Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إقالة محافظ نينوى بسبب "غرق العبارة"... ومناورة جديدة لتوريط السيستاني

تحالف العاكوب مع فصائل في الحشد الشعبي لم يوفر له الحماية... وتوقعات بفتح ملفات ضده

أهالي الغرقى في حادثة العبارة يقطعون الطريق على موكب الرئيس العراقي ومحافظ الموصل، الجمعة 22 مارس (آذار) (أ. ب.) 

ذكرت وسائل إعلام رسمية أن البرلمان العراقي وافق الأحد، 24 مار (آذار)، على إقالة محافظ نينوى نوفل العاكوب بعد غرق عبارة كانت تحمل أضعاف طاقتها من الركاب في الموصل عاصمة المحافظة. ما أسفر عن مقتل أكثر من مئة شخص.

قشة كبيرة قصمت ظهر المحافظ
وكانت عبّارة معدة لنقل الأشخاص غرقت بين ضفتي نهر دجلة، في مدينة الموصل، بعدما حمّلها مشغلوها ضعفَيْ طاقتها الاستيعابية لتنقلب، متسببةً في فاجعة استدعت إعلان الحداد العام ثلاثة أيام.
ويبدو أن العلاقة الوطيدة بين العاكوب (سنّي) وفصائل محسوبة على الحشد الشعبي (شيعية بمعظمها)، لم توفر الحماية اللازمة للمحافظ كي يعبر هذه الأزمة "بسلام".
وكان واضحاً أن حادثة العبارة كانت القشة الكبيرة التي قصمت ظهر محافظ نينوى المثقل باتهامات الفساد، إذ يُتوقع أن تفتح ضده أبواب التحقيقات على مصاريعها في ملفات قديمة وجديدة.
 
 
المحافظ تحت الإقامة الجبرية
وعلمت "اندبندنت عربية" أن محافظ نينوى يخضع حالياً لما يمكن وصفه بالإقامة الجبرية، بانتظار نتائج التحقيق.
تسارعت الاتهامات من جهات مختلفة إلى المحافظ بُعيد الإعلان عن غرق العبارة، وانتشار الصور الأولى لهذه الفاجعة، وذلك نظراً إلى سجله الذي تشوبه علامات استفهام كثيرة بخاصة في ما يخص أداءه، وطبيعة الشراكات السياسية التي أبرمها للبقاء في منصبه.
وغداة الحادث، عمّق رد الفعل الأولي للمحافظ شعور الغضب لدى سكان الموصل المنكوبة، إذ ظهر وهو يقود بنفسه مركبة رباعية الدفع، متوجهاً نحو موقع الحادث.
وتسبب هذا المشهد في إثارة غضب ذوي الضحايا، لا سيما الذين ما زالوا ينتظرون أخباراً عن أقاربهم المفقودين، فأحاطوا مركبة المحافظ، ورجموها بالحجارة، ودهس شخصين بينما كان يحاول الإفلات، وولّى هارباً.
وتسارعت التطورات فهاجم الحشد الغاضب موكب الرئيس العراقي برهم صالح، الذي وصل لمتابعة التطورات، وهذا ما اضطره لتغيير وجهة موكبه.
الرئيس يطرد المحافظ
وبعد ساعات، ترأس صالح اجتماعاً طارئاً في مقر قيادة عمليات نينوى، حضره المحافظ، للتداول في شؤون الحادثة وتداعياتها.
وبدا خلال الاجتماع أن كل خيوط الاتهامات تلتف حول رقبة المحافظ، الذي تلقى سيلاً من الانتقادات والتهم بالإهمال والتقصير والفساد وإهدار المال العام، فيما تقدم شهود للإدلاء بإفاداتهم.
قال الناشط المدني محمد زكريا إنه تلقى تهديداً من المحافظ، عندما كان يدلي بشهادته أمام رئيس الجمهورية في مقر قيادة عمليات نينوى. وأضاف الناشط المتحدر من الموصل، أن حرس المحافظ، التقطوا صوراً لكل الأشخاص الذين تقدموا للإدلاء بشهاداتهم خلال جلسة الاستماع التي عقدها الرئيس العراقي. إلا أن زكريا تعهد الاستمرار في متابعة هذا الملف، مؤكداً أن التهديدات لن تمنعه.
وذكرت مصادر مأذونة لـ "اندبندنت عربية"، إن "رئيس الجمهورية طرد محافظ نينوى نوفل العاكوب من جلسة الاستماع، بعدما اشتبك كلامياً مع بعض الشهود".
تابعت المصادر أن "صالح حمل إلى بغداد تصوراً واضحاً بشأن الوضع في الموصل، عرضه على رئيسي الحكومة عادل عبدالمهدي والبرلمان محمد الحلبوسي خلال اجتماع ثلاثي في قصر الرئاسة".
عبدالمهدي يطلب إقالة العاكوب
عقب الاجتماع، وجّه رئيس الوزراء رسالة إلى البرلمان، طلب فيها إقالة محافظ نينوى، وفقاً لصلاحياته الدستورية. وجاء في رسالة عبدالمهدي أنه نظراً إلى "الإهمال والتقصير الواضحين في أداء الواجب والمسؤولية، ووجود تحقيقات تثبت التسبب بهدر المال العام، واستغلال المنصب الوظيفي، واستناداً إلى نص المادة ٧/ثامناً/٢ التي تنص على أن لمجلس النواب حق إقالة المحافظ بالأغلبية المطلقة بناءً على اقتراح رئيس الوزراء، والمادة (٣٨) التي تنص على أنه تسري على نائبَي المحافظ أحكام إقالة المحافظ من قانون المحافظات رقم ٢١ للعام ٢٠٠٨ المعدل، نقترح عليكم إقالة المحافظ ونائبيه".
وعلمت "اندبندنت عربية" أن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي سارع إلى إدراج فقرة خاصة بطرح الثقة في محافظ نينوى ضمن جدول أعمال جلسة الأحد 24 مارس (آذار) 2019.
يأتي ذلك بعدما أصدر رئيس الحكومة أمراً بتولي لجنة خاصة إدارة شؤون نينوى، تضم رئيس جامعة الموصل، مع قائدي العمليات العسكرية والشرطة المحلية، لافتاً إلى استمرار هذا الوضع إلى حين انتهاء التحقيقات.
مناورة غريبة... وعلاقة مشبوهة
في ذروة تصاعد الاتهامات ضده، والمطالبات الواسعة بعزله، لجأ العاكوب إلى مناورة غريبة، إذ أعلن أنه يضع استقالته بين يدي المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني.
ولفتت هذه المناورة الأنظار إلى العلاقة الملتبسة بين العاكوب وفصائل من الحشد الشعبي، تنشط في نينوى.
وتقول مصادر محلية إن هذه العلاقة تضمن لطرفيها مصالحهما، فهي توفر للمحافظ حماية سياسية بوجه الضغوط السياسية التي يتعرض لها، وتضمن لهذه الفصائل مصادر تمويل من خلال الاستحواذ على الاستثمارات المتوفرة في نينوى، من بينها جزيرة أم الربيعين السياحية، التي غرقت العبارة قربها.
لكن مناورة العاكوب مع السيستاني كانت مكشوفة، إذ أشارت مصادر إلى أن للمرجع الشيعي الأعلى تحفظات عن انتشار قوات شيعية مسلحة في معقل سنّي بارز، على غرار الموصل.
وكان العاكوب علّق بشكل وصِف بـ "الفظ" على تحفظات السيستاني بشأن تسريبات أشارت إلى علاقة مشبوهة تربط بين محافظ نينوى وفصائل محسوبة على الحشد الشعبي، توصف بأنها حليفة إيران.
العاكوب: خانني التوفيق
وعاد العاكوب يوم السبت ليقول إن "التوفيق خانه" في معرض تعبيره عن "علاقة نينوى وحكومتها المحلية بالمرجعية العليا"، مؤكداً أن المرجعية "كان لها الدور الأبرز في تحرير محافظتنا العزيزة من عصابات داعش الاجرامية". وقال العاكوب "في حال طلبت المرجعية الرشيدة مني تقديم استقالتي فلا أتردد لحظة واحدة عن ذلك، واني اضع استقالتي بين يديّ آية الله العظمى السيد السيستاني حفظه الله".
ويرى مراقبون أن العاكوب متأكد أن السيستاني لن يتورط في التعليق على تفاصيل تنفيذية تقع في صلب صلاحيات البرلمان والحكومة، لكنه يحاول استباق خطوة البرلمان الذي يتجه نحو إقالته، مؤكداً زهده في المنصب.

المزيد من العالم العربي