرى في الفترة الأخيرة، أنصح السلطات الجزائرية باستغلال الفرصة لمراقبة محتوياتها لأن التصريح الكاذب حول المحتويات سمة غالبة على بعض المستوردين الذين تعاملوا مع موانئ تحظى بالحماية في السابق".

وكُلفت إدارة الجمارك في الساعات القليلة الماضية من قبل وزير المالية بجرد سريع لمحتويات الموانئ الخاضعة للاختصاص، وإرفاقها بتقييم لظروف التخزين، والإشارة أيضاً إلى أي عراقيل محتملة.

المزيد من العالم العربي