Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحكومة تلعب لعبة خطرة بشأن استراتيجية الإغلاق

كان الفراغ الذي تعاني منه خطط المملكة المتحدة واضحاً منذ أشهر، وإلقاء اللوم على الجمهور لعدم التزامه بالقواعد لن ينفع

تكشف الاستجابة المتقلبة فراغاً استراتيجياً مستمراً في صميم مقاربة الحكومة لكيفية مكافحة كورونا (رويترز)

كانت ليستر مجرد مناوشة مبكرة، وسيكون الشهر المقبل حاسماً، ففي الوقت الذي تجتهد فيه الحكومة للسيطرة على الارتفاع المفاجئ في إصابات "كوفيد-19" المحلية، والآخذة بالانتشار في أرجاء مانشستر الكبرى وويست يوركشاير وأماكن أخرى، أوشكنا على معرفة ما إذا كان بإمكاننا استخدام التدابير المحلية لمنع تفشي الفايروس على الصعيد الوطني.

ويرى رئيس الوزراء أن مزيداً من الإغلاق الوطني هو "خيار نووي"، ويريد نشر المزيد من الأسلحة التقليدية من مستودع الحكومة الخاص بمكافحة كورونا، غير أن نهج حكومته يعطل السلاح الأقوى في ترسانتها والمتمثل في الشعب البريطاني.

قيل الأسبوع الماضي إن الفريق المؤلف من كبار مساعدي رئيس الوزراء كان يتدرّب، من خلال مناورة تحاكي المواجهة الحقيقية، على كيفية التعامل مع حالات التفشي المحلية، بما في ذلك في العاصمة. قد نتساءل لماذا لم يجر ذلك من قبل؟ فقد كان واضحاً منذ أسابيع عدة أن التحرك بسرعة لاحتواء تفشي الأمراض على المستوى المحلي يعد السبيل الأنسب للحفاظ على نشاط بقية البلاد مستمراً.

ثم جاءت النتيجة على شكل عاصفة أثارها مات هانكوك وزير الصحة عبر تويتر في وقت متأخر من ليلة الخميس، عندما أعلن فرض قيود جديدة في مانشستر الكبرى. لكن رد الفعل الشعبي كان الإعراب عن الحيرة إزاء التناقضات الواضحة في خطة الحكومة، إذ إن القيود الجديدة لا تبدو مثل تلك التي خرجنا منها للتو. على سبيل المثال، يمكن للأشخاص الذهاب إلى الحانات، لكن لا يمكنهم لقاء بعضهم بعضاً في حدائق بيوتهم.

في غضون ذلك، لم تُدرج مدينة سويندن Swindon في قائمة المراقبة الأسبوعية الخاصة بوكالة الصحة العامة في إنجلترا، على الرغم من أنها تشهد زيادة سريعة في الحالات، وتعد من أعلى معدلات الإصابة الأسبوعية في البلاد. وجاء كل هذا مع نهاية أسبوع شهد في بدايته موجة استغراب من قرار فرض الحجر الصحي على المسافرين العائدين من عطلات في مناطق خالية من "كوفيد-19" في إسبانيا. ويبدو أن كل هذا يتعارض مع نهج "المنطق السليم" الذي كانت الحكومة حريصة للغاية على أن نعتمده.

تكشف الاستجابة المتقلبة فراغاً استراتيجياً مستمراً في صميم مقاربة الحكومة لكيفية مكافحة "كوفيد-19"، ويمكن أن يؤدي الجمع بين إجراءات ارتجالية بطريقة غير منهجية على ما يبدو، والإعلان عنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى إضعاف الالتزام العام والمخاطرة بحدوث تفشٍ أكبر.

إن مهمة الحكومة ليست سهلة، فأي شيء لا يرقى إلى إغلاق شامل سيشمل حتماً جملة من القيود الدقيقة، لكن ذلك أيضاً يعني أنه ليس بمقدور الدولة أن تفرض القواعد، ولذا سيعتمد تأثيرها على التفهم العام والموافقة على نهج الحكومة، فإذا كان الهدف هو فرض قيود أكثر صرامة على الأشخاص في غضون مهلة قصيرة، فينبغي أن يعرف السكان مسبقاً ما يترتب عليهم فعله بالضبط، والظروف التي تستوجب ذلك التحول. غير أننا متخلفون عن تطبيق مقاربة اجتماعية كهذه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لقد كان الفراغ الذي تعاني منه استراتيجية الحكومة واضحاً منذ أشهر، ولاح بريق مقاربة أكثر اتزاناً بعد إعلان رئيس الوزراء في مايو (أيار) عن مستويات الإنذار التي وضعها مركز الأمن الحيوي المشترك، لكن منذ ذلك الحين بات الوضع أبعد ما يكون عن الوضوح، إذ بدت هذه الهيئة شبه الخرافية أقرب إلى الوجه السياسي لمبدأ عدم اليقين للعالم الألماني هايزنبرغ. وبعد أشهر عدة من التحضير، صار لزاماً علينا الاستنتاج بأن الفراغ في الحقيقة هو الاستراتيجية نفسها. ويعود ذلك ربما إلى أن السلطات تعتقد أن كل منطقة تعد فريدة من نوعها، بحيث يجب أن تختلف الإجراءات الدقيقة التي تُفرض على السكان باختلاف الزمان والمكان.

لكن ينطوي هذا النهج على لعبة خطرة، فبينما يكافح الجمهور من أجل فهم التعليمات المتغيرة باستمرار، فإن الخطر الواضح يكمن في عدم التزام الكثيرين، ما سيؤدي إلى انتشار الفيروس في جميع أنحاء البلاد مرة أخرى. وإلقاء اللوم على الجمهور لعدم التزامه بالقواعد في هذه الظروف، ببساطة لن ينفع.

إن ما ينبغي على الحكومة فعله هو وضع قواعد واضحة يُصار إلى تطبيقها دائماً بانسجام، بموجب مستويات إنذار مختلفة تحددها مقاييس شفافة، ويجب ربط مستويات الإنذار تلك بالتدفق المالي اللازم لدعم العمال والشركات حتى لا يُضطروا إلى الاختيار بين سبل عيشهم ونشر الفايروس، ما سيضمن الفشل في احتوائه.

لقد بلغت المعركة ضد "كوفيد-19" لحظة حرجة، وستكون كلفة انتشار الفايروس على الصعيد الوطني كارثية، لذا تحتاج الحكومة إلى تجنيد الناس في مهمة احتوائه من خلال وضع استراتيجيتها وشرحها بوضوح. ففي هذه الحرب، لا يمكن ضمان النصر فقط من الأبراج العاجية للدوائر الحكومية الرفيعة، بل سيتحقق الفوز بها أو خسارتها في غرف معيشة الناس في طول البلاد وعرضها.

(إيان مولهيرن مدير تنفيذي في معهد توني بلير للتغيير العالمي)

© The Independent

المزيد من آراء