Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إغراء: أنا متحررة ضمن أصول المجتمع ولم أتنازل عن قناعتي

النجمة التي صنعت تاريخ سوريا السينمائي تنتقد الانحطاط الراهن والنجومية المزيفة

الممثلة إغراء نجمة السينما السورية (يوتيوب)

الفنانة السورية إغراء واحدة من فنانات الزمن الجميل، واسمها لا يزال محفوراً في ذاكرة أو وجدان السوريين والعرب حتى اليوم. ساهمت بانتشار السينما السورية، ويضم رصيدها حوالى 70 فيلماً، شاركت في إنتاج وإخراج خمسة منها، بالإضافة إلى 25 فيلماً من بطولتها وتحمل توقيعها سيناريو وحواراً وتأليفاً. 

عن سبب اختفائها من الساحة الفنية، تقول إغراء: "أنا لم أختفِ، وقدمت آخر أعمالي  قبل 7 سنوات من أحداث سوريا، التي حالت دوننا ودون الإنتاج. عدا عن أن المنتجين هربوا في أواخر الثمانينيات بسبب عدم تلبية وزارة الثقافة مطالبهم، وبقيت وحدي في الميدان واستمررت في الإنتاج. آخر أفلامي "أسرار النساء" من إنتاجي وكتابتي وإخراجي، واستمر عرضه في الصالات إلى حين إقفالها، وهي لا تزال مقفلة حتى اليوم. أين يمكن أن أعرض أفلامي وصالات السينما مقفلة؟"، وفي المقابل، تؤكد أن الظرف ليس مؤاتياً لإنتاج أفلام مشتركة تلعب دوراً في انتشار اسمها عربياً، مضيفة: "الأفلام المشتركة التي شاركت فيها محدودة، بعضها مع ممثلين لبنانيين، وفيلمان مع النجم المصري الراحل عمر خورشيد".

أفلام غير جيدة

وترى إغراء أن الفنون غير منفصلة، وهذا ما جعلها تتجه نحو الإخراج، وتقول: "كنت أجلس مع "المونيتور" لمتابعة تفاصيل العمل، واكتسبت خبرة. الذي يهوى الكتابة والتمثيل، يهوى كل ما له علاقة بالفن. أنا أحببت الإخراج كثيراً، وأعتبره موهبة ولا يمكن اكتسابه عبر التعليم، وهناك الكثير من المخرجين في كل دول العالم، أفلامهم ليست جيدة، لأن الإخراج إحساس وخبرة وتجارب حياتية".

وترفض إغراء أن يقال إن أسمها يعكس الأدوار الجريئة التي تميّزت بها، وتقول: "أنا لم أتميّز بأدوار الإغراء. بدايتي الفنية كانت في مصر، وكنت في سن الـ 12 وأدوار الإغراء لم تكن مناسبة لعمري، والمخرج زهير بكير هو من أطلق علي اسم إغراء، لأنه كان يتوقع أن أصبح ممثلة إغراء. لكني لم استمر في مصر بقرار مني، بعد أن شاركت في فيلمين من بطولتي هما "عودة الحياة" مع أحمد رمزي ومها صبري، و"الحب الأخير" مع هند رستم وأحمد مظهر. كان يقال دائماً "لسة صغيّرة" وهذه العبارة شكلت عقدة لي، ولذلك غادرت مصر على أن أعود إليها عندما أكبر، ولكني لم أعد أبداً لأنني بنيت مسيرتي في سورية. أنا النجمة السينمائية الوحيدة في سوريا، ولا يوجد نجمات سينمائيات لا قبلي ولن تأتي نجمات من بعدي. الجمهور تعلّق بي، منذ أن قدمت أول أفلامي عام 1975. أنا نشرت السينما السورية في الدول العربية وصنعت تاريخاً سينمائياً فيها".

في المقابل، تنفي إغراء أنها تقصد أن الممثلات السوريات غير مؤهلات لأن يصبحن نجمات سينمائيات، وتقول: "بل كلهنّ موهوبات وبارعات، ولكن ممثلة التلفزيون تختلف عن ممثلة السينما، في سوريا وخارجها. وحتى عندما كنا في أوج عطائنا السينمائي في السبعينيات والثمانينيات، وننتج ما بين 20 و25 فيلماً سنوياً في سوريا، كانت هناك نجمات تلفزيونيات ولكن لم يكن يتم التعامل معهنّ سينمائياً، لأنهنّ لا يتمعن بقاعدة جماهيرية في السينما، وإلى الآن توجد نجمات مهمات في التلفزيون، ولكن لا يوجد إقبال عليهنّ على الشاشة الكبيرة، لأنهما عالمان مختلفان تماماً".

وكيف تبرر نجومية الفنانة يسرا التي تجمع بين السينما والتلفزيون؟ تجيب: "أنا لم أقل إنهنّ لا ينجحن. لكن في سوريا لا يستعان بنجمات التلفزيون في السينما، مع أن معظمهّن يؤكدن أنهنّ مستعدات للتنازل من أجل دور سينمائي، إلا أنهنّ لا يحصلن على فرص". وفي المقابل تعلق على فوز بعض الأفلام السورية بجوائز شاركت فيها نجمات سوريات، من بينها "دمشق- حلب" و"الاعتراف" و"درب السما"، قائلة: "هذه الأفلام لـ "المؤسسة العامة للسينما"، وأنا لم أسمع بها، وهي لا تعرض في الصالات، وإذا حصل ذلك، ففي صالات الدولة ولكن لا أحد يحضرها، وإذا سألنا أي مواطن في الشارع عن هذه الأفلام، سيقول إنه لم يسمع بها. مشكلة "المؤسسة العامة للسينما" أنها لم تنجح بكسب الجمهور بكل أفلامها وتاريخها، مع أنها كانت تعرض أفلامها في الخارج وتحصل على جوائز، والكل يعرف كيف يتم "اللعب تحت الطاولة وفوقها" من أجل الفوز بالجوائز. الجائزة الكبرى هي الجماهير، ولم تنجح "المؤسسة العامة للسينما" في تحقيق هذه المعادلة الصعبة".

وعن سبب تمنّع هذه المؤسسة عن إنتاج أفلام لها، توضح: " أنتجت لي في بداياتي 4 أفلام هي الأهم، وفازت بجوائز في الخارج، ولكن ما حاجتي إلى الجوائز، الشهرة في بلدي هي التي تهمني، ولا يناسبني التعامل معها. صحيح أنني قدمت أفلاماً جماهيرية، ولكنها تتضمن فكراً وسياسة ونقداً اجتماعياً، وليس مجرد أفلام تافهة. هم يربطون الجماهيرية بالتفاهة وهذا الكلام ليس صحيحاً. المؤسسة تطرح في أفلامها مقولات يعرفها الكبير والصغير، كما أن أفلامها ليست واقعية 100 في المئة، وتظن أنها تنتج أهم وأفضل الأفلام، ولكن الحكم هو الجماهير".

"شارع شيكاغو" 

من ناحية أخرى، تتحدث إغراء عن سبب عدم تمتع النجوم الحاليين بهالة نجوم الزمن الماضي، قائلة "زمن الفن الجميل انقرض هو ونجومه، والتاريخ لن يأتي بنجمات مثل ـ فاتن حمامة وسعاد حسني وزينات صدقي وعبد السلام النابلسي وغيرهم. هؤلاء عملوا في الفن حباً به وليس من أجل المال. حالياً، نحن نعيش عصر الانحطاط الفني والأخلاقي والثقافي، وفي الماضي كان الفن حقيقياً ومن يعملون فيه كانوا حقيقيين، كما كانوا مبهرين وبمواهب خارقة، أما من يبرزون حالياً، فـللاستهلاك المحلي. هناك مطربات يتقاضين الملايين، مع أنهنّ لا يتمتعن بصوت جميل ولا يقدمن أغنيات جيدة على مستوى اللحن والكلمة، وعلى الرغم من ذلك يتابعهنّ الملايين. هناك انحطاط حتى في أذواق الناس، وهم لا يسمعون بآذانهم بل بعيونهم".

وعن سبب ابتعادها عن الشاشة الصغيرة، توضح: "بدايتي كانت من خلال التلفزيون، وشاركت في أعمال كثيرة، هي محط أحاديث الناس حتى اليوم، وعندما أخذتني السينما لم أعد أملك الوقت الكافي، لأنني كنت أجمع بين الكتابة والتمثيل وأقدم 3 أفلام سنوياً، ولكن في الفترة الأخيرة عُرضت أعمال ورفضتها وآخرها "شارع شيكاغو" لأسباب مادية، مع أنه يضم نخبة من النجوم الذين أحبهم كثيراً ومستواه جيّد. لا أنكر أن الشركة المنتجة قدرتني لناحية الأجر ولكنه لم يناسبني، مع أنه أكبر من الأجر الذي دفعته لغيري، ولكني وجدت أنه لا يوازي الجهد والتعب والإمكانات التي سوف أبذلها، وقبله عُرض عليّ بطولة مسلسل "عناية مشددة" لكنّ الدور لم يعجبني، لأنه عنيف جداً ولا يناسبني نفسياً وبيولوجياً ولا يمكن أن أتعاطف معه، عدا عن أنه لم يكن ممكناً أن تكون عودتي بدور السفاحة. أنا لا أقبل بأي دور ولا يهمني التواجد لمجرد التواجد، بل أحرص على أن  يكون الدور محترماً وعودتي كريمة، احتراماً للجمهور الذي ينتظرني".

مشهد مصيدة

عن مصير الفيلم الوثائقي الذي يحكي عنها، تقول: "هذا المشروع من إنتاج شركة فرنسية، اشتغل عليه عمر أميرالاي عاماً ونصف العام، ولكنه توفي بعد أن كنا قد وصلنا إلى مراحله الأخيرة، فاشترته شركة أخرى. أنا ثاني فنانة عربيه ينتج عنها فيلم وثائقي، ولكن لا علاقة بقصة حياتي، بل هو بعنوان "الانتحارية التي صنعت تاريخاً سينمائياً في سوريا"، ويحكي كيف ولماذا صنعت تاريخ سوريا السينمائي. سوريا عُرفت من خلال فيلم "الفهد" الذي يتضمن مشهداً جريئاً لي، جذب الناس لحضوره. الفيلم كان جيداً ولكن هذا المشهد كان مصيدة لهم، وعندما سئلت "ماذا شعرت عندما قدمته؟"، أجبت "شعرت وكأنني انتحارية أفجّر في نفسي لغماً ولكن لا بأس ليكن جسدي جسراً تعبر عليه السينما السورية".

إغراء التي تقول إن فكرة الوثائقي تدور حول مقولة "إن جسد المرأة في العالم العربي، ليس ملكها، بل ملك الزوج والأهل والمجتمع والدولة والقبيلة، وإن المرأة في هذه البلاد مظلومة، مجروحة النفس والكرامة مضطهدة ومسلوبة الفكر والإدارة والتعبير والرأي والحرية والرغبات والمشاعر الإنسانية وحتى الأحلام"، تنفي أن تكون هذه المقولة تنطبق عليها، وتضيف: "لكني لا أمثل كل شرائح المجتمع". وعما إذا كانت تعتبر نفسها متحرّرة، تجيب: "طبعاً ولكني لست متحلّلة أو منحلّة. هناك حرية مسؤولة أنا معها وحرية غير مسؤولة أرفضها، وأنا متحرّرة ولكن ضمن نطاق المجتمع والعادات والتقاليد، لكن هناك من يدعون أنهم متحرّرون وهم منحلّون في الحقيقية، لأن التحرّر لا يعني ارتداء القصير وإبراز المفاتن. أنا ظهرت بالبيكيني وبمشاهد جريئة في أفلامي لأنها مهنتي، ولكن لم ارتدِ "الميني" أو البيكيني في حياتي الخاصة".

وعن الفرق بين الأمرين، خصوصاً أن الأفلام يشاهدها الملايين، توضح "الأمر يرتبط بتكويني النفسي، وأنا أحب الملابس المحتشمة، ولكن هذا لا يعني أن من ترتدي "الديكولتيه" والقصير غير أخلاقية، بينما عندما أؤدي مشهداً جريئاً في السينما، فلأنه يتطلب ذلك، والمهنة تختلف عن الواقع". وعما إذا كانت أدوارها تتعارض مع قناعاتها، تجيب: "أنا مقتنعة بكل أدواري ولا أتبرّأ من أيٍ من أعمالي".

المزيد من فنون