Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توقع شغب "أسوأ من 2011" بسبب سلوك الشرطة وكورونا

خبراء رسميون يحذرون من فوضى تتأتى من اضطراب أداء الحكومة

شرعية تدخّلات قوى الشرطة على المحك في حال اندلاع أي أزمة جديدة (رويترز)

نبّه مستشارون علميّون إلى أن أعمال شغبٍ يمكن أن تجتاح المملكة المتّحدة، إذا لم تعمل السلطات البريطانية على التخفيف من التوترات المتأتية من أربعة محاور، تطبيق إجراءات الإغلاق المحلّية المرتبطة بفيروس كورونا، والأساليب التي تتّبعها الشرطة، ومسألة "حياة السود مهمّة"، والاستقطاب السياسي.

وفي وقتٍ سابق من شهر يوليو (تموز) المنصرم، ناقشت "المجموعة العلمية الاستشارية للطوارئ" "سايج" Sage، الهيئة الحكومية المعنية بتقديم استشاراتٍ إلى الحكومة البريطانية في حالات الطوارىء، تقريراً خلُصت بعده إلى التحذير من أن "التدهور الخطير للنظام العام في البلاد، يمكن أن يطغى على جميع المحاولات التي تبذلها السلطات للسيطرة على عدوى فيروس كورونا، وقد يكتسح المستشفيات، ونظام العدالة الجنائية، ومن شأنه أن يعرقل الانتعاش الاقتصادي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكذلك لاحظت المجموعة أن "التوترات الناجمة عن الوباء وتدابير الإغلاق، مرتبطة ارتباطاً كاملاً بأوجه التفاوتات الهيكلية في عدم المساواة، ومسار الحوادث على المستوى الدولي. إن اندلاع اضطراباتٍ على نطاقٍ واسع في المدن ليس أمراً حتمياً، لكن الوضع في المملكة المتّحدة محفوف بالمخاطر، ويتّسم حاضراً بتوازنٍ غير مستقر".

وأضافت "المجموعة العلمية الاستشارية للطوارئ" في ورقتها أن "الفوضى المتوقّعة يمكن أن تكون مشابهةً لأعمال الشغب التي وقعت في أغسطس (آب) 2011، أو حتى أوسع نطاقاً، في حين أن قدرات قوى الشرطة وطاقاتها تميل إلى التقلص". (بين 6، و11 أغسطس 2011، كانت بريطانيا قد شهدت أعمال نهب وعنف وحرائق، إثر مصرع مواطن بريطاني على يد الشرطة)

وفي انتقادٍ غير مباشر للحكومة البريطانية، اتّهم الخبراء في المجموعة العلمية الوزراء بالتسبّب في التوتّرات عبر الرسائل الملتبسة التي يوجّهونها إلى الناس. وكذلك عزوا تفاقم الوضع في البلاد إلى "انعدام الوضوح والتناسق في مضمون الرسائل التي يتعيّن على الجميع التقيّد بها، كتلك الي تحدّد مَن يمكنه الذهاب إلى وجهةٍ ما، ومتى يكون ذلك ممكناً، وبرفقة مّن، وماهية الاحتياطات المتوجب اتّخاذها".

وتذكيراً، وُضِعَ ذلك التقرير قبل إعلان السلطات البريطانية إغلاق المناطق الشمالية يوم الخميس الفائت. وقد حذّر التقرير من أن عمليات الإغلاق المحلّية قد تؤدّي إلى إشعال توتراتٍ عرقية ودينية. وتخوّف أيضاً من أن (مناسبات الأعياد لبعض الفئات ) ك "عيد الأضحى" الذي يحييه المسلمون (البريطانيون)، "قد يتسبّب في مشكلاتٍ إذا ما حدث وسط إغلاقٍ محلي".

وعلى غرار ذلك، لفت المستشارون العلميّون إلى أن القيود المحلية يمكن أن تؤجج حدّة الشعور بالمظالم لدى مجتمعاتٍ مختلفة، وتحويلها أكباش فداء، بما في ذلك المجتمعات التي تضم المتحدرين من أصول شرق آسيوية". وجاء في الورقة نفسها أنه "لا يمكن تجاهل هذه القضايا لأنها تشكّل تهديداً رئيساً للصحّة العامّة، وعائقاً أمام تنفيذ استراتيجية متماسكة تهدف إلى تحقيق الانتعاش الاقتصادي. ومن المعروف أيضاً أن هذه المسائل مرتبطة مع حدوث الفوضى وأعمال الشغب في البلاد".

 في مسار متصل، سبق لمجموعة "سايج" أن أشارت في أعقاب ردّة الفعل الدولية على مقتل جورج فلويد في الولايات المتّحدة، إلى أن "أصغر خطأ ترتكبه الشرطة، سواء داخل بريطانيا أو خارجها، يمكن أن يطلق العنان لديناميكية تجعل الجهود المبذولة لاحتواء وباء "كوفيد-19" مهمّةً شبه مستحيلة".

وفي التفاصيل أن الورقة المشار إليها آنفاً التي وضعها في الثاني من يوليو، فريقٌ فرعي تابع لـ"المجموعة العلمية الاستشارية للطوارئ" يُعرف باسم "إس بي آي- بي" SPI-B، يتخصّص في السلوكيّات الخاصّة بالأمن والشرطة. وقد اعتمدت الورقة آنذاك، لكنها لم تنشر إلا قبل أيام قلائل.

ووصفت الوثيقة الوضع الراهن في بريطانيا بأنه "متقلّب وشديد التعقيد"، في إشارةٍ إلى مخاوف عدّة تتمثّل أبرزها في الاحتجاجات الشعبية، والأنشطة العدائية غير المشروعة، ومعاودة مباريات كرة القدم وإعادة فتح الحانات. 

 في السياق نفسه، حذّر أولئك الخبراء الاستشاريّون من أن شرعية تدخّلات قوى الشرطة، قد تأثّرت بسبب فرض غرامات الإغلاق غير المتكافئة على فئات السكان السود والآسيويّين، إضافةً إلى تزايد صلاحيات التوقيف والتفتيش في أوساط تلك الفئات نفسها، والمحاكمات غير المشروعة المتعلّقة بفيروس كورونا، والتفاوتات طويلة الأجل في المساواة التي سلّطت الضوء عليها احتجاجات حركة "حياة السود مهمّة" وغيرها".

 

وفي الوقت نفسه، لاحظ التقرير أن جماعات يمينية متطرّفة عمدت إلى "التجمّع والانخراط في أعمال تعبئة على نطاق لم تشهده البلاد من قبل" أثناء السنوات العشر السابقة، وذلك بذريعة "الدفاع عن التماثيل" (بعد إسقاط بعض تماثيل تعود إلى رموزٍ متّهمة بالعنصرية).

وعلى نحوٍ مماثل، حذّرت الوثيقة من أن "تنامي الاستقطاب على مستوى الخطاب السياسي، يرجّح كفّة الصراع والاحتجاج، ويرفع إمكانية حدوثه، وقد يتّخذ أشكالاً جديدة، ويمكن أن يصبح أكثر عنفاً". وأشارت الورقة إلى أن "التوترات المتصاعدة تحمل في طيّاتها دلالاتٍ عنصرية واضحة".

وفي زاوية أخرى، لفتت الورقة نفسها إلى وجود تصوّراتٍ لدى مجتمعات السكّان من أصول أفريقية، بأن التجمّعات الكبرى التي تتألف في غالبيتها من السكّان البيض، بما فيها أولئك الذين يعيشون في المناطق الساحلية، لم تشهد أيّ تدخّلٍ من جانب قوى الشرطة، في حين جرى التعامل مع التجمعات الأقلّ حجماً في مجتمعات الأقليّات، على نحوٍ عرقي وبطريقة قاسية.

وأشار تقرير "المجموعة العلمية الاستشارية للطوارئ" إلى أن أول إغلاق محلّي في المملكة المتّحدة، في مدينة "ليستر"، أثار "تعليقاتٍ عنصرية واسعة النطاق" بسبب وجود عدد كبير من السكّان من أصول آسيوية في المنطقة. وأضاف، "بعض الروايات الإعلامية تعزّز المزاعم بأن أشخاصاً من أصول آسيوية وأفريقية في مناطق الإغلاق المحلّي، ربما شكّلوا السبب في الانتشار غير المتناسب لفيروس كورونا".

ومع نشر التقرير قبل أيام قلائل، تكرر النمط المنهجي، وهو يتكرّر بسبب الإغلاق الذي أُعلِنَ عنه في المناطق الشمالية، عشية عيد الأضحى لدى المسلمين.

وكذلك تخوّف خبراء مجموعة "سايج" من أنه إذا اندلعت أعمال شغب، فإن قوى الشرطة ستكون في "وضع أضعف بكثير من حيث قدرتها على التعامل مع التهديدات المستجدّة، ممّا كانت عليه في 2011"، بعد أعوامٍ  من التقشّف الحكومي الذي أدى إلى تقليص عديد من عناصر الأمن ومرافق الشرطة.

وتداركاً لمخاطر الفوضى والحدّ من نشوئها، حضّت المجموعة الاستشارية الشرطة على الحفاظ على ثقة الناس، والتصرّف بنزاهة، وشرح تصرّفات عناصرها، والتحرّك على وجه السرعة إزاء السلوكيات المشينة وغير اللائقة. ونصحت باستخدام عناصر من "ذوي الخبرة في التخفيف من وتيرة التصعيد" خلال التجمّعات غير القانونية، مشيرةً إلى وجوب عدم ارتداء معدّات مكافحة الشغب إلا في حالات الضرورة.

 في سياق متصل، تناولت تلك الورقة أداء الحكومة، واعتبرت أنه "ينبغي الاعتراف بقضايا عدم المساواة المحلية، والعنصرية، والإثنية، والطبقية إضافة إلى اللامساواة بين المراحل الجيلية، والعمل على معالجتها". ورأت أنه على المدى الطويل، يمكن لارتفاع معدّلات البطالة في البلاد أن ينمّي أرضية خصبة للاضطرابات.

في فبراير (شباط) الماضي، خلص تقرير أعدّته اللجنة نفسها إلى أنه "من غير المرجّح وقوع أعمال شغب على نطاق واسع"، لكنه حضّ الحكومة البريطانية على تقديم "أسباب واضحة وشفّافة حول اعتمادها استراتيجيّاتٍ مختلفة" في إدارتها للأزمات من أجل تجنّب الفوضى.

وفي المقابل، دعا التقرير المسؤولين إلى "توضيح الأسباب وراء اتّخاذ بعض التدابير المعيّنة، ووضع توقّعات واضحة في شأن طرق تطوّر الاستجابة، وتعزيز الثقة لدى السكّان بأن الحكومة تمتلك خطةً محدّدة وواضحة".

في تطوّر متصل، أكّد بن جوليان هارينغتون Ben-Julian Harrington رئيس "مجلس قيادة الشرطة الوطنية"، كبير المسؤولين عن النظام العام، أن أفراد الشرطة يمكنهم "تعبئة أنفسهم متى استدعت الحاجة". وأضاف، "لقد أظهرت تعاملات قوى النظام العام مع الحوادث الأخيرة، طريقة الاستجابة التي يتعيّن اعتمادها لمواجهة مجموعةٍ مختلفة من الحوادث  بشكلٍ متناسب وفعّال".

وقد خلص إلى التشديد أخيراً على أنه "طوال فترة التصدّي للوباء، عمدت وحدات الشرطة البريطانية إلى التواصل بكفاءة مع المجتمعات المحلّية، في محاولة منها لفهم المسائل التي يعانيها أفراد تلك المجتمعات، والحفاظ على أمنهم وسلامتهم". 

© The Independent

المزيد من دوليات