Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتجه الاقتصاد الإيراني نحو "الانهيار" مع تفاقم الديون؟

عائدات النفط تتراجع والعملة تفقد 70 في المئة من قيمتها مقابل الدولار وسط ارتفاع معدلات الفقر

فقدت العملة الإيرانية أكثر من 70 في المئة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي منذ مارس الماضي (رويترز)

أشارت حسابات أعدّتها "اندبندنت عربية"، استناداً إلى بيانات وأرقام رسمية حديثة، إلى أن الاقتصاد الإيراني فقد أكثر من 98 في المئة من عائدات بيع النفط خلال العامين الماضيين. فخلال 2018 كانت صادرات إيران من النفط تبلغ نحو 2.5 برميل يوميّاً، وعند مستوى سعر 83 دولاراً للبرميل، وإجمالي العائد الشهري كان يبلغ نحو 6.225 مليار دولار.

لكن، خلال 2020 ومع إحكام وتشديد العقوبات الأميركية واعتزام الرئيس الأميركي تصفير صادرات إيران من النفط، هوت الصادرات إلى نحو 100 ألف برميل يوميّاً، وعند مستوى سعر 43 دولاراً لبرميل النفط، ولا تتجاوز عائدات النفط 129 مليون دولار شهريّاً، بنسبة انخفاض تبلغ نحو 98 في المئة.

ومع إضافة المخاطر والخسائر الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد، التي تسببت في كثير من المتاعب الاقتصادية للدول المستقرة إلى خسائر بيع النفط، فإن الصورة تبدو أكثر من قاتمة أمام النظام الحاكم الذي يواجه احتجاجات شعبية عنيفة منذ العام الماضي.

في الوقت نفسه فان مؤشرات ارتفاع قيمة الديون باتت ترهق طهران حيث زادت المخاوف من انهيار تدريجي للاقتصاد المحلي في ظل صعوبات مالية كبرى .

215 ألف ريال لكل دولار

في سوق الصرف، واصلت قيمة العملة الوطنية الإيرانية سقوطها الحر، إذ بلغ سعر الدولار في سوق طهران 25 ألف تومان (250 ألف ريال إيراني)، مسجلاً رقماً قياسياً جديداً.

وأعلنت مواقع غير رسمية لسعر العملات الأجنبية في إيران، أن سعر كل دولار أميركي جرى تداوله بعتبة 25 ألف تومان، في حين بلغ سعر المسكوكة الذهبية المعروفة باسم "إمامي" 11.2 مليون تومان. بينما أوضح موقع "بونباست دوت كوم"، أن الدولار كان معروضاً للبيع بسعر 215 ألف ريال بالمقارنة مع سعر الصرف الرسمي البالغ 42 ألف ريال.

وعلى الرغم من الوعود التي قطعها محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي بالسيطرة على سوق الصرف الأجنبية في الأسابيع الأخيرة، فإن العملة الوطنية الإيرانية استمرت في الانخفاض.

وأشار مسؤولون في الحكومة الإيرانية إلى عدم عودة العملات الأجنبية التي منحت للمصدرين كسبب للأزمة، وحاولوا إجبار المصدرين على إعادة العملة إلى البلاد من خلال تهديدهم بالإجراءات القانونية.

لكن، مسلسل انهيار العملة بدأ منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وعودة العقوبات الأميركية في مايو (أيار) من 2018 عندما كان سعر الدولار نحو 4700 تومان، إلى أن بلغ 16 ألف تومان في مارس (آذار) الماضي، ثم بدأت موجة السقوط الحر منذ بداية يوليو (تموز) الماضي.

العملة تفقد 70 في المئة من قيمتها مقابل الدولار

وتواجه إيران أقسى العقوبات، خصوصاً على الصادرات النفطية وغير النفطية، بسبب دعم نظام طهران الإرهاب وإنفاقه الأموال التي حصل عليها عقب الاتفاق النووي على البرنامجين النووي والصاروخي في انتهاك بنود الاتفاق، فضلاً عن تمويل الميليشيات والوكلاء في دول المنطقة والعالم.

وفقدت العملة الإيرانية أكثر من 70 في المئة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي منذ مارس الماضي، إذ يستمر ارتفاع أسعار العملات والذهب في الأسواق الحرة الإيرانية بوتيرة سريعة.

وقد أرغم هبوط العملة في الأسابيع الأخيرة البنك المركزي الإيراني على التحرّك، فضخّ ملايين الدولارات في السوق، لتحقيق استقرار الريال. ووصف عبد الناصر همتي محافظ البنك المركزي هذا التدخل بأنه قرار "حكيم محدد الهدف".

وبينما أعلن البنك المركزي في إيران أن لديه احتياطيات وفيرة من النقد الأجنبي من دون أن يكشف عن حجمها، فإن محللين بمعهد التمويل الدولي أشاروا إلى أن طهران لديها احتياطيات محدودة من النقد الأجنبي متاحة لضخها في السوق، ولن تتمكّن من احتواء انخفاض آخر في قيمة العملة، في وجود العقوبات الأميركية والعزلة عن المجتمع الدولي.

وربما يتطلب العجز في ميزان المعاملات الجارية والموازنة بفعل الأزمة الاقتصادية التي تواجهها إيران في الوقت الحالي، السحب من هذه الاحتياطيات، الأمر الذي يضعف قدرة إيران على الحد من التضخم المتفشي.

معدل الفقر يقفز إلى 80 في المئة بطهران

بالطبع، فإن هذه المخاطر تقود إلى أزمات أخرى تتعلق بندرة وشح عديد من السلع، وارتفاع نسب ومعدلات التضخم إلى مستوى يفوق الـ45 في المئة وفق تقديرات حديثة لصندوق النقد الدولي. هذا بخلاف اتساع دائرة الفقر، إذ كشف تقرير لمركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيراني، عن زيادة في خط الفقر 80 في المئة، بالعاصمة طهران خلال العامين الماضيين بالنسبة للأسر المكوّنة من أربعة أفراد، وأرجع ذلك إلى ارتفاع نسبة التضخم والانخفاض الملحوظ لدخول الأفراد.

ولفت التقرير إلى زيادة ملحوظة في عدم المساواة والفجوة الاجتماعية، نتيجة ارتفاع معدلات ونسب التضخم، كما أدّى إلى نمو كبير في خط الفقر في طهران وأجزاء أخرى من البلاد، حسب وكالة فارس.

ولفت التقرير إلى انخفاض نسبة الصادرات الإيرانية، وتقليص عدد الدول التي كانت تصدر إيران إليها البضائع من 23 بلداً في عام 2000 إلى تسعة بلدان فقط خلال الفترات الماضية. كما أشار إلى أنه حتى مع زيادة الدخول الاسمية، فإن القوة الشرائية لكل إيراني انخفضت أيضاً بنحو الثلث مقارنة بعام 2000.

الديون تتفاقم والحكومة تواصل طبع النقود

على صعيد الديون، أشار تقرير سابق للبنك المركزي الإيراني، إلى أن البلاد تعاني ارتفاعاً حاداً في حجم المعروض النقدي، وزيادة الاقتراض الحكومي من البنوك. وأشار التقرير إلى أن الدين الحكومي للبنوك زاد 28 في المئة، ووصل إلى نحو 30 مليار دولار في نهاية العام 2019. ومقارنة مع عام 2013 عندما تولى الرئيس حسن روحاني منصبه، أظهرت الديون الحكومية للبنوك نموّاً يتجاوز ثلاثة أضعاف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبيَّن التقرير أن الاحتياطيات الأجنبية لإيران قد تنخفض إلى 73 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام الحالي، ما يعني خسارة ما يقرب من 40 مليار دولار خلال العامين الماضيين. وإذا استمرّت الولايات المتحدة في فرض عقوباتها على إيران، فقد تنخفض احتياطيات إيران من العملات الأجنبية بحلول عام 2024 إلى 20 مليار دولار فقط.

وذكر التقرير أن حجم السيولة ارتفع إلى 20262 تريليون ريال، أو ما يعادل 174 مليار دولار (حسب سعر السوق الحرة)، وهو ما يمثل زيادة بمعدل 28 و56 في المئة خلال ديسمبر (كانون الأول) 2019، مقارنة بعامي 2018 و2017، على التوالي.

وأشار إلى أن حجم السيولة ارتفع أربعة أضعاف منذ تولّي الرئيس حسن روحاني منصبه في عام 2013. وتعتبر زيادة السيولة أهم عوامل ارتفاع التضخم في إيران، الذي يبلغ نحو 40 في المئة، وفقاً للبيانات الصادرة عن المركز الإحصائي الإيراني، وهذا يعني أن الحكومة تطبع أموالاً يجري توفيرها للبنوك التي تسيطر عليها الدولة، ثم تقترض منها.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد