Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل فعلا تجاهلت الحكومة اللبنانية تقارير "الأمونيوم" التحذيرية؟

مصدر فرنسي: التقييم الأولي يشير إلى أن مستودعاً مجاوراً للعنبر رقم 12 الذي انفجر كان يضم صواريخ باليستية مفككة

فجّر النائب في كتلة "المستقبل" هادي حبيش مفاجأة مدويّة بكشفه عن معلومات موثّقة بتقارير رسمية، تشير إلى أن مديرية أمن الدولة رفعت إلى رئيس الحكومة حسان دياب في 20 يوليو (تموز) الماضي عن طريق الأمانة العامة للمجلس الأعلى للدفاع، حذرته فيها من خطر الاستمرار في تخزين "نيترات الأمونيوم" في مرفأ بيروت.

وأضاف في تصريحات لـ "اندبندنت عربية"، أنه بناء على معلومات أتت للمدير العام لجهاز أمن الدولة طوني صليبا، قام الجهاز الأمني بالكشف على العنبر وتبيّن له أن بوابة المستودع رقم 9 مخلوعة، وهناك فجوة بالحائط الجنوبي تحتاج إلى صيانة، مشيراً إلى أن القضاء منذ أكثر من ثلاث سنوات، كلّف الخبيرة ميراي مكرزل بالكشف على هذه المواد والتي بدورها حذرت من شدة خطورتها.

تحذير مسبق

وأضاف حبيش أن لديه معطيات تفيد بأنه منذ مطلع يونيو (حزيران) الفائت، جرى إبلاغ كل من نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر ووزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار ووزير الداخلية محمد فهمي بنسخة من التقرير، الذي يشدد على كون كمية 2700 طن من الأمونيوم مخزنة بطريقة غير آمنة وتهدد السلامة العامة في مرفأ بيروت.

ورد بعنف على تبرير رئيس الحكومة حسان دياب، الذي قال فيه إنه "لم أكن واعياً على خطورة هذا التقرير"، وقال "إذا هو ليس واعياً إلى تقرير بهذه الخطورة والنتيجة تدمير بيروت ولبنان، كيف يمكن أن تكون لدينا ثقة برئيس وزارة قال "لم أكن واعياً على خطورة هذا التقرير"، مضيفاً أن "هذا اللاوعي أدى إلى تدمير بيروت ولبنان".

وأوضح حبيش أن "هذا الملف لن يمر مرور الكرام كوننا ممثلين عن الناس، وأن المعارضة تسعى إلى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية وتطالب بالاستعانة بخبراء دوليين لتحديد المسؤوليات، لأن أرواح الناس وأرزاقها وتعبها ليست ملككم لتستهتروا فيها".

دفاع استباقي

وكانت معلومات أخرى كشفت عن تقرير مماثل جرى رفعه إلى رئاسة الجمهورية، واطلع عليه الرئيس ميشال عون نهاية عام 2019، وأُهمل حينها بسبب الانهماك في استقالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري والسعي إلى تأليف حكومة.

في المقابل، رفض مستشار رئيس الحكومة خضر طالب الاتهامات الموجهة ضد دياب، واضعاً كل هذه الاتهامات في سياق المزايدات السياسية والاستثمار السياسي والانتقام، سائلاً كيف يمكن تحميل الحكومة تراكمات العقود الماضية، هو لم يتجاوز الستة أشهر في الحكم؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أن دياب ومنذ اللحظات الأولى للكارثة، منكب على متابعة التدابير والإجراءات لتخفيف معاناة المواطنين ومواكبة التحقيقات لجلاء الحقيقة كاملة وإزالة أي غموض حول طبيعة الانفجار وملابساته.

مؤامرة وانتقام

ويدور في لبنان سجال حول قدرة التحقيق المحلي بانفجار مرفأ بيروت على الكشف عن حقيقة ما جرى. ويعود جزء من هذا السجال إلى تحميل السلطات، التي تتولى التحقيق، مسؤولية "الإهمال" ما تسبب بالانفجار عبر تخزين كميات كبيرة من "نيترات الأمونيوم" الخطيرة بشكل "غير آمن" في مرفأ بيروت، منذ منتصف عام 2014.

وفي إطار التحقيقات، اتخذ مصرف لبنان المركزي قراراً بتجميد حسابات سبعة مسؤولين بميناء وجمارك بيروت. وأعلنت الجهات القضائية بلبنان توقيف 16 شخصاً على ذمة التحقيق، لكن رؤساء أحزاب ورؤساء حكومات سابقين ومفتي لبنان وجهات نقابية وسياسيين ونشطاء لبنانيين ومنظمة العفو الدولية، كلهم يطالبون بإجراء "تحقيق دولي" في الانفجار.

المدير العام للجمارك اللبنانية بدري ضاهر الذي شمله قرار تجميد حساباته المصرفية والإقامة الجبرية من ضمن لائحة ضمت عدداً كبيراً من المسؤولين عن مرفأ بيروت، قال في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، إن هناك محاولة لاستغلال الكارثة باتجاه الانتقام منه.

وكشف أنه خلال مدة توليه إدارة الجمارك استطاع إيقاف عشرات "الكارتيلات" التي تستغل في المرفأ وتعمل مع سياسيين وجهات حزبية، ومن ضمنها "تجار مخدرات وكبتاغون وعصابات تهريب البضائع على أنواعها والمنشآت النفطية وتجار الآثار والفوسفات".

وتابع قائلاً إن جميع هؤلاء يتآمرون من وراء "قطع أرزاق هؤلاء، الذين كانوا يجنون يومياً حوالى مليوني دولار على الأقل بطرق غير شرعية، مشيراً إلى أن التقرير الدقيق الذي سبق أن رفعه عن فساد المنشآت النفطية وخطورة ما أوقفه في "صفقة سلعاتا"، جعلهم يصطفون بوجهه على الرغم من تناقضات مرجعياتهم السياسية.

وأكد وجود ضغوط على القضاء من أجل تسييس القضية وإبعاد الأنظار عن الإهمال المرتكب والمؤامرات السياسية وحصرها بالجمارك.

تدويل التحقيق

ووفق المعلومات، هناك تخوف كبير من "تدويل" التحقيق خشية انكشاف "الصندوق الأسود"، أي الأسرار القادرة على فضح مسلسل كبير من حقبة الفساد المستشري في البلاد، إضافة إلى الأسرار الأمنية المرتبطة بـ"حزب الله" ومدى استخدامه للمنشأة والبنى التحتية اللبنانية في استراتيجيته العسكرية.

وتشير تلك المعلومات نقلاً عن خبراء عسكريين إلى أن استغلال "حزب الله" للمطار والمرفأ ليس سراً أو أمراً غير مكشوف، وأن التقارير الاستخباراتية والصحافية كلها كان سبق أن أشارت إلى ذلك، إضافة إلى أن جميع العاملين في هذه المرافق تم تعيينهم ضمن "المحاصصة" السياسية في لبنان، أي أن معظم الموظفين في تلك المنشآت لديهم ولاءات سياسية متنوعة.

وبحسب المعلومات، فإن "حزب الله" يتمتع بصلاحيات إدخال بضائع إلى لبنان عبر مرفأ بيروت من دون دفع رسوم جمركية، استناداً إلى قرارات حكومية تعفي تلك البضائع كونها "للمقاومة ولصمود بيئتها بوجه محاربة إسرائيل"، وهذه القرارات لا تزال سارية المفعول حتى تاريخه، وهي تعطي هامشاً أمنياً للحزب بإدخال بضائع بعيداً من أعين الرقابة الرسمية وتحت عنوان "أمن المقاومة".

كشف لبنان

في حين يضع المحلل السياسي فيصل عبد الساتر المعلومات المتعلقة بهيمنة الحزب على المرافئ العامة بأنها في سياق الحملة الدعائية التي تريد تشويه صورة "حزب الله"، نافياً أن يكون للحزب مستودعات خاصة في حرم المرفأ أو المطار، ومعتبراً أن كل بضائع الحزب تخضع لرقابة الدولة وإن "كان هناك هوامش أمنية لحماية الحزب فهي بالتنسيق مع الجيش والأجهزة الرسمية".

وشدد على أن استجلاب تحقيق دولي إلى لبنان سيؤدي إلى انكشاف البلاد أمنياً أمام أجهزة الاستخبارات العالمية، معتبراً أن هذا الأمر لن يكون في مصلحة لبنان ولن يوصل إلى أي نتيجة، مستشهداً بقضية اغتيال الحريري وما اعتبره فشلاً في الوصول إلى الحقيقة، متهماً المحكمة بالتسييس وبأنها جزء من المؤامرة التي تستهدف الحزب.

سلطة متهمة

من جانبه، أوضح النائب في البرلمان اللبناني هادي أبو الحسن أن السلطة السياسية متهمة بالتسبب بالكارثة، سائلاً كيف يمكن للمتهم أن يحقق بشكل محايد، مشيراً إلى أن السلطة ليست جهة محايدة قادرة على إصدار حكم نزيه بهذه القضية، كما وأن الإمكانات التي تمكنها من الوصول تقنياً إلى الحقائق غير متوافرة لديها نظراً لتشابك الدول المرتبطة بالسفينة المزعومة.

وأكد أن الحكومة التي شكلت لجنة تحقيق هي مسؤولة، وينبغي أن تجيب عن مجموعة من الأسئلة تتعلق بـ"الإهمال"، قبل أن تشكل لجنة التحقيق، مضيفاً أنه "لا شك أن كارثة بهذا الحجم تحتاج إلى تحقيق بمستوى يتجاوز حدود من ينبغي أن يكونوا محل مساءلة ومحاكمة، وهذا جوهر القضية"، مشدداً على أن لجنة التحقيق المحلية "لا ترضي الناس ولا حجم الكارثة، ولا تحقق تطلعات الأكثرية الساحقة من الشعب اللبناني".

استهداف أو حادث؟

وفي المعلومات أيضاً، كشف مصدر دبلوماسي فرنسي أن خمسة خبراء اختصاصيين بالمتفجرات المتعددة رافقوا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في جولته داخل مرفأ بيروت، وتمكنوا من خلال عمل "أمني" من الحصول على عيّنات من موقع الانفجار يحملونها معهم إلى باريس لدراستها.

وأعلن أن معطيات التقييم الأولي تشير إلى أن "مستودعاً مجاوراً للعنبر رقم 12 الذي انفجر كان يضم صواريخ باليستية مفككة، وهي التي انفجرت عند أول انفجار نتيجة قصف إسرائيلي، ولذلك حصل انفجاران في المكان". ولم يتسن لـ"اندبندنت عربية" التأكد من صحة هذه المعلومات.

المزيد من تقارير