Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"البوعارة" ومهنة البحث عن لقمة العيش في قمامة الآخرين

7123 شخصاً في المغرب يمتهنون التفتيش في النفايات

يُعد التنقيب في النفايات مورد رزق لعدد كبير من الأسر في المغرب (اندبندنت عربية)

على هامش المجتمع المغربي، يعيش "البوعارة" أو "الميخالة"، مهنتهم التنقيب في قمامة الآخرين، بحثاً عن لقمة العيش، يُعرضون حياتهم لخطر الإصابة بالأمراض، ويُواجهون في الآن ذاته نظرة المجتمع واحتقاره.


"الناس ستنظر إليك كأنك متسخ"

يعمل صالح "بوعار" في أكبر مكب للنفايات في مديونة، ضواحي مدينة الدار البيضاء، يستيقظ باكراً ويتوجه إلى مكب النفايات، وينبش لساعات طويلة في القمامة بحثاً عن الزجاج والقطع المعدنية والحديدية وقشور الخضر وكِسر الخبز لبيعها.
يقول صالح (23 سنة) "ليس سهلاً أن تُقدم نفسك للآخرين على أنك "بوعار"، لأن الناس ستنظر إليك كأنك متسخ وفي أدنى مرتبة بالمجتمع".

ويعتبر صالح أن البحث في النفايات يُوفر له لقمة العيش لإعالة عائلته، مشيراً إلى صعوبة "إيجاد عمل، لا سيما أنني تركت مقاعد الدراسة في سن مبكرة، لكن في مكب النفايات يُمكنني كسب دخل يومي يتراوح بين 20 إلى 30 يورو، وهذا يكفيني لإعالة أسرتي".


"يعملون في ظروف "خطيرة جداً"

ويضيف صالح "لا يُمكن أن أخبر جيراني ومعارفي بأني أمتهن التنقيب في النفايات، لأن لا أحد سيتقبلني". وبحسب آخر إحصائيات للوزارة المكلفة بالتنمية المستدامة في المغرب، فإن عدد المغاربة العاملين في مجال التنقيب في النفايات بشكل غير مهيكل، بلغ 7123 شخصاً، ينقسمون إلى 5308 أشخاص يُزاولون نشاطهم في المدن، و1815 يُمارسون نشاطهم في مكب النفايات.

ووفقا للإحصائيات فإن ما بين 40 في المئة و60 في المئة من تلك الفئة، شباب تقل أعمارهم عن 20 سنة، في حين تبلغ نسبة النساء 14 في المئة. ويعمل كل هؤلاء في ظروف "خطيرة جداً"، بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية الهشة التي تقف أساساً خلف اختيارهم تلك المهنة.

ترتدي طمو (47 سنة) ملابس رثة، وتُغطي ملامح وجهها، تضع قبعة للحماية من أشعة الشمس، وبيدين خشنتين تتخللهما شقوق، تنبش حاوية القمامة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


"يتطلب أن تكون المرأة صلبة"

وعن أسباب مزاولتها مهنة "بوعارة" تروي طمو، "تُوفي زوجي وترك لي طفلين، واضطررت للبحث عن أي عمل يُؤمن لي دخلاً  لإعالتهم". وتُضيف "أبدأ العمل في الساعة السابعة صباحاً، أتنقل بين حاويات القمامة بحثاً عن قطع الخشب، بلاستيك، قشور الخضر، بقايا الخبز، وأبيعهم لأصحاب محلات الخردة".

ما هي التحديات التي تُواجه النساء خلال نشبهنّ في النفايات؟ تُجيب طمو، "العمل في التنقيب عن النفايات يتطلب أن تكون المرأة صلبة وتستطيع الدفاع عن نفسها وتأمين لقمة عيشها، لأن بعض المنقبين في النفايات يتعاطون المخدرات ومجرمون".


"معرضون للمواد الكيماوية"
 

ووفقاً للوزارة المكلَفة بالتنمية المستدامة فإنّ من أبرز المخاطر التي تُواجه "البوعارة"، هي "مزاولتهم أعمالهم في ظروف تجعلهم معرَضين للمواد الكيماوية، ومخاطر المواد الحادة، وإمكانية إصابتهم بأمراض خطيرة بسبب الاحتكاك بالنفايات".

وتقول طمو في هذا السياق، "أدرك أنها مهنة خطيرة وصعبة، لكن الفقر ومدّ اليد للناس أشدّ صعوبة منها، أنا أتعامل معها كمهنة، أرتدي ملابسي الخاصة بتنقيب النفايات، وعندما أعود إلى بيتي وأطفالي أستحم وأرتدي ملابس نظيفة، وأنا راضية عن نفسي لأني أبذل مجهوداً كبيراً لإعالة أطفالي وتأمين مصاريفهم".
 


"مورد رزق"

ويُشار إلى أن المديرية العامة للجماعات المحلية في وزارة الداخلية المغربية، بالشراكة مع المنظمة الألمانية للتعاون الدولي، أعدت بحثاً اجتماعياً واقتصادياً حول العاملين بشكل غير مهيكل في قطاع التنقيب عن النفايات، لمعرفة نشاطاتهم ومختلف الفاعلين في هذا القطاع، لوضعه رهن إشارة الإدارات الرسمية المعنية ومسؤوليها المكلفين بالنفايات.

ويرى الصحافي المختص في القضايا البيئية جمال بوالحق إن "التنقيب في النفايات يُعد مورد رزق لعدد كبير من الأسر، والأطفال الذين تركوا مقاعد الدراسة، وأيضاً مَن يتعاطون المخدرات". ويُضيف "هناك أطفال يعملون في مكب النفايات لأجل شراء المخدرات، كما أن هناك فئة تتعامل مع تنقيب النفايات كمهنة لأنهم يحصلون خلال أربع ساعات على مبلغ مالي يتراوح بين 10 أو 20 يورو".

ويتابع بوالحق "البوعارة معرضون للحوادث خلال عملهم بسبب التنقيب في الزجاج، كما يُعانون من نظرة المجتمع باعتبارهم يقتاتون من القمامة والأوساخ"، مشيراً إلى أن "ربح البوعارة المادي تراجع في السنوات الأخيرة بسبب وجود وسطاء بينهم وبين الشركات، يشترون منهم الخردة بثمن بخس".

كما لفت إلى أن "العيش بجوار مكب للنفايات يُؤثر في الأطفال، فمنهم مَن يترك مقاعد الدراسة للعمل فيها، لأنه من السهل التنقيب في القمامة وتأمين قوته اليومي".

المزيد من تحقيقات ومطولات