Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحيل برنت سكوكروفت حافظ الأسرار الأميركية في فيتنام ومهندس تحرير الكويت 

من سلاح الجو إلى طاولات الحوار محطات في حياة رجل المعارك والاستراتيجيات

محطات سياسية وعسكرية صقلت الشخصية الحذرة للمستشار الراحل (غيتي)

طوى بيان باسم عائلة بوش، مسيرة حافلة للجنرال برنت سكوكروفت، الذي توفي في منزله، أمس الجمعة، في ولاية فرجينيا عن عمر يناهز 95 سنة لأسباب طبيعية.

العسكري الراحل عمل كمستشار الأمن القومي الأميركي في إدارتين، وقضى جزءاً كبيراً من حياته داخل أسوار السياسة الأميركية ومتغيراتها العاصفة، بدءاً من حرب فيتنام، فمذبحة تيانانمين، ثم حرب الخليج، ومعارضة جدلية لتدخل بلاده في العراق.

بداية متعثرة في سلاح الجو

ولد سكوكروفت في التاسع عشر من مارس (آذار) 1925، في مدينة أوغدن بولاية يوتا، وبدأ التحضير لحياته المهنية في الأكاديمية العسكرية الشهيرة في ويست بوينت بولاية نيويورك، حيث تخرج فيها ليكلف بالعمل في سلاح الجو الذي أنشئ حديثاً، لكن مسيرته في الطيران انتهت سريعاً بعد حادثة هبوط اضطراري تعرّض خلالها لإصابات في ظهره، استغرق التعافي منها عامين.

ثقة الرؤساء

ومن سلاح الجو إلى طاولات الحوار وغرفة عمليات البيت الأبيض، حيث عمل سكوكروفت مساعداً عسكرياً للرئيس ريتشارد نيكسون خلال الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تسعى للخروج من حرب فيتنام، ثم أصبح مستشار فورد للأمن القومي من 1975 إلى 1977 ومستشار جورج بوش الأب من 1989 إلى 1993.

محطات عضو الحزب الجمهوري تعددت شرقاً وغرباً، فمن إعادة علاقات الولايات المتحدة مع الصين، إلى جهوده في حرب الخليج، تعاظم صوت سكوكروفت المؤثر في الأمن القومي الأميركي، وهو اللاعب الدولي الحذر الذي وصف نفسه بـ "الواقعي"، كما عدَّه مراقبون حليفاً وثيقاً لوزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر.

 

سقوط الاتحاد السوفيتي

وعندما عينه بوش عام 1989 مستشاراً لشؤون لأمن القومي، وُصف سكوكروفت بأنه "مدرب استراتيجي"، إذ ساعد في رسم استراتيجيات كل من وزير الخارجية جيمس بيكر ووزير الدفاع ديك تشيني، وصارت هذه الخطط جزءاً من سياسة بوش القائمة على الحذر والاعتدال فيما يتعلق بسقوط الإمبراطورية السوفيتية.

حينذاك، أثارت هذه الاستراتيجية انتقادات من المتشددين في الكونغرس والمناهضين للشيوعية الذين قالوا إن بوش كان ينبغي عليه أن ينسب له ولبلاده الفضل في نهاية الاتحاد السوفيتي، لكن الرئيس الراحل خشي تبعات التصعيد، كونه قد يجبر الزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف على ترك السلطة بانقلاب عسكري.

 

وأوضح بوش الأب وسكوكروفت، في كتاب مشترك صدر عام 1998، بعنوان "عالم متحول"، أن استراتيجية دعم الرئيس غورباتشوف بدلاً من إذلاله دفعت موسكو إلى سحب قواتها من أوروبا الشرقية، وأدت إلى ضم ألمانيا الموحدة إلى الناتو، وأضافا "لقد كان إنجازاً ظنه معظم الشركاء الأوروبيين مستحيلاً".

فيتنام وكسينجر

بدأت العلاقة بين كيسنجر وسكوكروفت بعد تعيين الأخير نائباً لمستشار الأمن القومي، ومما يكشف بجلاء شخصيته الحذرة أنه كان يلازم مكتبه، ويتجنب الصحافة حرصاً منه على علاقته مع رئيسه، ويبدو أن استراتيجيته نجحت، وخلقت توازناً تمثَّل في اختصاص كسينجر بالإشراف على السياسة الخارجية، وتولي الضابط الراحل تسيير العمل، وتنظيمه، وتنسيقه.

 

وفي أبريل (نيسان) 1975، ساعد السياسي الراحل في إنجاح عملية إجلاء الجنود الأميركيين من سايغون، وهي العاصمة السابقة لجمهورية فيتنام الجنوبية، كما شارك في تحرير السفينة التجارية الأميركية مايغايز، بعد الاستيلاء عليها من قبل مجموعة من الشيوعيين الكمبوديين.

تحرير الكويت

وجاء دور حافظ أسرار السياسة الأميركية في حرب الخليج بارزاً، بعد أن انتهت بتحرير الكويت في فبراير (شباط) 1991، من قبضة القوات العراقية بقيادة صدام حسين.

وعدّت الصحافة الأميركية سكوكروفت المهندس الذي نسق لتحالف استثنائي هزم القوات العراقية وأطاح بصدام حسين من دون نقل الحرب إلى بغداد، وفي مارس 1991، قال بوش الأب عن الجنرال الراحل بعد الانتصار في حرب الخليج، إنه رائع ولم ينسب أبداً أي فضل لنفسه".

وبعد التقارب الملحوظ مع عائلة بوش، فوجئت الأوساط الجمهورية بمقال لـ سكوكروفت نشرته صحيفة وول ستريت جورنال في 15 أغسطس (آب) 2002، عارض فيه علانية خطط الرئيس جورج دبليو بوش في الشأن العراقي، وحذر من أن "الهجوم على العراق سيهدد إن لم يدمر الحرب على الإرهاب". 

أثار المقال في ذلك الوقت عاصفة من الجدل، وأشعل تكهنات تشير إلى انقسام بين بوش الأب والابن، وبعد نحو 7 سنوات، قال الجنرال الراحل في مقابلة صحفية، إنه عبر عن موقفه الشخصي لا أكثر.

وتتبدى فلسفة برنت سكوكروفت، في مقابلة لمجلة تايم، قال فيها، "ليس لدي عقل سريع ومبتكر، لا أفكر تلقائياً في الأفكار الجديدة الجيدة، ما أفعله هو اختيار الأفكار الجيدة من الأفكار السيئة".

المزيد من تقارير