Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قواعد الحجر تُجهز ببطء على قطاع السياحة البريطاني

"تهديد المارتيني" يفرض الحجر الصحي بصورة اعتباطية على المسافرين

سَمَّتهُ الصحافة "التهديد المارتيني" ويعطي السلطات الإسبانية صلاحية حجر السائح عشوائياً (باي بساي تشانل.كوم)

"تمثّل حماية الصحة العامة أولويتنا القصوى". وردت تلك الكلمات على لسان الناطق باسم الحكومة، فيما أُعطي البريطانيون الذين يقضون إجازاتهم في إسبانيا مهلة ساعة واحدة كحدٍ أقصى من أجل العثور على رحلة عودة إلى المملكة المتحدة في أقرب وقت ممكن.

"لقد اتخذنا هذا القرار بهدف الحدّ من أي احتمال لانتقال العدوى إلى المملكة المتحدة"، وفق الناطق.

في الواقع، سجّلت بعض مناطق البر الإسباني الرئيسي ارتفاعاً صادماً في أعداد الإصابات بفيروس كورونا. وبات "كوفيد- 19" يشكّل الآن خطراً جدياً في "بامبلونا" Pamplona، حيث موقع "مهرجان ركض الثيران" المثير للجدل.

كذلك أفيد عن ارتفاع في أعداد الإصابات بفيروس كورونا في برشلونة، أكثر المدن شعبية على الإطلاق بين المسافرين البريطانيين، "وزاراغوسا"  Zaragoza أيضاً.

استطراداً، من الصعب جداً إيجاد لاعب مؤثر في قطاع السفر والسياحة في المملكة المتحدة، يعترض على الحجر الصحي الموجّه.

وقد وُضعت ست مناطق إسبانية على لائحة حكومية تفرض على الأشخاص العائدين إلى المملكة المتحدة قضاء 14 يوماً من العزل الذاتي، وتشمل "أراغون" و"كاتالونيا" وإقليم الباسك و"نافارا" و"لا ريوخا" و"إكسترا مادورا".

في المقابل، من وجهة نظر شركات السياحة والسفر والخطوط الجوية البريطانية، تأتي تلك اللائحة من الحكومة الخاطئة. إذ وضعتها وزارة الخارجية البلجيكية التي تراقب معدلات الإصابة وتتصرّف تبعاً لها.

وفي المقابل، تعتمد الحكومة البريطانية مقاربة ثنائية للحجر حصراً، إذ إنها تنظر إلى البلدان إما بوصفها آمنة كلياً أو خطيرة كلياً. ومساء السبت الماضي، انتقلت إسبانيا من الخانة الأولى إلى الثانية.

وتمثّلت النتيجة الفورية لهذا التغيير في اضطرار مئات آلاف المصطافين ممن لم يوافقوا على الحجر، إلى ملازمة منازلهم مدة أسبوعين عند عودتهم من إسبانيا. 

واستطراداً، بات مليونا مسافر محتمل غيرهم، ممّن حجزوا رحلات متجهة من المملكة المتحدة إلى إسبانيا قبل نهاية أغسطس (آب)، يدرسون الخيارات الكئيبة المعروضة أمامهم. ويتشكّل "المحظوظون" في صفوفهم، ممن سيخسرون الرحلة السياحية التي اشتروها لكنهم سيسترجعون الثمن الذي دفعوه كاملاً.

أما الأقلّ حظاً، فأولئك الذين جهّزوا تفاصيل سفرهم وحدهم وحجزوا تذاكر سفر على متن طائرات "ريان إير". وسوف يظل المقعد موجوداً سواء حضر المسافر أم لم يحضر، لكن لا يمكن لمن لا يحضر في موعد الرحلة استرداد ثمن بطاقته.

في مقلب مغاير، ثمة تأثير ناجم عن ذلك الموضوع في المدى البعيد، سيكون أكثر زعزعة للاستقرار.

فثمة مصطافون كثر حجزوا رحلات خططوا لها منذ زمن، ومن شأنها أن توفر لهم ملاذاً يحتاجون إليه بعد أشهر من الإغلاق. وبدلاً من ذلك، أضحوا محتارين وقلقين. إذ يعمل قطاع السفر على إقناع المسافرين برحلات مُلزِمَة تُحجَزُ قبل أسابيع أو أشهر. لكن ما يواجهه البريطانيون الآن يتمثّل في "التهديد المارتيني" الذي يعني إمكانية فرض الحجر الصحي (على المسافرين) في أي زمان ومكان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفيما تتابع شركات السياحة والسفر مراكز اتصالاتها وهي تُغرق بالطلبات صباح الاثنين، سوف تحسب في الوقت نفسه كلفة الحجوزات التي فقدتها لشهريّ سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول). ولا تقتصر الحجوزات على إسبانيا وحدها، بل تمتدّ إلى غيرها من المناطق المتوسطية، وعطل الخريف في المدن وتلك المرتبطة بالرياضات الشتوية. 

وليس اعتماد تلك المقاربة الصارمة والشديدة إزاء إسبانيا سوى آخر حلقة في مسلسل الحجر الصحي الذي لاحق كل محاولات قطاع السياحة والسفر من أجل النهوض بنفسه والعودة إلى توفير رحلات بكلفة جيدة.

وعندما بدأ فيروس كورونا ينتشر، تبنّت الحكومة سياسة حجر صحي منطقية وموجّهة ركّزت على المناطق الأولى التي تفشّت فيها العدوى بشكل كبير في الصين وإيران وشمال إيطاليا.

وفي أوائل مارس (آذار)، وفيما أخذ "كوفيد- 19" ينتشر في كل أنحاء العالم، كان المرء يتوقّع تمديد شرط العزل الذاتي مدة 14 يوماً، في إطار المشورة المختصة التي أصدرت بشأن المناطق التي يتزايد فيها الخطر بسرعة. لكن بدلاً عن ذلك، أُلغي الحجر الصحي فجأة.

ولم يسمع أحد عن هذه الفكرة مجدداً سوى بعد فترة وجيزة من رحلة دومينيك كامينغز الشهيرة إلى "درهام". عاد كبير مستشاري رئيس الوزراء من الشمال الشرقي إلى لندن ليجد الحكومة تحت الهجوم بسبب إستراتيجيتها الفاشلة في شأن دور الرعاية.
وتوصّل (كامينغز) إلى تحليل مفاده أنّ الحجر الصحي سوف يبعد الأنظار عن الموضوع ويحظى بتأييد شعبي، فاتّصل بسرعة بصحيفة "تايمز" ليخبرها عن إستراتيجية الحكومة الجديدة. بالأحرى، وفق وصف بعض قادة قطاع السفر، خدعتها الجديدة.

وفي ذلك الوقت، حلّت بداية مايو (أيار). وعقد القطاع السياحي الأمل بشدة على أن يتيح تراجع أعداد الإصابات في المملكة المتحدة وغيرها من المناطق، العودة التدريجية للرحلات الخارجية.

في المقابل، تجسّد ما حصل فعليّاً في أنّ سلسلة الثغرات في سياسة الحجر العامة قضت على المبيعات الجديدة بسرعة. ومنطقياً، من سيحجز رحلة بينما سيُضطر إلى ملازمة المنزل 14 يوماً بعدها؟

وبعد مرور عشرة أسابيع، تساهلت الحكومة أخيراً في موقفها من السفر إلى الخارج. ووضعت لائحة "آمنة" تتضمن عدداً من الدول الأوروبية الأخرى، استثنت منها البرتغال، لكنها وضعت إسبانيا عليها (مع أنّ أسكتلندا انتظرت 10 أيام إضافية قبل أن تضيفها). 

ومن ناحية أخرى، شهدت عطلة نهاية الأسبوع الماضي عودة الخدعة التي ما زالت تؤرق قطاع السفر. ولقد اعتقدت شركات الطيران والسياحة والسفر أنّ العام 2020 لا يمكنه أن يغدو أكثر سوءاً، لكنه يزداد سوءاً فعلياً بفضل إخضاع المسافرين العائدين إلى بريطانيا إلى محاكم تفتيش إسبانية من القرن الحادي والعشرين. وحتّى لو قصدت الحكومة القضاء على أحد أكثر القطاعات نجاحاً في المملكة المتحدة وتحطيم أحلام ملايين المسافرين، ما كانت لتنجح في مسعاها إلى هذه الدرجة.

© The Independent

المزيد من منوعات