Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مطاعم بريطانيا مجبرة على إظهار السعرات الحرارية للوجبات

فرضتها حملة جونسون لمكافحة السمنة التي شملت تقييد الإعلانات الترويجية للطعام غير الصحي

قبل أن تأكل سيخبرك المطعم بكمية السعرات الحرارية في طعامك  (بالس.إل كيه)

بات على المطاعم الكبيرة في المملكة المتحدة أن تقدم لمرتاديها خدمة احتساب السعرات الحرارية وتضمينها في قوائم الطعام، وسيترافق ذلك أيضاً مع فرض حظر على الإعلانات الترويجية للوجبات السريعة قبل الساعة التاسعة مساء. وتأتي هذه الإجراءات الجديدة ضمن حملةٍ صحية كبيرة أطلقها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لمواجهة مشكلة السمنة في البلاد، وذلك استباقاً لاحتمال حدوث موجةٍ ثانية متوقعة من عدوى "كوفيد 19".

والمفارقة أن رئيس الوزراء دعا إلى هذه المبادرة بعدما كان معارضاً للتدخل الرسمي ورافضاً مبدأ ما سماه "الدولة الحاضنة" Nanny State (حكومة تُبالغ في التدخل في شؤون مجتمعاتها أو تصدر قوانين تبالغ في تنظيم أسلوب عيشها). واستطراداً، تأتي المبادرة بعد تحذيرٍ صارم وجهته "هيئة الصحة العامة في إنجلترا" Public Health England من أن الأشخاص الذين يعانون من زيادةٍ في الوزن، هم أكثر عرضة لدخول المستشفى أو خطر الوفاة، إذا ما أصيبوا بفيروس كورونا.

وضمن مجموعة التدابير التي اتخذتها لمعالجة مشكلة البدانة، تنوي الحكومة البريطانية أيضاً وضع تشريع جديد يحد من الترويج للأطعمة المشبعة بالدهون والغنية بالسكر، بما فيها العروض التي تحمل شعاراتٍ ترويجية كتلك التي تحض على "شراء وجبة والحصول على الثانية مجاناً"، ومنع المحلات التجارية من عرض منتوجات غير صحية في مواقع أساسية وبارزة داخل المتاجر كنقاط الدفع والمداخل الرئيسة.

وكذلك أفادت الحكومة بأن المطاعم ومحلات الوجبات الجاهزة والمقاهي التي توظف أكثر من 250 عاملاً، سيتعين عليها أيضاً بموجب القانون، إضافة ملصقاتٍ تتضمن السعرات الحرارية إلى الأغذية التي تقدمها إلى زبائنها. ومن المقرر أيضاً انطلاق مشاورات أخرى قبل نهاية 2020، للنظر في إمكان تطبيق إجراء مماثل بتقديم ملصقات عن السعرات الحرارية في المشروبات الكحولية.

وفي ذلك الصدد، أوضحت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية، التي كشفت أن الأمراض المرتبطة بالبدانة تكلف مرافق "الخدمات الصحية الوطنية" NHS حوالي 6 مليارات جنيه استرليني (7.5 مليار دولار أميركي) سنوياً، وأن الإعلانات التي تُروج للطعام غير الصحي وتُبث على محطات التلفزيون وشبكة الإنترنت، ستُحظر طيلة فترة الذروة المسائية للمشاهدة التي تستمر حتى الساعة التاسعة مساء، "ويكون الأطفال على الأرجح هم الأكثر متابعة لتلك  الإعلانات".

وفي الشأن نفسه، يهدف الكشف عن هذه التدابير، وكذلك الحملة التي وضعتها الحكومة تحت شعار "صحة أفضل" وأطلقها بوريس جونسون يوم الاثنين، إلى حض الناس على التخلص من وزنهم الزائد. وتسعى دوائر الحكومة في "داونينغ ستريت" عِبْرَ هذه الخطة التوعوية الجديدة، إلى الوصول لحوالى 35 مليون شخص وتشجيعهم على تغيير نمط عيشهم، خصوصاً أن نحو ثلثي عدد الأفراد البالغين في إنجلترا يعانون زيادةٍ في الوزن أو بدانةٍ مفرطة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وكانت أوساط مقر رئاسة الحكومة قد اشارت الأحد الفائت، إلى أن السياسات الأخرى ستشمل تقديم برنامج تجريبي يتضمن توصيات إلى الأطباء العامين General Praticioner GP بأن يحثوا مرضاهم على ركوب الدراجات، خصوصاً في المناطق التي تسود فيها معدلات متدنية في النشاط البدني وتراجع في الوضع الصحي لسكانها. وقد جُربَتْ خطط مماثلة من قِبَلْ مؤسسات خيرية في مقاطعة "يوركشير"، والخدمات الصحية الوطنية" في ويلز.

وفي إطار التمهيد للحملة، أورد رئيس الوزراء البريطاني أن "فقدان الوزن أمر صعب، لكن من خلال اتباع بعض التغييرات البسيطة في نمط حياتنا اليومي يمكننا جميعاً أن نتمتع بحالة صحية أفضل وأكثر لياقة. وإذا بذل كل منا الجهد المطلوب، فيمكننا أن نحد من المخاطر الصحية التي تتهددنا، وأن نحمي أنفسنا من فيروس كورونا، إضافة إلى المساهمة في تخفيف الضغط عن "الخدمات الصحية الوطنية" ومرافقها".

وفي الشهر الماضي، زعم بوريس جونسون الذي سبق له أن انتقد بنفسه في العام الماضي ما سماها "ضرائب الخطيئة" sin taxes المفروضة على الأطعمة غير الصحية، أنه غير نهجه في التعاطي مع مسألة البدانة بعد تجربته الخاصة التي حتمت عليه إنقاص وزنه بسبب الوقت الذي أمضاه في العناية المركزة أثناء إصابته بعدوى "كوفيد 19".

ولفت خبراء في "هيئة الصحة العامة في إنجلترا" الأسبوع الماضي، إلى أنه على الرغم من أن الأدلة لا تشير إلى أن زيادة الوزن تضاعف احتمالات إصابة الناس بفيروس كورونا، إلا أن "الارتفاع في معدل الدهون يمكن أن يؤثر في جهاز التنفس، ومن المرجح أن ينعكس أيضاً على وظائف الجسم المناعية وقدرته على مقاومة الالتهابات".

أضاف أولئك الخبراء، "قد يثير ارتفاع نسبة الدهون في الجسم بعض ردود الفعل لدى الأفراد لجهة التقاعس عن الحركة، ويزيد من خطر تعرضهم لمعاناة أعراض شديدة في حال إصابتهم بكورونا".

في شأن متصل، ذكر وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، في مقابلة أجراها معه برنامج "صوفي ريدج صنداي" Sophy Ridge on Sunday الذي تعرضه شبكة "سكاي نيوز" الأحد من كل أسبوع، "نحن نعلم أن البدانة مرتبطة بالحالات المتأزمة التي يسببها الفيروس. وقد تعرض رئيس الوزراء نفسه لحالة مشابهة حينما أصيب بفيروس كورونا. وخرج بعدها ليقول، "في الحقيقة، يجب علي أن أعكف على تحسين وضعي الصحي ولياقتي البدنية".

وأضاف راب، "على ما أعتقد، يتعين علينا جميعاً أن نفعل المزيد على مستوى الصحة في جميع أنحاء البلاد، واتخاذ قرارات أفضل في ما يتعلق بنمط العيش وغيره من الأمور المرتبطة بحياتنا الصحية. نحن في حاجة إلى تحمل المزيد من المسؤولية الشخصية على هذا المستوى. وفي المقابل، ثمة دور للحكومة يجب أن تضطلع به أيضاً".

وفي تعليق على حملة الحكومة لمكافحة السمنة، أشار وزير "الصحة العامة وسلامة المرضى" في حكومة الظل العمالية، أليكس نوريس إلى أنه "سبق لوزراء من المحافظين أن قدموا إلينا وعوداً كبيرة تتعلق بحظر الإعلانات المتعلقة بالوجبات السريعة غير الصحية، لكن التدابير المنتظرة دخلت في متاهة المشاورات الطويلة التي حالت دون اتخاذ قرارات".

 

وكذلك رأى نوريس أن "الاستراتيجية الفاعلة في التعاطي مع مسألة السمنة، تحتاج إلى اتخاذ خطوات عملية وليس مجرد التشاور. فقد قلص حزب المحافظين الدعم الحكومي (المخصص) لقطاعات الصحة العامة إلى أقصى الحدود، والآن يدفع الناس ثمن 10 أعوام من التهاون من جانب المحافظين".

وفي سياق متصل، أورد آدم بريغز كبير زملاء قسم وضع السياسات في "مؤسسة الصحة" Health Foundation الخيرية، أنه على الرغم من تضمن تلك الإعلانات بعض الخطوات الإيجابية، إلا أنه يخشى أن تشكل استراتيجية الحكومة "فرصةً ضائعة"، وتخفق في معالجة الأسباب الجذرية لمشكلة البدانة.

ورأى بريغز أنه "يُفترض بأي استراتيجية فاعلة أن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بهدف تعديل الإطار والظروف التي نعيش فيها، لا سيما منها العوامل المتعددة التي تحدد مدى قدرتنا في أن نكون أكثر نشاطاً أو أن نتناول طعاماً صحياً". واعتبر أن "كثيراً من إعلانات الحكومة اليوم لا يقدم أفكاراً جديدة، فقد أُدرِجَت ضمن خطط سابقة لمكافحة السمنة لدى الأطفال، لكن لم تُنفذ أبداً. لقد ضاع الكثير من الوقت فعلاً، ويتعين أن نشهد الآن تحركاً حاسماً في هذا المجال".

وقد تلقى رئيس الوزراء جونسون مناشداتٍ خلال عطلة نهاية الأسبوع الفائت، بوجوب ضخ أموال نقدية في الموازنات المتعثرة لمراكز الترفيه والأندية الرياضية، للحؤول دون انهيار البنية التحتية الصحية في البلاد. وأفادت جاين نيكرسون الرئيسة التنفيذية لهيئة "سويم إنغلند" Swim England الحكومية التي تشرف على رياضة السباحة والغطس والنشاطات المائية في إنجلترا، بأنه حتى قبل تفشي وباء كورونا، واجه حوالى 40 في المئة من المسابح في البلاد خطر الإغلاق النهائي مع نهاية العقد الجاري.

أضافت نيكرسون "كل مجمع ترفيه صحي يعود بحوالى 7 ملايين و200 ألف جنيه استرليني (9 ملايين دولار) على شكل فوائد مجتمعية، لجهة تعزيز الترابط الاجتماعي، ومنع الجريمة، وتحصيل التعليم، والمنافع الصحية. لذا، فإن قليلاً من الدعم الآن من جانب الحكومة من شأنه أن يحقق مردوداً لها خلال أشهر مقبلة. لا تقتضي المسألة طلب أموال تهدر سدى في ما بعد. إذ يؤدي تشجيعنا الأفراد على استخدام المسابح لمعالجة أزمة الصحة والبدانة، إلى ادخار كثير من المال فعلياً".

وفي نفسٍ مُشابِه، رأى وزير الصحة البريطاني مات هانكوك أنه "للمساعدة في دعم الناس، نحتاج إلى التقليل من التأثيرات غير المفيدة التي تخلفها بعض العروض الترويجية والإعلانات التي تنعكس على ما يشتريه الأفراد أو يتناولونه. إذا ما أخذنا هذه العوامل مجتمعةً في الاعتبار، إضافة إلى إطلاق حملة ملهمة وتوفير أدوات ذكية جديدة تدعم تلك الأهداف، فسنتوصل معاً إلى تشجيع السكان في البلاد على تناول أطعمة صحية وخسارة أوزانهم الزائدة.

واختتم قائلاً، "نحن نعلم أن السمنة تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض جدية، وكذلك الوفاة بسبب فيروس كورونا. لذا، من المهم أن نتخذ إجراءات تتعلق بمكافحة البدانة لحماية مؤسسات "الخدمات الصحية الوطنية وتحسين صحة أمتنا".

© The Independent

المزيد من منوعات