Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتدادات انفجار بيروت على سوريا في غمرة الحرب والحصار

"مرفأ بيروت كان مُتنفساً لدمشق التي حاولت من خلاله التهرُّب من العقوبات بطرق مختلفة"

البنك المركزي السوري في العاصمة دمشق (أ ف ب)

"ما دام لبنان بخير... فسوريا بخير"، هكذا يُردد الشارع السوري المُثخن بجراح الحروب، وهو يرنو بنظره إلى حال بلد مُجاور يُلملم حُطامه ويُحاول النهوض من بين الرُّكام، على الرغم من قساوة "نكبة" ألمَّت به عقب انفجار مرفأ بيروت أمام ذهول العالم بأسره لحجم الدمار.

الشريان اللبناني

وقفةُ الدول التضامنية إلى جانب بيروت في محنتها، قابلها حرصٌ سوري ووقفةٌ معنوية إلى جانب شعب لبناني فتح أذرعه لأبناء سوريا فور نزوحهم من لهيب المعارك منذ عام 2011، واحتضنهم سنوات طويلة إلى الآن.

لكن، كيف ستتأثر سوريا بعد انفجار بيروت؟

يُجزم مراقبون سياسيون واقتصاديون بحدوث ارتدادات بعد أن تنجلي غمامة الانفجار وتنكشف الخسائر، ولا يشككون في التأثر الاقتصادي الذي سيُطيح بآخر شريان يُبقي البلاد على قيد الحياة.

يرى الباحث في الشأن الاقتصادي والسياسي، آدم خوري، أن ما حصل ستتبعه ارتدادات اقتصادية على المدى المتوسط والبعيد؛ إذ ستتأثر سوريا بشكل كبير. ويقول في حديث لـ"اندبندنت عربية": "اعتمدت سوريا بجزء رسمي وغير رسمي على السوق اللبنانية والموانئ، وبالأخص ميناء بيروت لتأمين بعض المواد والاحتياجات التي يمنع تصديرها لسوريا أو على الأقل تُواجه صعوبات كبيرة في استيرادها، إذ كان يجري استيرادها بشكل غير مباشر من الحكومة السورية لتصل إلى ميناء بيروت، ومن ثم تتجه لسوريا عبر تجار سوريين وغيرهم".

تجفيف المنابع

يُبيِّن آدم خوري أنه بالمُجمل تأثرت دمشق مُسبقاً منذ بداية الأزمة الاقتصادية اللبنانية؛ فكثيرون حسب رأيه، لا يعلمون أن دمشق كانت تُصدِّر الكهرباء للبنان مقابل الحصول على ثمنها بالعُملة الأجنبية، لكن حالياً لبنان لم يعُد يملك هذه العملة التي تطلبها سوريا.

مقابل ذلك، كان قسم كبير من المحروقات يدخل السوق السورية بشكل غير قانوني في بعض الأحيان، لكن الأزمة اللبنانية الاقتصادية والحالية جفَّفت هذا الشريان لسوريا بحسب خوري، الذي قال "مرفأ بيروت كان شرياناً أساسياً للبنان بالمرتبة الأولى، وفُسحة ومُتنفساً لسوريا هدفه التهرب من العقوبات بطرق مختلفة والفاجعة التي حلَّت بالميناء وببيروت عامة، وستُصعِّب الحياة بشكل كبير على اللبنانيين والسوريين على حد سواء. طبعاً من الممكن الاستعانة بميناء طرابلس مثلاً، لكن لا يمكن أن يُستعاض بشكل كامل عن ميناء بيروت باعتباره الميناء الرئيس".

"الحال من بعضه"

في غضون ذلك، تنظر أوساط شعبية إلى تلك الفاجعة اللبنانية بكثير من الحسرة... "الحال من بعضه"، هكذا يصف أحد كبار الدمشقيين في عمر الثمانين، وفي معرض تعليقه على الحادث، ويقول "الفساد والظلم واحد، لكن يتنوع ويتلون بأشكال وبهيئات وبأماكن مختلفة، وفي نهاية المطاف الخاسرون هم الشعوب، وهذا ما يحدث لدينا وعندهم في لبنان".

ليس غريباً أن يُوصف انفجار مرفأ بيروت بـ"بيروتشيما" في مقارنة مع "هيروشيما اليابانية"، تقول سيدة سورية، وتتابع "لا يكفي التضامن بالكلام، يا ريت نستطيع أن نقدم أي شيء لأشقائنا اللبنانيين".

من جهته، أعلن السفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم، عن وجود ضحايا وجرحى سوريين في انفجار بيروت. وقال في تصريح صحافي "الأعداد مرجحة للارتفاع، حيث لا تزال أعمال البحث عن ناجين مستمرة، وهناك مفقودون، حيث يشتغل عمال سوريون في المرفأ عدداً من المهن والوظائف".

انهيارات في البلدين

في هذه الأثناء، تُحاول بيروت النهوض من الضربة التي تلقتها في اقتصادها المُتداعي أصلاً جرَّاء أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ عام 1990، وما تبعها من انهيار في الليرتين اللبنانية والسورية على حد سواء، ووصل سعر صرفها لحدود غير مسبوقة.

ويرجح اقتصاديون أن تستمر المعابر غير النظامية بعملها من كلا الجانبين على الرغم من الانكماش الحاصل في فترة ما بعد الانفجار، حيث درجت على تمرير الدقيق والمازوت إلى سوريا.

وعلى الرغم من تلويح صندوق النقد الدولي بضرورة إغلاق هذه المعابر شرط دعمه لبنان، أتى قانون "قيصر" في 17 يونيو (حزيران) ليُرخي بظلاله على اقتصاد البلدين ويزيدهما سوداوية.

ما علاقة "قيصر"؟

في وقت خرجت فيه أصوات سورية تابعة للنظام تعزو أسباب التفجير إلى ضرب الشريان اللبناني بتطبيق قانون "قيصر" بالقوة، إذا ما علمنا أن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل عام 2019 إلى ما يُقارب 282 مليون دولار أميركي فقط، رفض الباحث الاقتصادي آدم خوري هذه النظرية، وقال "لا أعتقد أن التفجير إذا كان مُفتعلاً هدفه الأساسي إحكام قانون (قيصر) على سوريا". وتابع "إلى الآن لا يمكن فهم الرواية الكاملة، وهنالك حلقة مفقودة لربما تكشف عنها الأيام المقبلة والتحقيقات، لكن لا أستبعد فرضية علاقة إسرائيل بما حصل، إذ لا يصعب عليها معرفة وجود مثل هذه الكمية من نترات الأمونيوم والتسبب بانفجارها عبر عملية أمنية أو قذيفة جوية أو غيرها للأسباب التالية:

1 ـ العلاقات كانت متوترة بشكل كبير بين إسرائيل والجانب اللبناني قبل الحادثة وتل أبيب تحشد قواتها تحسباً لرد من الجانب اللبناني.

2ـ إسرائيل استفادت الآن مما حصل بأنها دمرت إحدى أكبر المنشآت الحيوية لدولة تعتبرها عدوةً، وفي الوقت ذاته أجبرت (حزب الله) على التراجع عن فكرة الرد بسبب اختلاط الأوراق داخل لبنان والغضب الشعبي من كل القيادات السياسية، بمن فيهم الحزب، لكن تبقى هذه نظريات تنتظر التحقيقات وما سيرشح عنها".

المزيد من متابعات