Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إنجاز تحقيق برلماني عن عشرية الرئيس الموريتاني السابق

إحالة ملفات فساد كبرى إلى وزارة العدل بانتظار اتخاذ الإجراءات العقابية اللازمة

البرلمان الموريتاني في جلسته التي عُقدت الأربعاء 29 يوليو الحالي (اندبندنت عربية)

أوصى البرلمان الموريتاني يوم الأربعاء 29 يوليو (تموز) الحالي، بإحالة بعض ملفات التحقيق الخاصة باللجنة البرلمانية إلى وزارة العدل، بهدف اتخاذ التدابير اللازمة لمقاضاة الضالعين في عمليات الفساد خلال العشرية المنصرمة، والبت في المسؤولية الجنائية عن مختلف المخالفات. واعتبر بعض النواب أن هذه الفترة مفصلية في تاريخ موريتانيا، ويجب أن تشهد محاسبة كل مَن أسهم في نهب ممتلكات البلد.
وطالب البرلمانيون بسحب الثقة فوراً من كل المسؤولين الذين كانوا على صلة بالمخالفات المسجلة في تقرير اللجنة. وأكدوا على ضرورة إنشاء لجان تحقيق لتظهر بؤر الفساد عبر تاريخ البلاد.


قانونية وليست سياسية

في أول رد فعل رسمي من الحكومة، قال وزير العدل الموريتاني حيموده رمظان الخميس 30 يوليو، في رده على سؤال حول وجود إرادة سياسية لتطبيق ما توصلت إليه لجنة التحقيق البرلمانية، "إن الأمور واضحة في هذا المجال"، مؤكداً أن "الإرادة موجودة لاتخاذ الإجراءات وفق المساطر القانونية العادية".
وأكد وزير العدل خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي للحكومة أن "لا علاقة للإرادة القضائية بالسياسة، بل تحكمها قوانين موضوعية وإجرائية واضحة ومعروفة مسبقاً".
 


الملفات المحالة إلى القضاء

يندرج تقرير اللجنة البرلمانية في إطار التحقيق الذي تقرر بحكم صلاحيات البرلمان المتمثلة في رقابة النشاط الحكومي. وأوصت اللجنة البرلمانية بتمكين القضاء من الملفات التالية، رصيف الحاويات والمحروقات في ميناء العاصمة نواكشوط، شركتي المياه والكهرباء، شركة الإيراد والتصدير، خيرية الشركة الوطنية للمناجم، شركة بولي هوندونغ الصينية، بيع ممتلكات الدولة في المزاد العلني، والبنى التحتية.
ولاحظت اللجنة البرلمانية خرق قوانين عدة انطلاقاً من تأويل متساهل أو خاطئ تماماً. وكانت أشد القواعد تضرراً، تلك المتعلقة بالصفقات العمومية، بخاصة عقود شركة المناجم وخيريتها والشركة الوطنية للكهرباء، فقواعد الشراء المطبقة لدى هذه الهيئات مطاطة، ولا تحترم مبادئ الشفافية. ومن الخروقات المسجلة، الصفقات الممنوحة لشركة "النجاح إدريلينغ"، وشركة "فورمين سارل"، وصفقة أشغال تبليط مقر رئاسة الجمهورية.
كما لاحظت اللجنة خروقات كبيرة في صفقات تنازل الدولة عن المدارس لصالح أفراد، والتنازل عن عقارات عمومية، بخاصة أن سلطة التنظيم لم تصدر أي إذن بمنح قطع الأراضي المملوكة للدولة.
أما في ما يخص شركة "يولي هوندونغ"، فإن الاتفاقيات التجارية الموقعة معها تتضمن أحكاماً مخالِفة للنصوص، تحكم النطاق البحري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عودة الجدل

في غضون ذلك، لم يتوقف الجدل على الساحة في موريتانيا، بشأن لجنة التحقيق وتقريرها منذ الإعلان عن إنشائها قبل أشهر. وعاد الجدل ذاته إلى واجهة الأحداث السياسية بعد الانتهاء من صياغة التقرير وقراءته تحت قبة البرلمان. وطالب نواب بتأجيل النقاش حول التقرير من أجل إيجاد الوقت الكافي لقراءته وفهم مضامينه، فيما طالب رئيس "حزب اتحاد قوى التقدم" محمد ولد مولود، ببدء النقاش فوراً احتراماً للرأي العام المتابع.
وطالب ولد مولود بتحويل الملفات العاجلة إلى القضاء للبت فيها، مشيراً إلى أن "مؤتمر الرؤساء في البرلمان استشار خبراء دستوريين في هذا الأمر، وأكدوا شرعية الإحالة".
ودعت النائب عن حزب "تواصل" عيشه بنت بونا، السلطات القضائية إلى التعاون مع البرلمان، ورفع الغطاء عن الضالعين في نهب أموال الدولة الموريتانية، مضيفةً أن "حجم الفساد المُكتشَف مثير للقلق، والبطالة التي يعانى منها الشباب ناجمة عن تبديد قلة من الموظفين موارد البلاد، والتآمر على مصالحها العليا".
في المقابل، قال الرئيس السابق للحزب الحاكم "الاتحاد من أجل الجمهورية"، سيدي محمد ولد محم، إن "اكتمال أعمال اللجنة يشكل رسالة قوية تدشّن عهداً جديداً من الحياة البرلمانية، ومساراً جديداً في العلاقة بين السلطات، وأملاً غامراً ببناء مؤسسات تدين للجمهورية بالولاء". وأضاف ولد محم أن "أهم ما في تقرير لجنة التحقيق هو الرسائل السياسية التي وجهها. إذ تأكد وجود فساد هائل تم برعاية من المسؤول الأول في الدولة، وهو الذي كان يفاخر بقدراته الخارقة في كشف كل خبايا التسيير المالي بشكل يستحيل معه وجود عمليات فساد".
أما الكاتب الصحافي الحسين ولد محنض، فخرج من التقرير بجملة خلاصات أهمها أن "اللجنة كشفت استشراء فساد لا حدود له في الوزارات والشركات، إضافة إلى ضلوع واسع للمسؤولين في الفساد، وأظهرت اختلالات تدين المسؤولين إدانات لا لبس فيها"، مضيفاً أن التقرير لم يذكر ما كانت الشائعات تنقله من إدانة الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، إدانةً صريحة مباشرة.
 

تقاذف المسؤوليات

من جهة أخرى، نُقل عن مصادر داخل لجنة التحقيق أن وزير التجهيز والنقل السابق، محمد عبد الله ولد اوداعه، قال أمام اللجنة إنه لم يتحدث مع الشريك الذي فاز بصفقة الميناء عن مشروع رصيف الحاويات قبل اجتماع عقده مع الوزير الأول (رئيس الوزراء) السابق يحيى ولد حدمين، الذي اقترح المشروع. غير أن ولد حدمين نفى اطلاعه على المشروع قبل توقيع الاتفاقية من قبل وزير التجهيز والنقل الذي أبلغه بالأمر. وأكدت لجنة التحقيق أن الإدارات الفنية، ومدير البنية التحتية، ومدير الميناء نفوا جميعاً أي علم لهم بتوقيع الاتفاقية المتعلقة بالميناء، الأمر الذي اعتبرته اللجنة تقاذفاً للمسؤولية، وهروباً من تداعياتها القانونية.

المزيد من العالم العربي